شجرة تلو أخرى قطعها رب عائلة لتدفئة أبنائه أو فصيل عسكري أراد المتاجرة بثمن خشبها، مسار لخص مراحل القضاء على أكثر من 90% من أشجار غابة ميدانكي، المتربعة على الطرف الشرقي من بحيرة السد الذي سميت الغابة على اسمه.
عمليات القطع استمرت نحو عشر سنوات، بدأت تقريبًا عام 2012 بشكل بطيء، إلى أن زادت وتيرتها خلال الأعوام 2019 و2020 و2021، حتى أتت على معظمها، وترك قسم منها بالقرب من معسكر “فرقة السلطان مراد” التابعة لـ”الجيش الوطني السوري” المدعوم من تركيا.
تعددت أسباب القطع، لكن النتيجة كانت إعدام الغابة الممتدة على نحو 100 هكتار، مع وجود جهود خجولة لإعادة إحيائها، لكنها ستكون دون جدوى، لأنها تحتاج رعاية خاصة ومستمرة لسنوات، وفق ما أكده مختصون لعنب بلدي.
تتناول عنب بلدي في هذا الملف أسباب قطع غابة ميدانكي، بريف منطقة عفرين شمال غربي حلب، والشروط العلمية اللازمة لإعادة إحيائها وتأثير عمليات القطع على الواقع البيئي في المنطقة، خاصة أن سوريا تستنزف غطاءها الأخضر لعدة أسباب أبرزها القطع الجائر والحرائق.
وبحسب دراسة لمنظمة “PAX“، تستند إلى تحليل الأقمار الصناعية والأبحاث مفتوحة المصدر في آذار 2023، فإن عمليات القطع طالت أكثر من ثلث الغابات.
في سلة السلطان مراد
من جهتها الشرقية وقرب مياه البحيرة، في مكان لا تصله السيارات، بدأ عناصر من “فرقة السلطان مراد” التابعة لـ”الجيش الوطني السوري”، في قطع أشجار غابة بحيرة ميدانكي عام 2019.
ينقل عناصر الفرقة الأشجار المقطوعة إلى قوارب تقطع مياه البحيرة إلى نقطة أخرى، حيث تنتظر سيارات تنقل الأشجار إلى الأسواق أو التجار لبيعها، واستخدامها إما في التدفئة أو صناعة الأثاث المنزلي.
كانت هذه أسوأ مراحل إعدام غابة بحيرة ميدانكي، نتيجة تسارع عمليات القطع، وذلك بعد نحو عام من سيطرة “الجيش الوطني” وتركيا على عفرين، في عملية عسكرية أطلق عليها “غصن الزيتون” ضد “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) التي كانت تسيطر على المنطقة.
وقال الناشط أحمد البرهو، المقيم في عفرين، إن عمليات القطع تجري من قبل الفصيل وتوسعت خلال العامين 2020 و2021، إلى أن طالت إلى جانب عمليات قطع أخرى نحو 90% من الغابة، وأبقى الفصيل على جزء صغير من أشجارها بالقرب من أحد معسكراته.
تواصلت عنب بلدي مع دائرة الزراعة في عفرين للاستفسار منها عن عدة أمور، كالخطط أو الجهود التي تبذلها لتعويض عمليات القطع، والحفاظ على باقي الأحراش والغابات في عفرين، لكنها لم تتلق رد على أسئلتها.
مكتب العلاقات العامة في “فرقة السلطان مراد” لم ينف قيام عناصر من اللواء المسيطر على المنطقة (لواء شهداء السفيرة) بقيادة “أبو محمود سفيرة” والتابع للفرقة بقطع الأشجار.
وقال مكتب العلاقات العامة لعنب بلدي، إن عمليات القطع ليس المسؤول عنها فقط عناصر الفرقة، فهناك مدنيون أيضًا قطعوا الأشجار، بسبب الحاجة لتأمين أي وسيلة تدفئة لأطفالهم.
وأوضح لعنب بلدي، أن الفرقة عاقبت العديد من عناصرها بالسجن بعد ورود شكاوى عليهم بقيامهم بعمليات قطع، كما تمت محاسبة عناصر آخرين كلفوا بمهمة منع القطع، لأنهم سمحوا خلال أوقات مناوبتهم بذلك.
عناصر مسؤولون عن حماية الغابة ردوا على سماحهم بعمليات القطع، بأن هناك عائلات مهجرة، خاصة في شتاء 2019 – 2020، و2020 – 2021، غير قادرة على تأمين وسيلة تدفئة لأبنائها، جاء الآباء إلى الغابة وقطعوا أشجارًا، ولم يمنعهم العناصر من ذلك بسبب النزوح والبرد الشديد وحاجتهم لتدفئة أبنائهم.
تزايد عدد النازحين الفارين من القصف، زاد من عمليات القطع، وهو ما أدى لفوضى وصعوبة في ضبط ذلك.
وشهد العام 2019 حتى آذار 2020، تصاعدًا في النزوح جراء العمليات العسكرية لجيش النظام السوري مدعومًا بالقوات الروسية والميليشيات الإيرانية متعددة الجنسيات ضد مناطق سيطرة المعارضة في أرياف حلب وإدلب وحماة.
توقفت العمليات العسكرية في 5 من آذار 2020، بتوقيع اتفاق موسكو بين الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان ونظيره الروسي فلاديمير، لكن لم يتوقف قصف النظام وروسيا على شمال غربي سوريا.
ويبلغ عدد النازحين داخليًا في مناطق سيطرة المعارضة 3.54 مليون، يقيم في المخيمات 2.1 مليون شخص، موزعين على 1523 مخيمًا.
أما عدد المحتاجين في شمال غربي سوريا 4.27 مليون شخص من أصل 5.16 مليون شخص يقيم في المنطقة.
ذكريات الأهالي
يستذكر محمد (اسم مستعار لرجل سبعيني يقيم في ميدانكي) رحلاته شبه اليومية إلى الغابة ومنطقة الأحراش وطبيعتها الجميلة، وكيف كانت كثيفة الأشجار، لكنها حاليًا اختلفت بشكل كبير، بسبب ارتكاب “انتهاك بيئي بحقها”، وفق قوله لعنب بلدي.
القطع طال الأشجار الصغيرة والمعمرة، حتى محى جزءًا من هوية المنطقة، “من المؤلم للغاية أن ترى أشجارًا قضت عقودًا في النمو تقطع وتُحطم بهذه الطريقة الوحشية”، بحسب قول محمد.
ولم يدمر التحطيب العشوائي طبيعة المكان فقط، بل أثر على حياة السكان، إذ كانت المنطقة مكانًا لصيد الأسماك والترفيه، فمحمد كان يخرج مع عائلته إلى المنطقة لجمع الفطر خلال فصل الشتاء، واعتاد صيد الأسماك في البحيرة.
وبحسب ما قاله سكان محليون في ميدانكي قابلتهم عنب بلدي، مشاهد القطع كانت “مرعبة وقاسية”، وجرت علنًا وأمام مرأى الجميع دون أن يكون هناك أي رادع، في إشارة منهم لعناصر “فرقة السلطان مراد” الذين كانوا يقطعون مئات الأشجار خلال يوم واحد في بعض الأحيان.
ووصلت التحطيب لاقتلاع جذور الأشجار بعد قطعها، ما أدى إلى تغيير معالم المنطقة.
بين 2011 و2018.. هل نجت من الاعتداء
بعد نحو عام من انطلاق الثورة السورية بدأ النظام السوري بتسليم عدد من المناطق لحزب “الاتحاد الديمقراطي” (PYD)، تاركًا خلفه سلاح قطعات عسكرية عائدة للجيش، ليتسلمها حزب “الاتحاد الديمقراطي”.
عفرين كانت من المناطق التي استلم إدارتها “الاتحاد الديمقراطي” مع ذراعه العسكرية “وحدات حماية الشعب” الكردية (YPG)، التي أصبحت في تشرين الأول 2015، تحت مسمى “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، بعد انضمام فصائل عسكرية أخرى إلى صفوفها، وتسيطر حاليًا على أجزاء واسعة من شمال شرقي سوريا.
بقيت عفرين تحت سيطرة “قسد” إلى أن أطلقت تركيا و”الجيش الوطني السوري” العملية العسكرية “غصن الزيتون”، ضد “قسد” في آذار 2018.
المهندس الزراعي محمد طوبال حمو (عمل سابقًا في مديرية زراعة حلب) قال في كتابه “البيئة والحراج في منطقة عفرين – جبل الكرد”، إن الدوائر الحراجية المسؤولة عن متابعة شؤون الغابات توقفت عن العمل في عفرين في نهاية 2011، واستولت “وحدات حماية الشعب” الكردية على مراكز العمل الحراجي من آليات ومخافر حراجية ومشاتل الغراس، ومشروع التربية والتنمية ومستودعات تجميع الأخشاب والأحطاب، وتوقف العمل نهائيًا في مجال الأحراج.
فقدان المحروقات وارتفاع أسعارها، ونزوح أعداد كبيرة من مدينة حلب وباقي المحافظات إلى عفرين، ضاعف من عدد سكانها، وتوجه السكان إلى الغابات بغية تأمين التدفئة خلال فصل الشتاء والطبخ، والغسيل اليومي.
وبدأت القطعيات العشوائية تمتد للغابات الطبيعية والاصطناعية بشكل فوضوي، وفق المهندس محمد طوبال حمو.
وتم قطع الأشجار الحرجية المعمرة والنادرة من السنديانيات والشربيني والبطم والقطلب والدلب والصفصاف والزعرور، إضافة إلى الصنوبريات بأنواعها والزيتون البري، وبدأ النازحون إلى القرى ببناء مساكن يأوون إليها ضمن الأراضي الحرجية المجاورة لقراهم.
غابة صناعية
تاب “البيئة والحراج في منطقة عفرين – جبل الكرد” للمهندس الزراعي محمد طوبال حمو، أورد إحصائيات تعود للعام 2011 حول مساحة الغابات الطبيعية والاصطناعية، مصدرها دائرة زراعة عفرين.
وبلغت مساحة الغابات الطبيعية في عفرين 18500 هكتار، ومساحة الغابات الاصطناعية 21000 هكتار، ومساحة بحيرة ميدانكي 1100 هكتار.
بحيرة ميدانكي، هي بحيرة اصطناعية خلف سد ميدانكي الذي انتهى بناؤه عام 2006، بعد 22 عامًا من وضع حجر الأساس وذلك عام 1984، وتقع شرقي قرية ميدانكي وتمتد شمالًا إلى قرية ويركان.
يبلغ ارتفاع السد 340 مترًا عن سطح البحر، وطاقته التخزينية القصوى 180 مليون متر مكعب، طول البحيرة 14 كيلومترًا، وعرضها يتراوح بين 200 إلى 1000 متر.
أما غابة ميدانكي تقع على السفح الغربي من المرتفع الذي يشكل الضفة الشرقية لمجرى نهر عفرين، ويبدأ من شمال قرية حلوبي متجه شمالًا مقابل قرية ميدانكي، وينتهي بالقرب من أراضي قرية علي بازانلي، بمحاذاة بحيرة ميدانكي.
تشكل الغابة شريطًا أخضر على الطرف الشرقي من البحيرة، ويبلغ مساحتها 74 هكتارًا، وتصل مساحتها إلى 100 هكتار مع جزء من غابة حلوبي الكبير.
يتراوح ارتفاع الغابة بين 350 و400 مترًا عن سطح البحر، وفي عام 2000 تم قطع جزء منها ارتفاعه دون 345 مترًا عن سطح البحر، لأن منسوب مياه البحيرة الأعظمي 340 مترًا.
أنواع الأشجار في الغابة هي صنوبر حلبي وصنوبر بروتي، معظمها تم زراعتها خلال عمليات التحريج الصناعي، التي بدأت أول تجاربها في المنطقة عام 1960، وتوسعت لاحقًا لتشمل مناطق مختلفة في عفرين.
وكان يتواجد في ميدانكي حراج صنوبر بروتي، الذي كان ينتشر بعدة مناطق بعفرين، لكن الغابة يغلب عليها الأشجار التي نمت خلال عشرات السنوات بعد تحريجها صناعيًا.
ريبر شيخ عبدي، موظف سابق بأحراش عفرين قال لعنب بلدي، إنه في عام 2007، جرت عمليات تربية وتنمية في الغابة (تقليم – تفريد إزالة الأشجار اليابسة والمائلة والمكسورة)، وحُددت الغابة كموقع للسياحة البيئية الشعبية.
ويقدر عدد أشجار الغابة في كل هكتار بين 350 و400 شجرة، بعمر وسطي 40 سنة، وفق ريبر شيخ عبدي.
مساحة غابة ميدانكي (74 هكتارًا) وبإضافة جزء من غابة حلوبي الكبير إليها تصل إلى 100 هكتار، بقي من الغابة جزء صغير لا يتجاوز 10 % وفق الناشط أحمد البرهو، أي أن مساحة القطع يمكن أن تقدر بـ 90 هكتار.
وبحساب تقريبي لعدد الأشجار المقطوعة كون كل هكتار فيه بين 350 إلى 400 شجرة، نجد أن عدد الأشجار المقطوعة تتراوح بين 31 ألف و500 إلى 36 ألف شجرة.
عقود من الحماية والمتابعة
تأسست أول دائرة للحراج في عفرين عام 1955، بعد صدور قانون الحراج رقم 60 لعام 1953، لحماية الغابات وكتابة الضبوط الحراجية بحق المخالفين من قطع وتفحيم وكسر للأراضي الحراجية، بحسب كتاب البيئة والحراج.
رافق تأسيس الدائرة تشكيل مخافر حراجية في المنطقة موزعة في بلبل وراجو وإيكي اخور، يقيم فيها خفراء حراجيون، مهمتهم حماية الغابات الطبيعية، ومنع تربية الماعز الجبلي الذي يعتبر العدو الأول للغابة (يقضي على النموات الحديثة والغضة لأفرع الأشجار الحراجية، وبالتالي يوقف نموها).
وحتى السبعينات من القرن العشرين، استمرت الأعمال ثم تطورت إلى بناء المخافر الحراجية وتجديدها، وتوسعت مهام الدائرة الحراجية والبدء أعمال التحريج الصناعي في عام 1978، وبنيت ثلاثة أبراج مراقبة في كل من جبل هوارة وحج حسنلي والخالدية، وتوسعت المخافر الحراجية إلى ميدانكي وعفرين ومقر الاتصالات اللاسلكية بين المنطقة ومحافظة حلب في قرية قطمة من أجل متابعة أمور الحماية والضابطة للمواقع الحراجية الطبيعية والاصطناعية.
شكلت في عام 1990 فرقة عمل مشروع تربية وتنمية الغابات بموقع حج حسنلي، للقيام بأعمال تربية وتنمية الغابات الطبيعية والاصطناعية في المنطقة، وتحسينها من أعمال التفريد وتخفيض الكثافة وإزالة الأشجار اليابسة والمنهارة والمعوجة والمشوهة وتقليم الأفرع السفلية.
بعد ذلك، تم تأسيس مركز مكافحة الحرائق في مدينة عفرين في موقع جبل صوال، وجرى دعمه بكادر للوقاية ومكافحة الحرائق وآليات لتنفيذ العمل.
تأثير سلبي على البيئة
تتضح مساوئ قطع الأشجار الغابوية على البيئة، وفق أستاذ العلوم الزراعية الأكاديمي الدكتور عبد العزيز ديوب، بأن الغابات تشكل رئة الطبيعة وتساعد في تنقية البيئة، وذلك من خلال عملية التنفس، بامتصاصها غاز ثاني أوكسيد الكربون وإطلاقها غاز الأوكسجين.
وهو ما يساهم في توفير واحدة من أهم أركان الحياة وخاصة البرية منها، بحيواناتها وحشراتها، كتنوع حيوي يحافظ على بقاء الأنواع الحيوية.
ورصد مراسل عنب بلدي خلال جولته في المنطقة اقتلاع جذور الأشجار بعد عمليات القطع الجائر، وهو ما علق عليه الدكتور عبد العزيز ديوب بقوله، إن التعدي على أشجار الغابة بقطع جذورها، سوف يسهم في إطالة إعادتها كما كانت عليه.
وأوضح ديوب لعنب بلدي، أن الالتقاء على الجذور سيؤدي الى نموها ثانية، بينما قطع الجذور يؤدي إلى إحداث خلل في تركيب التربة النباتية فيزيائيًا، والقضاء على الكائنات الدقيقة المفيدة كيميائيًا، أي في مجال تغذية الأشجار.
زاهر هاشم، صحفي سوري مختص بالقضايا البيئية، أوضح في حديث سابق لعنب بلدي أن القطع الجائر للأشجار يؤثر في حياة الناس وصحتهم، بالنظر إلى الفوائد الكبيرة التي تحققها الأشجار، كتوفير الهواء النقي والإسهام في الحد من تغير المناخ، إذ يمكن لشجرة واحدة امتصاص حوالي 150 كيلوغرامًا من ثاني أوكسيد الكربون سنويًا.
وتسهم زراعة الأشجار في المدن بتنقية الهواء من الملوثات والجسيمات الدقيقة التي تضر الجهاز التنفسي، وتوفر بعض أنواع الغذاء مثل الفواكه والمكسرات، وتنظم تدفق المياه وتحسن من نوعيتها، إلى جانب دورها في الحفاظ على تماسك التربة، ومنع انجرافها، وتقليل العواصف الترابية، وتحسين الصحة الجسدية والنفسية.
وحول تأثير عمليات الاحتطاب وقطع الأشجار على التنوع البيولوجي، أوضح هاشم أن الغابات تعتبر موطنًا لنحو 80% من التنوع البيولوجي، ما يجعل قطع الأشجار تهديدًا للكائنات الحية التي تعيش في الغابات بفقدان موطنها، وتصبح بعض الكائنات الحية عرضة للافتراس نتيجة ذلك، كما يهدد قطع الأشجار بانقراض بعض الكائنات الحية نتيجة فقدان غذائها.
القطع حرم 111 نوعًا من الطيور تتبع 79 جنسًا، من العيش في الغابة إما بشكل دائم أو متقطع، أو حتى المرور بها خلال رحلة هجرتها.
وبحسب دراسة لمكونات التنوع الأحيائي “فاونا الطيور” (التنوع الحيوي) بمنطقة بحيرة ميدانكي، عفرين، شمال غرب سورية، يوجد 111 نوع طيور تتبع 79 جنسًا، مقسمة على 53 نوعًا من الطيور المهاجرة الشتوية، 45 مقيمة في القطر والمنطقة عمومًا، 8 أنواع عابرة تتواجد لفترة قصيرة في أثناء دورة حياتها السنوية، و5 أنواع شاردة.
الدراسة أعدها الدكتور نابغ غزال أسود وروشان خليل في كلية الزراعة جامعة حلب، ونشرتها مجلة بحوث جامعة حلب، في العدد 113 العام 2015، وهدفت لحصر أنواع الطيور التي يمكن رصدها في محيط منطقة ميدانكي وضفاف بحيرة السد، ضمن حلقة سنوية كاملة، وشملت الهضاب الجبلية الواقعة في موقع بحيرة ميدانكي.
وبالنسبة للدلالة البيئية، أغلب الأنواع التي تم رصدها في منطق الغابة، كانت مرتبطة بالمناطق الرطبة من الطيور المائية والخواضات (الطيور طويلة الساق)، إضافة إلى بعض الطيور الجواثم (طيور تلزم مكانًا معينًا تتخذه للنوم أو الراحة وتثبت فيه) والطيور الجوارح، ولم تلاحظ المنطقة أي أنواع متوطنة خاصة بالإقليم أو القطر عمومًا.
