مخصصات وقود شحيحة ومدافئ متهالكة
حملات أهلية لتدفئة مدارس بدرعا
درعا – حليم محمد
غاب سالم، وهو طالب في الصف الأول الابتدائي، عن المدرسة معظم أيام الأسبوع الماضي، بعد تدني درجات الحرارة وسقوط الأمطار في محافظة درعا جنوبي سوريا.
في حين لجأت السيدة إسلام لتثقيل ملابس ابنتها من كنزة صوف وجاكيت وقفازات وقبعة لتجنيبها البرد في المدرسة، وسط مخاوف من إصابتها بأمراض الشتاء من نزلة برد وغيرها.
الغياب عن المدرسة أو اللباس الثقيل، حلان لا ثالث لهما في معظم مدارس محافظة درعا، إذ لا تتوفر سوى مدافئ “متهالكة ورديئة” تشكّل خطرًا في حال الاستخدام.
في المقابل، لم تعمل مديرية تربية درعا على تأمين وصيانة المدافئ، ما دفع بعض القرى لإطلاق حملات تبرع لشراء مازوت ومدافئ للمدارس، وإصلاح النوافذ والأبواب.
صفوف باردة
قالت معلمة في مدرسة ابتدائية بريف درعا الغربي لعنب بلدي، إن الصفوف باردة وخاصة في ساعات الصباح، ما يؤثر على سويّة استيعاب الطلاب، مضيفة أن جميع الطلبة يشعرون بالبرد، ولا يستطيعون الكتابة أو المتابعة مع المعلم.
ذكرت المعلمة أنها رفضت تركيب المدفأة في الصف الذي تشرف عليه، لأنها قديمة ومتهالكة، وتخرج منها الأدخنة، ويصعب إشعالها، ومخاطرها أكثر من فائدتها.
وتعد معظم المدافئ المتوفرة في المدارس قديمة وتعمل منذ أكثر من 15 عامًا، وفق معلمين ومستخدمين التقتهم عنب بلدي، ضمن مدارس من مناطق مختلفة في درعا.
ويعمل المستخدمون كل عام على إصلاح بعض المدافئ، لكنها لم تعد في معظمها صالحة للعمل.
“ازدواجية” ومخصصات لا تسد الحاجة
عضو لجنة خدمية في مدينة درعا البلد، قال لعنب بلدي، إن مديرية تربية درعا أرسلت 20 مدفأة لمدارس درعا البلد، البالغ عددها 20 مدرسة، ما يعني أن حصة كل مدرسة مدفأة واحدة فقط.
وأضاف أن المديرية سلمت، مطلع تشرين الثاني الماضي، مدارس درعا البلد مخصصاتها من المازوت عن الفصل الأول، في حين لم تتسلم معظم مناطق أرياف درعا مخصصاتها من المازوت أو من المدافئ، بحسب ما رصده مراسل عنب بلدي.
ويتوفر في معظم المدارس مخزون من المازوت، إذ تسلم مديرية التربية مخصصات الفصل الثاني في فصل الربيع ويخزن لفصل الشتاء.
معلمة في مدينة داعل بريف درعا الغربي، قالت لعنب بلدي، إن المشكلة الرئيسة في التدفئة هي قدم المدافئ وملحقاتها (البواري والأكواع) لأن كل مدرسة تحتفظ بمخصصاتها من المازوت من العام السابق.
وتبلغ مخصصات كل شعبة صفية 30 ليترًا، تسلم على دفعتين، 15 ليترًا لكل دفعة.
وقال الناشط الإعلامي حسان البردان المقيم في مدينة طفس بريف درعا الغربي، إن مديرية التربية في درعا تتعامل بـ”ازدواجية” في تقديم الخدمات للمدارس، إذ سلمت مدارس مركز مدينة درعا مخصصاتها من المازوت، ورممت معظمها.
في المقابل، تجاهلت المديرية مطالب مدارس الريف في تسليم المخصصات من المازوت، وترميم النقص في المدافئ.
ويتراوح ثمن المدفأة في السوق المحلية ما بين 300 ألف ليرة سورية (20 دولارًا أمريكيًا) ومليون ليرة سورية (67 دولارًا)، إذ يختلف السعر باختلاف حجم وجودة المدفأة.
ورغم سوء حال المدارس في معظم مناطق درعا، أعلنت مديرية تربية درعا أنها رممت منذ 2018 (العام الذي سيطرت فيه قوات النظام على كامل محافظة درعا) 189 مدرسة ترميمًا جزئيًا وثلاث مدارس ترميمًا كاملًا.
ويبلغ عدد المدارس الحكومية في محافظة درعا 958 مدرسة، يعمل منها 881 مدرسة، في حين خرجت 121 مدرسة عن الخدمة.
وبلغ عدد الطلاب في محافظة درعا لهذا العام 272184 طالبًا، من مختلف الصفوف الدراسية، بحسب تصريح مدير تربية درعا، وائل الصبح، لجريدة “الثورة” الحكومية.
تبرعات ونداءات استغاثة
بعد غياب الحلول النهائية من مديرية التربية في تأهيل المدارس وتعزيزها بمصادر الطاقة من محروقات ومدافئ، أطلق المجتمع المحلي في بعض القرى نداءات استغاثة لجمع التبرعات وتخصيصها لدعم المدارس.
ناشطون أطلقوا، مطلع تشرين الثاني الماضي، حملة تبرع في بلدة حيط بريف درعا الغربي، مخصصة لترميم مدارس البلدة من نوافذ ودورات مياه وشراء طابعة ومدافئ وغيرها من المستلزمات.
وفي حزيران الماضي، أطلق ناشطون حملة في مدينة جاسم لترميم مقاعد المدارس من أجل افتتاح مركز امتحان في المدينة، تبعها، في آب الماضي، إطلاق حملة “ساهم” وتهدف لدعم 200 طالب في المدينة بحقائب مدرسية وقرطاسية.
وفي مدينة طفس، شكّل المجتمع المحلي، في تشرين الأول الماضي، لجنة تربوية، وهي عبارة عن مجموعة من المعلمين المتقاعدين من سكان المدينة، ومهمتها جمع التبرعات والإشراف على ترميم المدارس في المدينة، وعددها 24 مدرسة.
الناشط الإعلامي حسان البردان قال لعنب بلدي، إن الهدف من تشكيل اللجنة هو إدارة إنفاق التبرعات بما يخدم حاجة المدارس، إذ كان يقتصر الدعم سابقًا على مدارس في أحياء معينة، وبعد تشكيل اللجنة باتت هناك إدارة موحدة مهمتها متابعة جميع المدارس.
وأضاف البردان أن الأجواء الباردة تستوجب من المجتمع المحلي التبرع لدعم قطاع التعليم، وأنه لاحظ خلال عمله الإعلامي تغيب عدد من التلاميذ بسبب برودة الطقس وغياب وسائل التدفئة.
وتعاني المدارس الحكومية نقص الكوادر التعليمية، كما تشهد محافظة درعا تزايدًا في أعداد المتسربين من المدارس ممن يعملون في مهن صناعية بسبب الأوضاع الاقتصادية لعائلاتهم، وفشل العملية التربوية، وانتشار البطالة، وفقدان قيمة رواتب الوظائف العامة في سوريا.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :