قصور يتسبب بوفيات
رأس العين بطبيبي أطفال فقط
عنب بلدي – رأس العين
منذ خمس سنوات، يواجه سكان مدينة رأس العين شمال غربي الحسكة نقصًا حادًا في الأطباء المتخصصين بعلاج الأطفال، نتيجة ضيق المساحة الجغرافية، وغياب المنافذ البرية إلى الشمال السوري، عدا عن تفضيل الأطباء العمل بمناطق فيها أجور مرتفعة وحرية في التنقل.
يضطر أهالي الأطفال المرضى للانتظار لساعات طويلة في المستشفى “الوطني” الوحيد في المدينة، والذي يضم طبيبين فقط، وهو قاصر أمام احتياجات المدينة وريفها الواسع.
ويلجأ بعضهم إلى السفر لمسافات طويلة نحو مدينتي سلوك أو تل أبيض (تبعد نحو 120 كيلومترًا) لتأمين العلاج، ما يضيف عبئًا ماليًا ويرهق العائلات.
حالات وفاة
إبراهيم المحمد، من أبناء قرية حميد شرقي رأس العين، نقل طفله (ثمانية أشهر) إلى المستشفى “الوطني”، بعد إصابته بالتهابات حادة في الصدر، آملًا الحصول على العلاج المناسب.
اضطر إبراهيم إلى الانتظار لساعات طويلة في المستشفى، بسبب نقص الأطباء المتخصصين، لكنه لم يتمكن من الحصول على دور، وتدهورت صحة طفله بشكل ملحوظ.
بعد أن فقد الأمل في الحصول على المعاينة المناسبة في المستشفى، توجه والد الطفل إلى صيدلية لتلقي العلاج، ومع مرور أسبوعين على العلاج، توفي طفله نتيجة إعطائه دواء بجرعة زائدة.
أما السيدة شمسة الغريمة، فذكرت أن طفلتها (3 سنوات) تعاني من مشكلات في الجهاز الهضمي، ولم تتمكن من الحصول على العلاج المناسب بسبب غياب أطباء الأطفال في عيادات خاصة برأس العين، حيث يقتصر وجودهم على المستشفى “الوطني” الذي يعاني من ضغط كبير.
ومع تدهور حالة الطفلة، اضطرت شمسة للسفر إلى تل أبيض، حيث قابلت طبيبًا مختصًا، اكتشف بعد فحص دقيق أن المرض تفاقم بشكل خطير وأصبح يهدد حياة الطفلة.
وأضافت لعنب بلدي أن الطبيب أحال طفلتها إلى تركيا لإجراء عملية جراحية في الجهاز الهضمي، إذ تطور المرض ليتطلب تدخّلًا عاجلًا للحفاظ على حياتها.
ويعاني مراجعو المستشفى جراء نقص التخصصات في الجراحة، والتوليد، والأطفال، والقلب والأوعية الدموية، والأمراض الباطنية، إذ يسبب هذا النقص تأخرًا في تقديم الخدمات الطبية الحاسمة، وقد يؤدي في بعض الأحيان إلى تدهور حالة المرضى أو حتى الوفاة.
لا دعم.. أجرة منخفضة
مصدر طبي في المستشفى “الوطني” (طلب عدم ذكر اسمه)، قال إن نقص الرغبة لدى الأطباء في العمل بالمدينة يعود إلى غياب الدعم الكافي وقلة الأجور.
وأوضح لعنب بلدي أن صعوبة جلب الأجهزة الطبية للعيادات الخاصة بسبب الحصار المفروض على المنطقة، تجعل من الصعب توفير الأدوات الضرورية لتقديم الرعاية المناسبة.
وأضاف أن الظروف الاقتصادية تدفع العديد من الأطباء للعمل في مناطق أخرى، حيث الفرص أفضل والأجور أعلى.
وأشار المصدر إلى أن طبيب أطفال واحدًا في المستشفى (من أصل طبيبين) يعاين يوميًا ما بين 100 إلى 150 طفلًا في المستشفى “الوطني”، وهو عدد كبير يؤثر على دقة التقييم الصحي.
وذكر أن الحل الوحيد يكمن في تحفيز الأطباء من خلال منح مالية مغرية، أو تسهيل إجراءات المعابر الحدودية من الطرف التركي، خاصة فيما يتعلق بحاجيات الأطباء من سوريا.
ويواجه المستشفى “الوطني” ضغطًا كبيرًا كونه المستشفى العام الوحيد في المنطقة، ويعتبر وجهة لأغلبية السكان، إذ يعتمدون على خدماته الحيوية، بحسب ما قاله مدنيون من أبناء المدينة لعنب بلدي.
وعود بتسهيلات لجذب الأطباء
المتحدث باسم المجلس المحلي، زياد موسى ملكي، قال لعنب بلدي، إن المجلس يسعى لتقديم التسهيلات اللازمة للأطباء في مدينة رأس العين.
وذكر أنه يوفر منحة مالية خاصة للأطباء العاملين في المستشفى “الوطني”، بالإضافة إلى تأمين عبورهم إلى تركيا.
وأضاف أن المجلس، عبر مديرية الصحة التابعة له، سيعمل على جذب الأطباء من الشمال السوري إلى رأس العين في الفترة المقبلة، مع توفير كل التسهيلات اللازمة لافتتاح عياداتهم أو للعمل في المستشفى “الوطني”.
وأشار إلى أن المرضى الذين يحتاجون إلى معاينة أو علاج يتم تحويلهم إلى تل أبيض على نفقة المستشفى “الوطني”، وفي الحالات الطارئة يتم تحويلهم إلى تركيا.
مستشفى رأس العين “الوطني”، الذي يُعتبر المرفق الرئيس للرعاية الصحية لأهالي المدينة، يواجه تحديات تتعلق بضعف الكوادر الطبية ونقص بعض التخصصات، بالإضافة إلى الضغط الكبير الذي يعاني منه.
ومقارنة بمناطق شمالي حلب، تواجه مدينة رأس العين نقصًا “حادًا” في الدعم، وتعيش المدينة حالة أشبه بـ”الحصار والعزلة”، وهو ما يعوق جهود توفير الدعم اللازم للقطاع الطبي.
وفي تقرير سابق أعدته عنب بلدي، تبيّن أنه لا يتوفر أطباء عيون في مدينة رأس العين، الأمر الذي يشكل عبئًا على المرضى من المحتاجين لمعاينات أولية أو عمليات جراحية.
كما يلجأ معظم السكان في رأس العين إلى الصيدلية مباشرة لتشخيص بعض الأمراض، والحصول على أدوية تقلل من حجم الألم وتساعد في العلاج، رغم مخاطرها المتمثلة بعدم التشخيص الصحيح، وعدم منح الدواء المناسب.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :