عقد مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة جلسة دورية خاصة بسوريا، الخميس 22 من تشرين الثاني، تخللها تأكيدات على ضرورة الحل السياسي واستعراض أبرز التطورات التي شهدها الميدان، مؤخرًا.
وحضر الجلسة ممثلو الدول دائمة العضوية في المجلس وآخرين من منظمات أممية وعاملين في القطاع الإنساني السوري، وألقت المهندسة سوسن أبو زين، المديرة التنفيذية في منظمة “مدنية”، كلمة فيها أمام الأعضاء.
وأثارت كلمة أبو زين غضب موسكو، التي اعتبرت أن دعوتها إلى مجلس الأمن “خطوة استفزازية”.
بريطانيا: “نريد تحقيق سلام دائم”
افتتحت بريطانيا صاحبة الدعوة الجلسة، وجددت دعمها لقرار “2254”، داعية جميع الجهات إلى إعادة الالتزام بالعملية السياسية، وذلك على لسان ممثلها، جيمس كاريوكي.
كما دعا كاريوكي إلى حماية المدنيين العائدين من لبنان إلى سوريا، مؤكدًا أن سوريا ما زالت غير آمنة للعودة “الكريمة والطوعية” على نطاق واسع.
وأكد كاريوكي أن بلاده “حازمة” في سعيها للوصول إلى تسوية سياسية لتحقيق “سلام دائم”، وذلك بتمكين “السوريين العاديين بدلاً من النظام وأعوانه”.
واشنطن: “سوريا ليست آمنة لعودة اللاجئين”
من جهته، أعرب نائب ممثل الولايات المتحدة في مجلس الأمن روبرت وود عن قلق بلاده مما سماه “التقارير المستمرة لانتهاكات نظام الأسد”.
وخص بالذكر السوريين العائدين من لبنان، الذين واجهوا “الاعتقال والاختفاء والتجنيد القسري والموت بسبب التعذيب”.
وكانت تقارير أوردتها منظمات حقوقية أشارت إلى اعتقال النظام السوري لأشخاص عادوا من لبنان بعد الحملة الإسرائيلية العسكرية أواخر أيلول الماضي.
ووثقت “الشبكة السورية لحقوق الإنسان” اعتقال 26 شخصًا بينهم سيدة ومقتل أحدهم، في الفترة ما بين 23 من أيلول الماضي وحتى 25 من تشرين الأول الماضي.
ورفضت واشنطن ما أسمته “الفكرة المعيبة” القائلة إن أجزاء معينة من البلد آمنة للعودة إليها.
وأضاف وود أن سوريا لا تزال غير مناسبة لأعداد كبيرة من العائدين.
واعتبر أن أفضل طريقة لعودة اللاجئين هي أن يخلق الأسد (رئيس النظام السوري) الظروف اللازمة للعودة.
وتتطلب هذه الظروف، بحسب وود، قيادة وعمليات سياسية “جريئة وشاملة”، مشددًا على أن النظام الذي “له تاريخ طويل من القمع” لم يغير من أساليبه.
وتتبنى دول أوربية فكرة أن أجزاء من سوريا آمنة بهدف إعادة اللاجئين إلى هذه المناطق.
ومن هذه الدول: النمسا وإيطاليا والدنمارك والتشيك واليونان وكرواتيا وسلوفينيا وسلوفاكيا.
فرنسا: “العملية السياسية السبيل لتحقيق السلام”
أكدت فرنسا ضرورة تنفيذ القرار الأممي 2254 القاضي بالحل السياسي وانتقال السلطة بشكل آمن، عبر اجراء انتخابات حرة تشرف عليها الأمم المتحدة.
وقال الممثل الدائم لفرنسا لدى الأمم المتحدة، نيكولا دي ريفيير، إن العملية السياسية التي “تلبي تطلعات السوريين” لا تزال السبيل الوحيد لتحقيق السلام.
وجدد دي ريفيير دعم بلاده للمبعوث الخاص للأمين العام في سوريا، غير بيدرسون.
ودعا إلى الضغط على النظام السوري “لإزالة العقبات التي تحول دون عودة اللاجئين السوريين”.
وأعلنت فرنسا في جلسة مجلس الأمن، عن تمويل مشروع تجريبي لبرنامج الأغذية العالمي، لضمان حصول 250 ألف شخص شمال غربي سوريا على مادة الخبر بأسعار معقولة.
“مدنية” تدين “تخاذل المجتمع الدولي”
وقدمت المهندسة المعمارية سوسن أبو زين الدين، المديرة التنفيذية في منظمة “مدنية”، إحاطة في جلسة مجلس الأمن بدعوة من المملكة المتحدة.
وأدانت خلال الجلسة ما وصفته بـ”التخاذل والسياسية الخاملة” للمجتمع الدولي التي تقوض مسار القرار “2254”، ما يزيد من تفاقم الوضع.
وطالبت أبو زين الدين مشاركة الأطراف المدنية في تغيير مستقبل سوريا السياسي، دون استبدال أي هيئة سورية تشارك بالعمل.
واستعرضت خلال الجلسة بعض نشاطاتهم التي قالت إنها “أسست للآلية الدولية المحايدة للمساءلة”.
ودعت أيضًا المجتمع الدولي لفرض ضغوطات على النظام السوري للتعاون في دفع العملية السياسية، وانتقدت إعطاءه ملفات أساسية مشيرةً إلى ملف التعافي المبكر.
وأضافت أن “إرسال المساعدة المستدامة من خلال التعافي المبكر ضرورية، لكن إعطاءها للنظام السوري يقوض جهود التقدم السياسي”.
الروس يغضبون
أثارت دعوة بريطانيا لمسؤولة “مدنية” إلى جلسة مجلس الأمن غضب روسيا، وطالبت بتبرير دعوة أبو زين الدين لقاعة المجلس.
واعتبرت روسيا أن تصرف المملكة المتحدة “استفزاز مباشر”، مضيفة أن لندن سعت إلى “تسييس الجلسة بروح الاستعمار الجديدة السائدة لديها”.
وقال نائب ممثل روسيا في الأمم المتحدة، ديمتري بوليانسكي، إن ممثلة المجتمع المدني (يقصد سوسن أبو زين الدين) تقدمت بـ”سردية خيالية” فيما يتعلق بأوضاع المواطنين السوريين.
وأضاف بوليانسكي، أن المواطنين في سوريا يعيشون بالشكل “الناجح” وبسلام تحت إدارة السلطة (النظام السوري).
واتهم بوليانسكي مسؤولة “مدنية” بعدم احترام أعضاء المجلس وتجاهل مبادئ عمل مجلس الأمن، مضيفًا أن هذه الممثلة (أبو زين الدين) “لا تفهم إطلاقًا ما يحدث في سوريا”.
تجاهل من نائبة بيدرسون
وفي كلمة لها بالجلسة أشارت نائبة المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا نجاة رشدي إلى أن العام الحالي في طريقه ليكون الأكثر عنفًا منذ 2020.
وقالت رشدي، إن إمكانية حدوث دمار في سوريا أكبر تلوح في الأفق وأن منطقة الشرق الأوسط تشهد وقتًا من “عدم اليقين والخطر العميق”.
واعتبرت رشدي أن هناك حاجة ملحة للعمل نحو وقف إطلاق نار على مستوى البلاد وفق قرار مجلس الأمن 2254.
كما طالبت المجتمع الدولي بـ”نهج تعاوني لمكافحة الجماعات الإرهابية المدرجة على قائمة في مجلس الأمن”.
وانتقد مسؤول منظمة “الدفاع المدني السوري”، رائد الصالح الذي كان حاضرًا الجلسة، كلمة رشدي، واعتبر أنها “استفاضت في حديثها عن الهجمات التي استهدفت مليشيات شاركت بقتل السوريين”.
كما قال الصالح إن رشدي تجاهلت أكثر من 220 هجومًا من النظام السوري وروسيا على المدنيين في سوريا وأنها “مرت مرور الكرام” على ذكرها.
وأضاف، “كنت أتمنى أن تتحدث رشدي عن خطورة الهجمات التي يشنها نظام الأسد وحلفاؤه بالطائرات المسيرة الانتحارية. هذه الطائرات المسيرة تهدد حياة السكان وتقوض سبل عيشهم وتمنعهم من جني محاصيلهم الزراعية”.