أجودها "الهربد" و"الهندي"
“الفروة”.. لباس تقليدي وصنعة متوارثة بدير الزور
دير الزور – عبادة الشيخ
لا يغيب عن الأنظار مشهد ارتداء “الفروة” في قرى وبلدات دير الزور شرقي سوريا، وهي لباس تقليدي اعتاده الأهالي مع قدوم فصل الشتاء.
ولا يقتصر ارتداء الفراء على كبار السن، إنما يقبل عليها الشباب والأطفال، ولا يكاد يخلو بيت في دير الزور إلا ويرتدي أفراده “الفروة”.
وتعد الفراء من الأزياء الشعبية، التي توفر درجة عالية من العزل الحراري، لكن صناعتها تراجعت في المنطقة، وتباع القطعة منها بالدولار الأمريكي.
أسعار حسب الجودة
“الفروة” رداء مصنوع من جلد وصوف صغار الأغنام المعروفة في المنطقة باسم “الصخلة” و”الفطيمة”، والتي لا تتجاوز أعمارها الشهرين، لتميُز صوفها بالخفة ونعومة الملمس، بحسب ما قاله مصطفى السعيد ذو الـ65 عامًا لعنب بلدي.
وأضاف مصطفى، وهو أحد أبناء مدينة دير الزور، أنه في السنوات الأخيرة بدأ يزداد إقبال الشباب وحتى الأطفال على ارتداء “الفروة”، ولم يعد مقتصرًا على كبار السن كما في السابق.
حمدي الكردوش، تاجر أقمشة وفراء في ريف دير الزور، قال لعنب بلدي، إن لـ”الفروة” أنواعًا، فيصنع بعضها من جلد وصوف الخروف، وترتبط قيمتها بعمر الخروف، ويطلق على بعضها اسم “الكباشي”، وتكون مصنوعة من جلد الأغنام الكبيرة.
وذكر التاجر أن أسعارها تتراوح بين 15 دولارًا أمريكيًا (225 ألف ليرة سورية)، وتصل إلى 500 دولار، ويشتريها من مدينة حلب أو من منبج، وبعضها من مدينة دمشق.
وأضاف أن صناعة “الفروة” تطورت ودخلت عليها خيوط ذهبية وتصاميم تجذب الزبائن وتواكب تطور “الموضة”، ما زاد من إقبال أبناء المنطقة على شرائها، لافتًا إلى أن صناعتها لا تلقى رواجًا في المنطقة.
صناعة “غير مربحة”
تعد صناعة “الفروة” في دير الزور مهنة متوارثة عبر الأجيال لا يتقنها الكثيرون، ولا يقبل عليها العديد من الشباب.
ديب المخلف (أبو خالد)، صاحب ورشة في بلدة محيميدة غربي دير الزور، قال لعنب بلدي، إنه يعمل منذ سنوات في مهنة صناعة الفراء التي ورثها عن أبيه وجده.
وتطورت صناعة الفراء، بحسب ديب، ففي السابق كانت تصنع فقط من جلد الخروف، أما الآن فدخلت على صناعتها أنواع مختلفة من الأقمشة، مثل المخمل والجلد الصناعي وقماش “هربد” الإنجليزي، والقماش الهندي.
ويعد نوعا “الهربد” و”الهندي” من أجود الأنواع، ويتم تفصيلهما بطلب خاص من الزبائن، لارتفاع تكلفتهما، حسب ديب.
ولا يتوفر “الهربد” بكثرة في الأسواق، بينما يمكن شراء “الهندي” من معامل في الرقة، وبالنسبة للفراء المحلية فيتم شراء جلد الخروف من القصابين في المنطقة.
وفي حديثه عن عمل الورشة قال، إن صناعة الفراء لا تدر ربحًا للورشة بقدر ما تدره تجارتها على التجار، وما تجنيه الورشة يكفي لسد احتياجات العائلة لا أكثر.
الاهتمام بالتصميم
الفراء الرائجة في الأسواق غالبًا ما يكون جلدها صناعيًا، قال جنيد الحلبي، وهو تجار أقمشة في ريف دير الزور.
وذكر لعنب بلدي أن منها فراء مصنعة من المخمل، لأن سعرها مقبول 15 دولارًا (حوالي 250 ألف ليرة سورية) مقارنة مع فراء “الهربد” التي يبلغ سعرها 200 دولار، مشيرًا إلى أن الشباب يهتمون بالتصميم أكثر من الجودة والنوعية.
وأضاف أن الفراء سابقًا كانت تصنع من فرو وصوف الخروف فقط وباللون الأسود، ولكن بدخول الصوف الصناعي زادت أنواعها، ودخلت ألوان إضافية كاللون البني وتدرجاته والفضي والذهبي والكحلي، لافتًا إلى أن حركة البيع جيدة خاصة مع بداية تشرين الثاني.
ولا تزال العديد من المهن التراثية والأزياء الشعبية حاضرة في دير الزور، ومتداولة حتى يومنا هذا، منها صناعة حصر “القصب”، ولا يزال هناك من يعمل بها، ويحافظ عليها وتعتبر من أبرز الأعمال الصيفية لدى الكثيرين.
وتشكّل هذه المهن مصدر دخل للعائلات، إذ يتقاضى العامل 25 ألف ليرة سورية يوميًا، رغم ساعات العمل الطويلة، كما تعاني المنطقة من تدهور اقتصادي وتراجع القدرة الشرائية لدى الأهالي، في ظل تدهور الليرة السورية أمام الدولار الأمريكي (كل دولار يعادل 15000 ليرة سورية).
كما ينشط “القرباط” المتجولون، الذين يعملون بمهن منها “خلع وعلاج الأسنان”، ويقدمون خدماتهم بأسعار منخفضة، على الرغم من أنهم يقومون بأعمال غير مرخصة ومنخفضة الجودة.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :