ديما موسى: عين “الائتلاف” على “2254”

نائبة رئيس الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة ديما موسى- 13 من كانون الأول 2023 (الائتلاف الوطني)

camera iconنائبة رئيس الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة ديما موسى- 13 كانون الأول 2023 (الائتلاف الوطني)

tag icon ع ع ع

أثارت التعيينات في حكومة تسيير الأعمال التي أمسكت بزمام الأمور في دمشق، مخاوف من أنها تنوي التفرد بالسلطة في سوريا، بعد أن سقط نظام الأسد الذي استفردت عائلته بالحكم لأكثر من 50 عامًا.

هذه المخاوف ظهرت جليًا عبر مواقع التواصل الاجتماعي، في حين لا يزال القرار الأممي “2254” متداولًا في الأروقة السياسية لدول المنطقة، وتطالب بتحديثه حكومة تسيير الأعمال الذي عينها أحمد الشرع (أبو محمد الجولاني) بعد وصوله لدمشق.

“الائتلاف السوري لقوى الثورة والمعارضة” الذي كان يعتبر ممثلًا شرعيًا للمعارضة السورية في الأروقة الدولية على مدار السنوات الماضية، دعم التوجه نحو “2254” ما أثار حفيظة ناشطين سوريين.

من جانبه طالب أحمد الشرع بتعديل القرار الأممي، معتبرًا أن الظروف تغيرت اليوم.

وأجرت عنب بلدي حوارًا مع نائبة رئيس “الائتلاف السوري المعارض” ديما موسى، للتعليق على جملة من القضايا أبرزها دور “الائتلاف” المستقبلي، والمخاطر التي يرى “الائتلاف المعارض” أنها تحيط بالعملية السياسية في سوريا اليوم.

إسقاط النظام عقبة

في 8 من كانون الأول الحالي، هرب الرئيس المخلوع بشار الأسد من سوريا متجهًا نحو موسكو، عقب وصول “إدارة العمليات العسكرية” إلى دمشق وانهيار جيش النظام، بعد 11 يومًا من المعارك التي انطلقت من محافظة إدلب شمال غربي سوريا.

وتشكلت عقب ذلك حكومة لمدة ثلاثة أشهر، ترأسها محمد البشير الذي كان مسؤولًا عن حكومة “الإنقاذ” التابعة لـ”هيئة تحرير الشام” بمحافظة إدلب.

نائبة رئيس “الائتلاف” ديما موسى، قالت لعنب بلدي، إن إسقاط النظام السوري لم يكن الهدف، بل كان عقبة يجب تعديها للاستمرار في بناء سوريا، لكن السوريين اليوم ما زالوا بحاجة إلى حل سياسي.

وأضافت أن عمل “الائتلاف” خلال السنوات الماضية كان باتجاه الحل السياسي، إذ كان العمل العسكري خلال الفترة السابقة يهدف لدفع الحل السياسي للواجهة، لأن النظام كان يرفض الانخراط في العملية السياسية.

ما حصل بدءًا من 27 من تشرين الثاني الماضي، هو أن الجانب العسكري تمكن من إسقاط النظام، لكنه لن ينهي الجانب السياسي، إذ لا تزال سوريا بحاجة إلى مرحلة انتقالية، ولا يمكن لجهة واحدة ان تستفرد بها، وبالتالي هناك دور لـ”الائتلاف” والأطراف السياسية الأخرى، إذ يجب أن يقام حوار بهدف الوصول إلى صيغة تنتهي بحصول سوريا على تعدديه سياسية، وفق موسى.

نائبة رئيس “الائتلاف” قالت إن أهمية عمل المعارضة خلال السنوات الماضية سيُطرح على الطاولة أمام السوريين لوضع ملامح “هيئة الحكم الانتقالي”، وكتابة دستور جديد، وإنشاء انتخابات في نهاية فترة الحكم الانتقالي بعد 18 شهرًا من إنشائها، وهنا يمكن القول إن سوريا وصلت إلى “حالة طبيعية”.

ظروف غير طبيعية

تعتقد ديما موسى أن سوريا تمر اليوم في حالة غير طبيعية، إذ خرجت حديثًا من حرب مدتها 13 عامًا، وأكثر من 50 عامًا من حكم الأسد، بطريقة عسكرية.

“إذا أردنا أن نطلق مسميات، في دمشق تدير الأمور حكومة تسيير أعمال، علمًا أنني كنت أتمنى لو أن هذه الحكومة متنوعة أكثر مما هي عليه الآن، وتكون مختلفة عن الحكومة التي كانت تدير إدلب، فإدارة بلاد كاملة مثل سوريا مختلفة عن إدارة محافظة، لكن لا بأس، كونها تدير شؤون البلاد ريثما تجري عملية انتقال سياسي” ديما موسى

نائبة رئيس “الائتلاف المعارض”

ولفتت إلى أن هناك أطرافًا أخرى لا تزال تدير المناطق المسيطرة عليها، مثل “الحكومة المؤقتة” التي تدير المناطق نفسها التي كانت تديرها سابقًا في ريفي حلب الشرقي والشمالي.

