دعم الدول الصديقة "حاسم"

حكومة البشير تتسلم دولة منهارة ولا توقعات بتغيير سريع

اجتماع وزراء الثورة في حكومة الإنقاذ السورية لتحديد إجراءات استلام المؤسسات - 10 كانون الأول 2024 (حكومة الإنقاذ)

camera iconاجتماع وزراء الثورة في حكومة الإنقاذ السورية لتحديد إجراءات استلام المؤسسات - 10 كانون الأول 2024 (حكومة الإنقاذ)

tag icon ع ع ع

عنب بلدي – جنى العيسى

هرب الرئيس المخلوع، بشار الأسد، بعد 13 عامًا من تكبد السوريين خسائر كبيرة على جميع المستويات، ومنها انخفاض المستوى المعيشي بصورة غير مسبوقة بفعل الحرب والفساد.

كانت هذه الأعوام كفيلة بشل اقتصاد البلاد، حيث تعطل الإنتاج في مختلف القطاعات، وتضرر المقيمون في مناطق سيطرة النظام بشكل مباشر من خلال ارتفاع شبه يومي لأسعار المواد الغذائية أو الأساسية، هذا في حال توفرها، إذ كانت هذه المواد تمر بأزمات شديدة وتُفقد من الأسواق بشكل شبه كامل.

الظروف المعيشية والاقتصادية الصعبة، قابلتها رواتب حكومية خجولة لا تصل إلى “حد الكفاف”، وهو الدخل الكافي لتوفير الحد الأدنى من المعيشة، أو المتطلبات التي تضمن البقاء من الطعام والشراب والملبس والمأوى في الحدود الدنيا، ودون أي شكل من أشكال الرفاهية أو العيش الكريم.

في ظل هذه المعطيات السلبية، تثار التساؤلات حول مدى تأثر لقمة عيش السوريين في هذه المرحلة، وسط اقتصاد منهار بالأساس.

الإمداد الروسي يهدد الخبز

عقب أيام على هروب الأسد، نقلت وكالة “رويترز” للأنباء عن مصادر روسية وسورية أنباء عن تعليق إمدادات القمح الروسية إلى سوريا، بسبب ما أسمته “الضبابية” بشأن الحكومة الجديدة، ومشكلات تتعلق بتأخر الدفع.

وأظهرت بيانات الشحن أن سفينتين محملتين بالقمح الروسي كانتا متجهتين إلى سوريا لم تصلا إلى وجهتهما، وفق الوكالة.

وكان النظام السابق يؤمّن القمح من روسيا بطرق وأساليب متعددة، منها عبر اتفاقيات نادرًا ما يتم الكشف عن تفاصيلها الكاملة، أو عبر مناقصات تطرحها “المؤسسة العامة للحبوب”، أو ما ترسله موسكو من كميات تحت غطاء “المساعدات”.

في سياق متصل، أعلن وزير الزراعة الأوكراني، فيتالي كوفال، أن أوكرانيا ترغب في إمداد سوريا بالغذاء ومستعدة لذلك، علمًا أنها بلد منتج ومصدّر عالمي للحبوب والبذور الزيتية.

تصدّر كييف بشكل معتاد القمح والذرة إلى دول في الشرق الأوسط، لكنها لا تصدّرهما إلى سوريا، إذ كانت الحكومة السابقة تؤمّن احتياجاتها من روسيا.

من جانبها، طمأنت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك في الحكومة السابقة المواطنين من ناحية المواد الغذائية، إذ تحدثت عن وجود مخزون جيد من القمح يكفي لأكثر من عام ومن الطحين يكفي لأكثر من ثلاثة أشهر.

وأوضحت أن مخزون المواد الأساسية والغذائية جيد، وأن المشكلة حاليًا تقتصر على تأمين وسائل النقل لتوريد البضائع إلى الأسواق.

“وضع مالي سيئ”

في 11 من كانون الأول الحالي، وعقب يوم واحد على تسلمه مهامه بشكل رسمي، قال رئيس حكومة تسيير الأعمال في سوريا، محمد البشير، إنه لا توجد في خزائن البنك المركزي سوى الليرة السورية “التي لا تساوي شيئًا”.

وأضاف البشير في حديث لصحيفة “إل كورييري ديلا سيرا” الإيطالية، “ليست لدينا أي عملة أجنبية، أما فيما يتعلق بالقروض والسندات فنحن ما زلنا نجمع البيانات. لذا نعم نحن في وضع مالي سيئ للغاية”.

البشير أكد أن الديون على سوريا هائلة، مضيفًا، “لكن لدينا تجربة إدلب حيث نجحنا. بالطبع المحافظة ليست كالدولة، ومع ذلك يمكننا تحسين الوضع في سوريا”، مؤكدًا أن الأمر سيستغرق بعض الوقت.

وتحدث البشير عن أهداف سيعمل عليها حتى آذار 2025، منها “التخطيط الاستراتيجي”، مشيرًا إلى أنه لا يمكن للسوريين أن يعيشوا في ظروف محفوفة بالمخاطر فيما يتعلق بالخدمات الأساسية مثل الكهرباء والخبز والماء، إذ قال، “نحن حكومة انتقالية، ولكن علينا أن نبدأ العمل عليها. عندما دخلنا حلب وحماة ودمشق، كان يعيش السوريون في ظلمة مزدوجة، ظلمة النظام وظلمة انقطاع الكهرباء. إنه أمر غير مقبول على الإطلاق”.

احتياطي بالمليارات يختفي

قبل عام 2011 كان احتياطي الدولار والعملات الأجنبية والذهب في سوريا بأحسن حالاته.

بحسب إحصائيات صادرة عن البنك الاحتياطي الفيدرالي في سانت لويس، كانت أرقام احتياطي الدولار لدى مصرف سوريا المركزي في 2004 تصل إلى 5.6 مليار دولار، فيما وصلت قيمة الاحتياطي في عام 2010 إلى 18.5 مليار دولار.

بينما بلغت قيمة احتياطي الذهب عام 2004 لدى مصرف سوريا المركزي 25.9 طن، و25.8 طن في عام 2011، بحسب إحصائيات مجلس الذهب العالمي.

لا تغييرات كبيرة

الباحث في الاقتصاد السياسي الدكتور يحيى السيد عمر، أشار إلى أن الحكومة الانتقالية أمام تحديات كبيرة، فالإيرادات شبه معدومة، والالتزامات كبيرة، وخزينة الدولة خالية من الدولار، والإنتاج شبه متوقف، فالحكومة الانتقالية تسلّمت دولة منهارة، ما يجعل المهمة أمامها صعبة للغاية خاصة في المرحلة الأولى.

وأوضح السيد عمر في حديث إلى عنب بلدي، أن التحديات التي تواجهها الحكومة الانتقالية ستنعكس بشكل واضح على مستوى معيشة السكان، وهذا أمر متوقع.

هنا لا بد من التعاون بين الشعب والحكومة، بحسب ما يرى السيد عمر، موضحًا أن ذلك يتم من خلال عدم التوقع من الحكومة تحسين المؤشرات الاقتصادية فورًا، ولا بد من تحمل المواطنين بعض الضغوط الاقتصادية على الأقل في المرحلة الانتقالية، التي تنتهي في آذار المقبل.

من المتوقع ألا تكون المحروقات متوفرة بشكل تام، والكهرباء أيضًا لن تكون بأفضل حالاتها، ومن غير المتوقع أن تزداد قيمة الأجور والرواتب في المدى المنظور، بحسب الباحث يحيى السيد عمر.

وأكد السيد عمر أن الحكومة الانتقالية ستواجه تحديات كبيرة، فإيرادات الدولة شبه متوقفة، والعقوبات ما زالت مفروضة حتى اللحظة، والمصاريف أيضًا كبيرة، وتتمثل بشكل رئيس باستيراد النفط والقمح والمواد الغذائية الرئيسة.

 

لا تملك الحكومة الانتقالية عصا سحرية لإصلاح الواقع الاقتصادي في ليلة وضحاها، ولا بد من توعية الشعب بهذه القضية، فلا يجوز تحميلها ما لا تحتمل.

يحيى السيد عمر

باحث اقتصادي

الباحث أشار إلى أن دعم الدول الصديقة عامل مهم وحاسم في تجاوز هذه المرحلة، مثل تقديم الإعانات الغذائية والطبية، وتقديم قروض، والإسهام في توفير المحروقات والكهرباء.

كما أن الحكومة بدورها مطالبة بالعمل الفوري على تحريك عجلة الإنتاج، لا سيما الإنتاج الزراعي، كونه ممكنًا دون دعم خارجي، ويستطيع توفير متطلبات الغذاء ودعم التصدير.

12.9 مليون يعانون انعدام الأمن الغذائي

في 12 من كانون الأول الحالي، قال برنامج الأغذية العالمي، إن هناك حاجة إلى تمويل بقيمة 250 مليون دولار خلال الأشهر المقبلة في سوريا لتلبية الاحتياجات الإنسانية.

وقال مدير برنامج الأغذية العالمي في سوريا، كين كروسلي، إنه خلال هذه الفترة الحرجة التي تمر بها سوريا، توجد فرق برنامج الأغذية العالمي على الأرض لضمان حصول الأشخاص الأكثر ضعفًا في البلاد على المساعدات الغذائية العاجلة التي يحتاجون إليها.

وأضاف كروسلي، “في الوقت الحالي، أصبحت طرق الإمداد التجارية معرضة للخطر، وارتفعت أسعار المواد الغذائية، وانخفضت قيمة العملة السورية، كما أن المواد الأساسية مثل الأرز والسكر والزيت أصبحت نادرة، وارتفعت أسعار الخبز، “ما يجعل من الأهمية بمكان أن نكثف جهودنا للمساعدة خلال موسم الشتاء هذا”.

وبحسب برنامج الأغذية العالمي، فإن حوالي 12.9 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي في بداية هذا العام، بمن في ذلك ثلاثة ملايين يعانون من انعدام الأمن الغذائي الشديد، في حين انخفضت المساعدات الإنسانية بشكل كبير بسبب نقص التمويل.

نجاح

شكرًا لك! تم إرسال توصيتك بنجاح.

خطأ

حدث خطأ أثناء تقديم توصيتك. يرجى المحاولة مرة أخرى.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة