انتقلت فصائل عسكرية في شمال غربي سوريا من استخدام الطائرات دون طيار (المسيرات) للرصد إلى تنفيذ هجمات ضد مواقع “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) وقوات النظام السوري.
وصدت عنب بلدي على معرفات فصائل منذ أيلول الماضي، استخدام المسيرات في عمليات هجومية تتضمن إلقاء قنابل على عربات عسكرية أو تحصينات، وأيضًا استخدام المسيرات الانتحارية.
استخدام المسيرات من قبل الفصائل بتنفيذ هجمات والتدريب عليها ظهر لأول مرة بالنسبة لفصائل “الجيش الوطني السوري” المدعوم من تركيا، في 20 من آب الماضي، في صور نشرتها وزارة الدفاع التابعة لـ”الحكومة المؤقتة” لتدريبات على المسيرات الانتحارية.
هل تحدث فارقًا
تطورت المسيرات وزادت وتيرة استخدامها، وصارت تعتبر من أدوات الردع والتثبيت، ويسبب الهجوم على مواقع متقدمة لـ”قسد” والنظام خللًا استراتيجيًا بالمنطقة المستهدفة، وبالتالي تقل قوة وتشل نقاط النظام و”قسد”، بحسب الباحث في “مركز حرمون للدراسات المعاصرة”، نوار شعبان.
وأوضح الباحث، لعنب بلدي، أن فصائل المعارضة تستخدم المسيرات بضرب مواقع تحصين متقدمة لتفريغها، وهي ليست أسلحة هجومية ولا دفاعية أيضًا، وإنما تعتبر حاليًا تكتيكية (أسلوب تكتيكي) لتثبيت وتأمين خطوط ومحاور معينة.
استخدام المسيرات العسكرية يجب أن يكون ضمن سياق معركة على الأرض، ولا يمكن استخدام المسيرات الموجودة حاليًا لدى فصائل المعارضة كأداة هجوم، إلا إذا اعتبرت كسلاح إسناد للعمل البري، بحسب شعبان.
أي يتم استخدامه باستهداف خطوط دفاع أولية لتفريغ محاور وخطوط ثم التقدم، ولكن فصائل المعارضة لا تستخدمها بهذا الشكل، إنما كأداة ردع، على سبيل المثال، هذه النقطة تستهدفني بالقصف المدفعي استهدفها بالمسيرات لإفراغها، وفق شعبان.
على الضفة الأخرى، استخدم النظام و”قسد” المسيرات في الهجمات العسكرية قبل فصائل المعارضة.
واستخدم النظام المسيرات بشكل عشوائي واستهدف المدنيين بشكل أساسي، ما أثار الهلع ودفع لموجات نزوح جديدة، وعزز الهشاشة الأمنية في مناطق سيطرة المعارضة شمال غربي سوريا.
أما “قسد” تفستخدمها لتنفيذ هجمات عسكرية بحتة مع استهداف محدود للمدنيين، فهي تستهدف بشكل أساسي مواقع “الجيش الوطني السوري” وأحيانًا القوات التركية.
اقرأ أيضًا: ما قدرات فصائل المعارضة السورية في مجال الطائرات المسيّرة
ما نوع المسيّرات لدى فصائل المعارضة
لا تعلن فصائل “الجيش الوطني” بريف حلب أو “غرفة عمليات الفتح المبين” العاملة في إدلب عن أنواع المسيرات التي تملكها، لكن يمكن رصدها خلال التدريبات أو استخدامها في العمليات يمكن التعرف على بعض أنواعها.
مصادر خاصة من “الوطني” ذكرت، لعنب بلدي في وقت سابق، أن “الجيش” لديه مسيّرات مصنعة محليًا أو معدلة لجميع المهام القتالية (مذخرة، استطلاع، انتحارية)، ويجري التدريب عليها من باب الإعداد لأي عمل عسكري.
الباحث السوري في شؤون الطائرات المسيّرة علي السلوم، قال لعنب بلدي في وقت سابق، إن “الجيش الوطني” يمتلك بعض الطائرات المسيّرة التي تعتبر طائرات هواة ذات أربع مراوح يقتصر استخدامها على مسافات بسيطة في الاستطلاع ورمي بعض القنابل.
الوضع مشابه لدى “الفتح المبين”، التي تشكل “تحرير الشام” عمادها في إدلب، لكنها أولت اهتمامًا مبكرًا في مسألة التصنيع المحلي، وتعد متفوقة على “الوطني” بتصنيع طائرات مسيّرة للاستخدامات الاستطلاعية والهجومية، مستفيدة من المبادرات المحلية في استخدام الموارد المتاحة، رغم التحديات التقنية والمادية.
وبحسب الباحث علي السلوم، يبدو أن “الفتح المبين” تسعى لتوفير ذلك من خلال التعاون مع خبراء محليين أو من خلال اكتساب المعرفة من مصادر خارجية، “هذه القدرة على التعلم والتكيف تعد ميزة قوية”، بحسب تعبير الباحث.
اقرأ أيضًا: تكتيكات عسكرية لمواجهة المسيّرات في الشمال السوري
ريف حلب.. مقربون من تركيا
في 20 من آب الماضي، نشرت وزارة الدفاع في “الحكومة المؤقتة” صورًا أظهرت استخدام “الجيش الوطني” للمرة الأولى “المسيرات الانتحارية” (FPV)، وتبع ذلك بنحو ثلاثة أسابيع تسجيل مصور أظهر تنفيذ “الوطني” ضربات عسكرية ضد مواقع “قسد” باستخدام المسيرات.
ووفق رصد عنب بلدي لمعرفات “الوطني”، الفصائل الأبرز التي تستخدم المسيرات في تنفيذ هجمات هي “فرقة السلطان مراد” و”القوة المشتركة” التي تضم “فرقة السلطان سليمان شاه” المعروفة بـ”العمشات” و”فرقة الحمزة” المعروفة باسم “الحمزات”.
هذه الفصائل هي أكثر تشكيلات “الوطني” المقربة من تركيا، المعروفة بتصنيع وتطوير الطائرات المسيرة.
وخلال الشهرين الماضيين نشرت هذه الفصائل على معرفاتها تسجيلات مصورة لتنفيذ هجمات ضد مواقع “قسد”، تضمنت ضرب دشم ومواقع تحصين وآليات عسكرية.
إدلب.. اتهام بوجود يد أوكرانية
كرر مسؤولون روس منذ أيلول الماضي توجيه اتهامات لـ”هيئة تحرير الشام” صاحبة النفوذ في إدلب والمنضوية ضمن “الفتح المبين” بأنها تلقت عرضًا أوكرانيًا تضمن إفراج “تحرير الشام” عن مقاتلين شيشانيين معروفين بعدائهم لروسيا مقابل منح أوكرانيا “الهيئة” طائرات مسيرة.
بدورها نفت “تحرير الشام” و”حكومة الإنقاذ” الاتهامات الروسية عدة مرات.
وضمن التصعيد الروسي فيما يخص العلاقة بين “تحرير الشام” وأوكرانيا، نشر موقع “الربيع الروسي” إصدارًا لـ”جماعة التوحيد والجهاد”، وعلق الموقع على الإصدار بأن فصائل إدلب تتعلم طريقة استخدام المسيرات من التجربة الأوكرانية ضد الروس.
كتيبة أو جماعة “التوحيد والجهاد” من أبرز الفصائل العسكرية الإسلامية التي تقاتل إلى جانب “تحرير الشام”، وتتبع لها وتتماشى مع سياستها، وتضم عناصر من الأوزبك والطاجيك.
وتعمل عدة مجموعات داخل “الفتح المبين”، التي تضم “تحرير الشام” وجماعات أخرى، على تطوير السلاح المصنع محليًا، ومنها المسيرات التي استخدمت في الرصد وتنفيذ الهجمات، وليس من الصعب أيضًا الحصول على مسيرات تجارية وإجراء إضافات عليها لتصبح انتحارية أو تلقي قنابل، بنفس الطريقة التي تتبعها بقية الفصائل.