تعا تفرج
اتفاق الاستسلام
خطيب بدلة
تأخر “حزب الله” بالإقرار بهزيمته، أمام آلة الحرب الإسرائيلية التدميرية الجبارة. كان بإمكانه أن يقدم، على نحو مبكر، فكرة، أو مبادرة حسن نية، ملخصها أنه حريص على دماء أبناء الشعب اللبناني، وممتلكاتهم، وبيوتهم، وبناهم التحتية، ويوقف الحرب، ويطالب المجتمع الدولي بالضغط على إسرائيل لتوقف القتال بدورها، والدخول في مفاوضات تؤدي إلى تسوية، تحقق أكبر قدر ممكن من المكتسبات للبنان، الذي كان على شفا هاوية قبل حرب الإسناد هذه، فما بالك به الآن؟
ولكن المشكلة، أو المعضلة الأساسية، أن قرار الحرب والسلم عند هذه الميليشيا، يأتي من إيران، وهذه، الأخيرة، تحارب، أو تسالم، بما يخدم مصلحتها، ومشروعها الخطير، المرعب، المتمثل بإرجاع سكان منطقتنا إلى عصر التقسيمات الدينية والطائفية، المتباغضة، المتناحرة، وهذا الكلام ليس مجرد تخمين، أو تنبؤ، بل هو سياسة استراتيجية، عبر عنها أكبر مرجع في الدولة الإيرانية، المرشد الأعلى علي خامنئي، عندما أوضح، في تغريدة على منصة “إكس”، أن حرب أتباع الحسين الحقيقية، هي مع أتباع يزيد بن معاوية، وليس مع غيرهم.
المهم، أغلبية اللبنانيين، والمتعاطفين معهم، فرحوا بوقف إطلاق النار، وحتى جماعة المقاومة، الذين لا ينكرون الهزائم التي يتعرضون لها وحسب، بل يخرجون إلى الناس بالدفوف، والدبكات، والأهازيج، زاعمين أنهم انتصروا، معتبرين الخسائر التي تعرضوا لها، والتي تعرض لها الأهالي المدنيون الأبرياء، أمرًا بسيطًا، ولا بد منها، في سبيل تحقيق الهدف الأكبر، وهو أن يصلي علي خامنئي في القدس إمامًا، ويصلي وراءه مؤيدوه، وبالأخص الأخ عبد الباري عطوان. ولا أظن أن أحدًا من مؤيديهم، أو من ضحاياهم، خطر له أن يسألهم، أو يتساءل مع نفسه: إذا تحقق هذا الأمر المستحيل، أي تحرير القدس، وصلى هؤلاء القوم في المسجد الأقصى، وصلى عبد الباري عطوان وراءهم، نحن الناس الغلبانين، الطفرانين، الذي يكاد يفتك بنا الجوع، والقهر، ماذا نستفيد؟
المشكلة، أو المعضلة، أو المصيبة، أننا، نحن العرب والمسلمين، عندما نُقدم على خوض معركة ما، يكون قاموسنا خاليًا من مصطلح “وقف إطلاق النار”، وسرعان ما نصفف أهدافنا، وطموحاتنا، مثلما يصفف الحلواني مناسفه، وهي: مقاومة الاحتلال، تحقيق النصر الإلهي، والعبور إلى الجليل، تحرير بيت المقدس… ولا نتوقف عن الهتاف، في أثناء ذلك، بأن الموت أسمى أمانينا، وما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة، ونسمي باسم الله، ونتوكل على الله، وترفع عقيرتنا بالتكبير، ونخوض غمار المعارك، وعندما نفاجأ بتفوق العدو الهائل، ونقع تحت ضرباته الموجعة، نبدأ بالصراخ، ونعلن تخلينا عن شعاراتنا كما لو أنها جوارب عتيقة، ويصير هدفنا الأول والأخير أن يقبل العدو بوقف إطلاق النار، ويصير العماد الرئيس لكلامنا، وخطاباتنا، الحكمة، والتروي، وحقن الدماء، والظروف، والمتغيرات، والجنوح للسلم، وأن الحرب ليست بالمدفعية، والصواريخ، وضرب الفَشَك فقط، والمؤمن يستطيع أن يحارب بالدبلوماسية، والمفاوضات، مع الاحتفاظ بحق الرد في الزمان والمكان المناسبين، أي فتح معركة خاسرة، في أقرب وقت.
يكفيك للتأكد من أن “حزب الله” خسر الحرب، واستسلم أمام إسرائيل وأمريكا، أن تقرأ بنود الاتفاق الـ13.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :