أسعار الخضراوات تتضاعف في رأس العين

تشهد أسواق مدينة رأس العين شمال غربي الحسكة ارتفاعًا في أسعار الخضراوات، حيث وصلت نسبة الزيادة في بعض الأصناف إلى 80% مقارنة مع تشرين الأول الماضي.

ويثقل هذا الارتفاع كاهل شريحة واسعة من سكان المدينة، الذين يبلغ عددهم نحو 115 ألف نسمة، إذ تتراوح أجور العمال بين 80 و100 ألف ليرة سورية يوميًا (حوالي 6.5 دولار أمريكي).

وبلغ سعر الكيلوغرام من البندورة 23 ألف ليرة سورية، والباذنجان 15 ألف ليرة، والخيار 20 ألف ليرة، أما الكوسا التي كانت لا تتجاوز الـ5000 ليرة، فوصل الكيلو إلى 35 ألف ليرة سورية.

وتراوحت أسعار البصل والبطاطا بين 4000 و5000 ليرة للكيلوغرام، ما يجعل أسعارها مقبولة نسبيًا مقارنة ببقية الخضراوات.

ويقابل الدولار 14500 ليرة سورية، بحسب موقع “الليرة اليوم” المتخصص بأسعار العملات.

عزوف عن الشراء أو تقليص الكمية

مع دخول فصل الشتاء، ترتفع أسعار الخضراوات في رأس العين، وذلك بسبب اقتصار الزراعة المحلية على “الحشائش” مثل البقدونس والبصل الأخضر والجرجير.

وتأتي بقية الخضراوات من تركيا بسبب عدم وجود بيوت بلاستيكية وخبرات كافية لزراعتها، ما يضع رسومًا إضافية من نقل وتحميل و”جمارك”، ويزيد من تكلفتها.

ارتفعت أسعار الخضراوات من 40 إلى 80% في رأس العين – 9 تشرين الثاني 2024 (عنب بلدي)

يتجول الأربعيني سيف الدين العزيز يوميًا في سوق الخضراوات، محاولًا شراء ما تحتاجه عائلته المؤلفة من خمسة أفراد، لكنه يواجه صعوبة في ذلك، حيث يحتاج يوميًا لأكثر من 70 ألف ليرة سورية فقط للخضراوات، وهو مبلغ يفوق قدرته المادية.

يعمل سيف الدين في محطة وقود بأجرة يومية تبلغ 75 ألف ليرة (حوالي 6.5 دولار)، وفي حال اشترى الخضراوات فقط، فإنه لن يتمكن من تأمين بقية احتياجات عائلته، لذلك يعتمد على الأطعمة الجافة مثل البرغل والأرز.

أما السيدة سمر الحسن، فاضطرت إلى تقليص مشترياتها من الخضراوات، وتشتريها حاليًا مرتين في الأسبوع، بعد أن كانت حاضرة بشكل يومي في منزلها.

وقالت السيدة لعنب بلدي إنها تكتفي في الوقت الحالي بشراء نصف كيلوجرام من البندورة بدلًا من كيلوغرامين سابقًا، وهي كمية أدنى مما تتطلبه طبخة تكفي لأطفالها الثلاثة.

من جانبه، اعتبر المزارع مروان كريم (37 عامًا)، أن أسعار الخضراوات صارت خارج المتناول، وذلك مقارنة بدخله اليومي الذي لا يتجاوز 100 ألف ليرة، ما يجبره على شراء بقايا الخضار في السوق بأسعار منخفضة مقارنة بتلك ذات الجودة العالية.

في الصيف، كان مروان يعتمد على خضراواته المزروعة في حقله، لكن في الشتاء لا يستطيع زراعة الخضراوات الشتوية بسبب تكاليفها المرتفعة.

ولفت في حديثه لعنب بلدي إلى أنه يواجه صعوبة في استخدام البيوت البلاستيكية لعدم امتلاكه الخبرة الكافية، تجعله غير قادر على تحسين الإنتاج الزراعي، وتوفير الخضراوات له ولعائلته.

ارتفعت أسعار الخضراوات من 40 إلى 80% في رأس العين – 9 تشرين الثاني 2024 (عنب بلدي)

نقل واستيراد.. تراجع البيع 65%

ارتفاع الأسعار دفع السكان إلى العزوف عن الشراء أو تقليل الكميات، والاعتماد على بدائل أقل تكلفة، ما أدى إلى تراجع حركة البيع والشراء لدى الباعة.

اعتبر فواز العائد، وهو تاجر خضار في سوق “الهال” برأس العين، أن غياب الخضراوات المحلية في المنطقة، أدى إلى ارتفاع أسعارها بشكل كبير.

وقال لعنب بلدي إن التجار يعتمدون في الصيف على الخضراوات المحلية التي تغرق السوق، وتكون أسعارها منخفضة، وسهلة الشراء لجميع طبقات المجتمع.

وأضاف أنهم في فصل الشتاء يشترون الخضراوات من تركيا، ما يضيف تكاليف إضافية مثل النقل والتحميل والتفريغ والجمارك.

وذكر أن الباعة تأثروا سلبيًا في هذا الارتفاع، حيث كان سوق “الهال” يبيع يوميًا ما يقارب 150 طنًا من الخضراوات في الصيف، أما الآن فلا يتعدى البيع الـ60 طنًا.

تقتصر الزراعة المحلية للخضراوات في رأس العين على البقدونس والبصل الأخضر والجرجير – 9 تشرين الثاني 2024 (عنب بلدي)

نشرات يومية

نائب مدير التموين وحماية المستهلك في المجلس المحلي برأس العين، محمد القاضي، قال في حديثه لعنب بلدي إن اعتماد المنطقة على الخضراوات المستوردة أسهم في ارتفاع أسعارها، خاصة مع بداية كل فصل شتاء.

وأضاف أن المديرية تنظم جولات ميدانية دورية على أسواق الخضراوات لمراقبة الأسعار، وضمان توافقها مع مصلحة البائعين والمستهلكين على حد سواء.

وذكر أن المجلس المحلي وضع خطة لضبط أسعار الخضراوات، تشمل توزيع نشرات يومية تحدد الأسعار على التجار، وتشرف على دخول الخضراوات إلى المدينة عبر تركيا، وذلك لعدم احتكارها من قبل بعض التجار.

ترتفع أسعار الخضراوات في رأس العين مع دخول فصل الشتاء – 9 تشرين الثاني 2024 (عنب بلدي)

وتشهد أسعار معظم السلع ارتفاعات متكررة، بينما توجد ثلاث عملات في رأس العين، العملة المتداولة هي الليرة السورية، لكن واقعها المضطرب وانخفاضها إلى مستويات غير مسبوقة أرهق الأهالي، أما العملة الثانية فهي الليرة التركية (غير متداولة بكثرة) بسبب متاخمة المدينة الحدود التركية، والثالثة هي الدولار الأمريكي.

وتعتمد رأس العين على زراعة الخضراوات خلال فصل الصيف، منها الخيار والبندورة والباذنجان والبامية، ورغم أهمية هذه الزراعات، فإن غياب البيوت البلاستيكية والدعم من الجهات الرسمية يعد عائقًا، نظرًا إلى تكلفتها العالية وندرة الخبرة في إنشائها بالمنطقة، كما تعتبر تربة رأس العين ملائمة لزراعة مختلف أنواع المحاصيل.

وتقع رأس العين مع جارتها تل أبيض بمحاذاة الحدود التركية، ويسيطر عليهما “الجيش الوطني السوري” المدعوم تركيًا، بينما تحيط بهما جبهات القتال مع “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، وتعتبر الحدود التركية منفذها الوحيد نحو الخارج.