مخاوف من فوضى بإحداث هيئة المنافذ في سوريا

معبر"نصيب-جابر" الحدودي بين سوريا والأردن- 18 كانون الأول 2024 (عنب بلدي /حليم محمد)

camera iconمعبر"نصيب-جابر" الحدودي بين سوريا والأردن - 18 كانون الأول 2024 (عنب بلدي /حليم محمد)

tag icon ع ع ع

في 31 من كانون الأول الماضي، أعلنت حكومة دمشق المؤقتة إحداث هيئة عامة للمنافذ الحدودية البرية والبحرية، وإلحاق الجمارك والمراكز الحدودية ومؤسسة المناطق الحرة بها، على أن تتمتع بالاستقلالية الإدارية والمادية، وترتبط بشكل مباشر برئاسة مجلس الوزراء.

تتولى الهيئة المحدثة، بحسب بيان صادر عن رئاسة مجلس الوزراء، عمليات الإشراف والتنظيم للدخول والخروج الإنساني والتجاري، والإشراف على شؤون الملاحة البحرية وأعمال النقل البحري وتملّك واستئجار السفن التجارية والعقارات اللازمة لأعمالها.

ألحقت الحكومة بهيئة المنافذ عدة مؤسسات هي “الشركة العامة لمرفأ طرطوس” و”الشركة العامة لمرفأ اللاذقية” ومديرية الجمارك العامة والمراكز الحدودية و “المديرية العامة للموانئ” و”المؤسسة العامة للنقل البحري” و”المؤسسة العامة للمناطق المحررة، وشركة “التوكيلات الملاحية”.

بموجب القرار، ينقل جميع العاملين بالمؤسسات والمديريات الملحقة بهيئة المنافذ البحرية والبرية مع الاحتفاظ برواتبهم وأوضاعهم وما يتعلق بقدمهم، تمهيدًا للترفيعات القادمة.

يثير قرار الحكومة التساؤلات حول أهداف إنشاء هذه الهيئة وآثار ذلك على عمل الوزارات التي كانت عدد من المؤسسات المنضوية تحت الهيئة الجديدة مسؤولة عنها.

فوضى محتملة

المحلل الاقتصادي يونس الكريم، قال إن صلاحيات الحكومة المؤقتة الحالية غير معروفة بعد تغير شكل الدولة، دون معرفة خطتها ومن أين استسقتها، وذلك في تعليقه على قرارها بإنشاء “هيئة المنافذ البرية والبحرية”.

وقال الكريم لعنب بلدي، إن القرار من شأنه إدخال البلاد في حالة فوضى شديدة، من حيث عدة أمور هي:

  1. إعادة فصل ونقل ملاك الموظفين من المؤسسات أمر معقد وخاصة أن الدولة تغير نظامها السياسي.
  2. يقلص القرار صلاحيات الوزراء والمؤسسات لصالح رئيس الحكومة وهذا يلقي أعباء إضافية عليه.
  3. حصر المؤسسات المنتجة بيد رئيس الحكومة يجعل بقية المؤسسات والوزارات خاسرة وبالتالي يتيح له خصخصتها.
  4. حصر المؤسسات بيد رئيس الوزراء يجعل قرار الخصخصة بيده فقط.
  5. إنشاء مؤسسة جديدة بنظام جديد يجعل هذه المؤسسات تحتاج إلى نظام داخلي و قوانيين غير متوفرة، وبالتالي حدوث فوضى بها.

حول أهداف “إحداث الهيئة العامة للمنافذ”، أوضح الكريم أنه قد يكون الهدف الأساسي ربط الصلاحيات الاقتصادية في الدولة السورية برئاسة مجلس الوزراء من جهة، ونوع من التحكم بالمنافذ الحدودية وهي تشبه تجربة حكومة “الإنقاذ” في إدلب مع معبر “باب الهوى” مثلًا.

يمكن عبر القرار تعيين الضابطة الجمركية من قوى الأمن العام والعسكريين، ليشكل هذا الأمر مركزية اقتصادية إلى جانب المركزية الأمنية والعسكرية، بحسب المحلل.

واعتبر الكريم أن هذا النوع من القرارات يعتبر مخالفًا لما صرح به قائد الإدارة السورية الجديدة، أحمد الشرع، بأن هذه الحكومة حكومة تسيير أعمال، موضحًا أنه كيف يمكن لحكومة تسيير أعمال فقط نقل ملاك الموظفين دون أي إطار أو منهجية أو قانون داخلي للعاملين تستند إليه في ذلك.

ضبابية وتضارب

في 18 من كانون الأول، أصدرت حكومة دمشق، قرارًا بحل الضابطة الجمركية، بمختلف مسمياتها وتشكيلاتها، بعموم سوريا.

كما أصدرت مديرية الجمارك العامة عدة قرارات منفصلة، في 25 من كانون الأول، أعفت بموجبها عددًا من مديري الجمارك في المنافذ البرية والبحرية وعينت بدلًا عنهم.

في مقال رأي نشره الصحفي المتخصص في الشأن الاقتصادي إياد الجعفري، قال إن قتيبة أحمد بدوي أحد الأسماء التي يجب أن يقف عندها السوريون مطولًا.

وأضاف الجعفري، “في زحمة الانشغال بالسياسة وتعقيداتها، تتقدم الدائرة الضيقة المحيطة بالنسخة السابقة من أحمد الشرع (الجولاني)، لتمسك بمفاصل الاقتصاد، في عموم سوريا، فـ(المغيرة البنشي)، كما كان يعرف في نسخة حكم الشرع لإدلب، كان يومها، أحد أبرز مسؤولي الملف الاقتصادي والمعابر الحدودية، في ذلك الجيب المناوئ للنظام المخلوع، وقد أصبح اليوم، مديرًا عامًا للجمارك السورية”.

إياد الجعفري انتقد الضبابية في مخططات الإدارة الجديدة والتخبط في تصوراتها من خلال عدة أمثلة ذكرها، منها تصريحات بدوي المتضاربة.

وأكد الصحفي الاقتصادي أن الضابطة الجمركية التي صدر قرار بحلها غير مأسوف عليها لدى غالبية عظمى من السوريين، فهي كانت مافيا مختصة بابتزاز السوريين، لا لخدمة مصلحتهم العامة، وهذا موضع إجماع. لكن المشكلة برأيه تكمن بالإيحاءات والتناقضات التي تفيض بها تصريحات المدير الجديد للجمارك.

وتحدث الصحفي عن إلغاء رسوم جمركية عدة، لتخفيف التكاليف عن كاهل المستوردين، التي كانت تُضاف إلى أسعار المبيع النهائي للمستهلك، كما تحدث عن تحرير استيراد السلع من جميع القيود، ولجميع المواد غير الممنوعة بحكم طبيعتها “القانونية والشرعية”.

ويرى الجعفري أن الإشارة إلى طبيعة “شرعية” للمستوردات، تفيض بإيحاء “الأسلمة الرسمية” المثير للمخاوف من جانب شريحة كبيرة من السوريين، لكن الأخطر من ذلك، التضارب بين الإشارة إلى “تحرير الاستيراد من جميع القيود”، بالتزامن مع الإشارة في التصريحات نفسها إلى النية في إصدار تعرفة جمركية تحفظ حقوق التجار والصناعيين والمزارعين من منافسة البضائع الأجنبية، من خلال تطبيق سياسة الحماية الجمركية للصناعات والمنتجات المحلية.

واعتبر الجعفري أن حالة الضبابية والغموض تتفاقم حول رؤية الممسكين بزمام الأمور في سوريا، اليوم، وهي حالة تمتد إلى حقل الاقتصاد، وتأتي من حقل السياسة ذاتها، بحسب تعبيره.

نجاح

شكرًا لك! تم إرسال توصيتك بنجاح.

خطأ

حدث خطأ أثناء تقديم توصيتك. يرجى المحاولة مرة أخرى.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة