جودي عرش – حمص
مع اقتراب دخول فصل الصيف، يواجه أهالي حي الوعر المحاصر في حمص، معاناة حقيقية وسط انتشار القمامة بشكل كبير في شوارعه، والتي قُدّرت بـ 60 ألف مترٍ مربعٍ، تتوزع بين منازل المدنيين، ما ينذر بكارثة إنسانية.
كارثة صحية
ولم يجد أهالي الحي سبيلًا لحل مشكلة انتشار القمامة، سوى حرقها أمام منازلهم، الأمر الذي ينذر بكارثة صحية وأمراض في الجهاز التنفسي، بحسب الطبيب علي جمعة، العامل في المشفى الميداني للحي.
وأوضح جمعة لعنب بلدي أنه استقبل مؤخرًا حالات تنفسية كثيرة، مشيرًا إلى أن ارتفاع درجات الحرارة “يزيد من الحشرات التي تجلب معها الأمراض الجلدية الخطرة كالليشمانيا، وخاصة في ظل انعدام المبيدات الحشرية في الحي”.
لم يقتصر التهديد الذي يواجهه أهالي الحي عند هذا الحد، فالسالمونيلا، قليل الانتشار، لم يستبعده الأطباء من قائمة الأمراض المرشح انتشارها، في حال استمر الحصار على الحي، وفق جمعة، الذي أوضح أن المرض “يزداد في ظل فقدان الأغذية بشكل تدريجي وانعدام الدواء المضاد له”.
فشل إخراج النفايات
رفض النظام إخراج النفايات من حي الوعر، باعتبارها وسيلة فعالة للضغط على المدنيين داخله، والذي يقدر عددهم بمئة ألف نسمة، وفق عبد السلام سويد، مدير المكتب الخدمي التابع للمجلس المحلي في مدينة حمص.
وقدر المكتب كمية النفايات المنتشرة في الحي بـ 60 ألف متر مربع، تتوزع داخل 160 شارعًا، عازيًا في حديثه لعنب بلدي السبب في حرقها يكمن في زيادة منسوبها اليومي.
وأوضح سويد أن المكتب رحّل جزءًا من القمامة، إلى منطقة في الجزء الشمالي من الحي، لافتًا إلى صعوبات واجهت عمل الكادر “بسبب الكميات الهائلة”.
تنص بنود الاتفاق الذي أبرم بين طرفي النزاع على إخراج القمامة من الحي، لكن النظام لم يطبق هذا الأمر، وفق سويد، وقال “تلقينا وعودًا تنص على ترحيلها، لكن لجنة التفاوض أكدت للمكتب الخدمي بأنها لم تحصل على موافقة أمنية لتنفيذ البند، وهذا يضع أهالي الحي في خطر الإصابة بالأمراض”.
أهالي الوعر مستاؤون
ويشكو أهالي الحي من ازدياد كمية القمامة في الشوارع، ويتخوفون من إصابة الأطفال بأمراض “خطيرة”، الأمر الذي أجمع عليه معظم من التقتهم عنب بلدي.
ياسر المحمد، من أهالي الوعر، اعتبر أن انتشار القمامة “حبسنا داخل منازلنا بسبب تخوفنا من الأمراض و الحشرات”، مردفًا “محاولة إيجاد الحلول لم تكن كافية لإخراج أهالي الحي من خوفهم، كما لم تحمل أي فائدة تذكر”.
هدنة حي الوعر آخر معاقل المعارضة في حمص، أبرمت مطلع كانون الأول الماضي، تحت رعاية من الامم المتحدة، وشهدت خروقات كان أبرزها مقتل عنصرين من المعارضة، واعتقال عضو لجنة التفاوض في المرحلة الأولى، ورفض النظام إخراج المعتقلين في المرحلة الثانية.
وتتالت على الحي الحمصي، سلسلة حصارات بعد تعليق الهدنة مؤخرًا، لعدم التزام النظام ببنودها ومنع دخول مادة الطحين، الأمر الذي دعا الأهالي لاستخدام مادة الأرز كبديل، تزامنًا مع فقدان حليب الأطفال.
ويرى سكان الوعر أن عملية ترحيل القمامة داخليًا، “تشبه تمامًا عملية نقل جثة من قبر إلى آخر”، واعتبر المحمد في ختام حديثه لعنب بلدي أنه “إذا لم تستطع الجهات المعنية في الحي، إخراج النفايات منه، فعليهم دفنها والتخلص منها حتى نشعر أننا بشر”.