تصدرت الوحدة “4400” قائمة الاتهامات التي توجهها إسرائيل للنظام السوري، من منطلق الدور الذي تلعبه في المناطق الخاضعة لسيطرته وصولًا إلى “حزب الله” في لبنان.
وتقول إسرائيل إنها تهدف إلى قطع طرق إمداد “حزب الله” اللبناني والقضاء على الوحدة “4400” المرتبطة به، والمسؤولة عن نقل الأسلحة والمال من سوريا إلى لبنان.
وحصلت أحدث هذه الضربات التي نفذتها إسرائيل في هذا الصدد، أمس الاثنين، واستهدفت طرقًا وجسورًا في مدينة القصير جنوب غربيّ حمص.
وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي للإعلام العربي، أفيخاي أدرعي، إن الطائرات الإسرائيلية أغارت على محاور نقل تابعة للنظام السوري وكانت تستخدم لنقل وسائل قتالية لـ“حزب الله”.
ووفق أدرعي، تأتي هذه الغارات في إطار الخطوات التي ينفذها الجيش الإسرائيلي “لإحباط” قدرات الوحدة “4400”
البداية بثلاث وحدات
تأسست الوحدة “4400” عام 2000 وتتولى نقل الأسلحة والأموال من إيران إلى لبنان عبر محاور سرية ضمن سوريا، بالشراكة مع النظام السوري أو “بالتغافل منه”، بحسب أدرعي.
وفي تشرين الأول من العام 2010، نشرت صحيفة “لو فيغارو” الفرنسية، تحقيقًا بعنوان “مخابئ أسلحة سرية لحزب الله”.
وقالت الصحيفة الفرنسية إن “حزب الله” يمتلك ثلاث وحدات لنقل الإمدادات من إيران وسوريا إلى لبنان، وهي و”108″ و”112″ و”100″.
والوحدة “108”، ومقرها دمشق هي المسؤولة عن نقل الأسلحة من مستودعات الذخيرة التابعة للجيش السوري، إلى الحدود السورية- البنانية.
والوحدة “112” مسؤولة عن توزيع هذه الأسلحة الواردة من “108” على مستودعات الحزب في لبنان.
أما “100” فمهمتها تسهيل تنقلات قيادات إيران و”حزب الله” بين لبنان سوريا وإيران عبر مطار دمشق الدولي.
ويعتقد أن الوحدة “4400” هي إما تابعة أو بديلة للوحدة “108”، بحسب ما ذكر موقع منظمة “الدفاع عن الديمقراطيات” (FDD)، في 5 من تشرين الثاني الحالي.
وبعد اغتيال القائد في “حزب الله” عماد مغنية بدمشق عام 2008، أخذ الحزب اللبناني على عاتقه إنشاء وتأمين خط الإمداد من إيران إلى لبنان عبر سوريا.
تأمين هذه الخط بدأ بإنشاء مكاتب ومقرات في سوريا لتسهيل هذه العملية، وتولت الوحدات الثلاث “100” و”108″ و”112″ هذه المهمة، بحسب موقع “FDD” الأمريكي.
وفي 2018، ذكر موقع “إنتل تايمز” الإسرائيلي، أن قائد الوحدة “108” هو جعفر قصير، المعروف بـ”الحاج فادي”.
وفيما بعد، صارت إسرائيل تعرّف الجهة المسؤولة عن نقل الأسلحة من لبنان إلى سوريا بالوحدة “4400”، وصارت تسميها “وحدة التهريب”.
إسرائيل تقتل قائدين للوحدة
وقتل محمد جعفر قصير (المعروف بـ”الحاج فادي”) في غارة إسرائيلية على الضاحية الجنوبية ببيروت بداية شهر تشرين الأول الماضي.
وكان اسمه ارتبط أيضًا بعمليات الإدارة المالية لـ”حزب الله” وأدرجته أمريكا على قائمة العقوبات لديها في 2018.
واتهمت واشنطن قصير بإدارة العملية المالية بين إيران ولبنان عبر شركات ومشاريع تجارية للتغطية على نشاطات “حزب الله”.
كما رصدت واشنطن سابقًا، مكافأة مالية تصل إلى 10 مليون دولار لمن يدلي بمعلومات عن قصير.
ولد جعفر قصير عام 1967 في دير قانون النهر جنوبيّ لبنان، وهو الأخ الأصغر لأحمد قصير، عضو “حزب الله” الذي يؤرخ تاريخ مقتله بيوم “الشهيد” منذ 11 من تشرين الثاني 1982.
بينما كان شقيقهما حسن قصير، صهر الأمين العام السابق لـ”حزب الله” حسن نصر الله، وقتل أيضًا بدمشق بأحد الضربات الإسرائيلية على المزة في 1 من تشرين الأول الماضي.
اغتيال خليفة قصير
وبعد قصير، تبنت إسرائيل أيضًا مقتل القيادي علي حسن غريب، الملقب بـ“أبو صلاح”، وقالت إنه خليفة جعفر قصير، في إدارة العملية المالية لـ”حزب الله”.
وقتل “أبو صلاح” في ضربة إسرائيلية على منطقة المزة بدمشق في 22 من تشرين الأول الماضي، بحسب المتحدث الرسمي باسم الجيش الإسرائيلي دانيال هغاري.
وتسلم “أبو صلاح” إدارة نقل الأموال ودعم “حزب الله” خلفًا لقصير، وقتل بعد تنصيبه بأسابيع قليلة وفق ما ذكر هغاري.
شركات البزال.. غطاء المالي لـ”حزب الله”
يرتبط اسم محمد قاسم البزال بمحمد جعفر قصير، والذي ورد اسمه في قائمة العقوبات الأمريكية واعتبرته شريكًا لقصير في إدارة استثمارات “حزب الله” التجارية.
وكان البزال، رئيس الشؤون المالية للوحدة، أنشأ عدة شركات في سوريا منها، “تلاقي” و”توافق” و”السنابل الخضراء” و”الآفاق” و”نغم الحياة”.
واتهمت واشنطن هذه الشركات بأنها للتغطية على أنشطة “حزب الله” التجارية.
وينحدر البزال من مدينة بعلبك شرقيّ لبنان، وهو زوج فاطمة ابنة محمد جعفر قصير، ومولود عام 1984.
سوريان مرتبطان بالوحدة “4400”
إضافة لأعضاء “حزب الله”، يرتبط اسمان سوريان بالوحدة “4400”.
الأول، محمد براء القاطرجي الذي اغتالته إسرائيل بغارة استهدفت سيارته بالقرب من الحدود السورية- اللبنانية، في 15 من تموز الماضي.
رجل الأعمال السوري المقرب من النظام، شريك مؤسس في مجموعة “القاطرجي” والذي أدرجته أمريكا على لائحة العقوبات عام 2018.
ويعد القاطرجي شريكًا للوحدة “4400” في عمليات تهريب النفط الإيراني والسوري، بالتعاون مع “الحرس الثوري” الإيراني.
والقاطرجي مولود عام 1976 في الرقة لعائلة أصولها من الباب شماليّ حلب.
والاسم السوري الثاني الذي ارتبط بالوحدة التابعة لـ”حزب الله” هو محمد عامر شويكي.
ويعتبر رجل الأعمال السوري صلة وصل مع “حزب الله”، ونقل أموالًا من إيران إلى وكلاء في سوريا لدعم الحزب اللبناني، بتسهيل من محمد جعفر القصير.
وأدرجت واشنطن الشويكي، المقيم في روسيا، على قائمة العقوبات الأمريكية عام 2018، على خلفية عمليات نقل المال والنفط من إيران إلى سوريا، بالتعاون مع “الحرس الثوري” الإيراني.
معابر مدنية لنقل الأسلحة
ترتبط سوريا مع لبنان بستة معابر بريّة رئيسية، وتوجد العشرات من المعابر غير الرسمية، تستخدم في عمليات التهريب على الحدود بين البلدين.
وبحسب تقارير استخباراتية إسرائيلية، يستخدم “حزب الله” اللبناني هذه المعابر لنقل أسلحته من سوريا إلى لبنان.
ووفق دراسة نشرها مركز “ألما” الإسرائيلي ترتبط سوريا مع لبنان بأكثر من 130 معبرًا غير رسمي معظمها شرقيّ لبنان وهي دون تفتيش أو رقابة.
وتتولى الوحدة “4400” نقل الأسلحة من سوريا والأموال والبضائع، بما فيها النفط، لتزويد “حزب الله”، بمساعدة موظفين حكوميين على الطرفين، إما بدافع أيديولوجي أو مقابل المال، بحسب “ألما”.
وفضلًا عن المعابر غير الشرعية، يستخدم “حزب الله” المعابر الستة الرئيسية بين سوريا ولبنان، لنقل أسلحته ما دفع الجيش الإسرائيلي لضربها، وفق ما رجح مركز الدراسات الإسرائيلي.
وفي 3 من تشرين الأول الماضي، قصفت إسرائيل معبر المصنع الحدودي بين سوريا ولبنان، وقالت إنها استهدفت نفقًا يستخدمه “حزب الله” لأغراض قتالية.
وإضافة إلى النفق، دمرت الغارة الإسرائيلية مبانٍ عسكرية، بالقرب من المعبر، تابعة للوحدة “4422”، وفق المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أدرعي.
تحذيرات للنظام
وتأتي الضربات الإسرائيلية على المعابر الحدودية في إطار التحذيرات للنظام السوري من التعامل وتسهيل عمل “الوحدة 4400” التي تنقل الأسلحة من المستودعات السورية إلى “حزب الله”.
وسبق أن تعرضت مستودعات الأسلحة في سوريا إلى استهدافات إسرائيلية ما يشير إلى ارتباط هذه المستودعات بالدعم الذي يقدمه النظام السوري إلى حليفه “حزب الله”.
وخلال الشهرين الماضيين، تعرضت ثلاثة مناطق في سوريا تحتوي على مستودعات للأسلحة، وهي شنشار بريف حمص الجنوبي وتل شنان وشتاية شرقيها، والسفيرة شرقي حلب.
ووفق ما أفاد الخبير العسكري اسماعيل إيوب، عنب بلدي، تشهد منطقة شرقي حمص نفوذًا للميليشيات الإيرانية، وتعمل على نقل الأسلحة من العراق إلى لبنان عبر سوريا.
وأضاف أيوب أن هذه المليشيات تستخدم طرقًا ترابية في نقلها للأسلحة من بوابة البوكمال مع العراق، لتفادي الضربات الإسرائيلية.
عبر البحر
من الطرق التي يستخدمها “حزب الله” في نقل أسلحته أيضًا العبارات المائية من ميناء اللاذقية إلى لبنان، وفق ما ذكر موقع “إنتل تايمز” الإسرائيلي، في آذار الماضي.
ووفق ما نقل الموقع عن مصادر استخباراتية، عملت الوحدة “4400” على نقل الأسلحة القادمة من إيران عبر “وحدات التهريب” عن طريق البحر، عبر سفن إيرانية مدنية.
ومنذ بداية الحرب على غزة وحتى نشر التقرير على الموقع الإسرائيلي في آذار الماضي، أفرغت نحو خمس سفن قادمة من ميناء بندر عباس في إيران، حمولتها في سوريا.
وتوقع الموقع الإسرائيلي أن يكون هذا النشاط لنقل الأسلحة من إيران لـ”حزب الله” عبر سفن إيرانية مدنية.
أبرز استهدافات إسرائيل للوحدة في سوريا
بعد معركة “طوفان الاقصى”، كثفت إسرائيل من ضرباتها على سوريا، وتقول إنها تستهدف قادة ونقاطًا تابعة لإيران أو الميليشيات الموالية لها، وعلى رأسها “حزب الله”.
وخلال هذه الفترة، ضربت إسرائيل عدة مواقع تستخدمها الوحدة التابعة لـ”حزب الله” في سوريا.
أبرز الضربات على الوحدة كانت في 8 من أيلول الماضي، على مركز البحوث العلمية بمصياف وسط سوريا.
وتحدثت حينها صحيفة “نيويورك تايمز” عن عملية إنزال جوي واستحواذ على وثائق من مركز البحوث.
وبحسب موقع منظمة “الدفاع عن الديمقراطيات” (FDD) دمرت الغارات الإسرائيلية معملًا للطائرات المسيرة، كان تحت إشراف الوحدة “4400”.
وفي 3 من تشرين الأول الماضي، هاجمت طائرات مسيرة إسرائيلية، مواقع بالقرب من مطار حميميم باللاذقية والتي تسيطر عليه روسيا.
المسيرات الإسرائيلية استهدفت مستودعات أغذية، قال موقع “FDD” إن الوحدة “4400” استخدمها لتخزين أسلحة لـ”حزب الله”.
ووفق الموقع الأمريكي، تزامنت الغارات الإسرائيلية مع وصول طائرة تابعة لشركة “ماهان” الإيرانية والخاضعة لعقوبات واشنطن.