مخرجات واجبة..
كيف يرى الخبراء الدعوات إلى مؤتمر وطني في سوريا
تتجه الأنظار المحلية والدولية إلى العاصمة السورية دمشق، حيث من المزمع عقد مؤتمر للحوار الوطني، في وقت تتكتم فيه إدارة سوريا الجديدة حول التفاصيل المتعلقة بتوقيت المؤتمر أو الأطراف المدعوة أو جدول أعمال المؤتمر والنتائج التي سيخلص إليها.
قائد الإدارة السورية الجديدة، أحمد الشرع، قال في مقابلة متلفزة أجراها مع قناة “العربية“، في 29 من كانون الأول، إن مؤتمر الحوار الوطني سيشهد مشاركة واسعة من أطياف المجتمع السوري مع طرح قضايا للتصويت مثل حل البرلمان والدستور.
وأضاف الشرع أن المؤتمر سيتضمن مجموعة قرارات سيشارك باتخاذها جيمع الحاضرين، إذ سيجري ضمنه شرح كل المعطيات في القضية السورية ثم سيترك القرار للمشاركين الذين سيصوتون على القضايا المهمة والحساسة التي ستؤسس للمرحلة الانتقالية.
ويبقى الغموض حول الهدف من المؤتمر والقرارات التي ستتخذ خلاله سيد الموقف، ما ينذر بعدم القدرة على تقييم نتائجه، وهل حقق المطلوب أم لا.
تستطلع عنب بلدي آراء خبراء ومختصين حول المعايير التي يجب أن تتوفر في المؤتمر المرتقب وأبرز المقررات التي يجب أن يتضمنها.
غموض وسط مشهد معقد
أستاذة العلوم السياسية في جامعة “لانكستر”، الدكتورة رهف الدغلي، تعتقد أنه من المهم بداية تفنيد غاية هذا المؤتمر المنعقد بشكل واضح، وهل سيكون للحوار على شكل الدولة المستقبلي أو لوضع الخطوات و الرؤية للتمثيل الحالي في حكومة تصريف الأعمال أم مناقشة خطوات الانتقال لحكومة انتقالية بعد انتهاء مدة الثلاثة أشهر لحكومة تصريف الأعمال.
وقالت الدغلي، في حديث إلى عنب بلدي، إنه لابد من وجود إيضاح أو تواصل شفاف لفهم ما هي الغاية المرجوة من هذا الموتمر.
باعتقادي من المهم تسليط الضوء على أن انعقاد مؤتمر وطني بعد انتهاء الحرب له رمزية مهمة في عملية الانتقال السياسي وبناء سردية لهوية وطنية تعكس تطلعات الشعب السوري بمكوناته كافة.
الدكتورة رهف الدغلي
وترى الدغلي أن المؤتمر الذي تجري المحادثات بشأن انعقاده قد لا يجيب عن كافة هذه الأسئلة ولايمكن أن يكون كذلك لتعقيدات المشهد السياسي و الإقليمي.
وتعتقد الدغلي أنه لا يمكن عقد مؤتمر وطني والمشهد العسكري لا يزال غير منضبط في ظل دعوات لحل الفصائل والدمج، فليس واضحًا خطوات هذه الفصائل في حل نفسها وقبولها بتسليم السلاح، وهذا الكلام ينطبق على السلاح الموجود في السويداء والجنوب السوري وشمال شرقي سوريا، وليس فقط فصائل “الجيش الوطني” المدعومة تركيا.
من المهم أن نكون دقيقين في تطلعاتنا لهذا المؤتمر ومسمياته، لذلك من الأفضل أن يطلق عليه اسم مؤتمر تحضيري، ومن الواجب أن يتضمن انتخاب لجنة تحضيرية تكون مسؤولة عن الدعوات لمؤتمر وطني بعد فترة تقارب ثلاثة أشهر، إذ من الخطأ تسمية المؤتمر المزمع عقده بأنه وطني، إذ يجب أن يسبقه تمهيد جيد وغايات واضحة قبل عقده، وهذه العناصر كلها غير موجودة، وفق الدكتورة رهف الدغلي.
ممثل لكل جهة
الدبلوماسي السابق وكبير الزملاء في مركز “عمران” للدراسات الاستراتيجية، داني البعاج، قال إن تحديد ما يجب أن يخرج عن هذا المؤتمر من مقررات يفرض قضية الدعوات والأشخاص التي يجب أن تكون حاضرة فيه.
وأوضح البعاج، في حديث إلى عنب بلدي، أنه في حال هدف المؤتمر إطلاق أو إدارة المرحلة الانتقالية يفترض حضور ممثلين عن التكنوقراط بالإضافة إلى ممثلين عن جميع القوى السياسية والمجتمعية السورية التي تستطيع أن تكون حاملًا اجتماعيًا وسياسيًا لهذه المرحلة الانتقالية.
بينما في حال كان المؤتمر هدفه جمع السوريين بهدف حضور الجميع فقط، قد لا ينبثق عنه أي نتائج تذكر، وبحسب تجارب سابقة مثل أفغانستان مثلًا قد تتمخض عن مثل هذا النوع من المؤتمرات لجان تنفيذية تدير العملية الانتقالية وصياغة الدستور وغيرها من القضايا، بحسب البعاج.
في الحالة السورية اليوم هناك مكسبان، الأول قدرتنا على منع التدخل الدولي والثاني القدرة على القيام بعملية انتقالية سورية بحتة بملكية وإدارة سورية، لذا لا يجب تغييب أي طرف سياسي موجود على الأرض ولديه أثر عن هذا المؤتمر.
الدبلوماسي السابق داني البعاج
وأضاف الدبلوماسي أن من الأجدى وللتوصل إلى نتائج حقيقة أن يكون المؤتمر مصغرًا بتمثيل حقيقي للقوى المجتمعية والسياسية والأحزاب الناشئة، على أن يكون لكل جهة ممثل واحد فقط، وبالتالي يتراوح عدد الحضور في المؤتمر بين 150 إلى 200 شخص، منهم كفاءات تكنوقراط مشهود لها بتاريخ طويل في الإطار الدستوري أو السياسي أو الإداري.
ويتفق البعاج على ضرورة أن يوجد ضمن المؤتمر تمثيل واسع للمرأة، فعلى الأقل يجب أن تكون ثلث الحاضرات من النساء.
ما نذهب إليه في الواقع باتجاه مؤتمر واسع جدًا، بحسب ما يجري تناقله عبر وسائل الإعلام، وهذا يعني أن المؤتمر سيعقد ومنه ستنبثق لجان تنفيذية، ولجان مصغرة، ولجان صياغة تشرح كيف ستكون الأمور خلال الفترة الانتقالية، بحسب البعاج.
أربعة مخرجات واجبة
من جهته يرى الباحث السياسي ومدير الأبحاث في مركز “عمران للدراسات الاستراتيجية”، معن طلاع، أنه يجب النظر إلى المؤتمر الوطني المرتقب ليس فقط كاستحقاق سياسي، بل هو استحقاق سياسي قانوني دستوري وهو أيضًا أمني، لأن تبعات وتداعيات الفراغ أو عدم وجود التأطير الدستوري لسوريا الجديدة خطيرة. لذا يعد هذا المؤتمر حاجة وطنية وعلى سلم أجندة المرحلة المقبلة.
وأكد طلاع في حديث إلى عنب بلدي، أن الدعوة إلى هذا المؤتمر ضرورة لتأطير هذه القضايا والحفاظ على وحدة الأراضي السورية واتخاذ إجراءات أكثر حزمًا في قضية الضبط الأمني للبلاد.
من حيث المعايير الفنية للدعوات، يجب أن يكون المؤتمر معبرًا عن النسيج الاجتماعي السوري، وهنا يوجد معياران لذلك الأول المعيار الجغرافي والإثني، والثاني معيار الهيئات والتشكيلات السياسية المعبرة عن هذه المناطق.
ويرى معن طلاع أن وضوح أجندة المؤتمر لن يفرز تغييرات كبيرة، لكن يمكن اعتبار ذلك نقطة بداية في مسيرة نقاش مستمرة وتحتاج إلى توافر بيئة ليكون نقاشًا سليمًا وصحيًا.
سيبقى موضوع المؤتمر الوطني المقرر عقده محل نقد مستمر، لأنه توجد أطر نظامية لتشكيل مثل هكذا حوار، لا يبدو أنها موجودة اليوم، على رأسها يفترض وجود لجنة تأسيسية تقوم بوضع معايير حضور هذا الحوار وغيره.
الباحث السياسي معن طلاع
يجب أن يخرج عن هذا المؤتمر وفق ما يرى طلاع أربع قضايا رئيسية أولها تعديلات دستورية أو إعلان دستوري مؤقت، يمنح السلطة القائمة بعض الصلاحيات الدستورية التي تؤطر الملفات القانونية والقضائية، بحسب طلاع.
كما يمكن إعلان حل “حزب البعث” باعتباره الجهة الأكثر تسلطًا في الدولة وفك ارتباطها عنه، كما يمكن أن يدعو المؤتمر إلى لجان تأسيسية تناقش فيها قضايا عدة على رأسها البرنامج الوطني للمحاسبة والعدالة الانتقالية وسلسلة الإصلاح القانوني فيما يتعلق بقانون الأحزاب والانتخابات.
ويفترض أن تجري في المؤتمر الدعوة لاستمرار النقاش في وضع آليات ومعايير عمل الحكومة الانتقالية التي ستبدأ عملها بعد آذار 2025 وفق المعلن عنه.
وكان قائد الإدارة السورية الجديدة، أحمد الشرع، أوضح أن مراحل سياسية عديدة ستسبق اختيار شخصية الرئيس، مشيرًا إلى أن إعداد وكتابة دستور جديد في البلاد، قد يستغرق نحو ثلاث سنوات، وتنظيم انتخابات قد يتطلب أيضًا أربع سنوات.
وقال الشرع، إن الانتخابات لن تكون ممكنة قبل تجهيز بنية تحتية مناسبة تشمل إحصاءات دقيقة، وتواصلًا قانونيًا مع الجاليات السورية في الخارج، مشيرًا إلى أن البلاد اليوم في مرحلة إعادة بناء القانون.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :