لماذا كثفت إسرائيل ضرباتها في سوريا الآن
على غرار قصفها المتصاعد في لبنان، كثفت إسرائيل خلال اليومين الماضيين من توجيه ضربات جوية داخل الأراضي السورية، ويشكل خاص على العاصمة دمشق وريفها ومحافظة حمص وسط سوريا.
القصف الإسرائيلي استهدف قادة أو مواقع لـ”حزب الله” اللبناني والميليشيات الإيرانية، لكنه أسفر عن ضحايا مدنيين نتيجة استهداف أحياء سكنية، كما حصل في منطقتي المزة وقدسيا، الخميس 14 من تشرين الثاني.
بالمقابل لا تبدي إسرائيل أي اهتمام خاص بالأسد “بأي حال من الأحوال”، وفق تحليل نشرته صحيفة “جيروزاليم بوست“، وإنما لديها تركيز كبير على قواته التي تسهل أنشطة إيران و”حزب الله” على الأراضي السورية.
ضربات متتالية
لليوم الثاني على التوالي أغارت طائرات إسرائيلية، الجمعة 15 من تشرين الثاني، على منطقة المزة في العاصمة دمشق، مستهدفة أحد النقاط بالقرب من المتحلق الجنوبي المحاذي لطريق المزة دون تسجيل أي استهداف لمبانٍ أو أحياء في المنطقة، أو ورود معلومات عن أضرار.
موقع “صوت العاصمة” المتخصص بتغطية أخبار دمشق، قال من جانبه إن الاستهداف الإسرائيلي وقع على المتحلق الجنوبي خلف فندق “ياسمين روتانا” عند نهاية أوتوستراد المزة.
وتبعه حركة كثيفة لسيارات الإسعاف في محيط أحياء كفرسوسة والمزة، وأقرب إلى المتحلق الجنوبي، مع غياب المعلومات عن طبيعة الموقع المستهدف.
الخميس 14 من تشرين الثاني، نفذت إسرائيل ثلاث غارات شملت ريف حمص الجنوبي ومنطقة السيدة زينب بريف دمشق، ومنطقتي المزة بدمشق وقدسيا في ريف دمشق,
وسبقها بساعات غارات واسعة النطاق طالت محيط مدينة القصير المحاذية للحدود مع لبنان.
خلف القصف على حي المزة، قتلى مدنيين، بينهم أطفال من عائلة واحدة.
وزارة الدفاع في حكومة النظام السوري، قالت إن القصف طال عددًا من الأبنية السكنية في حي المزة بدمشق ومنطقة قدسيا في ريف دمشق، ما أدى إلى مقتل 15 شخصًا وإصابة 16 آخرين بينهم نساء وأطفال، كحصيلة أولية، إضافة إلى أضرار مادية “كبيرة” في الممتلكات.
حسابات عبر مواقع التواصل الاجتماعي، نعت غداة القصف مدنيين من آل الأزعط، وآل شخاشيرو وآل الحلوة، قتلوا إثر الضربات الإسرائيلية في دمشق.
وقالت إسرائيل إن هجومها على دمشق، استهدف مقار ومنشآت لـ”حركة الجهاد الإسلامي” الفلسطينية، التي اعترفت لاحقًا بمقتل عناصر منها، دون تحديد عددهم بدقة.
ونفت “الحركة” في الوقت نفسه وجود مقار عسكرية أو مكاتب لها في المنطقة المستهدفة.
ووقعت الضربات تزامنًا مع وصول علي لاريجاني، مستشار المرشد الإيراني الأعلى، علي خامنئي، إلى العاصمة دمشق للقاء رئيس النظام السوري، بشار الأسد.
ما دلالات التصعيد
التصعيد الإسرائيلي الأخير في سوريا، وتحديدًا خلال الأيام الثلاثة الماضية، يعكس استراتيجية إسرائيلية ثابتة تهدف إلى تقييد النفوذ الإيراني ومنع توسيع الجبهة الشمالية في سوريا، وفق الباحث السياسي نادر خليل.
وفي المجمل، تشير الدلالات إلى أن إسرائيل تتعامل مع سوريا كجزء من نزاع غير معلن يهدف إلى تقويض تمدد إيران إقليميًا، خصوصًا في ظل الأوضاع المضطربة في المنطقة، وهذا التصعيد ليس سوى حلقة في سلسلة من الضربات التكتيكية التي لا تهدف لإحداث تغيير استراتيجي بقدر ما تسعى للحد من المخاطر المستقبلية.
وأضاف خليل لعنب بلدي، أنه خلافًا لما قد يبدو، فإن هذا التصعيد لا يمثل تغييرًا جذريًا في السياسة الإسرائيلية تجاه سوريا، وليس مرتبطًا بأبعاد سياسية، بل هو استمرار لنمط استهداف مواقع إيرانية وأخرى لـ”حزب الله”، وفقًا لمعطيات استخباراتية تؤكد على تواجد أسلحة أو منشآت أو قيادات، يمكن أن تشكل تهديدًا استراتيجيًا على المدى القصير أو البعيد.
أما توقيت الضربات، الذي قد يبدو مكثفًا خلال فترات معينة، فيعكس حصول إسرائيل على معلومات استخباراتية حول وجود أهداف حساسة في لحظات يمكن استهدافها دون التسبب في تصعيد إقليمي واسع.
وهذا التوقيت يسلط الضوء على نهج وتوازن دقيق تسعى إسرائيل للحفاظ عليه، وهو تحقيق أهدافها العسكرية مع تجنب ردود فعل كبيرة من الأطراف المتضررة، وخاصة روسيا التي تُبقي على وجود عسكري في سوريا وتعتبر طرفًا مؤثرًا في الميدان.
ويمكن فهم أسباب التصعيد الأخير أنها تأتي ضمن “نطاق تكتيكي بحت” أكثر من كونه قرارًا سياسيًا واسع الأبعاد.
وترى إسرائيل، وفق خليل، أن التحرك المبكر ضد هذه المنشآت والقدرات يحول دون تمكين أعدائها من الحصول على أسلحة متقدمة، قد تشمل صواريخ دقيقة أو طائرات مسيرة.
ويرتبط التصعيد بالتطورات على الأرض التي تُمكن من تحديد الأهداف بأمان، وهو ما يعني أن عمليات القصف قد تهدأ أو تتكثف وفقًا للمعلومات الاستخباراتية المتاحة.
منذ عملية “طوفان الأقصى” في تشرين الأول 2023، ركزت إسرائيل في حربها ضد قطاع غزة مرتكبة مئات المجازر بحق المدنيين، أما على الجبهة الشمالية فكانت تنفذ ضربات داخل الأراضي السورية واللبنانية.
القصف في لبنان تصاعد خلال الأشهر الماضية، لكنه بلغ ذروته منذ 21 من أيلول الماضي، وذلك بعد يومين أو ثلاثة أيام من عملية تفجير أجهزة اتصال لاسلكية يحملها عناصر “حزب الله” اللبناني.
وطالت الضربات مختلف مناطق نفوذ “حزب الله” خاصة جنوب لبنان والضاحية الجنوبية ومنطقة البقاع، استطاعت إسرائيل خلالها تصفية زعيم “الحزب” حسن نصر الله، إضافة إلى معظم قادة الصف الأول في الحزب.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :