فرضت الولايات المتحدة الأمريكية عقوبات على شركات وأفراد وسفن مرتبطين بشركة “قاطرجي” المقربة من النظام السوري، بتهمة توليد مئات الملايين من الدولارات من الإيرادات لصالح “الحرس الثوري الإيراني”.
وقالت وزارة الخزانة الأمريكية عبر موقعها الرسمي، الخميس 14 من تشرين الثاني، إن مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لها فرض عقوبات على 26 شركة وفردًا وسفينة مرتبطة بشركة “قاطرجي”، باعتبارها مسؤولة عن توليد الأموال لصالح “فيلق القدس” في “الحرس الثوري الإيراني” وميليشيات “أنصار الله” (الحوثيين).
وأضافت أن “قاطرجي” تشارك في توليد أموال لـ”الحرس الثوري” من خلال بيع النفط الإيراني إلى سوريا والصين.
وبعد أن صنفت “قاطرجي” سابقًا لدورها في تسهيل بيع الوقود بين النظام السوري وتنظيم “الدولة الإسلامية”، تحولت إلى واحدة من القنوات الرئيسية التي يولد من خلالها “فيلق القدس” الإيرادات، ويمول مجموعات وكلائه الإقليمية.
ووفق الوزارة، يعمل مكتب مراقبة الأصول الأجنبية على توسيع نطاق استهدافه لشبكة “قاطرجي” وأسطولها من السفن لمنع “فيلق القدس” و”الحرس الثوري” من الاستفادة من هذه العلاقة.
الخزانة الأمريكية قالت إن شركة “قاطرجي” تصدّر ملايين البراميل من النفط الإيراني، بقيمة مئات الملايين من الدولارات، إلى سوريا وشرق آسيا، بما في ذلك جمهورية الصين الشعبية، لتمويل “الحرس الثوري” و”الحوثيين”.
واعتبارًا من عام 2024، صارت الشركة واحدة من القنوات المالية الرئيسية لـ”الحرس الثوري”، ما مكن الأخير من توليد مئات الملايين من الدولارات من الإيرادات هذا العام وحده.
وتعمل “قاطرجي” على غسل الكثير من هذه الأموال في المدن الكبرى مثل إسطنبول التركية، والعاصمة اللبنانية بيروت.
ووفق الخزانة الأمريكية، ترسل “قاطرجي” بعض عائدات النفط إلى “الحوثيين”، الذين يتلقون ملايين الدولارات شهريًا منها.
وشملت العقوبات مجموعة من السفن التابعة للشركة نفسها.
وقالت الخزانة الأمريكية إن حسام بن أحمد رشدي قاطرجي صار زعيمًا للشركة، منذ وفاة محمد قاطرجي في منتصف العام الحالي.
وكان يدير الشركة محمد براء قاطرجي، الذي اغتيل على الحدود السورية- اللبنانية، بضربة جوية نسبت لإسرائيل، في 15 من تموز الماضي.
وقالت وكالة “رويترز” حينها، نقلًا عن ثلاثة مصادر أمنية لم تسمها، أن براء قاطرجي قتل في غارة جوية إسرائيلية قرب الحدود السورية- اللبنانية.
وأدار براء قاطرجي عمليات استيراد النفط الإيراني على مدار السنوات العشر الأخيرة حتى مقتله، وفق الجيش الإسرائيلي.
علاقات مع “فيلق القدس”
التقى مدراء الشركة القاطرجي بشكل مباشر مع كبار المسؤولين في “فيلق القدس” وداعميهم الماليين الآخرين، وفق الخزانة الأمريكية، بما في ذلك المسؤول المالي لميليشيا “الحوثيين” المدعوم من “الحرس الثوري” والمدرج على قائمة العقوبات سعيد الجمل.
ويعمل حسام قاطرجي، مع محمد آغا أحمد رشدي القاطرجي، في “محفظة النفط لشركة قاطرجي”، ويعمل عباس قاطرجي، نجل محمد قاطرجي، في الشركة أيضًا.
وأدرجت الخزانة الأمريكية، حسام قاطرجي، على لائحة العقوبات، بسبب عمله أو ادعائه العمل لصالح أو نيابة عن شركة “القاطرجي”، علمًا أنه أدرج سابقًا على لائحة عقوبات في 9 من تشرين الثاني 2020 لدوره في التوسط في تجارة النفط بين النظام وتنظيم “الدولة”.
