أبرزها إنهاء الواسطات

خطوات يحتاج إليها المنتخب السوري لإثبات مكانته بين الكبار

خلال مواجهة المنتخب السوري مع أستراليا في بطولة كأس آسيا التي أقيمت في قطر- كانون الثاني 2024 (قناة الكأس)

camera iconخلال مواجهة المنتخب السوري مع أستراليا في بطولة كأس آسيا التي أقيمت في قطر- كانون الثاني 2024 (قناة الكأس)

tag icon ع ع ع

عنب بلدي – هاني كرزي

مضى حوالي 95 عامًا على انطلاق أول بطولة لكأس عالم في التاريخ، وما زال المنتخب السوري عاجزًا عن بلوغ المونديال، ففي الوقت الذي استطاعت فيه مختلف منتخبات قارة آسيا تطوير مستواها، كان أداء منتخب سوريا يتدهور عامًا بعد آخر ليصل إلى الحضيض في عهد نظام الأسد السابق.

منتخب سوريا لكرة القدم هو ممثل الجمهورية العربية السورية، لكن نظام الأسد السابق سخّر هذا المنتخب لخدمة أجنداته ومصالحه الشخصية، ولم يعد يمثل الشعب، ليقرر كثير من السوريين التخلي عن تشجيعه عقب انطلاق الثورة السورية، وتسميته بـ”منتخب البراميل”.

إنجازات غائبة

أول مشاركة لمنتخب سوريا في تصفيات كأس العالم كانت في عام 1950، لكنه انسحب بعد خسارته في أول مباراة بالتصفيات بسبعة أهداف نظيفة.

وفي النسخ التالية، انسحب المنتخب السوري من تصفيات كأس العالم في ثلاث بطولات أخرى، بينما فشل في التأهل إلى المونديال في باقي التصفيات.

كان أفضل عرض قدمه المنتخب السوري في تصفيات مونديال 1986، عندما وصل للتصفيات النهائية لكنه خرج على يد المنتخب العراقي في الملحق النهائي.

كما وصل منتخب سوريا إلى الملحق الآسيوي عام 2018، لكنه فشل في بلوغ الملحق القاري بعد خسارته أمام أستراليا، بينما استُبعد المنتخب من تصفيات مونديال 2014، بسبب فشل إداري من الاتحاد الرياضي الذي أشرك لاعبًا سبق أن شارك لمصلحة منتخب السويد.

على الصعيد الآسيوي، لم يحقق المنتخب كذلك أي انجازات، إذ نجح في التأهل لكأس آسيا سبع مرات، لكنه فشل في تحقيق اللقب القاري، وكان أفضل إنجاز له هو التأهل لدور الـ16 لكأس آسيا 2023.

طوال تاريخه استطاع منتخب سوريا الفوز بدورة ألعاب المتوسط عام 1987، وبطولة غرب آسيا عام 2012، ودورة الألعاب العربية عام 1957، وهي بطولات غير مهمة مقارنة بالمونديال العالمي أو كأس آسيا.

الوصول إلى الحضيض في عهد الأسد

خلال حكم الأسد، تدهور مستوى المنتخب بشكل كبير، إلى أن وصل في أحدث تصنيف لاتحاد كرة القدم الدولي (فيفا)، إلى المركز الـ95 على مستوى العالم، والمركز الـ13 على صعيد قارة آسيا.

وقال المنسق الإعلامي السابق في الدوري السوري، هاني عنطوز، لعنب بلدي، إن هناك أسبابًا عديدة أسهمت في فشل المنتخب السوري لعقود، أبرزها فساد الاتحاد الرياضي الذي كان يتحكم به نظام الأسد، وعدم وجود رؤية واضحة وخطط استراتيجية لتطوير اللعبة في سوريا، وافتقار اللاعبين إلى التدريب الكافي والانسجام بسبب قلة الفترات التحضيرية، ووجود المحسوبيات والواسطات التي كانت تسهم في فرض أسماء هزيلة ضمن المنتخب الذي كان يُعرف بـ”منتخب الواسطات”.

ولفت عنطوز إلى عدم وجود ملاعب مناسبة ومرافق تدريب متطورة، وعدم وجود تنافس محلي قوي يسهم في صقل المهارات والاهتمام بها، إضافة إلى صرف أموال طائلة على مدربين أجانب لا يعرفون شيئًا عن الكرة السورية.

وأضاف عنطوز، “كنا نشاهد لاعبي المنتخب داخل الملعب بلا أي حافز”، حيث كانوا يعانون من الضعف في التعامل مع الضغوطات، ويفتقرون إلى الانسجام في المواجهات، “لدرجة تشعر بأنهم لا يمثلون الشعب السوري، بل يلعبون من أجل أنفسهم فقط”.

لاعب المنتخب السوري عمر السومة، قال سابقًا، إن بعض اللاعبين أخبروه أنهم كان يشاركون في المنتخب، من أجل أن تشاهدهم الأندية الخليجية للحصول على عقد احترافي في الخليج للهروب من سوريا.

وظهر لاعبو المنتخب في عدة مناسبات، وهم يهتفون للرئيس المخلوع بشار الأسد، وفي أحد المؤتمرات الصحفية ظهر الكادر الفني للمنتخب بقيادة فجر إبراهيم وهم يرتدون قمصانًا عليها صور الأسد.

خطوات لإنعاش المنتخب

عقب سقوط نظام الأسد، بدأ العمل على إعادة هيكلة الرياضة السورية، ووضع خطوات جديدة لبناء منتخب سوري قوي، حيث أُقيل رئيس الاتحاد الرياضي العام، فراس معلا، الذي أغرق الرياضة المحلية بالفساد والفوضى، وعُيّن مكانه محمد الحامض.

كما عُيّن الكابتن فراس تيت رئيسًا لمكتب الألعاب الجماعية في الاتحاد الرياضي العام، والذي وعد بتطوير المنتخب ليصبح من كبار آسيا.

ولفت فراس، في مقابلة تلفزيونية، إلى أن بعض اللاعبين السوريين المغتربين الذي جاؤوا لتمثيل منتخب سوريا الأول، تلقوا أموالًا من متبرعين وليس من الاتحاد السابق.

الاتحاد الرياضي الجديد يعمل على تطوير المنتخب الأول على المدى البعيد عبر الاهتمام بمنتخب الشباب، بحسب فراس تيت، مضيفًا أنه سيتم العمل في المرحلة المقبلة على دعم منتخب سوريا للشباب بتوفير المعسكرات الخارجية والمباريات الاستعدادية له قبل نهائيات أمم آسيا، التي يواجه فيها منتخب الشباب كلًا من كوريا الجنوبية واليابان وتايلند في شباط 2025.

كما قرر الاتحاد الرياضي العام فسخ التعاقد مع مدرب منتخب سوريا للشباب، محمد عقيل، بالتراضي، والتوصل إلى اتفاق شفهي مع المدرب الخبير محمد قويض لتولي المهمة.

وقال الصحفي الرياضي أنس عمو، لعنب بلدي، إنه يجب العمل على دعم المنتخب ووضع أسس وأطر جديدة لسياسة العمل بعيدًا عن التسييس والواسطات، واستقطاب جميع اللاعبين السوريين من الداخل والخارج، بمن في ذلك الذين كانوا يلعبون في الشمال السوري، مشيرًا إلى أن هذا المنتخب يجب أن يكون انعكاسًا طبيعيًا وصورة حقيقية لسوريا الجديدة.

هاني عنطوز الذي عمل حكمًا في الدوري السوري، تحدث عن عدة خطوات ضرورية لإنعاش المنتخب السوري وتطوير مستواه منها:

  • تجهيز بنية تحتية قوية عبر الاعتماد على خبرات الرياضة الآسيوية والدولية وليس المحلية فقط، وتأهيل الملاعب والمنشآت الرياضية.
  • وضع خطط استراتيجية لتطوير اللعبة والاستفادة من تجارب الدول المجاورة التي عملت بهذا الأسلوب بدقة.
  • تطوير المنافسة في الدوري العام، وصقل لاعبين منه، بغية الاستفادة منهم في المنتخب.
  • عمل ورشات فنية لتطوير الكوادر والإداريين، بما يساعدهم على تطبيق أحدث أفكار كرة القدم على اللاعبين.
  • الاهتمام بجميع الفئات العمرية، وتغيير الفكر والعقلية التي كان يتم زرعها خلال حكم الأسد منذ المدارس، بأن صاحب النفوذ والواسطة هو الأحق باللعب.
  • تعيين مراقبين ذوي خبرات رياضية لمتابعة شؤون اللعبة بجميع المجالات، والإشراف على مراقبة الكوادر الفنية وتقديم تقييم لعملها.

بدوره، تحدث الخبير التحكيمي السوري فراس محمد الخطيب، عن جانب مهم جدًا يصب في مصلحة المنتخب السوري، وهو أن يعمل الاتحاد الرياضي على اتخاذ خطوات تدفع “فيفا” لرفع الحظر عن الملاعب السورية، بحيث يستطيع المنتخب لعب مبارياته على أرضه وأمام جمهوره.

وأضاف الخطيب لعنب بلدي، أن عودة إقامة المباريات الدولية في سوريا تتطلب عملًا كبيرًا، فيجب في البداية ضبط الوضع الأمني، وثانيًا أن تكون الملاعب مجهزة حسب المواصفات العالمية المتعارف عليها، وتأمين حماية خاصة للاعبين والكوادر المرافقة، وتأمين أماكن إقامة للبعثات الرياضية، من فنادق ومنشآت رياضية وترفيهية.

ما مستقبل المدرب؟

مع إنهاء حكم الأسد وتسلّم السلطة الجديدة، ساد الحديث عن مصير الإسباني خوسيه لانا، مدرب المنتخب السوري، حيث قال مسؤول ملف كرة القدم في الاتحاد الرياضي، فراس تيت، إنه مستمر في إدارة المنتخب، لافتًا إلى أن المدرب يتقاضى راتبًا سنويًا قدره مليون ومئة ألف دولار، “وفي حال قررنا فسخ عقده، فنحن ملزمون بدفع أكثر من ثلاثة ملايين دولار”.

كانت إدارة المنتخب السوري في عهد الأسد قالت، في تشرين الأول الماضي، إن المدرب خوسيه لانا لن يعود إلى سوريا بعد نهاية بطولة تايلند الودية، بسبب تداعيات حرب لبنان.

جاء ذلك في تصريح لمدير المنتخب السوري السابق، موفق فتح الله، لموقع “هاشتاغ” المحلي، في 9 من تشرين الأول الماضي، كاشفًا أن عائلة لانا قلقة على سلامته بسبب الظروف الأمنية حينها في لبنان وسوريا، وأن التوتر الأخير في المنطقة دفع المدرب الإسباني لهذا القرار.

في السياق ذاته، نشر الصحفي الرياضي السوري لطفي الأسطواني، فيديو عبر قناته في “يوتيوب“، يتضمن حوارًا مع موفق فتح الله.

وخلال الفيديو سأل الأسطواني مدير المنتخب السوري السابق، عن صحة الأخبار التي تتحدث عن رفض خوسيه لانا العودة إلى سوريا، فأجاب أن المدرب أخبره عبر الهاتف نيته العودة إلى إسبانيا بعد نهاية بطولة تايلند.

الاتحاد السوري لكرة القدم تعاقد مع خوسيه لانا، في 28 من آب الماضي، بوصفه مديرًا فنيًا للمنتخب الأول ومشرفًا على بقية المنتخبات.

ولا يملك لانا، المولود في 1975، أي خبرة على صعيد تدريب منتخبات الرجال، إذ انحصر عمله في تدريب منتخبات الفئات السنية منذ عام 2016.

ودرّب لانا جميع فئات المنتخب الإسباني، من فئة تحت 15 عامًا وحتى تحت 21 عامًا.

ونجح بالفوز ببطولة كأس الأمم الأوروبية 2023-2024 برفقة المنتخب الإسباني تحت 19 عامًا.

نجاح

شكرًا لك! تم إرسال توصيتك بنجاح.

خطأ

حدث خطأ أثناء تقديم توصيتك. يرجى المحاولة مرة أخرى.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة