“يلعب بالنار”.. ما وراء تهديدات نتنياهو للأسد

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خلال تفقده مصابي الجيش الإسرائيلي بعد غارة بمسيرة انقضاضية أطلقها "حزب الله" على ثكنة عسكرية- 14 من تشرين الأول 2024 (نتنياهو/ إكس)

camera iconرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خلال تفقده مصابي الجيش الإسرائيلي بعد غارة بمسيرة انقضاضية أطلقها "حزب الله" على ثكنة عسكرية - 14 تشرين الأول 2024 (نتنياهو/ إكس)

tag icon ع ع ع

عنب بلدي – حسام المحمود

مع إعلانه قبول اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان، في 27 من تشرين الثاني الماضي، وحين أطل في “خطاب نصر” للشارع الإسرائيلي مستعرضًا “قدرات جيشه” على خوض سبع جبهات دفعة واحدة (سوريا ولبنان والعراق واليمن وغزة والضفة الغربية وإيران)، وجّه رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، تهديدًا مقتضبًا لرئيس النظام السوري، بشار الأسد.

وقال نتنياهو خلال استعراضه لنشاط الجيش الإسرائيلي على الجبهات السبع، “أما في سوريا فنقوم بإجهاض محاولات إيران و(حزب الله) والجيش السوري لتمرير الأسلحة إلى لبنان، يجب أن يفهم الأسد أنه يلعب بالنار”.

وقبل ساعات من توقف دائرة المعارك، طالت نيران سلاح الجو الإسرائيلي عدة معابر سورية برية حدودية مع لبنان، ما أسفر عن مقتل ستة أشخاص، وإصابة 28 آخرين.

وذكرت إذاعة “شام إف إم” المحلية، أن ستة قتلى و10 إصابات كانت الحصيلة الأولية لاستهداف معبر “الدبوسية” (العبودية من الجانب اللبناني) الحدودي بريف حمص، في 27 من تشرين الثاني.

كما تعرّض معبر “العريضة” الحدودي مع لبنان، في طرطوس، لغارات جوية لأول مرة، في اليوم نفسه، أسفرت عن إصابة 18 شخصًا، حالات ثلاثة منهم حرجة، وفق ما نقله التلفزيون السوري الرسمي.

وقبل ساعات من الاستهدافين، شنت إسرائيل غارات جوية من اتجاه لبنان مستهدفة موقعين في ريف حمص، ما أدى إلى وقوع خسائر مادية، وفق بيان مقتضب لوزارة الدفاع في حكومة النظام السوري، لم تحدد به طبيعة المواقع المستهدفة.

وذكر “المرصد السوري لحقوق الإنسان” (مقره في لندن) أن الغارات طالت إلى جانب معابر “الدبوسية” و”العريضة” و”جوسيه”، معابر غير شرعية، في منطقة جرود قوسايا، وجرود النبي شيت، القريبة من مدينة سرغايا، والزبداني، في ريف دمشق، ومعابر غير رسمية في وادي خالد بريف حمص، وثلاثة جسور على نهر الكبير الفاصل بين سوريا ولبنان.

ارتباط بلبنان

تربط إسرائيل استهدافات المعابر الحدودية مع لبنان بمسألة نقل الإمدادات العسكرية إلى “حزب الله” اللبناني من سوريا، ورغم توقف المعارك، فإن الضربات الإسرائيلية طالت الحدود أكثر من مرة.

مساعي النظام السوري لإعادة وصل ما انقطع مع لبنان على مستوى الجغرافيا والمعابر، بعودة معبر “جديدة يابوس” إلى العمل إثر انتهاء أعمال صيانته، في 28 من تشرين الثاني، بعد تعطله باستهداف إسرائيلي في 22 من الشهر نفسه، لم تكن خاتمة الاستهدافات.

في 30 من تشرين الثاني الماضي، قصف الجيش الإسرائيلي معبرًا على الحدود السورية- اللبنانية، وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، أفيخاي أدرعي، إن الجيش الإسرائيلي بتوجيه من هيئة الاستخبارات العسكرية، هاجم بنى تحتية عسكرية في سوريا بالقرب من المعابر الحدودية بين سوريا ولبنان، والتي استخدمها “حزب الله” بشكل نشط لنقل وسائل قتالية إلى لبنان.

وأضاف أدرعي أن هذه الغارة جاءت بعد رصد نقل وسائل قتالية لـ”حزب الله” من سوريا إلى لبنان، حتى بعد اتفاق وقف إطلاق النار، ما يشكّل تهديدًا لإسرائيل وانتهاكًا لتفاهمات اتفاق وقف إطلاق النار.

عودة الحديث عن ضرب المعابر واستخدامها من قبل “حزب الله” رافقها أكثر من خرق في اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان، وتلويح إسرائيلي باحتمالية التوجه إلى حرب واسعة مع لبنان إذا جرى خرق الاتفاق على نطاق واسع.

هذه المعطيات والتطورات تعيد النظام السوري بالمجمل، والأسد على وجه الخصوص، إلى دائرة التهديد الذي تحدث عنه نتنياهو.