وترى ديما موسى أن حكومة تسيير الأعمال في دمشق لا يمكنها الوصول إلى كامل المناطق السورية وإدارتها ضمن الظروف الحالية.

ولفتت إلى أن الكثير من المدن سلمت إدارة شؤونها للمجتمعات المحلية فيها خلال العمليات العسكرية، ولا يمكن لحكومة تسيير الأعمال أن تدير هذه المناطق بالكامل، بل هي تعمل على إدارة المرحلة.

ولا تزال مجالس محافظات تدير الأمور التقنية والإدارية من خلال كوادر محلية، وهو ما تعرفه حكومة تسيير الأعمال مسبقًا، كما تعي الأخيرة أن كوادرها لا تكفي لإدارة المناطق كافة.

ما مهام هيئة الحكم الانتقالي؟

يترقب “الائتلاف” عمل حكومة تسيير الأعمال، وتتوقع ديما موسى أنه بعد ثلاثة أشهر، ستعمل القوى السياسية الموجودة في “هيئة التفاوض السورية” وأحزاب أخرى، على أن تكون جزءًا من مؤتمر وطني يشمل الجميع، وهذا ما يجب أن يجري التحصير له “في الحالة المثالية” قبل بداية شهر آذار 2025.

ولفتت موسى إلى أنه إذا كانت الأطراف السورية تريد التحضير لحوار سوري- سوري قبل نهاية فترة حكومة تسيير الأعمال، فيجب أن تُحضّر جيدًا لإنشاء “هيكة حكم انتقالي”، مشيرة إلى أن من مهام هذه “الهيئة”:

  1. كتابة دستور جديد: من المهام الرئيسة لهذه الهيئة، وهو ما يسهم في تأسيس إطار قانوني جديد ينظم الحياة السياسية في سوريا.
  2. إجراء انتخابات: يجب أن تنظم الهيئة انتخابات في نهاية المرحلة الانتقالية، ما يتيح للشعب السوري اختيار قياداته بشكل ديمقراطي.
  3. تهيئة الأوضاع السياسية: العمل على خلق بيئة سياسية طبيعية تسمح بعودة الحياة السياسية بشكل طبيعي، بعد سنوات من النزاع.
  4. تمثيل جميع الأطياف السورية: يجب أن تشمل الهيئة جميع الفئات السياسية والدينية والمجتمعية والمذهبية والإثنية، لضمان تمثيل شامل لكافة مكونات المجتمع السوري.

وتهدف هذه المهام، وفق موسى، إلى تحقيق انتقال سياسي سلمي ومستدام في سوريا، مما يساعد على إعادة بناء الدولة بعد سنوات من النزاع.

ما دور “الائتلاف”؟

ترى السياسية السورية المعارضة ديما موسى أنه لا يزال هناك دور لـ”الائتلاف” في سوريا، إذ يعتبر جسمًا سياسيًا أساسيًا شُكل بهدف قيادة المفاوضات للوصول إلى حل سياسي.

وعلى الرغم من التغييرات التي طرأت على الوضع العسكري والسياسي، لا يزال لـ”الائتلاف” دور مهم في المرحلة الانتقالية، ويجب أن يكون جزءًا من الحوار السوري الذي يهدف إلى تمثيل جميع الأطياف السياسية والدينية والمجتمعية.

كما أن “الحكومة المؤقتة”، التي تعتبر الذراع التنفيذية لـ”الائتلاف”، لا تزال قائمة وتدير المناطق التي تسيطر عليها، ما يعني أن “الائتلاف” و”الحكومة المؤقتة” يلعبان دورًا في تقديم الخدمات وإدارة الشؤون المحلية في هذه المناطق.

ولفتت إلى أن السبب الأساسي الذي منع مؤسسات المعارضة و”الائتلاف” من الوجود في سوريا، هو وجود النظام السوري، ويعتبر المقر الرئيسي له في الشمال السوري وليس في تركيا.

ولفتت إلى أن بعض أعضاء “الائتلاف” ذهبوا إلى دمشق بعد سقوط النظام، ويقيمون فيها اليوم، إلى جانب مناطق مختلفة من سوريا، لكن حتى الآن لم تتح الفرصة لإقامة مقر لـ”الائتلاف” في دمشق.

ونوّهت إلى ضرورة انفتاح القيادة في دمشق على كل السوريين، إذ يجب أن يشترك الجميع في هذه المرحلة.

ومن المفترض، وفق ديما موسى، ألا يكون هناك أي إشكاليات أمام عودة أي جهة “سياسية وطنية” إلى سوريا لفتح مقار لها في دمشق أو أي مكان آخر.

ولفتت إلى أن خطة “الائتلاف” تقضي بفتح مقر في دمشق بأقرب فرصة ممكنة، ولم تكن مرتبطة بالعمليات العسكرية التي شهدتها سوريا مؤخرًا.

هل من مخاطر؟

لم ترَ ديما موسى وجود أي دلالات على مخاطر بعد سقوط النظام، ولفتت إلى ضرورة مراقبة الوضع من قبل الجميع، “الائتلاف” وعموم الشعب السوري.

“الشعب السوري لن يقبل أن تستفرد أي جهة بالحكم مجددًا، بعد معاناة خاضوها مع حكم آل الأسد لأكثر من 50 عامًا سواء كان ذلك حول حزب معين، أو عائلة معينة، أو شخص معين، أو أيديولوجيا معينة”.

ديما موسى

نائبة رئيس “الائتلاف المعارض”

ووفق موسى، يبحث السوريون اليوم عن شخص يختارونه، يؤدي خدمته في منصب المسؤولية كموظف عند الشعب، ويغادر عندما تنتهي ولايته.

وترى موسى أن المخاوف اليوم نابعة من كون السوريين طردوا آل الأسد من الحكم حديثًا، ومن المتوقع أن يذهب تفكيرهم نحو أن الجهة المقبلة التي تسلمت المنطقة قد تكون “نسخة جديدة”، لكن هناك مؤشرات إيجابية قادمة من حكومة تسيير الأعمال القائمة في دمشق.

ولفتت إلى أن “الائتلاف” يضع في حسبانه عدة سيناريوهات يستعد لها، لكن لحد الآن، لا يوجد ما يثير القلق.

وبشكل واضح وصريح ظهرت ملامح بأنه لن تكون هناك حالة تشاركية، وأثارت بعض المخاوف، وزادت هذه المخاوف أكثر عندما تشكلت حكومة تسيير الأعمال بشكلها الحالي، وما رأيناه أن السلطة القائمة حاليًا أحضرت حكومة “الإنقاذ” بشكلها الطبيعي، ووضعتها كحكومة فعلية لتسيير الأعمال في دمشق.

لكن بطبيعة الحال، هذه حكومة ذات طابع مؤقت، ووضع لها جدول زمني معيّن أيضًا، وهو ما سنرى مستقبلًا فيما إذا كانت الحكومة ستلتزم به.

ونشر الحساب الرسمي لـ”الائتلاف” على “فيس بوك”، الثلاثاء 17 من كانون الأول، تصريحًا لرئيسه، هادي البحرة، قال فيه “ندعم حكومة السيد محمد البشير لتصريف الأعمال التي شكلت لضرورات أساسية، لضمان أمن وسلامة المواطنين وحماية مؤسسات الدولة من الانهيار وتأمين الخدمات الأساسية للشعب السوري”.

هل “2254” فعّال؟

صحيح أن القرار “2254” كان يتحدث عن طرفين رئيسين هما المعارضة والنظام، وتغير الواقع اليوم بسقوط النظام السوري، لكن القرار بجوهره يتحدث عن “إعطاء السوريين حق تقرير مصيرهم بشكل مبني على حوار سوري- سوري”، وفق ديما موسى.

وأضافت أن ملامح عملية انتقال السلطة موجودة في “2254”، ومواصفات “هيئة الحكم الانتقالي” ومهامها موجودة في “بيان جنيف” بشكل تفصيلي أكثر.

موسى توقعت أن الحوار الذي يجب بناؤه بين السوريين، يجب أن ينتج “هيئة حكم انتقالي” تدير شؤون البلد لفترة محددة مدتها 18 شهرًا، وهو ما ينص عليه “2254”.

وينص القرار الأممي نفسه على وجود جمعية تأسيسية لصياغة مسودة دستور، يجب أن يشارك بكتابتها ممثلون عن كل الأطياف السورية.

وكخطوة تالية، تطرح هذه المسودة للاستفتاء الشعبي لتُقر كدستور جديد للبلاد، تعقبها إقامة انتخابات على أساس الدستور نفسه الذي توصل له السوريون، وهي الخطوة الأخيرة في “2254”.

اقرأ أيضًا: بعد إسقاط النظام.. هل يمكن تجاوز القرار “2254”

نجاح

شكرًا لك! تم إرسال توصيتك بنجاح.

خطأ

حدث خطأ أثناء تقديم توصيتك. يرجى المحاولة مرة أخرى.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة