“الجولاني”.. من التشدد إلى الاعتدال

قائد هيئة تحرير الشام أبو محمد الجولاني خلال زيارته لمدينة حلب السوري عقب السيطرة عليها على حساب قوات النظام السوري- 4 من كانون الأول 2024 (إدارة العمليات العسكرية)

camera iconقائد هيئة تحرير الشام أبو محمد الجولاني خلال زيارته لمدينة حلب السوري عقب السيطرة عليها على حساب قوات النظام السوري- 4 من كانون الأول 2024 (إدارة العمليات العسكرية)

tag icon ع ع ع

عنب بلدي – حسن إبراهيم

بعد سنوات من اعتماد لقب الأخ، والشيخ، وقائد المناطق المحررة، استقر “أبو محمد الجولاني” على اسمه الصريح “القائد أحمد الشرع” عقب عملية “ردع العدوان” التي أطلقها فصيله “هيئة تحرير الشام” إلى جانب فصائل معارضة ضد قوات النظام.

المعركة التي وصلت بها الفصائل إلى دمشق، وأدت إلى هروب بشار الأسد، حملت في طياتها تغييرات جديدة على اسم وشخصية أحمد الشرع، الذي وصفته صحيفة “بيلد” الألمانية، بأنه “الرجل الذي يرتعد منه الأسد”.

لطالما عُرف “الجولاني” بتغييرات جعلته حالة فريدة في عالم “الجهاد” الذي انطلق منه، وتحول خلال السنوات من عدم الظهور إلى العلن، ومن العمامة إلى دونها، ومن اللباس العسكري إلى المدني، ومن الخطاب المتشدد إلى الاعتدال.

الرجل الذي بدأ مسيرته في عالم “التنظيمات والجهاد”، وصل اليوم إلى دمشق على أنقاض فلول بشار الأسد، ليتصدر المشهد، ويلقي، في 8 من كانون الأول، خطاب النصر من داخل المسجد “الأموي” في العاصمة.

القيادي المنشق عن “تحرير الشام”، جهاد عيسى الشيخ، تحدث سابقًا لعنب بلدي حول تفرد “الجولاني” بوضع استراتيجيات “الهيئة” وتغيير خطابها وتواصلاتها مع الجهات الخارجية، ومن يشاركه في هذه العملية، واصفًا “الجولاني” بأنه “القائد الأوحد”.

من أحمد الشرع؟

ينحدر أحمد حسين الشرع (أبو محمد الجولاني) من منطقة الجولان غربي سوريا، لكنه ولد في الرياض بالمملكة العربية السعودية عام 1982، وعاد إلى سوريا بداية عام 1989.

نشأ وسكن في حي المزة بدمشق في منطقة فيلات شرقية، وكانت ميوله الإسلامية تكاد تكون معدومة، تأثر بالانتفاضة الفلسطينية في عامي 1999 و2000، ونصحه أحدهم بالذهاب إلى المسجد والصلاة فيه والالتزام بالصلاة في المسجد، وفق ما قاله “الجولاني” في مقابلة له.

بدأ من “القاعدة”

ذهب إلى العراق بعد الغزو الأمريكي عام 2003، وترقى في صفوف تنظيم “القاعدة” بالعراق، ويُقال إنه أصبح مساعدًا مقربًا لزعيمه “أبو مصعب الزرقاوي”.

اعتقله الجيش الأمريكي واحتجز في معسكر “بوكا”، وبعد إطلاق سراحه عام 2008، عمل مع “أبو بكر البغدادي”، زعيم “دولة العراق الإسلامية” حينها (قبل مقتله)، ثم عُيّن رئيسًا لجهاز الاستخبارات الباكستاني في محافظة نينوى.

عاد “الجولاني” إلى سوريا عام 2011، وأسس “جبهة النصرة” كمجموعة فرعية من تنظيم “الدولة”.

عام 2013، رفض تعليمات “البغدادي” بحل “النصرة” كجماعة مستقلة وجعلها جزءًا من تنظيم “الدولة”، وتعهد بالولاء لتنظيم “القاعدة” وزعيمها حينذاك “أيمن الظواهري”.

أدرجته الولايات المتحدة على قائمة “الإرهابيين” في أيار 2013، على أنه “إرهابي عالمي محدد بشكل خاص”.

