ما “هيئة التفاوض” التي أثارت الجدل بالتمسك بـ”2254″
برنامج “مارِس” التدريبي – مجد الويّو
انخرطت “هيئة التفاوض السورية” خلال الأيام الماضية في المشهد السياسي السوري المتعلق بمرحلة ما بعد سقوط نظام الأسد، وبعد ما أكدت في بيان رسمي على لسان رئيسها بدر جاموس ضرورة السير بقرار مجلس الأمن “2254”، تثار تساؤلات عن الأطراف التي تضمها هذه الهيئة وتاريخ تشكيلها والمهمة الموكلة لها.
وقال جاموس في بيان، عبر حسابه في “إكس”، 16 من كانون الأول، إن القرار “2254” يمثل وسيلة حقيقية لتحقيق أهداف الثورة السورية، وأن غياب النظام لا يُلغي هذا القرار، بل يظل ساريًا ويجب متابعته لأن الأهداف المحددة فيه لم تتحقق بعد.
وجاء حديث جاموس في وقت كانت الأنظار تتجه نحو قائد العمليات العسكرية أحمد الشرع (الجولاني)، فيما يخص السياسة التي سيعتمدها في المرحلة المقبلة، بعد دخوله إلى دمشق وإقامته بها.
والتقى الشرع خلال الأيام الماضية المفوض الأممي إلى سوريا غير بيدرسون ومسؤولين أوروبيين.
وفي تصريح له خلال اجتماعه مع بيدرسون في دمشق، قال إنه يجب “إعادة النظر” بقرار مجلس الأمن “2254”، الأمر الذي يخالف الموقف الذي عبّرت عنه هيئة التفاوض ورئيسها جاموس.
ما هيئة التفاوض؟
هي هيئة سياسية جامعة تمثل أوسع نطاق من قوى الثورة والمعارضة السورية، وكيان وظيفي مهمته التفاوض مع النظام السوري ضمن مسارات ترعاها الأمم المتحدة، وفقًا لما جاء في موقعها الرسمي.
في كانون الأول 2015، عقدت قوى المعارضة السورية المختلفة “مؤتمر الرياض 1” في السعودية، حضره نحو 150 شخصية معارضة، وتم في نهايته الإعلان عن تأسيس “هيئة التفاوض السورية” (كانت تعرف آنذاك باسم الهيئة العليا للتفاوض).
ومع إصدار مجلس الأمن القرار رقم “2254”، كانون الأول 2015، اعترفت الأمم المتحدة رسميًا بهيئة التفاوض السورية باعتبارها الممثل الوحيد للمعارضة السورية، وفقًا لما جاء في موقع الهيئة الرسمي.
وللهيئة حضور ومشاركة في اللجنة الدستورية السورية المكونة من 150 عضوًا، بالتساوي بين هيئة التفاوض السورية وحكومة النظام والمجتمع المدني، عبر وفدها المكون من 15 عضواً في اللجنة المصغّرة التي تعمل ضمن إطار اللجنة الدستورية.
وبدأت أعمال اللجنة، في تشرين الأول 2019، في جنيف، مع اعتماد مدونة سلوك لتنظيم عملها.
ماذا تضم هيئة التفاوض؟
وتضم الهيئة 37 عضوًا، يمثلون سبع مكونات أساسية.
وتقسم على 8 مقاعد لـ”الائتلاف الوطني لقوى المعارضة السورية”، و5 مقاعد لـ”هيئة التنسيق الوطنية لقوى التغيير الديمقراطي”، و8 مقاعد لمنصات موسكو والقاهرة مقسمة بالتساوي (4 مقاعد لكل منصة)، والمجلس الوطني الكردي كمقعد واحد في الهيئة.
بالإضافة إلى ذلك توجد 7 مقاعد للفصائل العسكرية، المقسمة على عدة جبهات مثل الجبهة الجنوبية، والجبهة الشمالية، إضافة إلى ممثلين عن فصائل مسلحة تنتمي جميعها إلى “الجيش السوري الحر”.
كما تضم الهيئة 8 مقاعد مخصصة للشخصيات السورية المستقلة، من النساء والرجال.
لجان هيئة التفاوض
تضم الهيئة لجنتين، لجنة المعتقلين، ولجنة الانتخابات، إضافة للمكتب القانوني.
تستند لجنة المعتقلين والمفقودين إلى القرارات الأممية ذات الصلة مثل بيان “جنيف 1” وقرار مجلس الأمن “2474” الصادر في 2019، وهدف اللجنة الرئيسي هو الإفراج عن المعتقلين والكشف عن مصير المختفين قسريًا.
بينما تعمل لجنة الانتخابات على ضمان توافق الانتخابات مع المرجعيات الدولية مثل بيان جنيف والقرارات “2254” و”2118″. وتتكون اللجنة من سبعة أعضاء يمثلون المكونات السبعة لهيئة التفاوض السورية.
أما المكتب القانوني يعمل على متابعة ملف المحاسبة والمساءلة ضد المسؤولين عن الانتهاكات في النظام السوري، بالتواصل مع دول ومنظمات المجتمع المدني التي ترفع قضايا ضد النظام في المحاكم الدولية.
كيف تفاوض؟
انضمت هيئة التفاوض السورية إلى عدة مفاوضات، بعدما أطلقت الإطار التنفيذي للحل السياسي وفق بيان “جنيف 1” والقرارات الدولية “2118” و”2254″.
وشاركت الهيئة في مفاوضات “جنيف 3″ و”جنيف 4” برعاية الأمم المتحدة، وأرسلت وفدًا استشاريًا لمفاوضات “أستانة 1” التي رعتها روسيا وتركيا.
وفي 2017، عقدت الجولة الرابعة من مفاوضات جنيف التي تضمنت أربع سلال للتفاوض: حكم انتقالي غير طائفي، مسودة دستور جديد، انتخابات حرة ونزيهة، ومحاربة الإرهاب.
وشكلت الهيئة لجانًا وفرقًا دعم للتفاوض حول هذه السلال.
وفي تشرين الثاني 2017، عقدت الهيئة “مؤتمر الرياض 2” لزيادة التمثيل والقرار داخل الهيئة، بما في ذلك تمثيل المرأة والشخصيات الوطنية من الداخل.
وفي نفس الشهر، رفضت الهيئة المشاركة في مؤتمر “سوتشي” الذي اقترحته روسيا، معتبرة أنه محاولة لحرف مسار المفاوضات.
ماذا بعد سقوط الأسد؟
عبر العديد من النشطاء والباحثين السياسيين ومستخدمي التواصل الاجتماعي عن استيائهم، بعد إعلان هيئة التفاوض تمسكها بالقرار “2254” للانتقال السياسي في سوريا بعد سقوط نظام الأسد، إذ وصفته الهيئة بأنه “يمثل وسيلة حقيقية لتحقيق انتقال سياسي في بيئة آمنة ومحايدة”.
ومن أبرز المنتقدين، المعارض رضوان زيادة، إذ عبر عن استيائه من قرار الائتلاف وهيئة التفاوض بدعم تطبيق القرار “2254” وإعلان العقبة، معتبرًا أن “الائتلاف” كان يجب أن يتشاور مع الحكومة الانتقالية في دمشق قبل إصدار البيان، وذلك وفق ما قاله عبر حسابه في “X”.
وقال زيادة إن المعارضة المسلحة تعلمت من أخطائها وحققت انتصارًا كبيرًا بإسقاط الأسد، ودعا المعارضة السياسية إلى التعلم من أخطائها وتجنب التلاعب الدولي بها، مؤكدًا ضرورة أن يعمل السوريون معًا لإنجاح المرحلة الانتقالية.
وبدوره، انتقد الرئيس الأسبق للائتلاف أحمد معاذ الخطيب “هيئة التفاوض” والقرار “2254”، عبر حسابه في منصة “X”، مبررًا ذلك بفشل الهيئة في تحقيق نتائج ملموسة طوال سنوات عملها، رغم إشراف المبعوثين الدوليين مثل ستيفان دي ديمستورا وغير بيدرسون.
كما أطلق ناشطون ومستخدمو منصات التواصل الاجتماعي، حملة تحمل وسم “هيئة التفاوض لا تمثلني”، تعبيرًا عن رفضهم لموقف الهيئة بشأن تنفيذ القرار الأممي “2254”، وسط استنكار من المستخدمين عن غياب الدور الفاعل للهيئة في تحرير سوريا من نظام الأسد.
في المقابل يرى عدد من الباحثين والسياسيين إن القرار “2254” يمكن أن يستمر باعتباره ضمانة للانتقال السياسي، لكن مع بعض التعديلات بعد سقوط الأسد.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :