اعزاز – ديان جنباز
اشتكى سكان في مدينة اعزاز بريف حلب الشمالي من تلاعب بعض المطاعم بجودة المنتجات التي تقدمها، وتعرض بعضهم لمشكلات صحية من تسمم غذائي والتهاب في الأمعاء.
وتعود أسباب خفض الجودة إلى طرح عروض بسعر منخفض لاستقطاب الزبائن، ورغبة الباعة وأصحاب المطاعم بتحقيق ربح من خلالها، رغم وجود فرق الرقابة والتموين في المنطقة.
حالات تسمم
عاش الشاب كرم محمد القاطن في مدينة اعزاز “تجربة سيئة” عندما طلب وجبة “بانيه” (شاورما مع الجبن) من أحد المطاعم عبر خدمة التوصيل، وفور وصول الوجبة وتناولها، اكتشف أن الجبن المستخدم فيها كان فاسدًا ورائحته كريهة.
وقال لعنب بلدي، إنه تواصل على الفور مع المطعم ليشتكي من سوء جودة الطعام، إلا أن الرد كان صادمًا، إذ أكد عامل في المطعم أن الجبن “جديد ولم يُجرب بعد”، معربًا عن أسفه لما حدث، وكتعويض أرسل المطعم “وجبة شاورما” بدلًا من وجبة “البانيه”.
وأضاف الشاب أن عامل التوصيل أصر على استعادة الوجبة الفاسدة، خشية أن يتم تقديم شكوى بحق المطعم، لافتًا إلى أن هذه الحالة هي الأحدث، إذ سبق له أن واجه حالات مماثلة من إهمال بعض المطاعم لجودة المواد الغذائية.
وقبل أشهر، أصيب الشاب بتسمم غذائي بعد تناوله وجبة تحتوي على “كريم ثوم” منتهي الصلاحية، وتم نقله إلى المستشفى لإجراء غسل معدة، حسب قوله.
وتتكرر حالات التسمم إثر تناول وجبات سريعة في مدينة اعزاز، أبرزها في آب 2022، حيث تسمّم بعض الأشخاص مرجعين السبب إلى فساد وجبات من مطعم في المدينة، والذي بدوره أرجع السبب إلى ارتفاع درجة حرارة الجو، نافيًا وجود أي مواد فاسدة أو منتهية الصلاحية في منتجاته.
“الشيف غير موجود”
مجد حج أمين، وهو أيضًا من سكان اعزاز، قال لعنب بلدي، إنه كان على وشك تناول وجبة فاسدة مع أطفاله بعد شرائها من أحد المطاعم.
وعند وصوله إلى المنزل، اكتشف فساد الوجبة و”السلَطات” المصاحبة لها قبل تناولها، ما دفعه للتوجه إلى صاحب المطعم للاعتراض.
وذكر مجد أن صاحب المطعم حاول تهدئته وإرضاءه، بعد أن أنكر في البداية وجود خلل في الوجبة، مبررًا الأمر بأن “الشيف” لم يكن موجودًا في ذلك اليوم.
وأضاف الشاب أنه كان يرغب في تقديم شكوى لتفادي تعرض الآخرين لمثل هذه الحوادث، لكنه لم يكن يعلم إلى أي جهة يمكنه التوجه، ما منعه من اتخاذ أي إجراء.
خداع لأجل الأرباح
“شيف” عمل في عدة مطاعم باعزاز (فضّل عدم ذكر اسمه)، قال لعنب بلدي، إنه عند افتتاح أحد المطاعم الجديدة الذي التحق به، كانت إدارة المطعم تحرص في البداية على استخدام أفضل المواد الغذائية، مثل اللحوم الطازجة والمكونات عالية الجودة، بهدف استقطاب الزبائن.
ومع تزايد شهرة المطعم ونجاحه، لاحظ “الشيف” تغييرات في سياسة صاحب المطعم، حيث بدأ تقليل جودة المكونات بهدف تحقيق أرباح أكبر.
