منذ سنوات، صار إصلاح المدفأة القديمة خيارًا إجباريًا للأربعيني عبيد المجول القاطن في القامشلي، ورغم رغبته بشراء مدفأة جديدة، تمنعه الأسعار المرتفعة من ذلك.
عبيد الذي يعمل في أحد المستودعات المحلية، قال لعنب بلدي، إنه يقرر في بداية كل فصل شتاء أن يتخلص من مدفأته القديمة التي كثيرًا ما تتعطل وتترك عائلته تواجه البرد، لكنه في كل مرة يقرر صيانتها ويعدل عن شراء واحدة جديدة بسبب ارتفاع الأسعار.
وذكر أن خيار إصلاح المدفأة يكلف مبلغًا ليس بالقليل مقارنة بدخله الشهري الذي لا يتجاوز مليون ليرة سورية (65 دولارًا أمريكيًا).
ووصف الوضع المعيشي بأنه “غير قابل للتحمل”، فهو بالكاد يستطيع تأمين لقمة العيش، متسائلًا كيف بإمكانه اقتناء مدفأة جديدة تكلفه راتب شهر كامل؟
هذا العام، زادت أسعار المدافئ في القامشلي وسط ظروف اقتصادية صعبة، ما يجعل تأمين المدافئ تحديًا حقيقيًا للسكان.
حسب النوع والحجم.. أسعار متفاوتة
حسبما رصدت عن بلدي فإن أسعار المدافئ تتفاوت من محل لآخر، وكذلك حسب النوع والحجم، فالكبيرة التي تضم قطعًا من النحاس يصل سعرها إلى 1.5 مليون ليرة سورية (100 دولار أمريكي)، وسعر متوسطة الحجم مليون و50 ألف ليرة (70 دولارًا).
ويبلغ سعر المدفأة الكبيرة التي تضم قطعًا من الألمنيوم 850 ألف ليرة (56 دولارًا)، والمتوسطة بـ600 ألف (44 دولارًا)، والمدفأة صغيرة الحجم بـ400 ألف (27 دولارًا).
وارتفعت أسعار ملحقات المدفأة مثل “البواري” و”الأكواع”، إذ يصل سعر البوري الأبيض إلى 15 ألف ليرة، و”الكوع” إلى 10 آلاف ليرة، والبوري الأسود إلى 28 ألف ليرة سورية.
اشتكت السيدة سعاد الحسين (49 عامًا) المقيمة في القامشلي، من حالة تفاوت الأسعار، وقالت لعنب بلدي إن التفاوت يعكس حالة غياب الرقابة على الأسعار في السوق.
وبحسب تجربتها، ترى أن أصحاب المحال يتحكمون بالسعر وفق الدولار، ولا يلتزمون حتى بقيمة تصريف الدولار، وعادة ما يكون حساب الدولار لديهم أغلى “كي يضمن التاجر الربح أكثر على حساب المواطن”.
ويوجد سوق لبيع القطع والملحقات المستعملة، ويلقى رواجًا بين السكان بحسب سعاد، وهو أحد الحلول التي تلجأ لها الأسر الفقيرة ومحدودة الدخل.
الأسعار “ليست بيد البائع”
في المقابل، يرى أصحاب المحال أن المشكلة ليست في الأسعار فقط، بل في انخفاض القدرة الشرائية للمواطنين وتدهور الحال الاقتصادية بشكل عام.
محمد الرجب (38 عامًا) صاحب محل لبيع أدوات التدفئة في القامشلي، قال لعنب بلدي إن ارتفاع الأسعار ليس في يد البائع وحده، إذ توجد عدة أسباب، كارتفاع أسعار المواد الأولية اللازمة للتصنيع وأجور العمالة والشحن وانخفاض قيمة الليرة السورية.
واعتبر أن التجار مهما خفضوا الأسعار سيبقى الزبون يشتكي، لأن وضعه الاقتصادي صعب.
أما رشيد خالد (39 عامًا) الذي يعمل في صيانة المدافئ من بلدة القحطانية، فقال لعنب بلدي إن صيانة المدافئ باتت من الخيارات الشائعة بين المواطنين لتوفير “نفقة التدفئة”.
وذكر أن أجور الصيانة تتفاوت بحسب العطل والقطع الواجب تبديلها، فمثلًا تبديل تنور المدفأة يكلف 100 ألف ليرة سورية (7 دولارات)، وتنظيف المدفأة فقط 100 ألف ليرة، ولحام كسر نحاسي 50 ألفًا، وتبديل البلور الحراري 25 ألف ليرة.
وأضاف أن رداءة المازوت المستخدم تتسبب بالعديد من المشكلات الفنية في المدافئ، مثل الانسداد والتكتل داخل جسم المدفأة، وربما تنشأ حرائق إذا لم يتم إجراء صيانة دورية.
وحسبما علمت عنب بلدي من تجار محليين، فإن مدافئ المازوت تستورد من عدة مصادر من حلب ومنبج وشمالي العراق مع ملحقاتها.
كما توجد ورش محلية لتصنيع ملحقات المدافئ كـ”البواري”، بينما المدافئ التي تعمل على الكهرباء “سخانات” فأغلبها ذات منشأ تركي، لكنها أقل إقبالًا بسبب شح الكهرباء في المنطقة.