الشتاء والأجور يضيّقان على عمال المياومة بالقامشلي
القامشلي – مجد السالم
من حي جمعاية في أطراف القامشلي الشرقية، ومع ساعات الصباح الأولى يتوجه أحمد العلي (46 عامًا) إلى الشارع العام مقابل البلدية بشكل شبه يومي، منتظرًا فرصة عمل مع عشرات العمال المياومين الآخرين الذين تقاطروا إلى المكان.
أمل الحصول على العمل تنغصه حسرة، بسبب قلة المقابل المالي وبذل مجهود جسدي “كبير” وفق أحمد، الذي قال “نعمل كل شيء مقابل لا شيء”.
أحمد مثال من عشرات العمال الذين يشتكون قسوة الظروف المعيشية، وصعوبة تأمين احتياجات الأسرة، خاصة مع قدوم فصل الشتاء، ووجود مصاريف يفرضها البرد.
مقابل ثلاثة دولارات
يتراجع الطلب على العمالة اليومية فصل الشتاء، إذ يؤجل أغلب السكان المحليين والمقاولين أعمالهم في أيام المطر، وهذا يعني عدم إمكانية تأمين حتى “رغيف الخبز” لعائلته المؤلفة من أربعة أفراد، وفق ما ذكره العامل المياوم أحمد في حديثه لعنب بلدي.
يحظى الرجل أحيانًا بفرصة في تحميل (عتالة) الأثاث المنزلي، ورفع “البحص” والرمل والحجارة للمقاولين وغيرهم لعدة طوابق في أبنية قيد الإنشاء، أو ربما يعمل في تنظيف الحدائق أو فتح مجاري الصرف الصحي المغلقة، مضيفًا أن كل هذا لقاء أجر يومي يتراوح بين 30 و50 ألف ليرة سورية (ثلاثة دولارات أمريكية).
ويتجمع عمال المياومة في القامشلي في عدة أماكن، أشهرها أمام البلدية في السوق، وعند “الدوّار” في مدخل المدينة الغربي على طريق عامودا.
وحسبما علمت عنب بلدي من عمال وعاملات من المنطقة، فإن الوضع أسوأ عند النساء اللواتي يعملن بالمياومة (عتالة مواد غذائية)، لأن النساء يعملن وفق نظام الورش (فرق)، وكل روشة مؤلفة من نحو 20 فتاة، مسؤولة عنهن امرأة يتفق معها صاحب العمل على تنزيل حمولة معينة بأجرة لا تتجاوز 35 ألفًا للعاملة الواحدة، وهذه الورش قد تبقى “أسابيع” من دون عمل.
وتعد الأجور منخفضة أمام قائمة احتياجات العائلة، وبحسب “مؤشر قاسيون لتكاليف المعيشة” فإن وسطي تكاليف المعيشة لأسرة سورية مكوّنة من خمسة أفراد ارتفع إلى “أكثر من 13 مليون ليرة سورية “(850 دولار أمريكي)، في حين بقي الحد الأدنى من الأجر الشهري لدى حكومة النظام السوري نحو 18 دولارًا، ولدى “الإدارة الذاتية” نحو 70 دولارًا.
النقل يؤثر على العمال
يعتبر ماجد النزال (38 عامًا) نفسه محظوظًا كونه يمتلك دراجة نارية تقله إلى مكان تجمع العمال المياومين أمام البلدية، حيث يأتي كل صباح من قريته القريبة في ريف القامشلي الجنوبي بواسطة درجته النارية.
قال ماجد لعنب بلدي، إن ارتفاع أجور النقل يؤثر على عمال المياومة، خصوصًا ممن يأتون من الريف، فهم يتكلفون أجرة الطريق وأحيانًا دون أن يكون هناك فرصة للعمل، وفي أيام الشتاء الممطرة لا يستطعون القدوم.
لفت ماجد إلى أنه يحاول قدر المستطاع مساعدة عمال قريبين من سكنه، حيث يقلهم معه على دراجته النارية لتوفير أجرة الطريق في الذهاب والإياب.
ومع ذلك، يجد ماجد صعوبة في توفير الوقود لدرجته النارية بسعر مناسب، خصوصًا مع شح المحروقات التي تشهده المنطقة في الوقت الحالي.
وحسبما رصدت عنب بلدي، فإن أجور النقل من وإلى ريف القامشلي ارتفعت من 8000 إلى 10 آلاف ليرة للراكب الواحد (ذهاب وإياب يكلف العامل 20 ألف ليرة سورية)، وهي تعادل نحو نصف أجرته اليومية، إذ ارتفعت أسعار المحروقات من 4700 ليرة لليتر الواحد من المازوت إلى 6000 ليرة، والبنزين 8000 ليرة سورية.
كما أن “سرافيس” النقل العام رفعت أجور النقل للراكب الواحد من 1000 إلى 2000 ليرة سورية، وسيارات الأجرة الخاصة “تاكسي” ارتفعت من 15 ألفًا إلى 25 ألف ليرة سورية.
ولجأ عمال المياومة ضمن المدينة إلى التنقل بواسطة الدراجة الهوائية كحل رخيص لهذه المشكلة، بحسب رصد عنب بلدي.
“حقوق ضائعة وتحكم في الأجور”
أضاف ماجد لعنب بلدي أن حقوق عمال المياومة ضائعة، وهم دائمًا يخضعون لتحكم أرباب العمل بالأجرة اليومية، وتنشأ عن ذلك العديد من المشاجرات.
وذكرأن “أصعب” ما قد يمر به العامل هو تعرضه للإصابة خلال العمل، إذ لا يتحمل صاحب العمل “أي مسؤولية” وإن ساعد في علاج الإصابة يكون ذلك “تكرمًا منه”.
وكانت “الإدارة الذاتية” أسست في العام 2015 ما سمته “اتحاد الكادحين”، وفي تصريح لشيرو محمد، رئيس الاتحاد، في 31 من تشرين الأول الماضي، قال إنهم “قاموا بوضع نظام للعمال تضمن بنوده حماية حقوقهم ومساعدتهم وتدريبهم”.
وذكر أن هناك نحو 70 ألف عامل استفادوا من الاتحاد، كما قاموا بتأسيس صندوق لمساعدة العمال المصابين سجل فيه نحو 11 ألف عامل.
اقرأ أيضًا: نساء يمتهنّ “العتالة” في القامشلي
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :