كيف واجهوا التغيرات بعد سقوط النظام

طلاب سوريا بلا شعارات “البعث” وتمجيد القائد

استئناف الدوام المدرسي لأول مرة من دون الشعارات الصباحية المرتبطة بحزب البعث ونظام الأسد في دمشق- 19 كانون الأول 2024 (رويترز)

camera iconاستئناف الدوام المدرسي لأول مرة من دون الشعارات الصباحية المرتبطة بحزب البعث ونظام الأسد في دمشق- 19 كانون الأول 2024 (رويترز)

tag icon ع ع ع

عنب بلدي – رامة ديب

توقف طلاب سوريا عن تكرار شعارات حزب “البعث”، لأول مرة منذ أكثر من 50 عامًا، ليمر أسبوعان على عودة المدارس في منتصف العام الدراسي مع بداية جديدة في سوريا بعد سقوط نظام الأسد.

النظام ورئيسه المخلوع رحلت برحيلهما حقبة من الشعارات والأيديولوجيا التي استخدمت لتكريس سيطرة السلطة وتثبيت حكمها.

أقوال حافظ الأسد “الخالدة”، التي كان المساس بها محرمًا، ولم تسلم المدارس وعقول الطلاب منها، أصبحت اليوم من تاريخ الحقبة المظلمة، وصور ومجسمات حافظ وبشار الأسد جرى تحطيمها وتمزيقها على امتداد مدارس البلاد.

مبادرات

طالبات في الثانوية العامة، أطلقن مبادرات لتغيير هيئة المدرسة المرتبطة بالنظام المخلوع من صور وأعلام وشعارات.

وقالت معاونة مديرة مدرسة “نبيل يونس” الثانوية للبنات في دمشق، ميرة عقيل، لعنب بلدي، إن الطالبات بدأن بالاتصال وطرح المبادرات قبل عودة الدوام الرسمي، في الأسبوع الأول لسقوط النظام، ليشاركن بإزالة صور الرئيس “الهارب”، وشعارات حزب “البعث”.

حضر علم الثورة مع الطالبات، وقامت الإدارة بإبلاغهن خلال اجتماع الصباح أنه لم يعد هنالك ترديد لشعارات “البعث” ولا لتحية العلم، لتتوارد الأسئلة من الطالبات بعدها حول النشيد السوري الذي سيرددنه، وهل ستلغى مواد مثل اللغة الروسية أو التربية القومية، وفق ما ذكرته نائبة المديرة عقيل.

ميرة أم، أيضًا، لشاب قريب من عمر طالباتها، أخبرها أنه شعر باختلاف المشاعر بين ترديد الشعارات السابقة (شعارات حزب البعث) وبين الانعتاق منها، فالناس أصبحوا يعبرون بحرية “ويتكلمون من قلبهم”، وفق ما قالته عقيل.

الطلاب الصغار يسألون

رغم الحصص التوضيحية لطلاب مدرسة ابتدائية في مدينة حلب، ما زال الكثير منهم لم يدركوا التغيير المفاجئ، “عم ينطلب منهم شيء فوق قدرتهم العقلية”، وفق ما وصفته معلمتهم حسناء كيالي، لعنب بلدي.

كيالي التي تعمل بنظام الوكالة في القطاع التعليمي، ذكرت أن طلابها، وهم في الصف الرابع، صغار لا يدركون حجم الحدث، وما زالوا يسألون “لماذا تغير العلم؟”.

وتحاول حسناء مع زملائها في المدرسة، من خلال مبادرات جماعية، واجتماعات صباحية يومية قبل البدء بالحصص، مناقشة كيفية توصيل ما حصل للطلاب.

وقالت كيالي، “نتعامل مع النصر وكأنه جزء منا”، وحاليًا يركز الكادر التدريسي على الاحتفال بالنصر مع الطلاب، لنبسّط لهم هذا التغيير.

ونوهت كيالي إلى دور الأهل في البيت، وأن الأطفال ينقلون أفكار أهلهم للخارج، ودور المدرسة والأهل متكامل، والأطفال يجب أن يلمسوا التغيير من الواقع بشكل فعلي.

وشارك الطلاب معلمتهم كيالي قصصًا سمعوها أو شاهدوها عن معتقلات النظام المخلوع، بعدما انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي وعلى التلفاز، فحكت لهم قصة حمزة الخطيب.

صدمة مشاهد المعتقلات

المختصة في مجال الدعم النفسي الاجتماعي روان الشيخ دبس، قالت لعنب بلدي، إنه يجب إبعاد الأطفال عن مواقع التواصل الاجتماعي، خاصة لمن أعمارهم من تسع سنوات وما دون، لأن الأطفال الذين شاهدوا صور القتل تحت التعذيب، أو سمعوا قصص المعتقلات، ترتبط عند بعضهم صورة الموت بهذه المشاهد والقصص، فمثلًا، إذا توفي شخص في العائلة لديهم يتصورون أن الوفاة كانت بهذه الصورة.

وأكدت روان أن تغيّر العلم لهذه الفئة العمرية فتح لديهم الكثير من الأسئلة، فمن المهم التعامل معهم بما يتناسب مع عمرهم، وأعطت مثالًا عن أطفال عبروا عن حبهم للون الأخضر وأن العلم أصبح جميلًا، كما يجب ترغيبهم بالتعلم والدراسة، وإشعارهم بأهمية هذا الأمر لمستقبلهم وبلدهم.

المرشدة النفسية في مدرسة ثانوية للبنات بمدينة حلب رولا (طلبت ذكر اسمها الأول لأسباب اجتماعية)، قالت إن هناك أطفالًا بدت لديهم مظاهر الخوف والقلق بعدما شاهدوا وسمعوا قصص المعتقلات، لذلك يجب إبعادهم عنها قدر المستطاع.

وأضافت رولا أن الاحتفالات بسقوط النظام وتحرير سوريا، أسهم بفتح باب السؤال لديهم، فأصبحت الشروحات والتوضيحات لهم أسهل، لا سيما أن الأطفال كان يشعرون بخوف أهاليهم وأنهم بحالة توتر وترقب دائم، إذ كان الأهالي يطلبون من أطفالهم خلال فترة حكم النظام السابق، عدم الخوض في أحاديث يسمعونها حول قضايا عامة سياسية أو اقتصادية.

المختصة الاجتماعية روان الشيخ دبس، ذكرت أن التعامل مع الفئات العمرية في سن 13 سنة فما فوق، يكون أسهل بالشرح والتوضيح أكثر، مع زيادة التوعية لمسؤوليتهم تجاه بلدهم وبنائه.

وهذا ما أكدت عليه رولا، إذ إن مشاهد التعذيب والمعتقلات لها أثر مختلف عند الأكبر سنًا، إذ زادت هذه القصص من كره هذه الشريحة العمرية للظلم الذي مارسه النظام السابق، خاصة أنه يندر وجود عائلة لم تعانِ من وجود معتقلين من أفرادها أو من القريبين منها.

تحدثت رولا عن مشاعر الانتقال المفاجئ، وخصوصًا التخلص من ترديد شعارات حزب “البعث” التي كانت مفروضة في السابق، إذ كان ترديدها نابعًا من الخوف، فالمعلمة التي لا تصعد منصة المدرسة لتحية العلم لأي سبب، كان يتحول غيابها لاتهام سياسي تتريب عليه تبعات لدى أجهزة النظام السابق.

عند سقوط النظام، فرحت رولا وزملاؤها، مع شعور بالصدمة لسرعة الأمر، لكن “ما عاد نعمل شيء ونحن خايفين”، كما قالت، في إشارة إلى انتهاء زمن ترديد شعارات حزب “البعث” بشكل إجباري.

استئناف التعليم

أعلنت وزارة التربية والتعليم في حكومة دمشق المؤقتة استئناف العملية التعليمية ابتداء من 15 من كانون الأول، بعد أسبوع من سقوط النظام المخلوع.

وبلغ عدد طلاب المدارس في سوريا 4 ملايين و700 ألف طالب، بحسب ما نشرته الوزارة.

وأكدت على عدم تدريس أي درس يحتوي على عبارات تخص النظام المخلوع، وأنها تعمل على تغيير المناهج.

وقال وزير التربية، نذير القادري، إن الوزارة تعمل على تعديل المواد الدراسية وتعديل حال المدارس، وإزالة أي مظهر مرتبط بالنظام المخلوع، والحفاظ وعلى تحسين العملية التعليمية في سوريا.

نجاح

شكرًا لك! تم إرسال توصيتك بنجاح.

خطأ

حدث خطأ أثناء تقديم توصيتك. يرجى المحاولة مرة أخرى.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة