درعا.. التلقيح الاصطناعي يسبب خسائر لمربي الأبقار

درعا – حليم محمد

اشتكى عدد من مربي الأبقار في ريف درعا جنوبي سوريا من فشل عملية التلقيح الاصطناعي لأبقارهم مرات متتالية، مرجعين السبب إلى فساد “قشات التلقيح”، ما دفع بعضهم للتلقيح الطبيعي عن طريق عجول مُعدّة لذلك.

ويعد التلقيح الاصطناعي إحدى الطرق المتبعة لتحسين الثروة الحيوانية، و”قشات التلقيح” هي عبارة عن سائل منوي مجمد محفوظ بسائل آزوتي في وحدات تبريد خاصة بدرجة حرارة تحت الصفر، يستخدمه الطبيب البيطري عبر حقن السائل في رحم البقرة.

فشل متكرر

مربي الأبقار في ريف درعا الغربي بسام الحسن (50 عامًا)، قال إنه يعاني من فشل التلقيح الاصطناعي منذ العام الماضي، إذ لم تنجح كل محاولات التلقيح على بقرتين يمتلكهما حاليًا.

وذكر أنه يستعين بطبيب بيطري في تلقيح أبقاره منذ أكثر من 20 عامًا، ولم يسبق أن فشلت عمليات التلقيح إلا في حالات نادرة، وكان السبب فيها عائق طبي يحتاج علاجه إلى طبيب مختص.

وأضاف المربي أن خسارته تكمن في تأخير حدوث ولادات جديدة تعتبر أهم أرباحه من عملية تربية الأبقار، إذ لا عوائد من بيع الحليب، وخاصة بعد ارتفاع سعر كيلوغرام العلف إلى 5800 ليرة سورية (0.38 دولار أمريكي)، في حين حافظ الحليب على سعره 5000 ليرة سورية للكيلو.

ويصل عدد الأبقار لدى بسام أحيانًا إلى خمس بقرات، إلا أنه يبيع منها عندما يحتاج إلى المال، كما يربي إناث العجول الصغيرة حتى تصبح أبقارًا.

ويجدد المربي أبقاره عبر بيع الكبيرة والاحتفاظ بحديثة الإنتاج، التي تعتبر أكثر غزارة بإنتاج الحليب، وأقوى مناعة بالنسبة للأمراض.

هذا العام، كان من المفترض أن يكون لدى المربي بسام أربعة رؤوس، لولا فشل عمليات التلقيح الاصطناعي.

وتبلغ تكلفة تلقيح كل بقرة 45 ألف ليرة سورية (ثلاثة دولارات)، في عملية كررها المربي بسام أكثر من ثماني مرات لكل بقرة على فترة امتدت ما يقارب العام، مرجعًا سبب فشل العملية إلى فساد في “قشات التلقيح”.

بينما قال طبيب بيطري لعنب بلدي، إنه من الممكن أن تكون “القشات” فاسدة، لكن هناك أسبابًا أخرى لفشل التلقيح، منها عدم خبرة الطبيب، أو وجود التهابات في رحم البقرة، أو ضعف المبايض نتيجة سوء التغذية، وهذا الأمر يحتاج إلى علاج طبي وغذاء متوازن.

وأضاف أن على الطبيب تشخيص السبب وعلاجه قبل تلقيح البقرة.

أما المربي أحمد (43 عامًا) من سكان بلدة المزيريب في ريف درعا الغربي، فقد كرر تلقيح بقرة لديه لثلاث مرات متتالية على مدار الأشهر الأربعة الماضية.

وقال أحمد لعنب بلدي، إنه بات يفكر في بيع بقرته في حال استمر فشل حملها، مضيفًا أن البقرة غير الملقحة وغير الظاهر حملها تباع بسعر متدنٍ مقارنة بالبقرة التي يثبت حملها، إذ يزيد سعرها كلما اقترب موعد الولادة.

وتظهر على البقرة علامات تدل على طلبها التلقيح، منها انخفاض كمية الحليب خلال فترة الشبق أو الحيض، وهي فترة التلقيح، ومنها الهيجان وإصدار صوت خوار مستمر، وفق المربي.

الطبيعي مكلف

بعد فشل تلقيح بقرة لدى المربي يوسف (38 عامًا) لمرتين متتاليتين، لجأ للتلقيح الطبيعي عبر إرسال البقرة إلى عجل مُعدّ للتلقيح، يبلغ عمره أكثر من عامين، إذ يمتلك ثلاث بقرات بينها اثنتان صغيرتان.

وقال يوسف، إن التلقيح الطبيعي نجح من المرة الأولى، إلا أن تكلفته مرهقة ماليًا للمربي، إذ يحتاج إلى سيارة زراعية لنقل البقرة إلى مكان وجود العجل، ولا تقل أجرة السيارة عن 300 ألف ليرة سورية (20 دولارًا).

كما يضاف إلى تكلفة تلقيح الأبقار طبيعيًا 100 ألف ليرة سورية، يدفعها المربي لمالك العجل أجور التلقيح.

وبالنسبة للمربي بسام، فقد استبعد فكرة التلقيح الطبيعي بسبب التكلفة العالية، التي تصل إلى عشرة أضعاف محاولة التلقيح الاصطناعي، مضيفًا أنه بات يفكر في تربية عجل وإعداده للتلقيح.

وارتفعت أجور النقل في درعا، بعد ارتفاع سعر المازوت في السوق المحلية إلى 20 ألف ليرة سورية في تشرين الأول الماضي، إذ كان لا يتجاوز الليتر 16 ألف ليرة سورية، في أيلول الماضي.

من جانبه، اعتبر الطبيب البيطري أن تأخير حمل البقرة، وهو ما يطلق عليه “العشار”، يسبب مع طول المدة تراجع إنتاجية الحليب، ومن الممكن أن يؤدي إلى نضوبه.

وعاد قطاع تربية المواشي في الجنوب السوري للتعافي التدريجي بعد 2018، إلا أنه اصطدم بغلاء مكونات التربية وارتفاع تكاليف الإنتاج، كما أسهم ارتفاع سعر اللحوم في ذبح إناث المواشي ومنها الأبقار، ما أثر على عدد القطيع.

وبلغ عدد قطيع الأبقار في درعا 43264 رأسًا، ومن الغنم 779139 رأسًا، ومن الماعز 119054 رأسًا، بحسب إحصائيات دائرة الصحة الحيوانية في درعا.