القمامة في حلب.. أزمة عمال نظافة وكنز للنباشين

تفريغ حاويات القمامة في أحياء مدينة حلب - 24 آب 2024 (مجلس مدينة حلب/ فيس بوك)

camera iconتفريغ حاويات القمامة في أحياء مدينة حلب - 24 آب 2024 (مجلس مدينة حلب/ فيس بوك)

tag icon ع ع ع

حلب – محمد العلي

تنتشر أكوام القمامة في عدد من شوارع وأحياء مدينة حلب، دون أن تجد حاويات كافية أو طرقًا فعالة لجمعها، رغم خطورة وجودها بشكل عشوائي على صحة السكان.

ويظهر إهمال واقع النظافة بوضوح في عدة أحياء مثل صلاح الدين والأعظمية والمشهد والكلاسة وغيرها، حيث تبقى أكوام القمامة مرمية في الشوارع دون أي تحرك لجمعها وترحيلها من قبل مجلس المدينة، الذي لطالما روج لقيامه بحملات نظافة خلال فعاليات مثل “يوم البيئة” حين يحضر وزير أو مسؤول من العاصمة.

لا عمال نظافة

بحسب موظف من داخل القصر البلدي في حلب، فإن هناك “نقصًا هائلًا” في عدد عمال النظافة في المدينة نظرًا إلى عدة عوامل، أبرزها ضعف الرواتب والأجور، وعدم تأمين وسائل الوقاية لهم وحتى معدات العمل، وتحميلهم أعباء عمل تفوق قدراتهم.

ويعمل على سبيل المثال سبعة عمال فعليًا فقط في قطاع حلب الجديدة كاملًا، ويقوم عاملان فقط خلال الفترة المسائية بتخديم منطقة الجميلية بأكملها وسط مدينة حلب، رغم صعوبة المهمة إثر اتساع المنطقة، وانتشار المحال التجارية، و”بسطات” الخضراوات والفواكه فيها، وما تتركه من مخلفات بعد إغلاق السوق.

الأمر ذاته ينطبق على منطقة مثل سوق “الهال” في حي المشارقة، الذي افتتحته المحافظة لتجميع محال و”بسطات” الخضراوات والفواكه، لكنها أهملت تزويده بعدد كافٍ من عمال النظافة والآليات اللازمة لتخديمه وجمع مخلفاته المتراكمة على مدار اليوم.

ويتكرر السيناريو مع نقل سوق “الهال” قبل أربع سنوات من حي الحمدانية إلى حي العامرية، في منطقة منعدمة الخدمات وفي مقدمتها خدمات النظافة.

ووفقًا للموظف الذي طلب عدم ذكر اسمه، تبرز مشكلة أخرى في ملف عمال النظافة، تتمثل في تقدم معظمهم في السن، وعدم قدرتهم على تحمل أعباء العمل، بينما تغيب الفئة الشابة جراء انخفاض الأجر، وعوامل أخرى مثل عدم قدرة المطلوبين للخدمة الإلزامية والاحتياطية على التقدم لوظائف حكومية تجنبًا لسَوقهم إلى الخدمة.

ولا يتعدى الأجر الشهري لعمال النظافة مع إضافة طبيعة العمل إليه 400 ألف إلى 500 ألف ليرة، وهذا الرقم لا يعادل 10% من الحد الأدنى لمستوى المعيشة، بحسب برنامج الأغذية العالمي الذي يبلغ 2.75 مليون ليرة سورية (نحو 188 دولارًا أمريكيًا).

وقال أمين سر جمعية حماية المستهلك بدمشق، عبد الرزاق حبزة، إن إجمالي المواطنين السوريين من ذوي الدخل المحدود يشكلون ما نسبته 85% من السكان.

وأضاف أن دخل الموظف الشهري يبلغ حوالي 350 ألف ليرة تقريبًا (ما يعادل 25 دولارًا)، وهذا يشكل أقل من 10% من النفقات الشهرية لمواطن موظف، بحسب قوله لصحيفة “تشرين”  الحكومية.

وذكر أن تكلفة وجبة فطور مع وجبة غداء لعائلة مكوّنة من خمسة أشخاص تقدّر بما لا يقل عن 200 ألف ليرة يوميًا، بالحد الأدنى، وهذا يعني أن تلك الأسرة تحتاج فعليًا إلى سبعة ملايين ليرة سورية شهريًا.

بحسب الموظف في القصر البلدي، يوجد أيضًا نقص في الآليات العاملة بجمع القمامة، جرّاء تضرر عدد منها خلال سنوات الحرب، وعدم إصلاح الآليات المعطوبة بعد خروجها عن الخدمة، وعدم استيراد آليات جديدة، إضافة إلى أن الآليات العاملة تعاني من نقص الوقود الذي يتحكم توفره بعملها، بينما تتراكم أكوام القمامة في الحاويات بانتظارها.

كنز ثمين للنباشين

تتحول تجمعات القمامة الكبرى إلى كنز ثمين للنباشين، وسط تردي الأوضاع الاقتصادية والمعيشية، فهناك 16.7 مليون شخص في سوريا بحاجة إلى مساعدات إنسانية، وفق الأمم المتحدة.

صلاح (42 عامًا)، وهو من سكان حي صلاح الدين، ذكر أن الحي يشهد جولات مستمرة للنباشين صباحًا ومساء على أكوام القمامة لإفراغ ما فيها من بلاستيك وزجاج وغيرهما.

وقال إن النباشين يفرغون محتويات أكياس القمامة بشكل عشوائي، ما يزيد من صعوبة جمعها لاحقًا، فتُترك كما هي، بينما تنتشر روائحها الكريهة بين الأحياء السكنية، في ظل إهمال يُعتقد أنه متعمد من الجهات المعنية، لأن المنطقة “مصنفة من الأحياء الفقيرة التي لا يعنى بأمرها أحد”.

ويتسبب انتشار أكوام القمامة بأضرار صحية وأمراض تنفسية للسكان على المدى الطويل، مع انتشار للحشرات والقوارض في العديد من المناطق المهملة من ناحية النظافة.

ولا تعد أزمة النظافة في المدينة جديدة، إنما تعود لسنوات عدة، ولم تجد إلى اليوم جهة تتصدى لحلها، رغم أنها من أساسيات الحياة، وليست رفاهية يمكن الاستغناء عنها.

ومع زيادة المشهد السوري قتامة وتعقيدًا منذ 13 عامًا، تفاقمت مشكلة انتشار القمامة، خاصة أن إدارة النفايات الصلبة كانت مشكلة بيئية معترفًا بها في سوريا قبل عام 2011، وكان التعامل مع النفايات غير مناسب، ويفتقر إلى الرقابة التنظيمية على الانبعاثات الصادرة عن البيئة، وكان نظام الحوكمة البيئية ضعيفًا، وفق تقرير لمنظمة “PAX” الهولندية.

نجاح

شكرًا لك! تم إرسال توصيتك بنجاح.

خطأ

حدث خطأ أثناء تقديم توصيتك. يرجى المحاولة مرة أخرى.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة