هل تنجح “الإدارة الذاتية” بتعزيز علاقاتها مع ألمانيا
في حزيران الماضي، ظهرت إلهام أحمد، وهي أحد أبرز الوجود في “الإدارة الذاتية” بشمال شرقي سوريا، في ألمانيا، وتركز نشاطها على الترويج لـ”الإدارة” التي تشغل فيها منصب الرئيسة المشتركة لمكتب العلاقات الخارجية.
وقال موقع “الإدارة الذاتية” الرسمي حينها، إن الوفد الذي ترأسته أحمد، تحدث عن خطر تنظيم “الدولة الإسلامية” الذي لا يزال نشطًا في المنطقة ويشن الهجمات فيها، وضرورة تلقي الدعم والمساعدة في النواحي السياسية والاقتصادية والعسكرية لهزيمة التنظيم.
وتطرق الوفد أيضًا إلى الهجمات التركية التي تستهدف المنطقة بين الحين والآخر، لافتًا إلى ضرورة ممارسة “ضغط” على تركيا لإيقاف هذه الهجمات.
أيضًا في تشرين الأول الماضي، أكدت إلهام أحمد لوسائل إعلام ألمانية إمكانية إتاحة مناطق سيطرة “الإدارة الذاتية” في سوريا لاستقبال العائدين من اللاجئين السوريين.
خطوة “الإدارة الذاتية” في التواصل مع ألمانيا تأتي في ظل عجزها المستمر منذ سنوات عن الحصول على اعتراف دولي، مع حالة الحرب المفتوحة التي تعيشها مع تركيا، وفصائل المعارضة السورية، والضغط الذي يمارسه النظام السوري عليها من جهة أخرى.
وبينما تنظر الدول المنخرطة بعمليات سياسية كضامن، أو مراقب، في سوريا إلى الأحداث الدائرة على أنها “صراع” بين طرفين هما المعارضة والنظام، تبقى “الإدارة الذاتية” خارج هذه المعادلة، إذ يُنظر إليها على أنها شريك التحالف الدولي في محاربة تنظيم “الدولة” شرقي سوريا فقط.
مساعٍ “عرجاء”
في نهاية تشرين الأول الماضي، قال ممثل “الإدارة الذاتية” في ألمانيا، خالد دافريش، لصحيفة “junge welt” الألمانية، إن “الإدارة” تدعو ألمانيا إلى التعاون معها.
وترى “الإدارة”، وفق دافريش، أنه يمكن تحقيق الكثير من خلال “تعزيز ديمقراطيتنا وتعزيز حقوق المرأة وتدابير القضاء على التطرف ضد الإسلام السياسي. وعلى هذا الأساس، يمكن مناقشة مسألة مدى إمكانية تحقيق عودة كريمة وآمنة للاجئين إلى سوريا”.
ولفت ممثل “الإدارة” في ألمانيا إلى أن أحد أهم أهدافهم هو ضمان عودة كل من يريد العودة إلى وطنه.
وأضاف أن “الإدارة الذاتية” لم تطرح أي مناقشات مع وزيرة الخارجية الألمانية، أنالينا بيربوك، بعد، وفق الصحيفة الألمانية.
يعتقد الباحث في مركز “عمران للدراسات الاستراتيجية” سامر الأحمد، أن تحركات “الإدارة الذاتية” تأتي ضمن استراتيجيتها المتبعة لتسويق نفسها خارجيًا، وتوسيع شبكة تحالفاتها الدولية في ضوء القلق من نتائج الانتخابات الأمريكية المقبلة وما قد يترتب عليها من تغييرات في السياسات تجاه المنطقة.
وقال الأحمد لعنب بلدي، إن “الإدارة”، وباعتبارها سلطة أمر واقع تفتقر للشرعية، تسعى للقفز للأمام وتجنب الاستحقاقات الداخلية التي تواجهها تجاه مكونات المناطق السورية.
وأضاف أن هذه الخطوات لتعزيز العلاقات الخارجية تظل “عرجاء”، نظرًا لاعتبارات تتعلق بـ”الإدارة” نفسها.
واعتبر الباحث أن “الإدارة الذاتية” ما زالت تفتقر لشرعية حوكمية، وخاصة أن سجل “الإدارة” حافل بانتهاكات حقوق الإنسان، ما يضعف من قدرتها على اكتساب الشرعية.
البحث عن شرعية
في عام 2017، قالت وكالة “إنترفاكس” الروسية، إن “وحدات حماية الشعب” (الكردية)، وهي الجناح العسكري لـ”حزب الاتحاد الديمقراطي” (PYD) ويشكل عماد “الإدارة الذاتية”، تود المشاركة في مؤتمر “الحوار الوطني” بمدينة سوتشي الروسية، مع أطراف سورية أخرى.
عقب حديث الوكالة الروسية عن رغبة “الوحدات” بحضور “سوتشي” وجهت روسيا دعوة لها للحصول، لكن تركيا رفضت وفق ما قاله المتحدث باسم الرئاسة التركية الأسبق، إبراهيم كالن، حينها.
وترى تركيا أن “الإدارة الذاتية” وجناحها العسكري “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) يشكلان امتدادًا لحزب “العمال الكردستاني” المدرج على “لوائح إرهاب” تركية وأمريكية وأوروبية.
ومنذ ذلك الحين بقيت “الإدارة” رهينة الفيتو التركي، الذي لم يسمح لها ببناء علاقات مع أطراف دولية، حتى مع الداعم الرئيس لها، الولايات المتحدة الأمريكية.
الباحث سامر الأحمد يرى أن بعض الدول الفاعلة في الملف السوري ترفض أن تكون “الإدارة” جزءًا من أي تحالفات دولية أو مسار سياسي.
وأضاف لعنب بلدي أن محاولات “الإدارة” دائمًا ما تصطدم باعتراض تركي قوي، وهو ما لا يزال يشكل عائقًا كبيرًا أمام جهود التسويق الخارجي الذي تعتمده “الإدارة”، ويجعل أي مسعى لتعزيز العلاقات الدولية خطوة محفوفة بالمخاطر.
وقلل الباحث من أهمية هذه الخطوات، إذ يرى أن أنقرة لن تتوانى عن الضغط على أي دولة قد تفكر في الانفتاح على “الإدارة الذاتية”، أو إقامة أي نوع من أنواع التعاون معها.
ترويج في ألمانيا
عمدت مسؤولة العلاقات الخارجية في “الإدارة الذاتية” لتسويق أفكار ومشروع “الإدارة” في ألمانيا منذ وصولها إلى هناك، علمًا أن أحمد كانت عضوًا بارزًا في “العمال الكردستاني” المدرج على لوائح “إرهاب” تركية وأمريكية، وبعض الدول الأوروبية منها ألمانيا.
وفي 20 من تشرين الأول الماضي، قالت أحمد، إن “الإدارة الذاتية” مستعدة بشكل “غير محدود” للتفاوض بشأن عودة اللاجئين السوريين الذين يعيشون في ألمانيا إلى وطنهم.
وأضافت أن “الإدارة” تمكنت خلال السنوات العشر الماضية من بناء نظام تعليمي ومستشفيات وجهاز إداري كامل “من الصفر تقريبًا”، بحسب قولها، علمًا أن النظام التعليمي يعاني من مشكلات جمّة لم تتمكن من معالجتها مع مرور السنوات.
أحمد قالت أيضًا في إطار ترويجها لمشروع “الإدارة”، إن المنطقة تعتبر “بوتقة تنصهر بها الأعراق المختلفة”، ولهذا توجد ثلاث لغات رسمية، هي العربية والكردية والآشورية، بالإضافة إلى الإنجليزية والفرنسية كلغات أجنبية.
ويعاني المكون العربي في المنطقة، وخصوصًا بمحافظة دير الزور، من تهميش أفضى لاحتجاجات واحتقان ضد “الإدارة الذاتية” تحول لمعارك مسلحة لا تزال تداعياتها تخيم على المنطقة حتى اليوم.
وبحسب إلهام أحمد، قد يتسنى لـ”الإدارة الذاتية” قبول عودة الناس بأعداد أكبر، فيجب أولًا إنشاء بنية تحتية وتحسين الوضع الاقتصادي، والمساعدة في إعادة الإعمار من أجل إعداد هذه المنطقة اقتصاديًا لذلك.
واقترحت البدء بوحدات صغيرة على الفور، قبل تجهيز البنية التحتيتة اللازمة للوحدات الأكبر حجمًا، وهذا يمكن أن يحصل في غضون عام، وفق رأيها، مشيرة في الوقت نفسه إلى أن “الإدارة الذاتية” تستقبل حاليًا نحو 20 ألف سوري فروا من لبنان.
وتسيطر “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) وهي الجناح العسكري لـ”الإدارة الذاتية” على شمال شرقي سوريا، وتحظى بدعم أمريكي، بينما تربطها علاقات متوترة مع دول الجوار، أبرزها تركيا.
وتهدد تركيا باستمرار بتوسيع سيطرتها في المنطقة، وتصنف قوات “الإدارة” باعتبارها كذراع لحزب “العمال الكردستاني” المحظور والمصنف إرهابيًا.
ويعتبر النظام السوري “الإدارة” كيانًا انفصاليًا، ويطالب القوات الأمريكية الداعمه لها بالانسحاب من سوريا.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :