أعلنت الآلية الدولية المحايدة والمستقلة بشأن سوريا أنها طلبت إذنًا من الحكومة السورية الجديدة لبدء العمل الميداني وتوثيق الانتهاكات في سوريا.
وقال رئيس الآلية الدولية المحايدة والمستقلة التابعة للأمم المتحدة، روبرت بيتيت، الأحد 22 من كانون الأول، إن هناك إمكانية للعثور على أدلة أكثر من كافية لإدانة أولئك الذين يجب محاكمتهم.
منذ سقوط الأسد، تمكن بيتيت من زيارة سوريا، لكن فريقه لا يزال بحاجة إلى تصريح من الحكومة الجديدة لبدء عمله داخل سوريا وهو ما طلبه.
وقال بيتيت، “لقد عقدنا اجتماعًا مثمرًا وطلبنا رسميًا الآن، وفقًا لتعليمات الحكومة الجديدة، أن نتمكن من العودة وبدء العمل. لذلك نحن ننتظر هذا الرد”.
ولم يُسمح للآلية الدولية المحايدة والمستقلة التابعة للأمم المتحدة بالعمل في سوريا في ظل نظام الأسد، ولكنها تمكنت من توثيق العديد من الجرائم من الخارج.
وذكر موقع “المونيتور”، أنه حتى دون أن تطأ قدماه سوريا، جمع فريق بيتيت المكون من 82 عضوًا كميات “هائلة” من الأدلة على أسوأ الانتهاكات للقانون الدولي التي ارتكبت في أثناء الحرب.
وقال بيتيت، إن فريقه وثق مئات مراكز الاحتجاز، بما فيها المراكز الأمنية، وكل قاعدة عسكرية، وكل سجن كان به إما مراكز اعتقال خاصة به أو مقابر جماعية ملحقة به.
خلال الأيام الماضية، تهافت عدد من الناشطين السوريين وبعض وسائل الإعلام العربية إلى مواقع لمقابر جماعية معروفة في سوريا، وانتشرت من هناك تسجيلات مصورة تظهر نبش المقابر والعبث بالجثث المدفونة.
نشر هذه التسجيلات جعل عددًا من أهالي المختفين والمفقودين ممن لم يتمكنوا من معرفة مصير ذويهم بعد، يصل إلى عدد من المواقع بدافع نبش المقابر والبحث عن ذويهم عن طريق التعرف عليهم من لباسهم أو ملامحهم.
وقال روبرت بيتيت، “إننا جميعًا نستطيع أن نفهم الدافع الإنساني للذهاب إلى هناك ومحاولة العثور على أحبائنا، لكن الحقيقة هي أنه من الضروري وضع ضوابط لتقييد الوصول إلى كل هذه المراكز المختلفة (…) ولابد من بذل جهود متضافرة من جانب كل من لديه الموارد والصلاحيات للقيام بذلك لتجميد هذا الوصول والحفاظ على الأدلة”.
وأشار المسؤول الأممي إلى أن الحفاظ على الأدلة “سيحتاج إلى قدر كبير من التنسيق بين جميع الأطراف المختلفة”.
في السياق ذاته، قال الدبلوماسي السوري السابق داني بعاج، في حديث سابق لعنب بلدي، إن حكومة تسيير الأعمال مطالبة بأسرع وقت أن تسمح للمنظمات الحقوقية الدولية للقدوم إلى سوريا، لضبط حالة الفوضى والعشوائية في التعامل مع الوثائق التي كانت موجودة في سجن “صيدنايا” والفروع الأمنية وأماكن المقابر الجماعية، فهذا التأخير يعوق أي نوع من المحاسبة.
ودعا بعاج حكومة تسيير الأعمال إلى ضبط الإعدامات الميدانية التي حصلت مؤخرًا، والتي تستهدف أشخاصًا معروفين بارتكابهم جرائم بحق السوريين، مشيرًا إلى أنه قبل إعدامهم أو محاكمتهم يجب الاستماع لشهاداتهم وتوثيقها، وحتى بعد سماع شهاداتهم يجب تركهم قيد الاعتقال ريثما يجري سماع باقي الشهادات ومقاطعة المعلومات مع بعضها، بغية الوصول إلى أدلة حقيقية تساعد في محاكمة كل المجرمين.
في كانون الأول عام 2016، أنشأت الأمم المتحدة الآلية الدولية المحايدة والمستقلة للمساعدة في التحقيق والملاحقة القضـائية للمسـؤولين عن الجرائم الأشد خطورة.
وفي أيار 2017، اجتمع فريق تأسيس الآلية مع مجموعة واسعة من منظمات المجتمع المدني السورية، في لوزان بسويسرا، ووفر الاجتماع منبرًا لتقديم التوصيات، وتبادل وجهات النظر بين الجانبين لبحث كيفية جمع الأدلة عن الانتهاكات التي كان يرتكبها نظام الأسد المخلوع في سوريا.