يشكل 10% من مراجعات الطبيب
الصداع المتكرر عند الأطفال
د. أكرم خولاني
يصاب الأطفال بنفس أنواع الصداع التي يصاب بها البالغون، لكن قد تختلف أعراضها قليلًا، ويشكل الصداع عند الأطفال سببًا لنحو 10% من مجموع زيارات الأطفال إلى العيادات الطبية.
ويظهر الصداع المزمن المتكرر بشكل خاص في مرحلة التعليم الابتدائية، وترتفع نسبته في سن المراهقة، كما أنه يحدث بشكل أشيع عند الفتيات بعد سن البلوغ أو عند وجود تاريخ عائلي من الصداع النصفي.
ما الذي يُقصد بالصداع
الصداع هو ألم مستمر في أي مكان بالرأس أو بمنطقة الوجه، ويقسم من حيث التكرار إلى:
- صداع حاد: يحدث بشكل عارض.
- صداع مزمن: يحدث بشكل متكرر، ويستخدم مصطلح “الصداع اليومي المزمن” للتعبير عن الصداع إن تكرر حدوثه أكثر من 15 يومًا في الشهر.
ما أسباب الصداع المتكرر عند الأطفال
يقسم الصداع من حيث المسببات إلى:
- صداع أولي: يحدث من تلقاء نفسه.
- صداع ثانوي: يحدث كعرض من أعراض مرض ما.
أشكال الصداع الأولي
الشقيقة (الصداع النصفي): يتصف صداع الشقيقة بأنه ألم نابض أو خفقان في الرأس، يزداد سوءًا مع بذل المجهود، وقد يترافق بالغثيان والقيء وألم البطن والحساسية الشديدة تجاه الضوء والصوت.
قد تصيب الشقيقة الرضّع فيبكي الطفل الصغير غير القادر على التعبير عما يؤلمه ويتأرجح إلى الأمام والخلف إشارة إلى ألمه الشديد.
الصداع التوتري: يمكن أن يُسبب الصداع الناتج عن التوتر ضغطًا عاصرًا في عضلات الرأس أو الرقبة، ويكون الألم غير نابض بدرجة خفيفة إلى متوسطة على جانبي الرأس، ولا يتفاقم بسبب النشاط البدني، وغير مصحوب بالغثيان أو القيء، كما هو الحال مع الشقيقة (الصداع النصفي)، ويمكن أن يستمر الألم لمدة تتراوح بين 30 دقيقة وعدة أيام.
الصداع العنقودي: الصداع العنقودي غير شائع لدى الأطفال دون سن العاشرة، وعادة ما يحدث على شكل نوبات مجتمعة من الصداع المتكرر قد تستمر لأسابيع أو لأشهر، وقد يختفي تمامًا لعدة أشهر أو لسنوات، ولكنه يمكن أن يعود مرة أخرة دون سابق إنذار، وهو يتسبب بآلام شديدة وحادة ومتمركزة في جانب واحد من الرأس تستمر لمدة أقل من 3 ساعات، مصحوبة بالتدميع أو الاحتقان أو سيلان الأنف أو التململ أو الهياج.
أسباب الصداع الثانوي
المرض أو العدوى: بعض الأمراض تؤدي إلى صداع متكرر مثل الالتهاب المزمن في الأذن والجيوب الأنفية.
عوامل نفسية: يمكن للتوتر والقلق أن يلعبا دورًا في صداع الأطفال، ويمكن أن يعاني الأطفال المصابون بالاكتئاب من الصداع خصوصًا إن كانت لديهم مشكلة في التمييز بين مشاعر الحزن والوحدة.
أطعمة ومشروبات محددة: قد تحفز النترات (مادة حافظة توجد في اللحوم المُعالجة) حدوث الصداع، كذلك تفعل إحدى الإضافات الغذائية التي تعرف باسم الغلوتامات أحادية الصوديوم، وقد يحدث الصداع بسبب الإفراط في تناول الكافيين، الذي يوجد في الصودا والشوكولا والمشروبات الرياضية.
فقر الدم (الأنيميا) وسوء التغذية.
قصر النظر.
انقطاع النفس الانسدادي النومي، بسبب اللحميات الأنفية مثلًا، لأنه يسبب قلة النوم، ما يؤدي إلى زيادة فرص حدوث صداع عند الطفل.
الإفراط بتناول مسكنات الألم، بما في ذلك مسكنات الألم التي تصرف دون وصفة طبية، ويسمى في هذه الحالة الصداع الارتدادي، فمع مرور الوقت قد تفقد مسكنات الألم والأدوية الأخرى فعاليتها. علاوة على ذلك، فإن جميع الأدوية لها آثار جانبية.
مشكلات في الدماغ: نادرًا ما يؤدي ورم في الدماغ أو خراج أو نزيف دماغي للضغط على مناطق في الدماغ، مسببًا صداعًا مزمنًا يزداد سوءًا، ورغم ذلك، عادة ما تظهر أعراض أخرى في هذه الحالات، مثل مشكلات الرؤية والدوخة وضعف التوازن.
كيف يتم التشخيص
يعتمد الوصول للتشخيص على عدة أمور:
- تاريخ الإصابة بالصداع: وصف نوبات الصداع بالتفصيل، مدى تكرار حدوثها وشدة الألم المصاحب لها ومحفزاتها المحتملة.
- الفحص البدني: يشمل قياس طول الطفل ووزنه ومحيط دماغه وضغط دمه ونبضه وعينيه ورقبته ورأسه وعموده الفقري.
- الفحص العصبي: يجري الطبيب فحصًا للبحث عن أي مشكلات في الحركة أو التناسق أو الإحساس.
يمكن أن تساعد فحوصات التصوير والتقييمات الأخرى، في حالات قليلة، على تحديد التشخيص أو استبعاد الحالات الطبية الأخرى التي قد تسبب نوبات الصداع. قد تتضمن هذه الاختبارات ما يلي:
- التصوير بالرنين المغناطيسي: يساعد على تشخيص الأورام والسكتات الدماغية وتمدد الأوعية الدموية والأمراض العصبية والاعتلالات الدماغية الأخرى.
- فحص التصوير المقطعي المحوسب: يساعد في تشخيص الأورام، والعدوى وبعض المشكلات الطبية الأخرى التي يمكن أن تسبب نوبات الصداع.
ما العلاجات الممكنة
تغيير نمط الحياة: يمكن لبعض الإجراءات المنزلية أن تفيد بتخفيف الصداع، مثل الراحة وتقليل الضوضاء وتناول كمية وفيرة من السوائل وتناول وجبات متوازنة وتعلم طرق الاسترخاء والسيطرة على التوتر.
الأدوية: يمكن لمسكنات الألم التي تُصرف دون وصفة طبية مثل الباراسيتامول (أسيتامينوفين) والإيبوبروفين أن تفيد في تخفيف الصداع لدى الأطفال، مع مراعاة تناولها عند الشعور بأول علامات الصداع.
كذلك فإن الأدوية المقررة بوصفة طبية، مثل أدوية التريبتان التي تُستخدم لعلاج الصداع النصفي، تعد فعالة حيث يمكن استخدامها بأمان مع الأطفال الأكبر من سن 6 سنوات.
وتشير الدراسات إلى أن هناك فيتامينات وأعشابًا تقلل من الألم أو تكرار نوبات الصداع وتشمل:
فيتامين ب 12: آثاره الجانبية نادرة، ولكنها تشمل الإسهال ودخول الحمام أكثر من المعتاد.
المغنيزيوم: تعزيز مستواه عند الطفل يقلل من الصداع، ويمكن ذلك من خلال المكملات والأطعمة الغنية بالمغنيزيوم مثل الخضراوات والفاصولياء والبذور والمكسرات والحبوب الكاملة.
أنزيمQ10 : ثلث الأطفال الذين يعانون من الصداع النصفي يكون لديهم نقص في مضادات الأكسدة التي تكون موجودة في كل خلية في الجسم.
ما المؤشرات التي تدل على ضرورة مراجعة الطبيب
هناك بعض المؤشرات التي يجب على الأهل الانتباه لها في حالة الصداع عند الأطفال، وتدل على أن هناك شيئًا ما يجب معالجته، منها ما يلي:
- ظهور بعض الأعراض الأخرى المصاحبة لألم الرأس عند الأطفال: مثل الحمى وتيبس الرقبة، فقد يرتبط هذا بمشكلة صحية مثل الإصابة بالتهاب السحايا.
- عدم اختفاء ألم الرأس عند الأطفال على مدار اليوم: في حالة استمرار شكوى الطفل من آلام الرأس بعد حصوله على نوم جيد وتغذية جيدة وراحة من المجهود، فيجب استشارة الطبيب لمعرفة سبب هذا الصداع المستمر وعلاجه.
- تقيؤ الطفل مع الشعور بالصداع: ينبغي مراجعة الطبيب لمعرفة سبب القيء مع الصداع، حيث إن القيء يمكن أن يكون علامة ضغط على الدماغ.
- استيقاظ الطفل من النوم نتيجة الإصابة بالصداع: هذا يعني أنه صداع غير عادي ويجب أخذ الطفل إلى الطبيب.
- زيادة الشعور بآلام الرأس في أثناء الاستلقاء: لأن هذا قد يؤشر بزيادة الضغط على الدماغ.
- تكرر الصداع خلال الأسبوع: عند تكرار شكوى الطفل من الصداع المستمر مرتين أو أكثر خلال الأسبوع، مع عدم قدرته على القيام بمهامه سواء الاستذكار أو اللعب أو ممارسة الأنشطة المختلفة، يفضل وصف الحالة للطبيب.
- الصداع الشديد المفاجئ: وخاصة إذا كان الطفل يشكو من دوخة وعدم اتزان، وضعف في الرؤية، وصعوبة الاستيقاظ، وضعف العضلات أو التعب العام.
- الصداع مع خدر وتنميل: في بعض الحالات، يصاحب الصداع ضعف في أحد الأطراف أو جميعها، ولكن إذا استمر الخدر أو الوخز في الأطراف لأكثر من 30 دقيقة، فيجب أخذ الطفل إلى الطبيب.
- الصداع المتركز خلف الرأس: يمكن أن يكون ناتجًا عن مشكلة صحية أخرى.
- الصداع بعد إصابة في الرأس: خاصة مع وجود أعراض أخرى مثل الدوخة وعدم الاتزان وتشوش الرؤية، فهذا يعني أن الإصابة تسببت في تأثيرات سلبية على دماغ الطفل، ويحتاج إلى رعاية طبية على الفور.
- ارتباط الصداع ببذل مجهود: إذا شعر الطفل بالصداع بعد ممارسة أي نشاط معتاد، وتكرر هذا الأمر في كل مرة يمارس فيها الأنشطة والمجهود، فيمكن أن يكون وراء الصداع مشكلة تسبب شعور الطفل بالتعب عند قيامه بأي جهد أو نشاط.
- عدم قدرة الطفل على الرؤية بوضوح: في حالة إصابة الطفل بضعف النظر، فسوف يقوم بتقريب الأشياء إليه ليتمكن من رؤيتها بوضوح، وخاصة عندما يطالع الكتب الدراسية الخاصة به أو الهاتف الذكي، كما أنه سيجلس بالقرب من التلفاز، ويمكن أن تتسبب هذه الأمور في إصابة الطفل بصداع ناتج عن عدم وضوح الرؤية ومحاولاته المتكررة في التحديق بالأشياء المختلفة، وهذا الأمر يؤشر بإصابة الطفل بضعف النظر، وضرورة عرضه على طبيب العيون.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :