عين أمريكا على السلطة الجديدة

قانون “قيصر” يمنع التعافي الاقتصادي في سوريا

سكان مدينة مورك بريف حماة يعودون إلى بيوتهم المدمرة بعد سقوط النظام السوري - 19 كانون الأول 2024 (عنب بلدي/ إياد عبد الجواد)

camera iconسكان مدينة مورك بريف حماة يعودون إلى بيوتهم المدمرة بعد سقوط النظام السوري - 19 كانون الأول 2024 (عنب بلدي/ إياد عبد الجواد)

tag icon ع ع ع

عنب بلدي – جنى العيسى

في 12 من كانون الأول الحالي، أقر مجلس النواب الأمريكي قانون “تفويض الدفاع الوطني” لعام 2025، وتضمن القانون تمديد العقوبات الأمريكية المفروضة على سوريا بموجب قانون “قيصر” خمس سنوات إضافية.

لم يقر القانون رسميًا بعد، إذ ينتظر توقيع الرئيس الأمريكي في العام المقبل، ولا يعد إقراره من قبل مجلس النواب إقرارًا رسميًا يتيح بدء العمل بتطبيقه.

التمديد جرى عقب ثلاثة أيام من سقوط نظام بشار الأسد وهروبه إلى موسكو، رغم أنه جاء بناء على انتهاكاته في ملف حقوق الإنسان.

قبل سقوط الأسد، كثف اللوبي السوري في أمريكا من جهوده من أجل ضمان استمرار العقوبات على النظام، إلا أن سقوطه بعد 11 يومًا فقط من بدء عملية “ردع العدوان” التي شنتها فصائل المعارضة السورية، غيّر المعادلات، وجعل من دفع باتجاه التمديد يحاول جهده اليوم إقناع الأمريكيين بإزالة العقوبات عن سوريا.

الجانب الأمريكي بدوره لم يعد بإنهاء العقوبات في الوقت القريب، ما اعتبره البعض حجر عثرة في طريق التعافي السوري، إذ يجب زواله بزوال المسببات.

للضغط على النظام السابق

قانون “قيصر” هو مشروع قانون أقره مجلس النواب الأمريكي، في 15 من تشرين الثاني 2016، ووقّع عليه الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، في 21 من كانون الأول 2019.

وينص القانون على معاقبة كل من يقدم الدعم للنظام السوري، ويلزم رئيس الولايات المتحدة بفرض عقوبات على الدول الحليفة للأسد.

ويشمل القانون كل من يقدم الدعم العسكري والمالي والتقني للنظام السوري، من الشركات والأشخاص والدول، حتى روسيا وإيران، ويستهدف كل من يقدم المعونات الخاصة بإعادة الإعمار في سوريا.

وتعود تسميته باسم قانون “قيصر” إلى الضابط السوري المنشق عن النظام، والذي سرّب 55 ألف صورة لـ11 ألف معتقل عام 2014، قُتلوا تحت التعذيب، أكد مكتب التحقيق الفيدرالي (FBI) صحتها، وأثارت الرأي العام العالمي حينها، وعُرضت في مجلس الشيوخ الأمريكي.

نتائج إيجابية قريبًا

العضو السابق في “التحالف الأمريكي لأجل سوريا” محمد علاء غانم، قال لعنب بلدي، إن اللوبي السوري الأمريكي يجري مفاوضات حساسة مع الحكومة الأمريكية في مسألة العقوبات على سوريا.

وأوضح غانم أنه خلال وقت قريب، سيسمع السوريون أخبارًا إيجابية بهذا الصدد، رافضًا الحديث عن تفاصيل إضافية حول طبيعة المفاوضات التي تجري، أو المدة المتوقعة التي سيجري فيها الإعلان عن وقف العقوبات الأمريكية.

عقب سقوط النظام وهروب الأسد إلى موسكو، كتب اثنان من المشرعين الأمريكيين، هما النائب جو ويلسون والنائب بريندان بويل، رسالة إلى الإدارة الأمريكية، حثا فيها على تخفيف العقوبات المفروضة على سوريا.

ودعا النائبان الإدارة إلى إبقاء العقوبات على المسؤولين السابقين لدى حكومة النظام السابق، مع تعليق أجزاء أخرى من قانون “قيصر”، تحديدًا تلك التي أدرجت قطاعات كاملة من الاقتصاد في القائمة السوداء ومنعت إعادة الإعمار.

وأضاف النائبان أن هناك حاجة إلى نهج متعمد ومتدرج لرفع العقوبات وضوابط التصدير المفروضة على سوريا.

انفتاح اقتصادي مرتقب

تكاد تكون نسبة توقيع الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، على تمديد قانون “قيصر” مطلع العام المقبل 100%، بحسب ما يعتقد مدير البرنامج السوري في “مرصد الشبكات السياسية والاقتصادية”، الدكتور كرم شعار.

يستطيع الرئيس الأمريكي لاحقًا اتخاذ قرار بتجميد العمل بقانون “قيصر”، إلا أن إلغاءه سيحتاج إلى تصويت في الكونجرس الأمريكي.

وأوضح شعار في حديث إلى عنب بلدي، أن رفع العقوبات عن سوريا بشكل كامل وغير مشروط ضرورة ملحة، لأن الأسباب التي دفعت أمريكا لفرض العقوبات انتهت بالكامل، ولا يوجد مبرر قانوني أو أخلاقي لاستمرارها.

حول طبيعة التحديات التي قد تواجه حكومة دمشق المؤقتة في حال عدم رفع العقوبات الأمريكية، أوضح الدكتور كرم شعار أن الوضع الاقتصادي العام للبلاد لن يكون نفسه إطلاقًا في حال إزالة العقوبات.

 

عنق الزجاجة الذي ستبنى عليه نتائج مختلفة جدًا هو ممارسات حكومة تسيير الأعمال، في حال قررت فعلًا إقامة مؤتمر وطني حقيقي، وليس ممارسة أبوية شكلية، وفي حال تشكيل لجنة تمثل السوريين تقوم بوضع دستور عصري ومدني يشمل كل أطياف السوريين، كل العقوبات حتى تلك المفروضة على أحمد الشرع ستتجه للإزالة.

د.كرم شعار

متخصص في الشأن الاقتصادي

سيتبع مرحلة رفع العقوبات انفتاح اقتصادي بما لا يدع مجالًا للشك، وستحصل سوريا على دعم دولي لإعادة الإعمار، ودعم من مؤسسات متعددة الأطراف مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، وفق ما أكده شعار.

موقع “الإنترسبت” الأمريكي الاستقصائي، قال في تقرير نشره في 13 من كانون الأول الحالي، إن من المؤكد أن إعادة بناء سوريا من رماد الحرب المدمرة ستكون طريقًا طويلًا، ومع ذلك بالنسبة للسوريين الذين يتطلعون إلى تقديم الإغاثة لمواطنيهم والبدء بإعادة بناء سوريا الجديدة، هناك نقص في الأموال.

التقرير اعتبر أن هناك طريقة واحدة يمكن للغرب من خلالها مساعدة السوريين في الحصول على الأموال اللازمة لمحاولة رسم مستقبل مستقر ومزدهر، وهي إنهاء العقوبات الأمريكية.

المحلل البارز في مجموعة الأزمات الدولية ديلاني سيمون، قال إن عدم التفكير في تخفيف العقوبات بالوقت الحالي، يشبه سحب البساط من تحت أقدام سوريا في الوقت الذي تحاول فيه الوقوف على قدميها.

سيموني أكد شدة تأثير العقوبات على الاقتصاد السوري، وخلقها عقبات ضخمة أمام التجارة.

السفير الأمريكي السابق لدى سوريا في عهد الرئيس باراك أوباما، روبرت فورد، قال، “لا نعرف على وجه التحديد ما سيكون عليه مستقبل سوريا، ولا نعرف فيما إذا ستكون عادلة تحترم حقوق الأقليات، ولكن لا يزال الأمر في بدايته”.

وأضاف السفير السابق، “يبدو لي أن لفتة إلغاء العقوبات خاصة تلك التي تستهدف قطاع البناء ستكون لفتة طيبة للغاية”، وفق تعبيره.

أمريكا تحاول التفهم

يتفق المستشار السابق في وزارة الخارجية الأمريكية، حازم الغبرا، مع أن هناك ضرورة ملحة اليوم لتعليق العمل على الأقل أو إلغاء قانون “قيصر” الذي كان مفروضًا على النظام، والذي بدوره تمكن من الالتفاف على هذه العقوبات عبر دعم حلفائه.

وقال الغبرا في حديث إلى عنب بلدي، إن قانون “قيصر” يسبب مشكلات للحكومة السورية الجديدة لا تستطيع الالتفاف حولها، معتبرًا أنه يوجد وعي لدى الإدارة الأمريكية حول وجود مشكلة في ذلك، وهناك محاولة لتفهم الحكومة الجديدة وما ستؤول إليه الأمور في سوريا.

الغبرا أكد وجود حاجة اقتصادية ملحة لا تتمثل فقط بالمساعدات، بل بإتاحة دخول شركات ودول كبرى للمساعدة في التعافي الاقتصادي، الأمر الي قد يعوقه استمرار “قيصر”.

يجب على الولايات المتحدة الأمريكية أن تكون واضحة جدًا فيما تريد أن ترى من الإدارة السورية الجديدة مع التحفظات التي لديها، بالمقابل، يجب على الإدارة السورية طرح خطة عملها بشكل واضح، وفق ما يرى الغبرا، مشيرًا إلى أن المفاوضات المتعلقة برفع العقوبات يجب أن تجري بينهما بشكل مباشر، على اعتبار أنهما على تواصل أساسًا.

نجاح

شكرًا لك! تم إرسال توصيتك بنجاح.

خطأ

حدث خطأ أثناء تقديم توصيتك. يرجى المحاولة مرة أخرى.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة