عربات تملأ المدينة
الشتاء ينشّط “السحلب” و”الكسيب” و”أبو حديد” بإدلب
إدلب – سماح علوش
يسعى عبد الحميد مبكرًا وراء رزقه، ويحضّر “السحلب”، وهو عبارة عن حليب يضاف إليه مسحوق خاص به، ونشاء، ويحلّيه بالسكر، ويزينه بالقرفة، لينطلق في بيعه على عربته المتنقلة في شوارع مدينة إدلب شمال غربي سوريا.
الشاب المهجّر من حي باب دريب في مدينة حمص، كانت مهنته الأساسية صناعة المعجنات والحلويات، لكن بسبب ارتفاع تكاليف المعدات والإيجارات، قرر العمل على عربة متنقلة في إدلب حيث يقيم.
مع دخول فصل الشتاء، أضاف الشاب صنف “السحلب” إلى جانب بيعه الكعك وفطائر الجبن والزعتر و”المحمّرة” على الصاج، لإعالة عائلته، ودفع إيجار منزله البالغ 2400 ليرة تركية (70 دولارًا أمريكيًا).
قال الشاب لعنب بلدي، إن “السحلب” يتناسب مع الأجواء الباردة، ويبيع الكوب منه بخمس ليرات تركية، مضيفًا أنه لا يستطيع رفع السعر لأن أغلب الزبائن من الطبقة المتوسطة والفقيرة، وأن هامش الربح “مقبول”.
مع هطول الأمطار وانخفاض درجات الحرارة، زاد انتشار عربات بيع المأكولات والمشروبات الخاصة بفصل الشتاء، لتشكل فرصة عمل تعيل أصحابها في مدينة إدلب.
ولا تغيب عن الأنظار عربات “السحلب” والكعك و”المشبّك و”العوامة” و”الكسيب” والحلاوة و”أبو حديد” في الطرقات وقرب المؤسسات الرسمية والمدارس من الصباح الباكر حتى المساء.
حلويات موسمية موروثة
يحمل فصل الشتاء طابعًا مميزًا عند السوريين، فيزدهر سوق بعض المأكولات الموسمية المرتبطة بهذا الفصل، وبعضها متوارث من الأجداد.
رغم التطور ودخول أصناف أخرى من الحلويات الشرقية والغربية على الأسواق المحلية في إدلب، فإن بعض الأصناف التراثية لا تزال حاضرة كالحلاوة الطحينية المصنوعة من السمسم المقشور و”شرش” الحلاوة والسكر، و”الكسيب” ذي اللون البني الداكن المصنوع من حبات السمسم المحمصة بقشورها، ويخلط إلى أن يصبح قوامه كالعجين.
وينتشر صنف “أبو حديد” أو “السمسمية”، وهو عبارة عن مادة لزجة ذات قوام مطاطي تصنع من السمسم أيضًا، وتعد من الحلويات الشعبية.
الخمسيني عبد الكريم دعبول، بائع متجول على عربة في مدينة إدلب، قال لعنب بلدي، إن “السمسمية” شعبية وشائعة في مدينة إدلب، وينشط بيعها في فصل الشتاء.
وذكر أن الجيل الحالي يغفل عن معرفة هذه الأصناف وأسمائها، ومعرفتها مقتصرة على الجيل القديم، فمعظم الزبائن من كبار السن والأجداد، الذين يقبلون عليها لاعتقادهم بفوائدها بمعالجة التهاب البلعوم والقصبات الهوائية، وإمدادها الجسم بالطاقة.
ويبلغ سعر الكيلو الواحد من “الكسيب” 150 ليرة تركية، والكيلو من “أبو حديد” 100 ليرة تركية، ويصل سعر كيلو الحلاوة إلى 120 ليرة تركية، وفق البائع.
البائع عبد الكريم ذكر أن تنوع بضاعته مرتبط بالمواسم والفصول، إذ يبيع ما هو منتشر ومطلوب في الأسواق، كالتين والحمضيات، وبعض أصناف الخضراوات في الصيف والربيع.
“مشبك” و”عوامة”
يعمل الشاب يوسف حبوش مع والده في تحضير “المشبك” و”العوامة”، وهي مهنة موروثة وموسمية، تباع من بداية تشرين الأول حتى نهاية شباط.
قال الشاب لعنب بلدي، إن الإقبال على الحلويات يزيد في الشتاء، ولـ”العوامة” ذكرى خاصة لدى المهجرين من المحافظات السورية، إذ يستذكرون ليالي الشتاء في مدنهم.
وأضاف أن الإقبال ضعيف على “العوامة” المحشوة بالجوز لأنها مرتفعة الثمن وبالكاد يشتريها أحد، ويقتصر الطلب على “العوامة” العادية بسعر 60 ليرة تركية للكيلوغرام الواحد و”المشبك” بنفس السعر.
يصنع يوسف “العوامة” و”المشبك” عبر استخدام مواد من الطحين والسكر وزيت القلي، معتبرًا أنها مهنة “كريمة ومربحة” مع من يعطيها حقها ويكون كريمًا فيها.
ولفت إلى أنه يعمد مع والده إلى بيع وإدخال أصناف تواكب المواسم، إذ يحضرون “المعروك” خلال شهر رمضان كمنتج إضافي، ثم يبدأ ببيع الخضراوات مع بداية الربيع حتى انتهاء الصيف، قبل أن يعود إلى مصلحته الأساسية ببيع “المشبك”.
ولا توجد أي تراخيص لـ”البسطات” أو الباعة سواء كانوا يبيعون المأكولات أو الفواكه أو المشروبات، وفق مستشار وزير الإدارة المحلية في حكومة “الإنقاذ” العاملة في إدلب، المهندس سعيد الأشقر، في توضيح سابق لعنب بلدي.
وبحسب الأشقر، فإن هناك شروطًا يجب أن يتقيد بها البائع، وهي شروط عامة مثل عدم التعدي على الطرقات أو إغلاقها أو التسبب بحوادث مرورية أو عرقلة السير.
وذكر أن الوزارة خصصت أماكن معيّنة في كل منطقة، بحيث يسمح لأصحاب “البسطات” والباعة بارتيادها فقط بعيدًا عن التجمعات والطرق العامة والرئيسة.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :