تتواصل ردود الفعل على سقوط النظام السوري، وهروب الرئيس بشار الأسد، وسيطرة المعارضة على العاصمة دمشق، وسط مشاهد احتفال في أجزاء واسعة من سوريا، وترقب للمتغيرات في الساعات المقبلة.
هرب الأسد إلى موسكو وفق ما أعلنه الكرملين، لتنتهي اليوم، الأحد 8 من كانون الأول، حقبة آل الأسد التي استولت على الحكم في سوريا منذ 54 عامًا.
أمريكا تراقب عن كثب
قال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض، شون سافيت، إن الرئيس الأمريكي، جو بايدن وفريقه “يتابعون عن كثب الأحداث الاستثنائية” التي تجري في سوريان، وهم على اتصال دائم مع الشركاء الإقليميين.
الرئيس الأمريكي المنتخب، دونالد ترامب، قال قبل فرار الأسد، إن الولايات المتحدة يجب ألا تتدخل في الصراع في سوريا، مضيفًا أنها ليست معركة واشنطن، وأن روسيا حليفة النظام منشغلة بالحرب في أوكرانيا.
روسيا لم تشارك في “مفاوضات التسليم”
روسيا حليفة النظام السوري، قالت إنها تتابع “الأحداث المأساوية في سوريا بقلق بالغ”، مضيفة أن الأسد قرر ترك منصبه الرئاسي وغادر البلاد، نتيجة للمفاوضات مع عدد من المشاركين في النزاع المسلح على الأراضي السورية، مع إعطاء التعليمات بإجراء عملية نقل السلطة سلميًا.
وذكرت الخارجية الروسية أن موسكو لم تشارك في هذه المفاوضات، وتناشد جميع الأطراف المعنية بتوجيه دعوة مقنعة إلى نبذ استخدام العنف، وحل جميع قضايا الحكم من خلال الوسائل السياسية.
وأضافت أن روسيا على اتصال بجميع فصائل المعارضة السورية، وتدعو إلى احترام آراء جميع القوى العرقية والطائفية في المجتمع السوري، وتدعم الجهود الرامية إلى إنشاء عملية سياسية شاملة على أساس القرار “2254”.
وأنهت بيانها بأن القواعد العسكرية الروسية في سوريا في حالة تأهب قصوى، وفي الوقت الحالي لا يوجد تهديد خطير لسلامتها.
إيران: الشعب يقرر
إيران الحليف الآخر لنظام الأسد، قالت إن تحديد مصير سوريا واتخاذ القرار بشأنها ومستقبلها هو مسؤولية شعب هذا البلد وحده، دون تدخل مدمر أو فرض خارجي، مع دعمها القرار “2254”.
وذكرت وزارة الخارجية الإيرانية أن تحقيق هذا الهدف يتطلب إنهاء الاشتباكات العسكرية في أسرع وقت ممكن، ومنع الأعمال الإرهابية، والبدء بحوارات وطنية بمشاركة كافة أطياف المجتمع السوري من أجل تشكيل حكومة شاملة تمثل كافة أبناء الشعب السوري.
ألمانيا وفرنسا ترحبان
وعربت ألمانيا عن “ارتياحها الكبير” لسقوط نظام الأسد في سوريا، مع تحذيرات من وصول ما وصفتهم بـ”المتشددين” الى السلطة.
وقالت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك، إنه يجب على البلاد الآن ألا تسقط بين أيدي متشددين آخرين تحت أي شكل كان”.
ودعت كل الأطراف إلى تحمّل كل مسؤولياتها تجاه جميع السوريين، لافتة إلى ضرورة وجود حماية “كاملة للأقليات الإتنية والدينية مثل الأكراد والعلويين والمسيحيين، وعملية سياسية شاملة تنشئ توازنًا بين المجموعات”.
ورحبت فرنسا “بسقوط نظام بشار الأسد بعد أكثر من 13 عامًا من القمع العنيف للغاية ضد شعبه”، ودعت السوريين إلى رفض “التطرف”، وفق بيان للخارجية الفرنسية.
وذكرت أنه “حان وقت الوحدة”، داعية جميع السوريين إلى الوحدة والمصالحة، واحترام سيادة سوريا ووحدة أراضيها، وانتقال سياسي سلمي يحترم تنوع الشعب السوري، ويحمي المدنيين وجميع الأقليات.
وأكدت أن باريس ستقوم بدورها كاملًا لمساعدة السوريين على إيجاد طريق المصالحة، وإعادة الإعمار من خلال حل سياسي شامل، وفقًا للقرار “2254”.
الصين وإيطاليا تتابعان
وقالت الصين إنها تتابع تطورات الوضع في سوريا وتبدي اهتمامًا كبيرًا، وتأمل أن تستعيد سوريا الاستقرار في أقرب وقت ممكن، وفق بيان للخارجية الصينية.
وذكرت أنها تحث الأطراف المعنية في سوريا على اتخاذ إجراءات عملية لضمان سلامة المؤسسات والأفراد الصينيين في سوريا، لافتة إلى أنه في الوقت الحاضر، لا تزال سفارة الصين في سوريا تعمل، وتواصل تقديم المساعدة الكاملة للمواطنين الصينيين المحتاجين.
وقال وزير الخارجية الإيطالي، أنطونيو تاياني، إنه يتابع باهتمام بالغ تطورات الوضع في سوريا، وإنه اتصال دائم بالسفارة الإيطالية في دمشق ومع مكتب رئيسة الوزراء، وإنه إلى اجتماع طارئ لدى وزارة الخارجية.
تركيا تنسق مع أطراف إقليمية ودولية
قال وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، إن تركيا تولي “أهمية كبيرة للوحدة الوطنية السورية وسيادتها وسلامة أراضيها”، لافتًا إلى ضرورة حماية مؤسسات الدولة السورية، ووحدة قوى المعارضة على الفور، معتبرًا أن الشعب السوري هو الذي سيعيد تشكيل مستقبل بلاده.
وأضاف أن تركيا ستواصل العمل مع الإدارة السورية الجديدة، باستخدام كل ما لديها بالتعاون مع جيرانها الإقليميين لإعادة بناء البلاد، وليس لديهم معلومات عن مكان وجود الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد، مضيفًا أنه قد يكون في الخارج.
واعتبر أن ملايين السوريين الذين اضطروا إلى مغادرة بلادهم خلال الحرب الأهلية الطويلة يمكنهم الآن العودة.
وقال فيدان إن المسؤولين الأتراك على اتصال بنظرائهم الأميركيين، وحث جميع الأطراف الفاعلة في المنطقة وخارجها على التصرف بهدوء وحذر، حيث لا ينبغي جر المنطقة إلى مزيد من عدم الاستقرار.
ولفت إلى أن تركيا تتحرك بحذر لضمان عدم استغلال “إرهابيي داعش وحزب العمال الكردستاني” للوضع في سوريا ما بعد نظام الأسد.
الأمم المتحدة وقطر تدعمان الحوار
أما مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا، غير بيدرسن، فقال إن هناك رغبة واضحة عبر عنها ملايين السوريين في ترتيبات لمرحلة انتقالية مستقرة وشاملة.
وحث جميع السوريين على إعطاء الأولوية للحوار والوحدة واحترام القانون الإنساني الدولي وحقوق الإنسان في سعيهم لإعادة بناء دولتهم، مضيفًا أنه على استعداد لدعم الشعب السوري في رحلته نحو مستقبل مستقر وشامل.
وأعلنت قطر أنها تتابع باهتمام بالغ تطورات الأوضاع في سوريا، وتؤكد على ضرورة الحفاظ على المؤسسات الوطنية ووحدة الدولة بما يحول دون انزلاقها نحو الفوضى.
قالت وزارة الخارجية إنها تجدد دولة قطر الداعي لإنهاء الأزمة السورية وفق قرارات الشرعية الدولية، وقرار مجلس الأمن “2254”، بما يحقق مصالح الشعب السوري، ويحافظ على وحدة بلاده وسيادتها واستقلالها.
ودعت في بيان لها، جميع الأطياف إلى انتهاج الحوار بما يحقن دماء أبناء الشعب الواحد، ويحفظ للدولة مؤسساتها الوطنية، ويضمن مستقبل أفضل للشعب السوري.
الإمارات تلوم الأسد
مستشار الرئيس الإماراتي، أنور قرقاش، فألقى باللوم في سقوط الأسد على فشل السياسة، وقال إنه لم يستخدم “شريان الحياة” الذي عرضته عليه دول عربية مختلفة من قبل، بما في ذلك الإمارات، طالبًا التعاون من السوريين لتجنب حصول “فوضى”.
واعتبر قرقاش أن هناك فشلًا كبيرًا في السياسة والسياسات، لأن الأسد لم يستخدم حقًا نوع “حبل النجاة” الذي ألقي إليه من قبل مختلف الدول العربية، بما في ذلك الإمارات، ولم يستخدمه حقًا لفتح الباب للمضي قدمًا في المناقشات الدستورية التي كانت تجري.
الأردن ومصر
وزير الخارجية وشؤون المغتربين في الأردن، أيمن الصفدي، قال إن الأردن يتابع التطورات “باهتمام وحرص شديد على أمن سوريا وسلامتها ووحدتها وتماسكها وسيادتها وأمن شعبها، مع استعداد الأردن لتقديم كل إسناد ممكن للشعب السوري.
وكذلك، دعت الخارجية المصرية جميع الأطراف السورية إلى صون مقدرات الدولة ومؤسساتها الوطنية، وتغليب المصلحة العليا للبلاد، مع استمرار مصر في العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين، لتقديم يد العون.