السجاد المستعمل و”بطانيات المعونة” لتدفئة بيوت بإدلب

  • 2024/11/10
  • 2:05 م
تنشط حركة بيع السجاد المستعمل مع قدوم الشتاء في مدينة إدلب - 29 تشرين الأول 2024 (عنب بلدي/ سماح علوش)

تنشط حركة بيع السجاد المستعمل مع قدوم الشتاء في مدينة إدلب - 29 تشرين الأول 2024 (عنب بلدي/ سماح علوش)

إدلب – سماح علوش

مع اقتراب فصل الشتاء وانخفاض درجات الحرارة، يرتفع الطلب على شراء السجاد في مدينة إدلب شمال غربي سوريا، ويعتبر سوق المستعمل الخيار الأنسب للقاطنين، نظرًا إلى انخفاض سعره مقارنة بالجديد، بما يتماشى مع أوضاعهم المعيشية التي تزداد سوءًا يومًا بعد يوم.

وتسعى العائلات لتأمين الاحتياجات التي تزيد في فصل الشتاء، خاصة من مستلزمات التدفئة، حيث بلغ سعر طن الحطب نحو 165 دولارًا أمريكيًا، وطن القشر 175 دولارًا، أما تكلفة تعبئة برميل المازوت (220 ليترًا) بنوعية جيدة فبلغت 155 دولارًا، وهي أسعار غير ثابتة.

وتقتضي العادات الشعبية والثقافة المتعارف عليها بأغلب المنازل السورية مد السجاد في غرف الجلوس والنوم والموزع بين الغرف، وهناك من يقوم بمد المطبخ أيضًا لضمان تدفئة البيت بالكامل.

ومع تدني الأوضاع المعيشية، وارتفاع نسب البطالة لأكثر من 88% من نسبة السكان، فإن شراء السجاد الجديد بات تحديًا صعبًا لشريحة واسعة من السكان البالغ عددهم 5.1 مليون نسمة في الشمال، بينهم مليونان في المخيمات.

مستعمل أو “بطانيات معونة”

بعد بحث في صفحات تبيع الأدوات المستعملة، اشترت السيدة بشرى الخالد سجادة من الصوف (ستة أمتار) بجودة جيدة، وبسعر 1000 ليرة تركية، ورغم أن أحد أطرافها فيه حرق صغير، فإنها “أفضل من غيرها”.

وذكرت السيدة، وهي نازحة من مدينة سراقب وتقيم في مدينة إدلب، أنها تركت أثاث منزلها في بيتها قبل نزوحها عام 2019، بما فيه السجاد، وحصلت على سجادة من إحدى المنظمات التي وزعت مستلزمات للعائلات النازحة، لكنها ذات جودة متدنية، واضطرت لشراء واحدة لغرفة أطفالها.

أما الثلاثينية أمينة فتنتظر تحسّن وضعها المالي لشراء سجاد مستعمل، وتكتفي منذ سنوات بفرش أرضيات منزلها الذي تستأجره على أطراف مدينة إدلب بـ”بطانيات معونة”، لترد البرد عن عائلتها النازحة من مدينة حماة منذ ستة أعوام.

تسكن السيدة مع زوجها وطفليها في بيت مستأجَر غير مكسو، وبأثاث بسيط مما حصلت عليه من قبل إحدى المنظمات (بطانيات، إسفنجات، أدوات مطبخ)، قائلة إن ضيق الحال، وراتب زوجها الذي يعمل دهانًا بأجرة يومية تبلغ 100 ليرة تركية (3 دولارات) لم يمكنها من شراء السجاد.

إقبال ضعيف.. توقعات بازدياد الطلب

تنتشر عشرات محال بيع السجاد المستعمل في مدينة ادلب، إذ لاقت هذه التجارة رواجًا خلال السنوات الماضية.

ووفق باعة قابلتهم عنب بلدي، فإن سوق المستعمل لا توجد فيه أسعار موحدة، ويختلف السعر بحسب نوعية الخيوط المستخدمة والحجم ونظافة السجادة، كما أن معظم الباعة يطلقون عروضًا على ما تبقى من السجاد ذي الجودة المتوسطة بأسعار منخفضة، كي لا يكسد في محالهم.

وتختلف مصادر البضائع بين الشراء من عائلات تريد تبديل أثاث منزلها، وبين موردين من تركيا حصلوا بدورهم على السجاد و”الموكيت” من أصحابها بأسعار مخفضة، وسوّقوها في الشمال السوري.

“أبو عبدو الحموي”، وهو نازح من حماة إلى إدلب، يعمل بمهنة بيع السجاد المستعمل منذ سنوات، ويكسب منها ما يعينه على المعيشة ودفع إيجار البيت.

ذكر البائع لعنب بلدي أن هذا العام مختلف عن الأعوام الماضية، إذا لا يزال الإقبال على الشراء أقل مما كان عليه في الفترة ذاتها من عام 2023.

وذكر البائع علي السراقبي، لعنب بلدي، أن السجادة “الستاوية” (6 أمتار مربعة) تباع بسعر 400 ليرة تركية (12 دولارًا)، والأقل حجمًا بـ300 ليرة تركية.

وقال إن هناك طلبًا على ما يُعرف بـ”دعسة قبل الباب” التي تُستخدم أمام الحمامات والمطابخ، وتباع حسب جودتها بين 50 و100 ليرة تركية، ولفت إلى أن الباعة يراعون وضع الزبون، فالقادم ليشتري سجادة مستعملة وضعه المادي متردٍ.

ويتوقع الباعة زيادة الإقبال مع هطول الأمطار، واشتداد البرد، لأن معظم الأهالي يضطرون لشراء السجاد حين تجبرهم الظروف، ولا رفاهية لديهم للشراء في وقت مبكر.

في هذه الفترة من العام، ينشط عمل المغاسل الموجودة في مدينة إدلب، فتكلفة تنظيف المتر الواحد من السجاد أو “الموكيت” ما يقارب 10 ليرات تركية، بحسب ما قاله صاحب أحد المغاسل لعنب بلدي.

وتعتبر التكلفة مقبولة نوعًا ما، مقارنة بتكلفة غسلها وتنظيفها في المنزل، وسط انقطاع ضخ المياه عن المدينة، فالسجاد المستعمل عندما يعرض في المحال يتعرض للغبار والأتربة من الشارع، ويصبح تنظيفه صعبًا بأدوات يدوية في البيوت.

الجديد تركي ومكلف

قبل انطلاق الثورة السورية عام 2011، كان سجاد الصوف المصنع في معامل نسيج حلب رائجًا وذائع الصيت، ومطلب العائلات، ويتميز بنقشه وألوانه، وكان سعر المتر الواحد منه 1250 ليرة سورية (ما يعادل 25 دولارًا حينها).

في الوقت الراهن، لا يتوفر من هذا النوع في الأسواق سوى المستعمل، وبعد جولة لمراسلة عنب بلدي في صالات المستعمل بإدلب، فقد بلغ سعر المتر الواحد بحسب الجودة والنظافة نحو ألف ليرة تركية (30 دولارًا)، وهو سعر مرتفع بالنسبة للوضع المعيشي في الشمال السوري.

وفي جولة أخرى على المحال التجارية المتخصصة ببيع السجاد الجديد في مدينة إدلب، فإن الأسعار تختلف بحسب نوع الخيط المستخدم في الحياكة بين “بوبولين وأكروليك والقطن والبوليستر”.

وتبدأ أسعار السجاد الجديد من 150 ليرة تركية إلى 870 ليرة للمتر الواحد، بحسب السماكة والنوعية، كما تأتي جميع أنواع السجاد الجديد من مصدر واحد حاليًا، وهو الأراضي التركية، وبألوان وزخرفات لم تكن منتشرة في المجتمع السوري.

وأكد باعة في إدلب لعنب بلدي، أن البضائع السورية القديمة لم تعد تباع بالأسواق، مع غياب تام للمصانع الآلية أو حتى النول اليدوي في الشمال السوري.

منذ سنوات، صار السجاد والبطانيات من وسائل التدفئة في الشتاء لشريحة واسعة من السوريين في مختلف مناطق السيطرة، لكن الشتاء يكون أشد قسوة على خيام النازحين، وسط معاناة تتجدد كل عام.

وتستخدم بعض العائلات وسائل بدائية في التدفئة، مثل حرق الأحذية والبلاستيك والفحم، على الرغم مما تسببه هذه المواد من أمراض تنفسية وصدرية، وحتى اندلاع الحرائق.

مقالات متعلقة

  1. "السجاد" الأوروبي المستعمل يسيطر على أسواق إدلب
  2. على أبواب الشتاء.. أسعار الحرامات والسجاد إلى الضعف باللاذقية
  3. سجاد حلب "نار".. والبديل "حرامات" الأمم المتحدة
  4. سوق المستعمل يلقى رواجًا في ريف دير الزور الشرقي

مجتمع

المزيد من مجتمع