تضمن لقاء لقائد “القيادة العامة” في سوريا، أحمد الشرع (أبو محمد الجولاني)، مع صحيفة عربية عدة رسائل تطمينية، على رأسها أن سوريا لن تكون مصدر قلق لأي دولة عربية.
الثورة “انتهت في سوريا”
وفي لقاء مع صحيفة “الشرق الأوسط” السعودية نشر، الجمعة 20 من كانون الأول، رد الشرع على سؤال رسالته لدول الخليج بقوله: “نحن اليوم في مرحلة بناء الدولة. الثورة السورية انتهت مع سقوط النظام ولن نسمح بتصديرها إلى أي مكان آخر، ولن تكون سوريا منصة لمهاجمة أو إثارة قلق أي دولة عربية أو خليجية مهما كان”.
وأردف الشرع أن كثيرين دخلوا إلى الثورة السورية، “لكننا اليوم في مرحلة جديدة هي بناء الدولة”.
وتسعى القيادة الجديدة لسوريا لبناء علاقات استراتيجية فاعلة مع هذه الدول، بحسب الشرع، الذي أشار إلى أن “سوريا تعبت من الحروب، ومن كونها منصة لمصالح الآخرين”.
وأضاف و”نحن بحاجة لإعادة بناء بلدنا وبناء الثقة فيه، لأن سوريا بلد في قلب الحدث العربي”.
وكان العرب، وخاصة دول خليجية، في طور إعادة العلاقات مع النظام السوري قبل سقوطه، في 8 من كانون الأول، إذ افتتحت السعودية والإمارات والبحرين سفاراتها في دمشق.
واستضافت السعودة الأسد مرتين، في عامي 2023 و2024، في إطار اجتماعات القمة العربية والإسلامية، كما زار الإمارات في عامي 2022 و2023.
وقدمت الدول العربية تقاربها مع الأسد في إطار إعادة سوريا إلى حاضنتها العربية، بعد توسع النفوذ الإيراني، إلى جانب ملفات أخرى أبرزها تهريب المخدرات من سوريا.
المشروع الإيراني تراجع 40 عامًا
وفيما يخص إيران، تحدث أحمد الشرع كيف كانت سوريا منبرًا لإيران، وتحولت لمنبر تدير طهران منه أربع عواصم عربية أساسية، وعاثت حروبًا وفسادًا في الدول التي دخلتها، وهي نفسها التي زعزعت أمن الخليج وأغرقت المنطقة بالمخدرات والكبتاجون، بحسب قوله.
بالتالي “ما قمنا به وأنجزناه بأقل الأضرار والخسائر الممكنة من إخراج للميليشيات الإيرانية وإغلاق سوريا كليًا كمنصة للأذرع الإيرانية، لم تحققه الوسائل الدبلوماسية وحتى الضغوط”، وفق تعبير الشرع.
وذكر الشرع، “اليوم نقول إن الأمن الاستراتيجي الخليجي أصبح أكثر أمنًا وأمانًا لأن المشروع الإيراني في المنطقة عاد 40 سنة إلى الوراء”.
رؤية اقتصادية
وعلى الصعيد الاقتصادي، تدعم القيادة السورية الحالية وتتطلع إلى الحالة التنموية المتقدمة التي وصلت إليها بلدان الخليج وتطمح إليها في سوريا، وهناك تقاطعات كثيرة مع ما تصبو إليه، ويمكن أن تلتقي القيادة عندها مع دول الخليج، سواء من تعاون اقتصادي أو تنموي أو غير ذلك.
وفي رده على رؤية القيادة للعلاقة مع لبنان قال الشرع، “في الحقيقة لا نسعى لأي علاقة تسلطية مع الجار اللبناني بل علاقة احترام وتبادل، ولا نريد التدخل في الشأن الداخلي اللبناني فلدينا ما يكفي من عمل في بلدنا. نريد بناء علاقات جيدة وسنقف على مسافة واحدة من جميع اللبنانيين وما يرضيهم يرضينا”.
أين يقف العرب
دعمت “لجنة الاتصال العربية” عملية انتقال سلمية سياسية في سوريا، برعاية أممية، عقب الإطاحة بالأسد، وذلك بموجب مخرجات اجتماع العقبة في الأردن، في 14 من كانون الأول.
وتضمنت المخرجات تأكيدًا على الوقوف إلى جانب الشعب السوري وتقديم كل العون والإسناد له في هذه المرحلة الدقيقة، واحترام إرادته وخياراته.
كما جاء فيه تأكيد على دعم عملية انتقالية سلمية سياسية سورية- سورية جامعة، تتمثل فيها كل القوى السياسية والاجتماعية السورية، بما فيها المرأة والشباب والمجتمع المدني بعدالة، وترعاها الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية، ووفق مبادئ قرار مجلس الأمن “2254” وأهدافه وآلياته.
وتدعم لجنة الاتصال، بموجب قرار مجلس الأمن، تشكيل هيئة حكم انتقالية جامعة بتوافق سوري، والبدء بتنفيذ الخطوات التي حددها القرار للانتقال من المرحلة الانتقالية إلى نظام سياسي جديد، يلبي طموحات الشعب السوري بكل مكوناته، عبر انتخابات حرة ونزيهة، تشرف عليها الأمم المتحدة، استنادًا إلى دستور جديد يقره السوريون، وضمن تواقيت محددة وفق الآليات التي اعتمدها القرار.
هذه المخرجات لم تجد قبولًا واضحًا لدى الشرع، الذي اعتبر أن “القرار 2254” بحاجة للتعديل بعد سقوط النظام.
لقاءات الشرع
بعد سقوط نظام بشار الأسد في 8 من كانون الأول، ظهر الشرع بعدة مقابلات على وسائل إعلامية عالمية، وجه من خلالها رسائل “القيادة العامة” وتطلعاتها للدول الغربية.
في مقابلة له مع “BBC“، الخميس، طالب الشرع برفع العقوبات عن سوريا التي قال إنها “منهكة من الحرب”.
ونفى بأن سوريا يمكن أن تكون أفغانستان ثانية، لأن هذين المجتمعين مختلفان ولكل منهما ثقافة وتاريخ منفصلين، داعمًا التنوع العرقي والديني.
وأيد الشرع تعليم المرأة، مشيرًا إلى أن نسبة النساء في جامعات إدلب كان يصل إلى 60%.
وعن مسألة السماح بالكحول من عدمه، ترك الأمر لتقرها اللجنة التي ستضع الدستور.
وحث الشرع في حديثه لصحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية، الولايات المتحدة والدول الأخرى، على رفع العقوبات المفروضة على البلاد، قائلًا إن “جميع القيود بحاجة إلى رفع حتى تتمكن سوريا من إعادة البناء”.
وأضاف الشرع أن “العقوبات الغربية كانت تستهدف الجلاد الذي رحل الآن، لذا يجب رفعها”.