الخبير الاستراتيجي والباحث غير المقيم في معهد “ستيمسون” بواشنطن عامر السبايلة، قال لعنب بلدي، إن الجغرافيا السورية هي الامتداد الطبيعي الذي ينتظر الجبهة القادمة بعد لبنان، وما قام به الإسرائيلي في لبنان، هو الإبقاء على الجبهة شبه مفتوحة، والقيام بعمليات استخباراتية، تعتبر من “حقه” بموجب الاتفاق، ما يعني “حقه” بتنفيذ عمليات استهداف لكل عمليات الإمداد القادمة من سوريا أو العائدة إلى سوريا من لبنان، ما يعني أن الجغرافيا السورية منذ اليوم الأول جزء أساسي من جبهة لبنان، ولا يمكن النظر إليها بعزل عما يجري هناك.

واعتبر الباحث أن إغلاق جبهة لبنان باتفاق شكلي يشبه الوضع في غزة، حيث جرى تخفيض مستوى القتال والانتقال إلى جبهات أخرى، ما يعني استمرار التطورات على الأرض السورية في الفترة المقبلة.

جبهة مفتوحة

برأي السبايلة، فلا يمكن ألا تكون سوريا جزءًا من هذه الضربات، باعتبار أن الامتداد الطبيعي لطهران في لبنان، هو عبر سوريا والعراق، ما يجعل المحطة الأبرز سوريا.

كما أن الإبقاء على سوريا بشكلها القديم صعب لعدة أسباب، منها تفجير الواقع السوري بشكل عام، سواء في الشمال أو الجنوب، أو الحدود الواصلة بين سوريا والعراق، وهذه الجغرافيا تهدف إلى أمرين، الأول أنه لا يمكن لإسرائيل إنهاء أي عمليات بلا ضمان قطع الطرقات بين طهران وبيروت، ما يعني تغييرًا حتميًا في الجغرافيا السورية، والثاني أن المعركة في سوريا ستستمر كونها تحولت إلى الميدان الذي يسهل فيه الاستهداف، وهذا ما يفسر العمليات والضربات على مخازن وقوافل إمداد وحتى العمليات التي تستهدف الأفراد والخبراء، وكل هذا يعني أن سوريا هي مسرح الاستهداف الأساسي.

ويرى الباحث أن الأسد حوّل سوريا إلى محطة مهمة لكل هذه التحركات، وبالتالي شرعنة ضرب أهداف على الأرض السورية، وعليه تحولت سوريا إلى جبهة مفتوحة ولا يمكن إغلاقها بعيدًا عن المشهد الأكبر في المنطقة، وهو جميع الجبهات السبع، كون إسرائيل تعتبر أنها تعيد رسم الجغرافيا الأمنية بالنسبة لها، وهذا يعني الانتقال إلى الضرب بقوة في سوريا، وهو ما يفسر قول نتنياهو إن “الأسد يلعب بالنار”.

ولم يشر اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان، والذي نقلت نصه صحيفة “يديعوت أحرونوت”، إلى سوريا صراحة في بنوده، لكنه منح إسرائيل مساحة للتحرك في لبنان تحت مسمى “حق الدفاع عن النفس”.

كما تضمن خطاب الضمانات الذي قدمته الولايات المتحدة لإسرائيل بندًا يعترف بـ”حق” الأخيرة في التحرك بالمنطقة الجنوبية وخارجها في أي وقت ضد أي انتهاكات للالتزامات، واحتفاظها بـ”حق العمل” ضد تطور التهديدات الموجهة ضدها، إذا كان لبنان غير قادر أو غير راغب في إحباط هذه التهديدات، وإذا قررت إسرائيل اتخاذ مثل هذه الخطوات، فسوف تبلغ الولايات المتحدة بذلك حيثما أمكن ذلك.

وخلال الحرب على لبنان، وتطوراتها التي أودت بأمين عام “حزب الله” السابق، حسن نصر الله، سلك النظام السوري ذات المسار الذي سلكه في تعاطيه مع مجريات الأحداث في غزة، فلم تتعدَّ المسألة تغطية إعلامية منحازة لـ”الحزب” و”محور المقاومة” وبعض التصريحات الداعمة والتي تبارك “جهد المقاومة” واستقبال نازحين لبنانيين في سوريا، استعجل بعضهم العودة إلى دياره فور إعلان وقف إطلاق النار.

وبالإشارة إلى تطورات الجغرافيا السورية التي تحيط بالمشهد الحالي، فالمسألة لا تتلخص بقصف إسرائيلي متكرر، إذ تواصل السويداء تعبيرها عن موقفها السياسي الرافض لبقاء الأسد في السلطة، بينما يشن مقاتلو المعارضة السورية عمليتين لاستعادة جغرافيا واسعة من قبضة النظام كانوا خسروها قبل سنوات تحت ضرب البراميل والقذائف والطيران الروسي، ما يجعل الأسد على أكثر من جبهة حاليًا، وكلها يقابلها بجمود وعدم تحريك ساكن عدا عن بيانات رسمية لوزارة الدفاع.

نجاح

شكرًا لك! تم إرسال توصيتك بنجاح.

خطأ

حدث خطأ أثناء تقديم توصيتك. يرجى المحاولة مرة أخرى.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة