بعد سيطرة فصائل المعارضة على معظم أحياء حلب، يعاني القطاع الطبي من أزمات بسبب عزوف الكوادر الطبية عن الالتحاق بالمنشآت الصحية، لأسباب تتعلق بقصف النظام، وتوتر الوضع الميداني.
ولم يكن الوضع الصحي بأفضل حالاته في حلب خلال سيطرة النظام، إلا أن القصف المكثف الذي طال بعض المستشفيات والمراكز الطبية بعد دخول فصائل المعارضة، زاد من الأزمة الطبية في المدينة التي لم تكن مهيأة لحالة الطوارئ التي مرت بها في الأسبوع الماضي.
وكانت فصائل المعارضة سيطرت على معظم أحياء حلب ما عدا حيي الشيخ مقصود والأشرفية، وأجزاء من السريان وحي السبيل، التي تسيطر عليها “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) بعد، عملية “ردع العدوان” التي أطلقتها الفصائل في 27 من تشرين الثاني الماضي.
وبدأ توغل فصائل المعارضة في 29 من تشرين الثاني الماضي، وأصبحت معظم المستشفيات الرئيسية ومفاصل المدينة تحت سيطرتها، ومنها المستشفيات التي كانت عماد القطاع الصحي في حلب، وأبرزها “حلب” و”الجامعة” و”ابن رشد”.
وبالرغم من رسائل الطمأنة من “إدارة العمليات العسكرية” (التي تدير دفة المعركة) ودعوتها الكوادر الطبية للالتحاق بالمستشفيات والمراكز الطبية، لا يزال القطاع الصحي يعمل بشكل محدود في المدينة.
الدكتور عمر فروح، وهو أحد الأطباء الذين دخلوا حلب منذ الساعات الأولى لدخول فصائل المعارضة، قال لعنب بلدي، إنهم وجدوا المستشفيات خالية تقريبًا، لكنهم التقوا مع بعض الكوادر التي ما زالت على رأس عملها، ووعدت هذه الكوادر بوضع خطة طوارئ.
وبحسب فروح، وبعد التقائهم مع الكوادر الطبية وإطلاقهم نداءات بضرورة التحاق الكوادر الطبية الأخرى بأعمالهم، أصبح القطاع الصحي يعمل بنحو ثلث كادره.
وشهد القطاع الطبي تحسنًا طفيفًا بعد عودة نسبة من الكوادر للالتحاق بعملها، ودخول بعض الأطباء والممرضين المتطوعين من ريف حلب الشمالي، وفق ما قاله فروح.
النظام يقصف المستشفيات
الدكتور عمر فروح قال إن أبرز مخاوف الكوادر الطبية من الالتحاق بعملها، هو القصف على المنشآت الصحية، وهو ما أكده أحد الأطباء الذين بقوا في المدينة بعد سيطرة المعارضة، لعنب بلدي.
ومنذ الساعات الأولى لسيطرة المعارضة على أحياء حلب، بدأ طيران النظام باستهداف المدينة، وطالت قذائفه المستشفيات أيضًا.
أولى ضربات النظام كانت في صباح اليوم الأول بعد سيطرة المعارضة على أحياء حلب، في 30 من تشرين الثاني الماضي، واستهدف منطقة الفرقان غربي حلب، وأسفر الهجوم عن سقوط ضحايا.
واستهدف النظام السوري مستشفى “الجامعة” في المدينة، بداية كانون الأول الحالي، ما أدى إلى سقوط 12 قتيلًا وعشرات الجرحى.
تزامن قصف النظام على مستشفى “الجامعة” مع اجتماع للأطباء، وكاد أن “يتحول إلى مجزرة مروعة” بحسب “مديرية صحة حلب الحرة”.
ونددت “مديرية صحة حلب الحرة” بالقصف السوري- الروسي، على المنشآت الصحية وقالت إن استهداف النقاط الطبية بحلب “جريمة جديدة بحق الإنسانية”.
كما ناشد وزير الصحة في حكومة “الإنقاذ”، مازن دخان، المجتمع الدولي لوقف تصعيد النظام ضد المنشآت الصحية في الشمال السوري.
وإضافة إلى القصف، تتخوف الكوادر من “وضع جديد مجهول”، فبالنسبة لهم يتعاملون مع سلطة جديدة.
كما يتخوف بعض العاملين في القطاع الطبي من ترك عوائلهم في ظل حظر التجول المتكرر التي تفرضه “إدارة العمليات العسكرية” بسبب “الأوضاع الأمنية الجديدة”، وفق حديث فروح.
مبادرات محلية
أطلق بعض الأطباء في حلب الذين بقوا في المدينة بعد سيطرة المعارضة مبادرة أسموها “طبيب أونلاين”، وقال القائمون عليها، إنها لمساعدة سكان حلب وإعطائهم استشارات طبية.
وتتألف المبادرة من 40 طبيبًا بمختلف الاختصاصات، ويقدمون استشارات مجانية على تطبيق “واتساب”، بحسب ما تداولته مجموعات محلية.
وتواصلت عنب بلدي مع أحد الأطباء ضمن المبادرة (فضّل عدم ذكر اسمه)، وقال إن هذه المبادرة هي مستقلة ومجانية ومحايدة ولا تتبع لأي جهة، وهدفها هو تقديم الخدمات الصحية عن طريق الهاتف.
وأطلقت مبادرة “طبيب أونلاين” خصيصًا للمرضى الذين سيشكلون عبئًا إضافيًا على القطاع الصحي المشغول حاليًا بعلاج الإصابات الجراحية، وفق ما ذكره الطبيب.
ويقدم الأطباء الاستشارات حول موعد أخذ الدواء والأدوية المناسبة لكل مرض، وما يمكن معالجته على الهاتف، بحسب الطبيب.