وأشارت الدراسة حين نشرها عام 2015، إلى أن التنوع الأحيائي في المنطقة كان وما يزال يتعرض لمختلف أنواع التعديات، إذ يعاني التنوع الأحيائي بالمنطقة من تراجع مضطرد نتيجة التوسع المساحات الزراعية، لا سيما بزراعة أشجار الزيتون بمختلف أرجاء المنطقة.
يضاف إلى ذلك استثمار النباتات الطبية والتزيينية والعطرية بطرق خاطئة وغير نظامية، ما قد يؤدي إلى تدهور الموائل التي تضم أنواع الطيور المختلفة وبالتالي انقراض الأنواع في الحالة البرية، فكيف إذا كان التعدي هو قطع الغابة بالكامل.
الترميم.. سنوات من العناية
مكتب العلاقات العامة في “السلطان مراد” قال لعنب بلدي، إن الفرقة غرمت الفصيل المسؤول عن المنطقة قبل عامين بزراعة 5000 آلاف شجرة في المنطقة المقطوعة، ومتابعة رعايتها وحمايتها من التعديات.
كما أطلق مكتب الزراعة في المجلس المحلي في عفرين حملة تشجير في ميدانكي، ومن المقرر أن تزرع “فرقة السلطان مراد” أعدادًا أخرى في الشهر الأول من 2025، وفق مكتب العلاقات العامة، الذي أكد وجود مشرفين من مكتب الزراعة على حملات الغرس، لتكون بطريقة صحيحة.
أنواع الشجيرات التي تم غرسها هي حور وسرو وزيتون.
ناشطون ومنظمات أطلقوا أيضًا حملات تشجير شملت منطقة ميدانكي خلال السنوات الماضية.
ريبر شيخ عبدي (الموظف السابق في أحراش عفرين)، قال إن إعادة تشجير المنطقة المقطوعة وتأهيلها يحتاج خطة حماية مدتها عشر سنوات، و”إذا لم يكن هناك خطة حماية لمدة عشر سنوات فالمشروع فاشل 100%”، لأن الغراس الجديدة يجب حمايتها من التعديات البشرية، والرعي، ومتابعة عنايتها.
في السابق كان هناك ضابطة حراجية تابعة لوزارة الزراعة، عناصرها مسلحون، يقومون بجولات سيرًا على الأقدام أو على الدراجات النارية ولهم لباس موحد، في حال ضبطت أي مخالفة تعتقل المخالف وتنظم ضبط ويحول للمحاكمة.
وأكد الدكتور عبد العزيز ديوب على مسألة أن التعويض يحتاج لفترة زمنية طويلة، “لاعادة المسطح النباتي بذات العدد من الأشجار التي تم قطعها”.
الصحفي المختص بالشأن البيئي زاهر هاشم، أوضح أن ترميم المشهد البيئي وعلاج الأضرار الناجمة عن الظاهرة يتطلب وقتًا طويلًا، إذ تحتاج الغابات إلى عقود طويلة للتعافي، حسب عمر الأشجار وسرعة نموها، تبعًا للاختلافات الوراثية والظروف المحيطة بها وكثافة التشجير.
فقد تحتاج بعض الأشجار إلى أكثر من 70 عامًا لتصل إلى حالتها السابقة قبل فترة القطع، لكن حتى مع بعض الأنواع السريعة والمتوسطة النمو، فإن مدة التعافي لا تقل عن 10 إلى 25 عامًا.
ويوصي زاهر هاشم في سبيل تسريع وتيرة التعافي، بزراعة الأشجار بشكل مستمر في مناطق القطع، والمناطق التي تتعرض للحرائق أيضًا، مع ضرورة مراعاة الأنواع التي تتلاءم مع الظروف البيئية المحيطة مثل الجفاف أو نقص الموارد المائية، كما يجب تعزيز إجراءات الحماية من الحرائق، ونقاط المراقبة وتقنيات الإنذار المبكر في مناطق الغابات والمناطق السكنية القريبة منها، والتوقف عن قطع الأشجار أولًا.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :