الإفراج عن المعتقلين مع سقوط النظام السوري أفرح الكثير من السوريين، لكنه أبكى عشرات الآلاف من ذوي المعتقلين، فأعداد كبيرة من المختفين قسريًا لم يعثر عليهم ما يعني أنهم أعدموا أو قتلوا تحت التعذيب.
ودأبت فصائل المعارضة مع سيطرتها على المدن، منذ 27 من تشرين الثاني الماضي، على فتح السجون على مختلف أنواعها لإخراج المحتجزين داخلها.
وأُفرغت سجون دمشق وحلب وحمص وحماة ودرعا والسويداء من المحتجزين، ما دفع آلاف السوريين التوجه إلى هذه السجون بحثًا عن أبنائهم، خاصة سجن صيدنايا المعروف بوحشية التعامل مع المعتقلين فيه.
ويبلغ عدد المختفين قسريًا في سجون نظام الأسد منذ آذار 2011 حتى آب الماضي، 96 ألفًا و321 شخصًا، بينهم 2329 طفلًا و5742 سيدة (أنثى بالغة)، بحسب بيانات “الشبكة السورية لحقوق الإنسان”.
إعدام وقتل تحت التعذيب
قدّرت “الشبكة السورية” أعداد المعتقلين المفرج عنهم من سجون النظام بعد سيطرة المعارضة على المدن بنحو 29 ألف معتقل ومختفٍ قسريًا، بينهم مئات الأطفال والنساء، وهو رقم يشمل من كان معتقلًا بسبب ارتكابه جرمًا جنائيًا والمختفين قسريًا.
ولا توجد إحصائية بعد المختفين قسريًا الذين أفرج عنهم، أو تقدير لعدد المختفين قسريًا من مجموع المفرج عنهم من مختلف السجون، الذين سجنوا لأسباب جنائية مثلًا.
توثيق “الشبكة السورية” يمكن ألا يكون شمل جميع المختفين قسريًا في معتقلات النظام.
وأوضحت مسؤولة التواصل في “الشبكة السورية” نور الخطيب، أن “الشبكة لم تكن تتوقع بخروج أعداد كبيرة من المختفين قسريًا، وذلك بسبب عدة مؤشرات تدل على تخلص النظام من أعداد كبيرة من المختفين قسريًا، وهي:
- بيانات المتوفين التي كان النظام يسجلهم ضمن دوائر النفوس و”الشبكة” تحصل بشكل مستمر على الآلاف من هذه البيانات عبر مصادر من جميع دوائر السجل المدني.
- بيانات الأشخاص الذين تعرضوا لعمليات إعدام فردية وجماعية.
- مراسيم العفو التي كانت تطلق سراح أعداد قليلة جدًا من المعتقلين أو المختفين قسريًا.
خطوات لاحقة
وذكرت نور الخطيب لعنب بلدي، أن لدى “الشبكة السورية” خطوات في الفترة الحالية والمقبلة بما يتعلق بسجون النظام السابق.
وضمن إطار عملها الحالي تجمع “الشبكة” الأدلة والسجلات والوثائق التي تدعم مسار العدالة والمحاسبة.
وستركز في المرحلة المقبلة على مسألة أعداد المختفين قسريًا والمفقودين، وقضايا المحاسبة والعدالة للمتورطين بكل هذه الانتهاكات التي ارتكبت بمراكز الاحتجاز والعمل على إصلاح النظام الأمني ونظام السجون في سوريا.
كوارث سجون الأسد
في 27 من تشرين الثاني الماضي، أطلقت “إدارة العمليات العسكرية” معركة “ردع العدوان” سيطرت فيها على حلب وحماة وحمص، وفي 8 من كانون الأول، وصلت إلى دمشق تزامنًا مع وصول مقاتلي غرفة عمليات الجنوب، وسقط نظام بشار الأسد.
غرفة عمليات الجنوب أطلقت سراح المعتقلين في درعا والسويداء والقنيطرة، و”إدارة العمليات العسكرية” سجون حلب وحماة وحمص.
ومع وصول الفصائل إلى دمشق سارعت مجموعات عسكرية إلى جانب مدنيين لإطلاق سراح المعتقلين في كافة السجون، وعلى رأسها صيدنايا.
وفي سجن صيدنايا ذائع الصيت والملقب بـ”المسلخ البشري”، انتهت عمليات البحث فجر 10 من كانون الأول، عن معتقلين محتملين في زنازين وسراديب سرية غير مكتشفة داخل السجن، بعد العديد من الإشاعات وأنباء عن وجود زنازين وسراديب سرية لم تفتح بعد.
وكان آلاف السوريين يأملون بإيجاد ذويهم على قيد الحياة، وتجمعوا على مدار أيام في السجن ومحيطه، إلا أن قسمًا كبيرًا منهم لم يجد أي أثر لمن يبحث عنه، ولا حتى قبرًا يبكيه.
وحصلت رابطة “معتقلي ومفقودي سجن صيدنايا” على وثيقة رسمية توضح أن أعداد السجناء، حتى 28 تشرين الثاني 2024، وصل إلى 4300 شخص.
ووفق الوثيقة التي حصلت عنب بلدي على نسخة منها عبر “الرابطة”، تضمن التفقد اليومي لأعداد المساجين 4300 سجين موزعين على الشكل التالي:
- محكمة الميدان العسكري: 1231 سجينًا، أحيل منهم واحد إلى المستشفى.
- محكمة الإرهاب: 252 سجينًا.
- المحكمة القضائية (جنح وتهم جنائية لجرائم أحد أطرافها عسكري): 2817 سجينًا، أحيل منهم ثلاثة إلى المستشفى.
- محاكمات الفرار: لا يوجد سجناء.
- ولم يرد في الإحصاء المسجل في هذا التاريخ، وفق الوثيقة، أي حالة وفاة
إعدامات جماعية في “المسلخ البشري”
وثقت منظمة العفو الدولية في تقرير تحت عنوان “المسلخ البشري”، نشرته في شباط من عام 2017، إعدامات جماعية بطرق مختلفة، نفذها النظام السوري بحق 13 ألف معتقل في سجن “صيدنايا”، أغلبيتهم من المدنيين المعارضين، بين عامي 2011 و2015.
وأوضحت المنظمة أن الإعدامات جرت أسبوعيًا أو ربما مرتين في الأسبوع، بشكل سري، واقتيدت خلالها مجموعات تضم أحيانًا 50 شخصًا إلى خارج زنزاناتهم، وشنقوا حتى الموت.