تراجع في تصدير زيت الزيتون من ريف حلب

عنب بلدي – ديان جنباز

تشهد حركة تصدير زيت الزيتون تراجعًا ملحوظًا هذا العام في ريفي حلب الشمالي والشرقي حيث تسيطر “الحكومة السورية المؤقتة”، مقارنة بالأعوام السابقة، وفق تجار قابلتهم عنب بلدي.

المختلف هذا العام، أن التصدير صار يقتصر على التواصل بين تجار في مناطق ريفي حلب وتجار في الدولة الأوروبية والدول المجاورة، إذ غابت العقود الرسمية مع الشركات في الدول الأوروبية، التي كانت تلعب دورًا مهمًا في زيادة تصدير الزيت بالتعاقد مع شركات في الشمال السوري.

حاليًا، تجري عمليات التصدير من خلال شبكة تجار محدودة، ويتعين على التجار الحصول على إذن شحن من الحكومة التركية للتصدير الخارجي.

تغييرات في طرق التصدير

مصطفى العيشة، تاجر زيت في ريف حلب، قال لعنب بلدي، إن موسم 2023 شهد “حركة كبيرة” في تصدير زيت الزيتون إلى أوروبا، حيث كانت الشركات الأوروبية تبرم عقودًا مع الوكلاء المحليين.

وأضاف أن تصدير زيت الزيتون هذا العام تراجع “بشكل كبير”، ويقتصر على التعاقد مع تجار موجودين في دول أوروبية أو خليجية أو أي دول أخرى، حيث يباع الزيت من خلال صفقات خاصة أو تنسيق مسبق بين التجار.

بعد الاتفاق بين الطرفين (التاجران)، يشحن الزيت عبر تركيا بإشراف جمعية تركية تنقل الزيت من الشمال السوري إلى ميناء “مرسين”، ومن هناك يتم توجيه الشحنات إلى الوجهات المطلوبة حسب التعاقدات.

وأوضح العيشة أن معظم تجار زيت الزيتون في ريف حلب يركزون تصديرهم إلى ألمانيا حاليًا، حيث يتم تصدير الزيت عبر تركيا بنظام “الترانزيت” (عبور فقط) إلى وجهته النهائية.

من الشروط ألا تقل الكمية المصدّرة عن 27 طنًا (حاوية) في المرة الواحدة، في حين يملك التجار الحرية في تصدير كميات إضافية تتجاوز هذا الحجم، وفقًا للطلبات، بحسب ما قاله التاجر.

ويوجه بعض التجار شحنات الزيت إلى العراق، حسب الطلبات والتعاقدات التي يتم تنظيمها مع المستوردين في تلك الدول.

جمعية تركية تمنح الإذن

تعمل شركة تركية في مدينة جنديرس بريف حلب الشمالي، تدعى “الجمعية التعاونية التركية”، على تصدير زيت الزيتون من الشمال السوري إلى الأسواق العالمية (عن طريقها فقط).

تتولى الشركة مهمة شحن زيت الزيتون إلى ميناء “مرسين” في تركيا، مقابل رسوم تقدّر بـ6 دولارات أمريكية على كل صفيحة زيت بوزن 16 كيلوغرامًا (تنكة).

وتتراوح تكلفة تصدير “حاوية” (كونتينر) من الزيت بسعة 27 طنًا بين 25 ألفًا و27 ألف دولار أمريكي، ما يعني زيادة 21 دولارًا على الصفيحة الواحدة (التنكة).

وتشمل هذه الرسوم فقط عملية العبور لتركيا إلى الوجهات النهائية، بالإضافة إلى تكاليف نقل الزيت وتخزينه لاحقًا، وفقًا للتاجر.

وحاولت عنب بلدي التواصل مع “الجمعية التعاونية التركية”، للحصول على تعليق حول الموضوع، إلا أنها لم تتلقَّ أي رد رغم محاولات متكررة.

شركات نقل خاصة.. تكاليف مرتفعة

يلجأ بعض تجار زيت الزيتون في ريف حلب، ممن ليس لديهم إذن تصدير للخارج، إلى بيع وتصدير الزيت إلى المحافظات السورية عبر شركات نقل خاصة تحمل السلعة، ورغم توفر هذه الخدمات، فإنها غالبًا ما تكون مرتفعة التكلفة.

ولا يتطلب تصدير الزيتون إلى المحافظات السورية إذنًا رسميًا، لكن التصدير داخليًا خيار لبعض التجار رغم العائدات المحدودة التي يوفرها، بسبب عدم تمكنهم من الحصول على التراخيص اللازمة للتصدير إلى الأسواق الخارجية، التي عادة ما تكون أكثر ربحًا.

قال التاجر يوسف عبيد لعنب بلدي، وهو صاحب معصرة زيتون في ريف حلب، إن تكاليف النقل العالية ضمن المحافظات السورية، حدّت من هامش الربح للتجار الذين يسوّقون منتجاتهم، إذ بات البيع في ريف حلب أكثر ربحًا من المحافظات الأخرى.

وأضاف أن غياب إذن التصدير يدفعه للتفكير في تصدير الزيت عبر شركات النقل الخاصة إلى محافظات أخرى، لكنه يعتقد أن هذه الطريقة لن توفر له الأرباح المرضية، خاصة أن تكاليف النقل تصل إلى 20 دولارًا أمريكيًا على الصفيحة (التنكة).

وذكر أن التجار الذين يملكون إذن تصدير عبر تركيا هم المستفيد الأكبر، إذ يتمكنون من تصدير كميات كبيرة بتكاليف أقل، ما يعزز من قدرتهم التنافسية، ويضمن لهم أرباحًا أعلى مقارنة بالتجار الذين يعتمدون على النقل والبيع.

ورغم إمكانية تصدير الزيت إلى دول أخرى عبر الشركات الخاصة، فإن التكاليف المرتفعة تتسبب بخسارة للتجار، مقارنة بالخيارات الأخرى المتاحة، مثل التصدير عبر تركيا.

احتكار الجمعية

فيما يخص آلية تصدير زيت الزيتون من ريف حلب إلى الخارج، عبر الشركات الخاصة، قال محمد نورس، صاحب شركة “النورس” في مدينة اعزاز، إن عملية تصدير الزيت تتم بشكل حصري عن طريق “الجمعية التعاونية التركية”.

وذكر لعنب بلدي أن شركات الشحن، بما فيها شركته، غير قادرة على تصدير الزيت مباشرة من مناطق ريف حلب إلى تركيا دون المرور عبر الجمعية المذكورة.

وأضاف أن شركته لا تستطيع نقل الزيت مباشرة إلى تركيا إلا عن طريق الجمعية، وهي الوحيدة المخولة بإدارة عمليات التصدير من الريف الحلبي إلى الداخل التركي، في حين يمكن لشركات الشحن نقل الزيت من تركيا إلى وجهاته النهائية في دول الخليج أو أوروبا.

وأوضح صاحب الشركة أن تصدير زيت الزيتون من ريف حلب إلى باقي المحافظات السورية يتم عبر مكاتب شحن خاصة، وينقل بشاحنات إلى مدينة حلب عبر المعابر، حيث تفرض رسوم على النقاط الحدودية بناء على عدد صفائح الزيت (التنكات) المنقولة.

وبعد وصول الزيت إلى مدينة حلب، يتم توزيعه إلى المحافظات الأخرى بشكل منظم وطبيعي، مع الالتزام بدفع الرسوم المقررة على المعابر التي تمر بها الشاحنات، وفق محمد نورس.

حتى 62 دولارًا في الشمال.. إنتاج مضاعف

عن أسعار زيت الزيتون، أشار عبيد إلى أن هناك عدة أصناف، يتراوح سعر الصنف الأول للصفيحة (سعر جملة) بين 60 و62 دولارًا أمريكيًا، أما الصنف الثاني فسعر الصفيحة منه 55 دولارًا أمريكيًا.

ويصل سعر صفيحة الزيت ذي الجودة العالية، المطابقة للمواصفات العالمية، إلى حوالي 90 دولارًا أمريكيًا في الخارج، إذ يشمل هذا الزيت أعلى درجات الجودة.

ويتم تصدير زيت الزيتون إلى الأسواق الأوروبية بطرق متنوعة حسب متطلبات المشترين، وعادة يتم شحن الزيت في عبوات كبيرة (تنكات)، وهي الأكثر شيوعًا، ويمكن أيضًا تعبئته بعبوات أكبر وأصغر، وحتى عبوات بسعة ليتر واحد.

ويتيح هذا التنوع في طرق التعبئة للتجار مرونة أكبر لتلبية احتياجات الأسواق المختلفة، ما يسهل عليهم توسيع نطاق التصدير وفقًا لمتطلبات المستوردين، بحسب ما قاله العيشة.

مدير مكتب زراعة حلب في “الحكومة السورية المؤقتة”، حسن الحسن، قال لعنب بلدي، إن عدد الأشجار في منطقة عفرين ومحيطها يتراوح بين 10 ملايين و14 مليون شجرة، بينما يبلغ عدد الأشجار في مناطق اعزاز والباب وجرابلس حوالي أربعة ملايين شجرة.

وأضاف الحسن أن إنتاج موسم هذا العام قد تضاعف مقارنة بعام 2023، إلا أنه أشار إلى غياب تقديرات أولية دقيقة لكمية إنتاج الزيتون حتى الآن.

أما فيما يتعلق بشروط ومعايير تصدير الزيت، فأوضح الحسن أن هذه المعايير تحدد من قبل الشركة التركية (الجمعية التعاونية) بالتنسيق مع غرفة الزراعة التابعة للمجالس المحلية في مناطق عملية “غصن الزيتون” التي تشمل عفرين وأريافها.

حاولت عنب بلدي التواصل مع مدير غرفة الزراعة في عفرين وريفها، لكنها لم تتلقَّ أي رد حتى إعداد هذا التقرير.