عنب بلدي – هاني كرزي
“العمر مجرد رقم”، مقولة أثبتها كثير من لاعبي كرة القدم الذين وصلوا إلى مشارف سن الـ40 وما زالوا في قمة عطائهم، بينما لاعبون آخرون في سنهم اعتزلوا منذ سنوات، أو لم يعد يسمع أحد بهم بسبب تراجع مستواهم البدني.
يتأثر لاعب كرة القدم بتقدمه في السن، ويصبح غير قادر على الجري والضغط وتحمل الجهد الكبير كما في بداية عمره المهني، ومن واصل اللعب إلى سن متأخرة فهو بالضرورة قد خفض معدل الجري لديه وعدد الدقائق التي يلعبها.
لكن في المقابل، هناك لاعبون خرجوا عن هذه القاعدة، نتيجة العزيمة والتدريب الكبير والمتواصل، وبسبب قدرتهم البدنية التي تميزهم عن باقي اللاعبين، وتكيفهم مع قدراتهم الحالية، وإدراكهم لحدود عطائهم، وبالتالي يعرفون إمكانياتهم ويوظفونها في تقديم أكبر فائدة ممكنة لأنديتهم ومنتخباتهم.
عُجز في سن الشباب
رغم أن الشخص الذي يتراوح عمره بين 36 و40 عامًا، يقال إنه ما زال في سن الشباب، يوصف اللاعب ضمن هذه الفترة العمرية بـ”العجوز” في عالم كرة القدم، وبالتالي من يستمر في تقديم مستوى مميز بعد وصوله لهذه السن يعتبر ظاهرة فريدة.
في الوقت الحالي، هناك العديد من اللاعبين الذين تجاوزوا سن الـ36 عامًا وما زالوا في قمة مستواهم، ولعل أبرزهم النجم البرتغالي كريستيانو رونالدو صاحب الـ39 عامًا.
قبل أيام، سجل رونالدو هدفًا أسطوريًا عبر مقصية هوائية في مرمى بولندا ضمن بطولة الأمم الأوروبية، ليقود منتخب بلاده البرتغال للتأهل إلى الدور ربع النهائي من البطولة.
رغم تقدمه في السن، ما زال رونالدو يقدم مستويات كبيرة، إذ وصل إلى الهدف رقم 910، كأفضل هداف في تاريخ كرة القدم، وما زال يطمح للوصول إلى الهدف رقم ألف رغم وصوله إلى هذا العمر، بحسب موقع “ترانسفير ماركت“.
رونالدو انضم إلى نادي النصر السعودي في عمر 37 عامًا، ومن خلال النظر إلى أرقامه مع الفريق السعودي، نجد أنه سجل حتى الآن أي مع بلوغه 39 عامًا، 68 هدفًا، وهو رقم كبير للاعب في عمره، ما يظهر القدرة البدنية التي يمتلكها “الدون”.
ليونيل ميسي (37 عامًا) من اللاعبين الكبار الذين ما زالوا يقدمون مستويات مميزة رغم تقدمهم في السن، فالنجم الأرجنتيني هو ثاني أحسن هداف في التاريخ برصيد 861 هدفًا.
انتقل ميسي إلى فريق إنتر ميامي الأمريكي بعمر 35 عامًا، وخلال عامين سجل 34 هدفًا، كما أنه سجل هذا العام (أي في عمر 37 عامًا) 29 هدفًا خلال 34 مباراة مع الأندية والمنتخبات.
لوكا مودريتش وصل إلى 39 عامًا، وما زال في قمة عطائه، إذ إنه يعتبر من اللاعبين الأساسيين في ريال مدريد، ودخوله في أي مباراة يصنع الفارق بفضل تحركاته المميزة في وسط الملعب، وتمريراته الحاسمة التي تسهم في تسجيل الأهداف.
رغم امتلاك المدرب الإيطالي كارلو أنشيلوتي لاعبين شباب بعمر 20 سنة في صفوف ريال مدريد، أبرزهم أردا غولير وإبراهيم دياز وإدواردو كامافينجا، فإنه يفضّل عليهم في كثير من الأحيان اللاعب “العجوز” مودريتش، ما يؤكد أهمية هذا اللاعب بالنسبة للريال رغم تقدمه الكبير في السن.
البولندي روبرت ليفاندوفسكي، البالغ من العمر 36 عامًا، حاضر أيضًا ضمن قائمة أفضل اللاعبين “العجز” الذين يقدمون أداء مميزًا مع أنديتهم ومنتخباتهم.
“ليفا” الذي انخفض مستواه حين كان أصغر سنًا، كسر كل القواعد وعاد للتألق مع تقدمه في السن بدلًا من تراجع مستواه، واستطاع المدرب الألماني هانزي فليك إخراج أفضل نسخة من ليفاندوفسكي هذا الموسم.
سجل النجم البولندي هذا الموسم 14 هدفًا في الدوري الإسباني مع برشلونة، لينفرد في صدارة الهدافين، ويساعد فريقه في اعتلاء صدارة الدوري.
لاعب بعمر 57 عامًا
ربما تعتقد أنها مزحة حين نقول لك إن هناك لاعبًا وصل إلى سن الـ57 عامًا، وما زال يلعب كرة القدم، فإن المهاجم الياباني كازويوشي مييورا.
الياباني مييورا يلعب حاليًا مع فريق أتليتكو سوزوكا في دوري الدرجة الرابعة الياباني لكرة القدم، قادمًا على سبيل الإعارة من نادي يوكوهاما إف سي من الدرجة الثانية، ويستعد للعب موسمه الـ40، وفق ما ذكرته صحيفة “ذا أتلتيك” الرياضية.
رغم تقدمه الكبير في السن قال مييورا، “لا أعتبر الاعتزال خيارًا يساورني في الوقت الحالي. شغفي للعبة عالٍ جدًا ولا يتزعزع”.
بدأ مييورا، المعروف باسم “الملك كازو”، مسيرته الاحترافية في عام 1986 مع نادي سانتوس البرازيلي، كما لعب مع أندية بالميراس وكوريتيبا وجنوى ودينامو زغرب وفيسيل كوبي وسيدني إف سي.
كما قضى فترة من مسيرته على سبيل الإعارة مع نادي سوزوكا في عام 2022، قبل الانضمام إلى نادي الدرجة الثانية البرتغالي أوليفيرينسي بانتقال مؤقت في كانون الثاني 2023.
فاز مييورا بـ18 لقبًا طوال مسيرته المهنية، وحقق جائزة أفضل لاعب في آسيا عام 1992.
مييورا، لاعب منتخب اليابان السابق، لا يزال يمارس كرة القدم الاحترافية، بينما اعتزل معظم معاصريه قبل عقود من الزمن، ليؤكد أن العمر مجرد رقم.
ما سر حفاظهم على القوة البدنية
يكثر الحديث حول كيفية محافظة العديد من اللاعبين على لياقتهم البدنية العالية رغم تقدمهم في السن، ووصولهم إلى مشارف الـ40 عامًا.
موقع “Pravda.ru” الرياضي، تحدث عن رونالدو كمثال للاعب أصبح بعمر 39 عامًا، وما زال يتمتع بقوة بدنية عالية.
وذكر الموقع أن كريستيانو يحرص على الذهاب إلى صالة بناء الجسم بشكل يومي، حيث يتمرن خمسة أيام في الأسبوع، ويستريح يومي الثلاثاء والسبت.
تمارين رونالدو تستهدف تدريب كل عضلات جسمه، بما فيها تمارين القلب، كما أنه يمارس رياضة الغطس لتقوية جهازه التنفسي.
رونالدو مشهور بنظام التغذية الصارم الخاص به، إذ يعتمد في نظامه على البروتين كأعلى نسبة مقارنة مع الكربوهيدرات والدهون، ويعتمد على اللحم البقري في الحصول على مصدر البروتين خلال يومه.
كما يقوم باستخدام المكملات الغذائية والفيتامينات المتعددة، لدعم المفاصل، والحصول على مرونة الجسم، والحفاظ على الكتلة العضلية، وزيادة مناعة الجسم.
أما بالنسبة لعدد الوجبات اليومية فيتراوح بين 4 و6 وجبات يوميًا (كل 3-4 ساعات وجبة) للحفاظ على النتائج.