انفصل عن التنظيم

عام 2016، أعلن “الجولاني” أن “النصرة” غيرت اسمها إلى “جبهة فتح الشام” وقطعت صلاتها بتنظيم “القاعدة”.

قطع العلاقات لم يكن مقبولًا من المجتمع الدولي، وفي أيار 2017، عرض مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI)  مكافأة قدرها 10 ملايين دولار مقابل معلومات تؤدي إلى تحديد هويته أو موقعه.

أوائل عام 2017، أعلنت “جبهة فتح الشام” عن تشكيل “هيئة تحرير الشام”، وهو تحالف بينها وبين الجماعات الجهادية الأخرى مثل “جبهة أنصار الدين”، و”جيش السنة”، و”لواء الحق”، وحركة “نور الدين الزنكي”، وضمت لاحقًا المزيد من الفصائل والجماعات.

في تشرين الأول 2017، تم قبول استقالة هاشم الشيخ (أبو جابر) من مسؤوليته كقائد عام لـ”الهيئة”، وتكليف “الجولاني” بتسيير أمور الفصيل.

فكك حركات “الجهاديين”

مع أي استهداف للتحالف الدولي للتنظيمات الجهادية في إدلب، تتجه أصابع الاتهام نحو ” الجولاني”، خاصة أنه مطلوب.

وتُتهم “تحرير الشام” بأنها تقف خلف هذه العمليات، وأنها تعطي معلومات استخباراتية للتحالف الدولي للخلاص من “الجهاديين”، رغم نفي “الهيئة” وجود سياسة ممنهجة تجاه المهاجرين “الأجانب” بشكل عام.

في شباط 2022، كان لافتًا تأخر تعليق “تحرير الشام” على عملية إنزال جوية أمريكية شمالي إدلب، استهدفت قائد تنظيم “الدولة”عبد الله قرداش، الملقب بـ”أبو ابراهيم الهاشمي القرشي”، و13 شخصًا على الأقل بينهم ستة أطفال وأربع نساء.

بعد أربعة أيام، قالت “الهيئة” إنها تدين وتستنكر مقتل المدنيين، ونفت معرفتها بعملية الإنزال قبل حدوثها.

وفي 3 من آب 2023، اتهم تنظيم “الدولة”، “تحرير الشام” بقتل زعيم التنظيم “أبو الحسين الحسيني القرشي”، وذكر أن “الهيئة” سلمت “أبو الحسين” إلى الحكومة التركية “قربان وفاء وولاء” إلى الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، لتمنحه إنجازًا في حملته الانتخابية.

العمر يلعب دوره

خلال الأيام الماضية، خرجت تعميمات حملت رسائل “طمأنة” للداخل والخارج، وهو ما عكس تغييرًا في سلوك “الهيئة”، خاصة مع بياناتها الموجهة إلى الأقليات والطوائف، والتعليمات بعدم الإيذاء والتعدي لأسباب عرقية ومذهبية.

اللهجة كانت مغايرة تمامًا لما قاله “الجولاني” عام 2015، إذ أكد حينها حماية القرى الدرزية والمسيحية في ريف إدلب، وإرسال دعاة إسلاميين إلى قراهم لتوضيح أخطائهم، بحسب تعبيره، ورأى أن “النصارى” سيخضعون لـ”الحكم الإسلامي” في حال أقيم نظام إسلامي في سوريا، متعهدًا بحمايتهم.

في كانون الأول الحالي، خلال مقابلة له مع شبكة “CNN“، عزا “الجولاني”، التغييرات التي مرّت بها شخصيته، خلال السنوات الماضية بدءًا بتنظيم “القاعدة”، ووصولًا لمحاولات الاعتدال، إلى عامل السن.

وقال إن “الشخص في العشرينيات من عمره ستكون له شخصية مختلفة عن شخص في الثلاثينيات أو الأربعينيات من عمره، وبالتأكيد شخص في الخمسينيات من عمره، هذه هي الطبيعة البشرية”.

نجاح

شكرًا لك! تم إرسال توصيتك بنجاح.

خطأ

حدث خطأ أثناء تقديم توصيتك. يرجى المحاولة مرة أخرى.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة