ألم البطن الوظيفي.. أكثر سبب يتذرع به الأطفال للتغيب عن المدرسة
د. أكرم خولاني
يشكو العديد من الأطفال من آلام في البطن خلال الأيام الأولى من المدرسة، كذلك قد تنتابهم هذه الآلام قبل إجراء اختبار أو المشاركة في حدث مهم، وغالبًا ما يكون الجهاز الهضمي لديهم على أحسن ما يرام، دون ملاحظة إصابة أو عوارض مرض، لكن ذلك لا يعني أن الطفل يكذب، وإنما يشير إلى أن مصدر الألم ليس البطن، وهذا ما نسميه “الألم البطني الوظيفي”.
ما المقصود بالألم البطني الوظيفي
الألم البطني الوظيفي (functional abdominal pain) هو ألـم فـي البطن لا يمكن تفسيره بأي خلل ظاهر أو يمكن اكتشافه، بعد فحص جسدي شامل واختبارات إضافية مناسبة.
يشكّل ألم البطن الوظيفي حوالي 90% من حالات الألم البطني عند الأطفال، ومن الشائع أن يحدث عند الأطفال بسن المدرسة (4–16 سنة)، إذ يعاني منه حوالي 8–25% من هؤلاء، ويعد من أهم الأسباب وأكثرها شيوعًا التي يتذرع بها الأطفال والمراهقون لعدم الذهاب إلى المدرسة.
ويعود حدوث هذا الألم أساسًا إلى أن الطفل يفسر القلق الذي ينتابه على أنه إحساس بألم في البطن، وهذا لا يعني أنه يكذب أو لا يشعر بالألم، إنما يفسر حدوث هذا الألم بأن تفاعلات غير طبيعية تحدث بين الدماغ والأعصاب، فالجهاز العصبي المعوي يشكل شبكة من الخلايا العصبية التي تشكّل بذاتها نوعًا من الشبكات التي تغطي الجهاز الهضمي بأكمله، وتقف هذه الشبكة وراء الإحساس بوجود تشنج في المعدة والأمعاء كرد فعل على التوتر النفسي، لذا تعد المعدة بمثابة موطن آخر للتعبير عن العواطف، ولهذا السبب يمكن للغضب أو القلق الذي ينتاب الأطفال أن يولد لديهم إحساسًا بالألم في منطقة البطن.
ما مواصفات الألم البطني الوظيفي
ألم بطن يحدث عند طفل ينمو بشكل طبيعي، ولم ينقص وزنه، ويتصف هذا الألم بالصفات التالية:
- الموقع: حول السرة.
- طبيعة الألم: تشنجية.
- بدء الألم: ظهور مفاجئ، دون سبب ظاهر للعيان.
- مدة الألم: قصيرة نسبيًا، ثوانٍ حتى ساعة على الأكثر.
- العلاقة بالطعام: دون علاقة بالأكل.
- العلاقة بالتبرز: دون علاقة بالتبرز.
- المرافقات: قد يترافق بالغثيان أو القيء أو الإمساك أو الإسهال.
- المحرضات: يمكن أن يُثار بالشدة أو القلق.
- التكرار: ظهور مع انقطاعات غير منتظمة لأيام أو أسابيع.
في حال اتصف الألم البطني بالصفات المذكورة أعلاه، وتكرر 4 مرات أو أكثر في شهر واحد، واستمر لشهرين على الأقل، فعندها يشتبه بأنه ألم وظيفي، ولكن لا بد من استشارة الطبيب لتأكيد التشخيص.
كيف يتم التشخيص
التوجه التشخيصي العام يشمل اختبارات دم روتينية: تعداد عناصر الدم الكامل، سرعة تثفل كريات الدم الحمراء، اختبارات بول وبراز، فحص البطن بالموجات فوق الصوتية، وكذلك محاولة الامتناع عن تقديم الحليب ومنتجاته لمدة أسبوعين أو ثلاثة.
في حال كان وصف الألم نموذجيًا لآلام البطن الوظيفية، دون وجود علامات لوجود سبب عضوي، ومع نتائج سليمة للاختبارات المذكورة أعلاه، عندئذ يمكن الاكتفاء بذلك وطمأنة الأهل.
أما عند الاشتباه بوجود مرض عضوي، فيجب إجراء اختبارات دم إضافية، وفحوصات تصوير طبية، كتصوير الأشعة السينية، التصوير المقطعي المحوسب (CT)أو فحوصات التنظير الداخلي للجهاز الهضمي، وأهم العلامات التي تثير الشك بوجود مرض عضوي كسبب لألم البطن المتكرر:
- ألم غير محصور حول السرة.
- انتقال الألم إلى الظهر أو الكتف أو الأطراف.
- وجود إسهال أو إمساك.
- نزيف من الجهاز الهضمي.
- عدم السيطرة على الإفرازات.
- ارتفاع درجة الحرارة.
- قيء.
- آلام في المفاصل.
- هبوط في الوزن.
- طفح جلدي.
- اضطراب في النمو والتطور.
- ضعف وميل للنوم بعد نوبة الألم.
- تاريخ عائلي من القرحة.
- أوجاع توقظ الطفل من نومه.
- داء الأمعاء الالتهابي.
- الشقيقة (الصداع النصفي).
كيف يتم التدبير
يشكّل هذا النوع من الآلام مصدر إزعاج للطفل وللأهل وللطبيب، إذ يؤدي إلى خلل بأداء الطفل للفعاليات اليومية، وقد يصاب الأهل بالقلق بسبب عدم القدرة على إيجاد سبب عضوي لهذا الألم المتكرر، فيضغطون على الطبيب لوضع حد لهذه المشكلة، وأكثر الأطراف انزعاجًا هو الطبيب الذي يحمل عبء التشخيص والتدبير له، بسبب عدم القدرة على العثور على سبب واضح ومقنع للأعراض، وصعوبة إقناع الأهل بأن هذا الألم هو وظيفي.
واجبات الطبيب: تهدئة الطفل وأهله وطمأنتهم بأن الألم وظيفي وغير خطير، وعلى الغالب فإنه سيختفي مع مرور الزمن.
يمكن وصف بعض المسكنات ومضادات تشنج الأمعاء لتخفيف الألم.
واجبات الأهل: على الوالدين إيلاء اهتمام خاص بشكوى الطفل من إحساسه بالألم، وحتى بعد استبعاد وجود أسباب جسدية.
طمأنة الطفل بأنه لا يوجد سبب خطير للألم، وأنه سيشعر بتحسن بعد مدة وجيزة.
تشجيع الطفل على الذهاب إلى المدرسة، وتشجيعه على مواصلة أنشطته المعتادة حتى وهو يحس بالألم، لأن تراجع تفاعله الاجتماعي قد يؤدي إلى تفاقم المشكلة على المدى الطويل.
التركيز على أنشطة الطفل وليس على الألم لديه، حيث يمكن أن ينزعج الطفل عندما يرى القلق عليه باديًا على والديه.
على المدى الطويل، يجب على الوالدين أن يتأكدا من أن طفلهما يتناول طعامًا صحيًا ومتوازنًا، وينام ساعات كافية ويمارس الأنشطة البدنية بصفة منتظمة، فضلًا عن الاسترخاء، ويمكن الحصول على مشورة من اختصاصي من أجل تعلم طرائق الاسترخاء.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :