تتزايد التكهنات حول بدء توفير خدمات الإنترنت الفضائي من شركة “ستارلينك” (Starlink) في سوريا، رغم العقوبات الأمريكية التي تمنع دخول الأجهزة المخصصة لهذه الخدمة، ووسط تحذيرات من انتهاك الخصوصية بموجب الخدمات المتوفرة حاليًا.
ما “ستارلينك”
“ستارلينك” خدمة إنترنت فضائية تقدمها شركة “سبيس إكس” (SpaceX) التابعة لرجل الأعمال الأمريكي إيلون ماسك.
تهدف الشبكة إلى توفير اتصال إنترنت عالي السرعة في المناطق النائية أو التي تفتقر إلى خدمات الإنترنت التقليدية.
وتتطلب خدمات “ستارلينك” معدات مخصصة تُعرف بـ”ستارلينك كيت”، تشمل طبق استقبال ذاتي التوجيه، وجهاز توزيع للإشارة اللاسلكية، ومجموعة كوابل.
تتوفر الشبكة بنوعين، الأول “ستارلينك العادي”، الذي يتميز بحجمه الأكبر وأدائه الأسرع والمناسب للاستخدام الثابت في المنازل والمكاتب.
أما الثاني “Mini” فهو أصغر حجمًا وأخف وزنًا وأقل تكلفة، ويُعتبر مثاليًا للتنقل والرحلات.
ويعمل كلا النوعين على نفس الشبكة، لكن “ستارلينك العادي” يوفر أداء أعلى مقارنة بـ”Mini”.
وتتطلب خدمات “ستارلينك” اشتراكًا شهريًا وشراء معدات خاصة، ما يمثل تحديًا للمستخدمين في سوريا بسبب التكلفة العالية.
في سوريا؟
خالد الفيومي، المتحدث باسم ما قال إنها مبادرة وجود “ستارلينك” في سوريا، قال في منشور على صفحته في “فيس بوك”، في 12 من كانون الأول الحالي، إن الإنترنت الفضائي يغطي كل مناطق شرقي سوريا.
وأضاف في منشور آخر أن الأجهزة المخصصة لهذه الخدمة لا تعمل حاليًا في سوريا، نظرًا إلى القيود الدولية المفروضة.
وأكد أن خريطة “ستارلينك” لا تضم سوريا ضمن نطاق خدماتها، مشيرًا إلى السماح بالحصول على ترخيص من “قبله فقط”، لأن هذه الأجهزة سوف تحل “مشكلات كبيرة جدًا” في سوريا، وفق قوله.
وأوضح أن الخدمة موجهة “للاستخدام المدني فقط”، مشيرًا إلى خطط لتوزيع الأجهزة على المستشفيات، والمنظمات الخيرية، والصحفيين.
وأكد التزامه بعدم تسليم الأجهزة لأي جهات عسكرية، تماشيًا مع شروط “سبيس إكس”.
وأضاف أن الأجهزة ستكون مخصصة لتوفير الاتصالات الأساسية في المناطق التي تعاني من انقطاع الخدمات في الاتصالات، مشيرًا إلى الخطط لتوسيع التغطية في جميع أنحاء سوريا.
وأشار إلى إمكانية شراء الأجهزة مباشرة من موقع “ستارلينك” الرسمي، مع توفير شروح مفصلة للتفعيل عبر قنواته الرسمية التابعة للفيومي.
وتظهر صورة نشرها الفيومي وصول سرعة الإنترنت إلى 182 ميجابت/ثانية في سوريا.
شكوك
قال الفيومي إن الاتصال عبر أجهزة “ستارلينك” آمن وغير معرض للتشويش أو الاختراق من قبل أي جهة، بما في ذلك النظام السوري السابق أو روسيا، على الرغم من أن الجهاز غير موجود رسميًا في المنطقة، وفق الموقع الرسمي.
وطالب الفيومي المستخدمين بالالتزام بالشروط، ومنها إرسال الرقم التسلسلي للجهاز وحساب البريد الإلكتروني المستخدم إلى إيميل ذكره في منشوره لتجنب الحظر، وهو إيميل غير رسمي تابع للشخص نفسه.
لكن الخبير السوري في الأمن الرقمي علاء غزال، ذكر عبر “فيس بوك” أن الأخبار المتداولة عن عمل “ستارلينك” في سوريا غير صحيحة.
وفقًا للموقع الرسمي للشركة، فإن الخدمة غير متوفرة رسميًا في سوريا.
ويمكن أن تعمل “ستارلينك” في سوريا بالمستقبل القريب، لكن حاليًا لا حاجة طارئة تجعل الشركة تضع أقمارًا جديدة فوق سوريا، بحسب الخبير علاء غزال، خاصة أن الإنترنت الفضائي لم يتوقف عن العمل في سوريا منذ 2011 عبر عدة شركات (ستارلينك ليست من ضمنها).
ودعا غزال إلى التوقف عن تناقل الأخبار غير الصحيحة وغير الدقيقة، الأمر الذي يمكن أن يؤدي إلى وقوع أشخاص ضحية عملية احتيال أو اختراق.
اتهامات
وكانت وكالة “ريا نوفوستي” الروسية نقلت، في 2 من كانون الأول الحالي، عن مصدر أمني مقرب من النظام السوري السابق، أن تقنيات “ستارلينك” استُخدمت من قبل فصائل المعارضة، خلال سيطرتها على محافظة حلب.
وأشار المصدر إلى أن هذه التقنيات تعتبر متقدمة ولا تُتاح إلا لدول مثل الولايات المتحدة.
شركات اتصالات في سوريا
كانت شركة “سيريا فون” (Syria Phone) للاتصالات بدأت بتركيب أبراج في عدة مناطق بمدينة حلب، في 3 من كانون الأول الحالي.
الشركة أطلقت، في آب 2023، خدمات الاتصال والرسائل النصية ومكالمات الفيديو والإنترنت من الجيل الخامس، ومركز عملها الأساسي في مناطق سيطرة حكومة “الإنقاذ” بشمال غربي سوريا.
وتتوزع خدمات الاتصالات في سوريا بين شبكات الهاتف الأرضي والخلوي.
بينما تتولى الشركة السورية للاتصالات إدارة وتشغيل شبكة الهاتف الثابت، حيث تُعد المزود الأساسي لخدمات الاتصالات الأرضية وخدمات الإنترنت عبر تقنية ” ADSL” والألياف الضوئية (فايبر نت)، وتغطي معظم المناطق السورية، التي كانت تخضع لسيطرة النظام السوري.
ويمكن عبر تقنية “الفايبر نت” تنزيل فيلم بدقة عالية مدته ساعتان في ثوانٍ، مقارنة بالانتظار لمدة 30 دقيقة أو أكثر عبر اتصال إنترنت “DSL” بسرعة 20 ميجابت في الثانية، وهو النوع الأكثر انتشارًا في سوريا.
“فايبر نت” أو إنترنت الألياف الضوئية، عبارة عن اتصال واسع النطاق، يمكن أن يصل إلى سرعات تصل إلى 10 جيجابت بالثانية (Gbps) في بعض المناطق.
لكن هذه السرعات ليست متوفرة في سوريا، وعدد المستخدمين الذين يملكون هذه الخطوط محدود جدًا لغلاء سعرها.
وتستخدم هذه التقنية كوابل الألياف الضوئية، التي يمكنها إرسال البيانات بسرعة تصل إلى حوالي 70% من سرعة الضوء، بالإضافة إلى ذلك، فإن كوابل الألياف الضوئية ليست عرضة للظروف الجوية القاسية مثل الأنواع الأخرى.
أما على صعيد الهاتف المحمول فتتنافس شركتا “سيريتل” و”MTN” على تقديم خدمات الاتصال والإنترنت عبر الأجيال “2G” و”3G” و”4G”.
وتُعرف “سيريتل” بكونها المشغل الأكبر من حيث الانتشار وعدد المستخدمين، فيما تُعتبر “MTN” المشغل الثاني الذي يقدم خدمات مماثلة بجودة عالية.
وتبقى خدمات الاتصالات في سوريا تحت إشراف مباشر من الجهات الرسمية.
وتعاني مناطق سيطرة النظام السوري السابق من بطء في سرعة الإنترنت على مستوى الاتصال الأرضي والخلوي.
وتحتل سوريا المركز 179 عالميًا من إجمالي 181 بلدًا بالنسبة لسرعة الإنترنت الأرضي، الذي يعتمد معظمه على كوابل الكهرباء النحاسية باستخدام تقنية “DSL”، بحسب موقع “Speed test” المختص بتتبع سرعات الإنترنت.
كما وصل ترتيب سوريا في سرعة الاتصال بالإنترنت عبر شبكات الجوال إلى 132 من إجمالي 141 بلدًا، إذ حتى الآن لم تدخل تقنية “5G” للبلاد، وهي الجيل الخامس لتقنيات الاتصال التي حصرتها حكومة النظام مع شركة “وفا تيليكوم“، المشغل الثالث في البلاد.