وأدرجت الوزارة الأمريكية محمد آغا أحمد راشدي قاطرجي، وعباس قاطرجي، على لائحة العقوبات بسبب عملهما أو ادعاء عملهما لصالح أو نيابة عن شركة “قاطرجي” بشكل مباشر أو غير مباشر.
تمويل “حزب الله”
في 22 من تشرين الأول الماضي، نشر الجيش الإسرائيلي تسجيلًا مصورًا يوضح عبر الخرائط آلية حصول “حزب الله” اللبناني على الأموال، جزء منها تقدمه إيران عبر سوريا، والآخر عبر جباية الأموال من اللبنانيين.
أوضح التسجيل الذي نُشر عبر “إكس” بعدة لغات، مساء الاثنين 21 من تشرين الأول، أن إيران تقدم الأموال لـ”حزب الله” عبر ثلاث طرق، برًا وبحرًا وجوًا.
وأضاف أن الطريق البري مرتبط بالاقتصاد السوري، إذ ترسل إيران النفط عبر العراق وصولًا إلى سوريا.
وتباع شحنات النفط هذه لشركة “قاطرجي” وهي شركة واجهة تتبع للنظام السوري.
وتحول إيران الأموال التي تجنيها من تجارة النفط في سوريا إلى “حزب الله”.
ووفق الجيش الإسرائيلي، يشرف “فيلق القدس” التابع لـ”الحرس الثوري الإيراني” على نقل النفط إلى سوريا، بهدف تأمين السيولة لـ”حزب الله”.
ولفت إلى أن شركات سورية عديدة تعمل على شراء النفط الإيراني في سوريا منها شركة “B.S” المملوكة من قبل عائلة قاطرجي.
“قاطرجي” مرتبطة بالقصر الجمهوري
اعتمد النظام السوري، خلال السنوات الماضية، على أسماء ظهرت “فجأة” في عالم الاقتصاد، ولا تملك تاريخًا في العمل الاقتصادي أو المالي، وتبوأت مراكز وأنشطة اقتصادية تعد تاريخيًا من مجالات نشاط عائلة الأسد، بحسب دراسة لمركز “حرمون”، نهاية أيار 2022.
وكان رامي مخلوف ابن خال رئيس النظام السوري، بشار الأسد، يدير نشاطات العائلة، باعتباره شريكًا وخازنًا لأعمالها، وأدت التبدلات الموازية في اقتصاد الحرب والعقوبات الخارجية إلى ظهور أثرياء الحرب الجدد، مع بقايا النخب القديمة الفاعلة في البلاد، لتشكيل “واجهات” للعائلة، وفق الدراسة.
تمدد نفوذ العائلة وتعزيز حضورها على مستوى اقتصاد البلاد، إصدار وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك في حكومة النظام، في كانون الأول 2022، أكده قرار يقضي بالسماح لشركة “B.S” المملوكة للعائلة، بيع المحروقات للفعاليات الاقتصادية من مادتي المازوت والبنزين.
وبدأ صعود عائلة قاطرجي بعد انكفاء مالك شركة “هيسكو” لإنتاج الغاز الطبيعي، جورج حسواني، عقب العقوبات الأوروبية التي فُرضت عليه، ليتراجع بصمت مفسحًا المجال لحسام قاطرجي وإخوته، ليستولوا على قطاع نقل النفط من مناطق تنظيم “الدولة” سابقًا، و”قسد” حاليًا، بحسب دراسة “حرمون”.
وتطور نفوذ العائلة على القطاع، عبر تشكيلها ميليشيا أسهمت في القتال مع قوات النظام، لكن هدفها الأساسي كان حماية قوافلها التجارية، ثم في عام 2018، أسس الإخوة قاطرجي (حسام، محمد براء، أحمد بشير) شركة “أرفادا” البترولية، التي استحوذت على 80% من شركتين لتكرير النفط أُسستا في 2020.
اقرأ أيضًا: قاطرجي.. عائلة تتصدّر “حيتان المال” باعتماد من القصر الجمهوري