قائد جيش الإيمان: الغطاء الروسي نجح برصد طرق إمداد قوات المعارضة
خمسة أسباب وراء تراجع الأسد جنوب حلب
طارق أبو زياد- حلب
شهد ريف حلب الجنوبي متغيرات كثيرة في الآونة الأخيرة، من الناحية العسكرية والسيطرة الميدانية بين قوات الأسد والمعارضة، ولعل أبرزها سيطرة الأخيرة على قرية وتلة العيس، 2 نيسان الجاري، والتي تعد ذات أهمية استراتيجية كبيرة في المنطقة، ما قلب المعادلة الموجودة، وتحولت قوات الأسد من مرحلة الهجوم إلى مرحلة الدفاع. ولهذا الانقلاب خمسة أسباب رئيسية لم يكن ليحصل لولاها.
ولعل أبرز هذه الأسباب هو إعلان وزارة الدفاع الروسية سحب معظم قواتها من سوريا، آذار الماضي، بما فيها عشرات الطائرات الحربية من قاعدة حميميم الجوية في اللاذقية. ولتوضيح الأثر الذي أحدثه هذا التغير، تحدثت عنب بلدي إلى القائد العسكري في جيش الإيمان، عثمان الحموي، وقال “إن الطيران الروسي هو السبب الرئيسي لتقدم قوات الأسد في كافة المناطق التي سعى للسيطرة عليها”.
وتابع القيادي “إن الغطاء الجوي الذي أمنته الطائرات الروسية الحديثة نجح برصد طرق الإمداد التي تغذي المنطقة التي ينوي السيطرة عليها، وأجبرنا في بعض الأحيان على الانسحاب، لاستهدافه القرى والبلدات القريبة من المنطقة، والتي راح ضحيتها الكثير من المدنيين، وبكوننا لا نملك أي مضاد لهذه الطائرات كانت تشكل العقبة الأكبر بوجهنا”.
انسحاب معظم الطائرات الروسية من حميميم، واقتصار ضرباتها على حيز محدد، منع القوات البرية من التقدم إلى مناطق سيطرة المعارضة، وتابع الحموي “مهما كان العدد المتقدم من المشاة فنحن باستطاعتنا أن نسيطر على الوضع ونمنعهم من التقدم نهائيًا، فمقاتلو الأسد والميليشيات الداعمة له لا تستطيع مجابهتنا من دون الطائرات الروسية”.
تظهر التسجيلات المصورة للميليشيات الأجنبية أن تقدمهم السابق في ريف حلب الجنوبي كان يأتي عقب تمهيد ناري من الطائرات والراجمات وكافة الأسلحة الثقيلة، وهذا هو السبب الرئيسي وراء سيطرتهم على مناطق واسعة في المنطقة، وفقًا للقيادي.
الميليشيات “الشيعية” تأكدت أن هدفها “مستحيل“
صور قتلى الميليشيات في الريف الجنوبي، والتي تداولها ناشطون عبر مواقع التواصل الاجتماعي، كانت كافية لتثبت أن معظم القوات الموجودة في صفوف قوات الأسد هي من الميليشيات الشيعية المتنوعة، كحركة النجباء العراقية، وحزب الله اللبناني، والحرس الثوري الإيراني، وتجتمع جميعها على هدف رئيسي ووحيد، وهو الوصول إلى بلدتي كفريا والفوعة المحاصرتين في ريف إدلب الشمالي، على اعتبار أن سكانها ينتمون إلى المذهب الشيعي أيضًا.
محمد الدوماني، أحد تقنيي الاتصالات في ريف حلب الجنوبي، أكد لعنب بلدي أنه وبعد التنصت على كافة الترددات التي تعمل عليها قوات الأسد، تبين أنه لا وجود يذكر لجيش النظام، ومعظم المقاتلين ينتمون إلى الميليشيات المتنوعة.
وبعد الانكسارات التي تعرضت لها الميليشيات في قرية بانص وصوامع الحبوب في خان طومان، رغم محاولاتها المتكررة وبشكل يومي، والتي لم تسفر عن أي تقدم آخر، أصابها نوع من اليأس في تحقيق هدفها الرئيسي، وهو فك الحصار عن الفوعة وكفريا، ما دعا معظم القوى المهاجمة للانسحاب وترك الجبهات إلى الدفاع الوطني، المكون من متطوعين محليين، وتركز وجود من بقي منهم على خطوط التماس لمنع المعارضة من التقدم، بحسب محمد شكري، القائد العسكري في تجمع “أجناد الشام”.
المعارضة ترص صفوفها
وأوضح عثمان الحموي، القائد العسكري في جيش الإيمان، أن مناطق الريف الجنوبي لحلب كانت تعتبر “باردة” عسكريًا في السابق، وكون أغلب القرى التي فيها تعد نائية، جعل وجود الفصائل المقاتلة فيها قليل إلى حد كبير، لذلك كان التقدم الأول لقوات الأسد في المرحلة الأولى “سهلًا بعض الشيء”، والخبرة العسكرية الضعيفة في صد الهجمات من قبل المعارضة كان لها أثر جليّ أيضًا.
وتابع القيادي “معظم المعارك منذ بداية الثورة كانت للهجوم وليس للدفاع، ولكنه تم استدراك هذه الثغرة، وأعلن جيش الفتح توجهه إلى الريف الجنوبي، ولبت كافة الفصائل النداء، واستطاعت أن توقف الزحف في الآونة الأخيرة، وقبل سيطرة الأسد على الأوتوستراد الدولي”.
خطوط دفاع المعارضة والتحصين
وتحدث أبو الزهر، أحد مسؤولي التحصين في “جيش الفتح”، عن التدابير التي تم اتخاذها لصد هجوم قوات الأسد في ريف حلب الجنوبي، وقال لعنب بلدي إن “التدشيم وحفر الخنادق ووضع خطوط عدة للدفاع، كانت من أهم الأسباب التي أوقفت تقدم الأسد في المنطقة”.
وتابع مسؤول التحصين “تم وضع خطي دفاع في كل المناطق، وتم تحصين الأوتوستراد الدولي وتأمين طرق الإمداد بشكل كامل”، لافتًا إلى أن “وجود الخنادق والجُوَر الفردية كانت تحمي المقاتلين من ضربات الطيران الروسي، وتجعلهم على جاهزية تامة لصد أي هجوم أرضي قد يتعرضون له”.
الهدنة والخروقات المتكررة
ولسريان الهدنة وتوقف الأعمال العسكرية فضل كبير أيضًا، إذ استطاع كلا الطرفين أخذ قسط من الراحة، وترتيب صفوفهما، لكن المستفيد الأكبر هناك هو فصائل المعارضة، والتي استطاعت بعد توقف الطيران تدارك الوضع ورفع الجاهزية لأي مستجد، فالمعارك الأخيرة أكسبتها خبرة عسكرية كبيرة.
محمد الزعبي، ناشط إعلامي في ريف حلب، أوضح لعنب بلدي أن الخروقات المتكررة التي قام بها النظام خلال الهدنة، ومحاولته التقدم في عدة نقاط، دعا المعارضة للرد عليها، وشنت هجومًا معاكسًا على مواقع النظام في الريف الجنوبي، أسفر عن استرجاع النقاط التي تقدم إليها الأسد في الهدنة، بالإضافة إلى السيطرة على تلة العيس الاستراتيجية.
ورغم الانكسارات والتراجع في صفوف قوات الأسد، حاولت مؤخرًا التقدم باتجاه بلدة الزربة من محور زيتان، الأربعاء 6 نيسان، بالتزامن مع هجوم مماثل على صوامع خان طومان، بإسناد جوي روسي. وبحسب المكتب الإعلامي لحركة أحرار الشام، فإن الفصائل الموجودة في المنطقة نجحت بصد الهجوم، وقتل قائد الحملة، والحيلولة دون إحراز أي تقدم يذكر.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :