عسكريون انشقوا عن “قسد”.. آخرون ينتظرون

قائد مجلس البصيرة العسكري المنشق عن قسد شرقي دير الزور خلال إعلان انشقاه- 12 من كانون الأول 2024 (الخابور/ لقطة شاشة)

camera iconقائد مجلس البصيرة العسكري المنشق عن قسد شرقي دير الزور خلال إعلان انشقاقه - 12 كانون الأول 2024 (الخابور/ لقطة شاشة)

tag icon ع ع ع

طغت التوترات الأمنية على ريف دير الزور الشرقي منذ الربع الأخير من 2023، واستمرت حتى اليوم، على خلفية خلاف نشب بين “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، و”مجلس دير الزور العسكري” التابع لها، ما وضع حجر أساس أمام تأسيس حركة مقاومة قبلية ضد “قسد” في المنطقة.

ومع مرور الوقت، أنهت “قسد” تمرد “المجلس العسكري”، وسيطرت على المنطقة، لكنها لم تتمكن من ضبط الأمن فيها، واستمرت وعودها بإعادة هيكلة “المجلس” الذي يشغل أبناء عشائر المنطقة معظم مقاتليه وقادته.

ومع الإعلان عن سقوط النظام السوري في 8 من كانون الأول الحالي، وتوجه مقاتلي المعارضة شرقًا باتجاه دير الزور، انشق قادة وعناصر من “مجلس دير الزور” الذي أعيدت هيكلته حديثًا، وانضموا لـ”إدارة العمليات العسكرية” التي تضم فصائل المعارضة، معلنين استعدادهم للقتال ضد “قسد”.

القادة المنشقون كانوا يشغلون مناصب قيادية في “المجلس” التابع لـ”قسد”، ولم يمضِ على تعيينهم في هذه المناصب أكثر من شهرين.

وفي 21 من تشرين الأول الماضي، أعلنت “قسد” عن إعادة هيكلة “المجلس” التابع لها، الذي حلّته سابقًا بعد مواجهات مسلحة معه.

وقالت “قسد”، إن “المجلس” أُعيدت هيكلته خلال اجتماعات مع المجالس العسكرية في دير الزور، وهجين، والبصيرة، والصور، والكسرة، والشدادي، والتروزية.

وعُين إياد تركي الخبيل (أبو علي فولاذ) قائدًا لـ”المجلس”، وانتخب أعضاء جدد في قيادته وهم ليلوى العبد الله، نوري الخليل، “بيريتان قامشلو”، و”سليم ديرك”.

ووفق “قسد”، انتُخب تركي الضاري (أبو الليث خشام)، وفراس الداود، لقيادة “مجلس الكسرة العسكري”، وعبد الكريم الفندي وماجد السندي لقيادة “مجلس الصور العسكري”، وإبراهيم جاسم العاصي وعز الدين أحمد عطا الله لقيادة “مجلس هجن العسكري”، وموسى الصلاح ووضاح المشرف لقيادة “مجلس البصيرة العسكري”.

وكان معظم القادة الواردة أسماؤهم في قرار إعادة الهيكلة، اعتقلتهم “قسد” برفقة قائد الفصيل أحمد الخبيل (الذي لا يزال مختفيًا إلى جانب قادة آخرين حتى اليوم)، لكنها عاودت الإفراج عنهم لاحقًا.

انشقاقات عقب سقوط النظام

في 10 من كانون الأول الحالي، أعلن قائد “مجلس الكسرة العسكري” تركي الضاري انشقاقه وانضمامه لـ”إدارة العمليات العسكرية”، تبعه انشقاق قائد “مجلس هجين العسكري”، وقائد “مجلس البصيرة العسكري”، وقائد “لواء كونيكو”.

وقال “المرصد السوري لحقوق الإنسان“حينها، إن “قسد” وضعت بقية القيادات العسكرية في “مجلس دير الزور” تحت الإقامة الجبرية خوفًا من انشقاقهم أيضًا.

