أعضاء بمجلس الأمن يتبادلون الاتهامات بشأن سوريا
عقد مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة جلسة طارئة بطلب من النظام السوري لمناقشة التصعيد العسكري الأخير في شمالي سوريا، بالتزامن مع انهيارات متسارعة في صفوف قوات النظام.
و شهدت الجلسة، الثلاثاء 3 من كانون الأول، سجالات بين الدول الأعضاء، وسط اتهامات متبادلة بالتورط في دعم النظام والمعارضة في سوريا.
كما انقسمت الآراء بشأن كلمة مدير “الدفاع المدني السوري”، رائد الصالح، الذي قدم إحاطة حول الوضع الإنساني، بعدما اعترض مندوب روسيا الدائم لدى الأمم المتحدة، فاسيلي نيبينزيا، في بداية جلسة مجلس الأمن على دعوته.
“الوضع خطير”
افتتح المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا، غير بيدرسون، الجلسة بتحذير من خطورة الأوضاع، مشيرًا إلى أن “الوضع في سوريا متغير وخطير للغاية”.
وحذر بيدرسون من أن استمرار العنف يؤدي إلى مزيد من الانقسام والدمار الذي يهدد وحدة وسيادة الأراضي السورية، لافتًا إلى أن التصعيد الأخير في شمالي سوريا يهدد بعودة تنظيم “الدولة الإسلامية” وزيادة موجات النزوح والدمار.
وأكد بيدرسون أن “هيئة تحرير الشام” وفصائل مسلحة أخرى حققت تقدمًا كبيرًا في إدلب وحلب ومناطق في ريف حماة، ما يضع البلاد أمام “خطر اندلاع نزاعات جديدة في مناطق أخرى”.
ودعا جميع الأطراف إلى الالتزام بخفض التصعيد وإتاحة ممرات آمنة للمدنيين الفارين من القتال، مشددًا على ضرورة إطلاق عملية سياسية شاملة.
وقال إنه سيزور سوريا قريبًا لإجراء مشاورات مع الأطراف السورية والدولية، “لدفع العملية السياسية إلى الأمام”.
وأضاف أن المدنيين في حلب يعيشون حياتهم بشكل طبيعي بعد سيطرة الفصائل العسكرية، وأقامت الكنائس صلواتها بشكل معتاد.
وأكد أن خفض التصعيد وحده ليس كافيًا، بل يجب أن يترافق مع أفق سياسي “يلبي تطلعات الشعب السوري”.
وجدد دعوته لتنفيذ قرار مجلس الأمن “2254” بشأن سوريا، مشيرًا إلى أن “عشرات الآلاف هجروا ونزحوا بسبب الغارات الجوية وزيادة العمليات القتالية”.
من جهته، أكد المندوب السوري لدى الأمم المتحدة، قصي الضحاك، أن الهجوم على شمالي سوريا “لم يكن ممكنًا دون ضوء أخضر وأمر عمليات تركي- إسرائيلي مشترك”، متهمًا الطرفين بتسهيل دخول المسلحين و إمدادهم بالأسلحة الثقيلة والطائرات المسيرة.
وأضاف الضحاك أن سوريا ستواصل “ممارسة حقها السيادي في محاربة الإرهاب بكل الوسائل”، مطالبًا مجلس الأمن بإدانة الهجوم وإلزام الدول الداعمة للجماعات المسلحة بالتراجع عن سياساتها.
اتهامات بين روسيا وأمريكا
اتهم نائب السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة، روبرت وود، النظام السوري وروسيا بارتكاب “جرائم ضد المدنيين” في إدلب وحلب.
وأكد أن الغارات الجوية التي ينفذها النظام تستهدف المدارس والمستشفيات، ما يفاقم الوضع الإنساني.
كما حذر وود من استخدام الأسلحة الكيماوية، داعيًا إلى احترام القانون الإنساني الدولي وضمان وصول المساعدات الإنسانية “دون عراقيل”.
وقال وود، إن واشنطن “ستواصل حماية مواقعها العسكرية في شمال شرقي سوريا لمنع ظهور تنظيم (الدولة) مجددًا”، نافيًا أي دور “أمريكي في الهجوم الأخير”.
ووصف الغارات الروسية والسورية بأنها “محاولة لتبرير الفظائع تحت غطاء مكافحة الإرهاب”، مضيفًا أن سوريا “لن تنعم بسلام ما لم يقبل الأسد بتسوية”.
بدوره، حذر المندوب الروسي لدى الأمم المتحدة، فاسيلي نيبينزيا، من أن الوضع في سوريا “غير مسبوق وحرج للغاية”، متهمًا الولايات المتحدة بدعم “التنظيمات الإرهابية” في سوريا، بما في ذلك “هيئة تحرير الشام”، بهدف “زعزعة استقرار” البلاد.
واتهم أيضًا “مديرية المخابرات الرئيسة في أوكرانيا بتنظيم الأنشطة القتالية وتزويد المسلحين في شمال غربي سوريا بالأسلحة والطائرات المسيرة وغيرها”.
وتحدث المندوب الروسي عن وجود مدربين عسكريين أوكرانيين في محافظة إدلب يقدمون تدريب لمقاتلي “تحرير الشام”.
وطالب بإنهاء “الوجود العسكري الأجنبي غير الشرعي”، معتبرًا أنه السبيل الوحيد لتحقيق السلام في سوريا.
دعوات للحل السياسي
دعت نائبة السفيرة التركية لدى الأمم المتحدة، سيرين أوزغور، إلى خفض التصعيد والانخراط في عملية سياسية حقيقية تشمل المصالحة الوطنية.
وأكدت أن استمرار وجود الجماعات “الإرهابية” في سوريا يشكل تهديدًا لأمن تركيا، مشددة على أن بلادها ستواصل اتخاذ كل التدابير لحماية أراضيها ومصالحها.
وعبر المندوب البريطاني، جيمس كاريوكي، عن قلق بلاده من زيادة النزوح والتشريد جراء التصعيد الأخير.
وقال المندوب الجزائري، عمار بن جامع، إنه “لا يوجد حل عسكري للأزمة السورية”، داعيًا إلى ضرورة التوصل إلى تسوية سياسية تحافظ على وحدة وسيادة سوريا.
وحذر المندوب اللبناني، هادي هاشم، من أن التطورات الأخيرة ستؤدي إلى “عواقب وخيمة” على السلم والأمن الإقليمي والدولي.
وخرجت الجلسة دون قرارات أو بيانات واضحة، وسط استمرار الانقسام بين الأطراف الدولية.
وبينما دعت بعض الدول إلى خفض التصعيد والعمل على حل سياسي شامل، تبادلت الأطراف الكبرى الاتهامات بالتسبب في “زعزعة استقرار” سوريا، وسط غياب توافق دولي حول الخطوات المقبلة.
كلمة لـ”الدفاع المدني”
قدم مدير “الدفاع المدني السوري”، رائد الصالح، إحاطة حول الوضع الإنساني في سوريا خلال جلسة مجلس الأمن.
وقال إن فرق “الدفاع” استجابت لـ275 هجومًا أدت إلى مقتل لا يقل عن 100 مدني وإصابة 360 آخرين منذ بدء الاشتباكات، متهمًا روسيا والنظام السوري باستهداف مستشفيات ومدارس وبنى تحتية “عمدًا”.
وأضاف الصالح أن آلاف العائلات نزحت بسبب القصف العشوائي، وتواجه “ظروفًا إنسانية صعبة” في المخيمات.
وأشار إلى أن الاثنين (2 من كانون الأول) هو “الأكثر دموية منذ سنوات” بعد أن استهدفت طائرات النظام السوري خيام النازحين بالقرب من إدلب، ما أدى إلى مقتل 25 مدنيًا أغلبهم من الأطفال وإصابة 66 آخرين.
“نشهد اليوم سياسة الأرض المحروقة والعقاب الجماعي بحق المدنيين التي ينتجها النظام السوري وحلفاؤه”، وفق الصالح.
وطالب مدير “الدفاع المدني السوري” المجتمع الدولي بالتحرك العاجل لوقف انتهاكات النظام السوري وحلفائه، ودعا إلى ضمان حماية المدنيين والسماح بوصول المساعدات الإنسانية دون عراقيل.
وأعرب عن مخاوفه من احتمال لجوء النظام السوري لاستخدام الأسلحة الكيماوية خلال العمليات العسكرية، داعيًا مجلس الأمن للتحرك لمنع وقوع هذه الكارثة.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :