حلب – محمد العلي
تواجه نسبة واسعة من موظفي القطاع العام في حلب غموضًا بمستقبلهم الوظيفي، منذ سقوط النظام، وتسلّم حكومة تسيير الأعمال، بإشراف محمد البشير، زمام الإدارة.
رغم التطمينات من قبل مسؤولي حكومة تسيير الأعمال حول الإبقاء على الموظفين عمومًا في مواقعهم، لا سيما في المؤسسات المدنية الخدمية، وجد كثير من موظفي تلك المؤسسات أنفسهم في المنزل، ولا يزال مصير استعادتهم العمل في مؤسساتهم معلّقًا بانتظار قرار من الحكومة الجديدة.
قال معاذ (38 عامًا)، إنه يعمل في مؤسسة الإسكان العسكري بحلب منذ العام 2017، بموجب عقود سنوية يتم تجديدها بشكل شبه تلقائي، إذ كان يكفيه التوقيع على العقد في بداية كل سنة.
وأضاف أن موظفي المؤسسة لم يتلقّوا رواتبهم عن تشرين الأول الماضي، بسبب عزل مدير الفرع أحمد طويلة من منصبه، وشغور الموقع بصفته “آمر الصرف” في المؤسسة.
وبينما كان الموظفون ينتظرون رواتبهم عن تشرين الثاني أيضًا، التي من المفترض صرفها بين 5 و10 كانون الأول الحالي كما جرت العادة، فقد سقط النظام وتغيّرت الصورة كليًّا.
موظفو المؤسسة ورغم قلقهم على مستقبلهم في الوظيفة بداية، استبشروا خيرًا بإمكانية تغيّر واقعهم المعيشي مع بداية عهد جديد يمنحهم حقوقهم، في وقت لا تتجاوز فيه رواتبهم بالحد الأقصى حاجز الـ400 ألف ليرة سورية (نحو 26 دولارًا أمريكيًا).
مصير مجهول
الرواتب لم تصل، وتوقّف عمل المؤسسة كليًا، بحسب معاذ، الذي قال إن أحد مسؤولي “هيئة تحرير الشام” اجتمع بالموظفين في البداية، لكنه أحال الأمر إلى مسؤول أعلى منه للبتّ في أمرهم نظرًا إلى عددهم الكبير، ووعدهم باجتماع في وقت لاحق لإبلاغهم بالقرار، لكن ذلك لم يحدث بسبب سفر المسؤولين المعنيين بالمسألة إلى دمشق.
وأوضح معاذ لعنب بلدي أنه أب لطفلين لم يتجاوزا الخامسة من العمر، وزوجته ربة منزل، ولا يملك دخلًا آخر سوى راتب الوظيفة الحكومية، مشيرًا إلى أن محاولاته في إيجاد عمل آخر لم تنجح، رغم أنه طرق كل الأبواب المتاحة، وأن مصيره معلّق حاليًا، لا سيما مع اقتراب العام من نهايته، ما يهدّد بعدم تجديد عقده مع المؤسسة.
الشاب الذي شغل موقعه الوظيفي بشهادة الثانوية العامة (البكالوريا)، لفت إلى أن مؤسسة “الإسكان العسكري” ورغم تبعيتها لوزارة الدفاع، فإنها مليئة بالموظفين المدنيين، ممن لم يكونوا عسكريين يومًا، إذ إنها تختص بالمشاريع الإنشائية مثل إعمار المناطق السكنية وإنشاء الطرق وغيرها، وبينما لا تضم حكومة تسيير الأعمال وزيرًا للدفاع حتى الآن، فإن مصيرهم لا يزال غامضًا.
لا مواعيد للعودة
يعمل غسان (34) مهندسًا إلكترونيًا في المركز الإذاعي بمدينة حلب منذ تخرجه في الجامعة، لكنه أيضًا وجد نفسه خارج وظيفته، بعد أن تم تعليق العمل في المركز منذ سقوط النظام، في 8 من كانون الأول الحالي.
وقال غسان، إن كل ما تم إبلاغهم به هو تعليق العمل في المركز خلال المرحلة الحالية، دون تحديد موعد لعودتهم إلى مواقعهم الوظيفية، مشيرًا إلى أنه لا يعرف بدقة ما إذا كان سيعود لعمله أم لا، بينما يعتمد في الوقت الحالي على عمله في “الهلال الأحمر” لتأمين المصاريف المعيشية لأسرته.
في المقابل، بدا لافتًا أن حكومة البشير سارعت منذ تولّيها مهامها إلى إعادة الدوام للمدارس والجامعات، وتم صرف رواتب المدرّسين عن تشرين الثاني الماضي، لكنها لم تعمّم التجربة على بقية القطاعات، إذ لا تزال العديد من المؤسسات العامة بحالة انتظار لتقرير مصيرها، ومستقبل العاملين فيها.
وكان قائد “إدارة العمليات العسكرية، أحمد الشرع (أبو محمد الجولاني)، تحدث عن دراسة لرفع الرواتب بنسبة 400%، كما أكد وزير الصحة في حكومة تسيير الأعمال ماهر الشرع أن هناك خطة لزيادة رواتب العاملين في القطاع الصحي بنسبة 400% اعتبارًا من الشهر الحالي أو المقبل.
وفي أول تصريح للبشير بعد تولّيه رئاسة حكومة تسيير الأعمال، قال إن القيادة العامة كلّفته بتسيير أعمال الحكومة السورية خلال فترة انتقالية، حتى آذار 2025، بهدف تسلّم الملفات والمؤسسات الحكومية، وضمان عودة العاملين إليها وتفعيل دورها بما يسهم في تقديم الخدمات للمواطنين.