وقال “الشيف” لعنب بلدي، إنه بعد عمله لعدة أشهر في المطعم، اكتشف أن اللحوم التي بات تستخدم في المطعم مائلة إلى اللون الأزرق، وبعد التحقق تبيّن له أنها لحم ماعز رخيص الثمن يتم تقديمه على أنه لحم غنم.
وأضاف أنه لاحظ أن اللبن المستخدم كان مختلطًا بـ”بودرة” غير معروفة، بالإضافة إلى استخدام خضراوات رديئة الجودة في تحضير الوجبات.
هذه الممارسات دفعت “الشيف” إلى ترك العمل في المطعم، حيث لم يكن قادرًا على “التواطؤ” مع هذا الأسلوب الخادع الذي يعتمد على تقديم مواد غذائية غير مطابقة للمعايير الصحية، ما يعرض صحة الزبائن للخطر، حسب قوله.
وذكر أن غياب الرقابة الفعالة على المطاعم يتيح المجال لأصحابها مواصلة استخدام منتجات وأساليب غير صحية دون أي محاسبة، وأن الجهات المختصة لا تتدخل إلا في حالات التسمم الجماعية، حين يتعرض عدد كبير من الزبائن لمشكلات صحية نتيجة تناول وجبات غير صالحة.
دوريات تفتيش ومتابعة
مسؤول التموين في المجلس المحلي بمدينة اعزاز، خالد تلجبيني، قال لعنب بلدي، إن دوريات التفتيش تزور المطاعم بشكل دوري لمتابعة معايير النظافة وجودة الطعام.
وأضاف أن الملاحظات موجودة، وتتركز غالبًا على مستوى النظافة ونوعية المواد الغذائية المستخدمة، ويتكرر أن بعض العمال قد لا يلتزمون بالمعايير المطلوبة في كل الأحيان.
وذكر أنه في حال اكتشاف مخالفات وتكرارها، يتم في البداية توجيه إنذارات وتقديم إرشادات لتحسين الوضع، وإذا لم تكن هناك استجابة، يتم اتخاذ الإجراءات القانونية بحق المخالفين.
وأوضح أنه في حال العثور على مواد غذائية منتهية الصلاحية، يتم إتلافها فورًا، مع اتخاذ التدابير القانونية ضد أصحاب المطاعم المخالفة.
ولفت مسؤول التموين إلى أنه سيتم تكثيف العمل في الفترة المقبلة لمتابعة أوضاع المطاعم، وضمان التزامها بالمعايير الصحية.
ودعا تلجبيني الأهالي للتوجه إلى دائرة التموين في حال وجود أي شكاوى أو استفسارات، مشيرًا إلى أن الدائرة مستعدة للاستجابة للملاحظات، والتعامل مع الأماكن التي قد تشكل خطرًا على صحة الأهالي.
فاروق صاري، صاحب مطعم في مدينة اعزاز، قال لعنب بلدي، إن جودة الطعام لديهم ثابتة بنسبة 90%، مرجعًا ذلك إلى استقرار فريق العمل، حيث يتحمل كل فرد مسؤولية محددة.
وأضاف أن نسبة الشكاوى قليلة جدًا، وعندما تحدث يتم التعامل مها بسعة صدر، حيث يسعى لإرضاء الزبون، ومعالجة الموقف بطريقة مُرضية، كما يقدم المطعم طلبًا بديلًا مجانيًا لضمان رضا الزبون وكسب ثقته.
وذكر أن المطعم لا يغيّر في نسب التوابل أو المكونات، إذ يتم فحص كل وجبة بدقة قبل تقديمها للزبائن، حرصًا على المحافظة على معايير الجودة.
وأوضح صاري أن المواد المستخدمة في إعداد الوجبات طازجة ويتم إحضارها بشكل يومي، ما يضمن جودة كل وجبة، وتقديم طعام طازج وخالٍ من أي مشكلات.
وأشار إلى أن المطعم مجهز بثلاجات تعمل باستمرار لحفظ المكونات بأفضل حالة ممكنة.