وتبع سلسلة الانشقاقات انسحاب “قسد” من مدينة دير الزور ومن جميع مواقعها في محيطها، التي تقدمت إليها بعد انسحاب قوات النظام منها في 7 من كانون الأول الحالي، وتمركزت في سبع قرى هي حطلة والصالحية ومراط والحسينية وطابية جزيرة وخشام ومظلوم، وجميع هذه القرى كانت تسيطر عليها الميليشيات الإيرانية.

وكان من بين القادة المنشقين “أبو الحارث غرانيج” (إبراهيم العاصي) وهو قائد “مجلس هجين”، و”أبو جلال” (موسى الصلاح) وهو المسؤول عن “ساحة البصيرة” التابعة لـ”مجلس دير الزور”.

وقال تركي الضاري، وهو أحد المنشقين عن “قسد”، إنه انشق لعدة أسباب متراكمة خلال السنوات الماضية، منها تهميش دور القيادات العرب وتسلط “الكوادر الأجنبية” القادمين من حزب “العمال الكردستاني” على أبناء المنطقة.

وأضاف الضاري لعنب بلدي أنه مع وصول “إدارة العمليات العسكرية” التي يعتقد أنها “تمثل الشرعية السورية”، كان لا بد من “ترك التجمع العسكري التابع لقسد والعودة لأحضان الثورة، التي يتوق لها أبناء دير الزور والفرات”.

ولفت إلى أن أسباب انشقاقه ترجع لقناعته بضرورة المطالبة بوحدة الأراضي السورية والتخلص من قيادات الكوادر الكردية الأجنبية في “قسد” وليس السورية منها، معتبرًا أن الكرد من أبناء المنطقة هم جزء أساسي من المكونات السورية الأصيلة.

الضاري قال إن قادة “مجلس دير الزور العسكري” تعرضوا لتهميش ممنهج، وكان ينظر إليهم من قبل كوادر “قسد” الأخرى “بدونيّة” لأنهم من المكون العربي.

وأضاف، “لقد تعرض القادة العرب للإقصاء والتهميش من قبل القيادة العامة لقسد، وكانوا عبارة عن واجهات لا أكثر، ما دفعهم للانشقاق عندما أتيحت أمامهم الفرصة، استجابة لرغبة أبناء المنطقة بالتخلص من تسلط قسد وفسادها، والقناعة بضرورة وحدة الأراضي السورية”.

من جانبه، قال “أبو الحارث غرانيج” (إبراهيم العاصي) لعنب بلدي، إنه أعلن عن انشقاقه ببيان مصور سجّله في بلدته غرانيج بريف دير الزور الشرقي، وأعلن عبره الانضمام لـ”إدارة العمليات العسكرية” تاركًا خلفه منصبه كقائد لـ”مجلس هجين العسكري”.

وأضاف أنه عقب انشقاقه استهدفت “قسد” قوة عسكرية “ضخمة”، وفرضت حظرًا للتجول على ريف دير الزور الشرقي، استمر لنحو خمسة أيام.

آخرون ينتظرون

كان من بين المنشقين عن “قسد” أيضًا، موسى الصلاح، المعروف محليًا بـ”أبو جلال” وهو المسؤول عن “ساحة البصيرة” التابعة لـ”مجلس دير الزور العسكري”.

وقال الصلاح لعنب بلدي، إنه انشق عن “مجلس دير الزور” رغبة بخلاص دير الزور من “الفساد الإداري وتسلط الكوادر وتهميش المكون العربي الذي يمثل 100% من سكان المنطقة”.

وأضاف أنه إلى جانب الكثير من قادة وعناصر “قسد” في دير الزور، هم من العاملين في “الجيش السوري الحر” سابقًا، ووافقوا على العمل تحت راية “قسد” بهدف طرد تنظيم “الدولة الإسلامية” الذي سيطر على المنطقة حتى عام 2019.

الصلاح قال أيضًا إن أبناء المنطقة من مدنيين وعسكريين كانوا يتخوفون دائمًا من أن تسلّم “قسد” المنطقة للنظام السابق، ومع تقدم “إدارة العمليات العسكرية” باتجاه دير الزور، وجدوا فرصة في الخلاص من “قسد” والنظام على حد سواء.

من جانبه، قال تركي الضاري، إن عددًا “كبيرًا” من عناصر وقادة “قسد” العاملين شرق الفرات انشقوا عن “قسد”، وهناك العديد من القادة والأفراد يرغبون بالانشقاق، لكنهم عاجزون عن التحرك في الوقت الراهن.

ولفت إلى أن القادة المنشقين والباقين تحت راية “قسد” يعملون جاهدين على الوصول لتفاهم لعدم جر المحافظة إلى صراع مسلح أو فوضى أمنية.

وأضاف لعنب بلدي أن قادة المجالس العسكرية طلبوا من العناصر وبعض قادة الألوية وبعض قادة الأفواج أن يتريثوا قليلًا قبل إعلان الانشقاق، تفاديًا للتصعيد مع “قسد”.

ودعا تركي الضاري أبناء الرقة والحسكة ومنبج وعين العرب/كوباني للانشقاق عن “قسد” لتحييد المناطق التي ينحدرون منها عن الحرب.

ولفت إلى وجود تنسيق بين “إدارة العمليات العسكرية” وأبناء دير الزور، بهدف تأمين المنشقين وتجنب جر المنطقة إلى فوضى في المستقبل القريب.

“نحاول أيضًا أن نفتح قناة تواصل مع قوات التحالف الدولي للتأكيد على أن عمليات ردع العدوان هي عمليات سورية، وليست عمليات إرهابية كما تحاول قسد تصويرها، وأن أبناء وقيادات مجلس دير الزور العسكري يرغبون في أن يكونوا في المستقبل جزءًا من القوة السورية في حماية مناطقهم وتحقيق الأمن والاستقرار فيها”، أضاف الضاري.

أين أحمد الخبيل

قال القادة الثلاثة لعنب بلدي، إن القائد السابق لـ”مجلس دير الزور العسكري” أحمد الخبيل (أبو خولة) مختفٍ منذ نهاية آب 2023، ولا يوجد أي معلومات عن مصيره منذ اللحظة التي اعتقل فيها.

وتوقع القادة الثلاثة أن يكون الخبيل وقادة آخرون من “مجلس دير الزور العسكري” موضوعين تحت الإقامة الجبرية في مدينة الحسكة، إذ لم تسمح “قسد” بزيارتهم حتى اليوم.

وفي 27 من آب 2023، اعتقلت “قسد” أحمد الخبيل، إلى جانب معظم قادة الصف الأول والثاني في “المجلس العسكري” ما أدى إلى انتفاضة قبلية ضدها في دير الزور، دعمًا لـ”المجلس”.

وأعلنت “قسد” عقب ذلك بثلاثة أيام عن عزل الخبيل، عبر بيان نشرته في موقعها الرسمي.

وقالت إن قرار عزل الخبيل جاء بعد “شكاوى قدمها الأهالي وسكان دير الزور بحقه، دون الإشارة إلى قادة “المجلس العسكري” المحتجزين لديها في الحسكة.

وأضاف البيان أن قرار العزل جاء بناء على أمر اعتقال صادر عن النيابة العامة في شمال شرقي سوريا، بسبب ارتكابه “العديد من الجرائم والتجاوزات المتعلقة بتواصله والتنسيق مع جهات خارجية معادية للثورة”.

نجاح

شكرًا لك! تم إرسال توصيتك بنجاح.

خطأ

حدث خطأ أثناء تقديم توصيتك. يرجى المحاولة مرة أخرى.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة