عنب بلدي – هاني كرزي
“تقنية التسلل عبر الفار قتلت متعة كرة القدم”، وصف يعكس صورة واضحة عن التأثير السلبي الذي ألحقته التكنولوجيا بكرة القدم، رغم الإيجابيات التي أضافتها وأبرزها ضمان العدالة للجميع، لكن كثيرين وجدوا أن دخول التكنولوجيا جعل المباريات مملة، لتتعالى الأصوات المطالبة بإدخال تعديلات على بعض القوانين في كرة القدم وعلى رأسها قاعدة التسلل.
في نهاية تشرين الأول الماضي، ناقش الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) عددًا من الموضوعات الرئيسة، أبرزها تكنولوجيا التسلل الآلية، وكيفية التعامل مع حالات التسلل، إضافة إلى مناقشة مشكلة حراس المرمى الذين يحتفظون بالكرة لفترة طويلة في أثناء اللعب، وكيفية مكافحة مضايقة الحكام، إذ لا يمكن إلا لقائد الفريق الاقتراب من الحكم في مواقف معينة.
المناقشات هذه تم البحث فيها من قبل “فيفا”، بغية اتخاذ قرارات حاسمة حول إمكانية تعديل بعض قوانين كرة القدم، خلال الاجتماع العام السنوي لـ”فيفا”، المقرر عقده في آذار 2025، في بلفاست عاصمة أيرلندا الشمالية.
قوانين “تقتل” اللعبة
خلال الأيام الماضية زاد الصخب والجدل حول تقنية التسلل، ففي مباراة برشلونة وريال سوسيداد بالدوري الإسباني، حدثت حالة مثيرة للجدل، إذ ألغى الحكم بعد العودة لتقنية الفيديو (الفار) هدفًا سجله مهاجم النادي الكتالوني روبرت ليفاندوفسكي، بسبب تقدم قدمه عن لاعب سوسيداد بضعة سنتمترات.
الحالة ليست الأولى وتكررت بشكل كبير في المباريات، ما دفع بعض الفرق لاستغلال تقنية التسلل الدقيقة في أسلوب لعبها، ونجح برشلونة في اتباع خطة مصيدة التسلل التي ساعدته في كسب المباريات، وما حصل في الكلاسيكو الأخير أمام ريال مدريد خير مثال على ذلك، حين وقع لاعبو الريال 12 مرة في مصيدة التسلل.
متابعو كرة القدم اعتبروا أن تقنية التسلل عبر “الفار” تقتل اللعبة حرفيًا، فمن غير المنطقي رصد حالات تسلل يكون فيها المهاجم متسللًا بأصبع أو بربع قدم، ففي نهاية الأمر، اللاعب بشر ولن يستطيع ضبط وضعية جسمه لتطابق خط الأفق تمامًا دون زيادة سنتمتر.
آرسين فينجر، رئيس قسم تطوير كرة القدم العالمية في “فيفا”، كان أول شخص يقترح جديًا تغيير قاعدة التسلل.
في الوقت الحالي، تنص القاعدة على أنه لا يجوز للمهاجم أن يتقدم سنتمترًا واحدًا من جسده على المدافع الأخير، عندما يقوم زميله في الفريق بتمرير الكرة.
لكن فينجر اقترح، في أيار 2023، تعديلًا على قانون التسلل، مفاده أنه لا ينبغي أن يعلن حكم الراية وجود حالة تسلل، إلا عندما يكون جسم المهاجم بالكامل أمام جسم المدافع الأخير، وفق ما ذكرته صحيفة “ميرور” البريطانية.
وهذا يعني أن الحكام لن يتمكنوا من إعلان التسلل إذا كانت أجساد اللاعبين متداخلة في أثناء لعب التمريرة النهائية.
وسيتم تجربة هذا القانون الجديد في الدوريات الأوروبية لكل من هولندا وإيطاليا والسويد، وخلال بعض المباريات، وهي ضمن التجربة العملية.
وكشف الاتحاد الدولي لكرة القدم، أنه سيعتمد هذا التعديل بعد نجاح التجربة، وسيتم تنفيذها في جميع البطولات التي تتم تحت رعاية “فيفا”.
واعتبر المحللون أن هذا التغيير في قاعدة التسلل سيحدث ثورة في كرة القدم إذا تم تبنيه، إذ ستتم معاقبة خط الدفاع في كثير من الأحيان.
ونقلت صحيفة “ميرور” عن أحد المحللين تأييده الاقتراح على أن تتم تجربته لمدة عامين قبل الاعتماد بشكل رسمي.
ونقلت الصحيفة عن محلل آخر يعارض الاقتراح، أنه مع تغيير قاعدة التسلل بهذا الشكل، ستصبح الأمور أكثر صعوبة على المدافعين، وسيتم التركيز على منطقة الدفاع فقط، وبالتالي لن يكون لها أي فائدة.
تقليص مدة المباريات
من الثوابت الأساسية في عالم كرة القدم أن مدة المباراة 90 دقيقة، بمعدل 45 دقيقة لكل شوط، يضاف إليها وقت بدل الضائع يقدّره حكم الساحة حسب مجريات المباراة، والفترة الزمنية التي حدثت فيها توقفات.
وفي ظل سعي الاتحادات العالمية وعلى رأسها “فيفا”، لتحقيق مكاسب تجارية، اتجهت نحو إطلاق بطولات كروية جديدة أو إدخال تعديلات على بعض البطولات أسهمت بإطالة عدد مبارياتها، كما هو الحال في كأس العالم للأندية 2025، ما تسبب في ضغط كبير على اللاعبين أدى إلى تعرضهم لإصابات خطيرة، نتيجة كثافة المباريات.
ورغم تعالي الأصوات التي تطالب بتقليل عدد المباريات، فإنها لم تلقَ أي استجابة، ليقترح بعض الرياضيين الذين فقدوا الأمل بإمكانية إلغاء بطولات معينة أو تقليل عدة مبارياتها إلى المطالبة بتقليص زمن المباراة بحد ذاته.
المطالبات جاءت بعد تكرار إصابة اللاعبين بقطع في الرباط الصليبي، الذي يعتبر من أخطر الإصابات التي يتعرض لها اللاعب، والتي تكون كفيلة بإنهاء موسمه، لأن الإصابة تجبره على الابتعاد عن الملاعب لـ9-10 أشهر.
ريال مدريد وحده فقد خدمات عدد من لاعبيه بسبب إصابتهم بقطع في الرباط الصليبي، آخرهم إيدير ميليتاو وداني كارفاخال.
في أيار الماضي، قدّم الأمين العام للاتحاد الهولندي لكرة القدم، جييس دي يونج، مقترحًا يتضمن المطالبة بتقليص مدة المباراة، بحيث تكون مدة الشوط الواحد 30 دقيقة بدلًا من الـ45 دقيقة المعتادة.
وكجزء من المقترح، طالب دي يونج، عند إجراء أي تبديل، أن يتم إيقاف الساعة مؤقتًا من قبل الحكم، وكذلك عندما تخرج فيه الكرة من الملعب، ما يعني ضمان 60 دقيقة من اللعب، ما يسهم في تخفيض الضغط والتعب على اللاعبين.
البطاقة الزرقاء
في شباط الماضي، تحدثت تقارير صحفية عن تعديل محتمل في قوانين كرة القدم، يتضمن إدخال بطاقة زرقاء يرفعها الحكم في وجه اللاعبين، إلى جانب البطاقتين الصفراء والحمراء المعروفتين.
وقالت صحيفة “تليجراف” البريطانية، إن مجلس الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا)، أعطى الضوء الأخضر لبدء تجارب استخدام البطاقة الزرقاء، التي ستظهر للمرة الأولى في مباريات كأس الاتحاد الإنجليزي الصيف المقبل.
وتستهدف البطاقة الزرقاء منح الحكام سلطة لمعاقبة اللاعبين بالطرد لمدة 10 دقائق، أسوة بما يحدث في منافسات كرة اليد، وسيكون ذلك في الأخطاء التي تمنع الهجمات الواعدة، إلى جانب الاحتجاجات على قرارات التحكيم.
وأشارت “تليجراف” إلى أن اللاعب سيحصل على بطاقة حمراء إذا تلقى بطاقتين باللون الأزرق، كما سيتم طرد اللاعب في حالة حصوله على بطاقة صفراء وزرقاء في مباراة واحدة أيضًا.
لكن “فيفا” نفى حينها اعتماد إضافة بطاقة زرقاء جديدة في المباريات، وقال إن إقرار هذا القانون يحتاج إلى تجارب في المستويات الأدنى، وليس ضمن بطولات كبيرة.
المطالبون بإضافة بطاقة زرقاء إلى المباريات، يرون أن كثيرًا من اللاعبين يتعرضون لبطاقات صفراء لمجرد احتجاجهم على الحكم، أو ارتكابهم مخالفة بسيطة، أو إضاعتهم للوقت، ما يؤثر على مردودهم في المباراة وقيامهم بالضغط العالي خوفًا من ارتكابهم مخالفة تعرضهم للطرد، وبالتالي فإن إضافة بطاقة زرقاء يكون عقابًا أخف بحقهم، في حال قاموا بأخطاء بسيطة أو اعتراضات على الحكام.
تماس بالقدم بدل اليد
آرسين فينجر، رئيس قسم تطوير كرة القدم العالمية في “فيفا”، كان لديه اقتراح آخر قد يحدث ثورة في قوانين كرة القدم، حيث يرى أن تنفيذ التماس بالقدم بدلًا من اليد سيمنح المباراة إثارة أكبر.
مطالبات فينجر تعود بناء على تجربته مع فريق أرسنال، حيث كان فريقه يعاني كثيرًا حينما يواجه رميات تماس فريق ستوك سيتي الصعبة.
ستوك سيتي كان لديه لاعب يسمى روري ديلاب، تسببت رميات التماس التي نفذها في تسجيل 24 هدفًا في 208 مباراة لعبها مع ستوك سيتي، بينها خمسة أهداف من ركلات تماس في موسم 2007-2008، بحسب موقع “أوبتا” للإحصائيات.
ومن هذا المنطلق، يرى فينجر أن أي فريق قد يظفر برمية تماس في آخر خمس دقائق وهو يحتاج إلى هدف، فمن المفترض أن تكون رمية التماس تلك ميزة يجب استغلالها، لكن الفريق قد لا يكون لديه لاعب بنيته الجسدية قوية أو يمتلك مهارة عالية تساعده على تنفيذ رمية التماس بقوة داخل منطقة الجزاء وصنع هدف، خاصة حين يكون مكان رمية التماس بعيدًا عن مرمى الخصم.
ولهذا يرى فينجر أنه في حال أصبح تنفيذ التماس عن طريق القدم بدلًا من اليد، كما يحدث في ركلات الركنية، فإن هذا الأمر سيحقق العدل لكل الفرق، ويمنح ميزة جديدة تساعد اللاعبين على إحراز الأهداف والعودة بالمباريات في آخر اللحظات.