القصير.. موطئ القدم الأولى لـ”حزب الله” في سوريا
سلطت الضربات الإسرائيلية التي جرت الأسبوع الماضي على القصير الضوء على المدينة الواقعة جنوبيّ حمص، والتي تحظى بنفوذ “حزب الله” اللبناني.
وحصلت الضربة الأخيرة، أمس الثلاثاء 5 من تشرين الثاني، وسبقتها واحدة في 31 من تشرين الأول الماضي.
ضرب “حزب الله”
وقالت إسرائيل إن الضربتين استهدفتا مستودعات أسلحة يستخدمها “حزب الله”، بينما ذكرت وسائل إعلام سورية رسمية أو مقربة من النظام أن الضربات طالت أهدافًا مدنية.
وبحسب معلومات حصلت عليها عنب بلدي من أحد سكان المنطقة، تعرضت القصير لأكثر من ثلاث غارات كبيرة، في الاستهداف الذي جرى في 31 من تشرين الأول.
وقطعت إحدى هذه الغارات الطريق الواصل بين المدينة ومركز محافظة حمص.
أما الغارة الثانية، فقطعت الطريق الواصل إلى معبر “جوسية” الحدودي مع لبنان.
وطالت الغارة الثالثة محطة الوقود الوحيدة التي يعتمد عليها السكان لتأمين مخصصاتهم من مواد المحروقات، بحسب المعلومات التي حصلت عليها عنب بلدي.
بعض سكان المنطقة حاولوا النزوح بعد الضربة الأولى التي استهدفت أبنية سكنية والمنطقة الصناعية في القصير، إلا أن الطرقات المقطوعة جراء الغارات حالت دون ذلك.
ويعيش أهالي القصير حالة عدم استقرار، كما يتخوفون من استهدافات أخرى بسبب وجود عناصر لـ”حزب الله” في المدينة.
ولم يعلق “حزب الله” من جانبه على الضربات.
في مرمى الطيران الإسرائيلي
الاستهداف الإسرائيلي لم يكن الأول على مدينة القصير والمناطق التابعة لها، إذ شهدت المدينة عدة استهدافات طال معظمها أهدافًا للحزب اللبناني.
وصعّدت إسرائيل من ضربها أهدافًا إيرانية أو للميليشيات التي تدعمها طهران في سوريا وعلى رأسها “حزب الله” اللبناني، بعد معركة “طوفان الأقصى” في 7 من تشرين الأول من العام الماضي.
وتقع مدينة القصير في الريف الغربي لمحافظة حمص وسط سوريا.
ويتبع لها أكثر من 80 قرية، وهي مدينة متعددة الطوائف، وتضم سكانًا من الشيعة والعلويين والمسيحيين، لكن السنة هم الغالبية فيها.
وترتبط المدينة مع لبنان من جهة البقاع بمنفذ “جوسية” الحدودي، وكان المعبر أغلق بعد سيطرة فصائل المعارضة عليه في 2012، ثم أعاد النظام افتتاحه في كانون الأول 2017.
وتعرض المنفذ لضربة إسرائيلية، في 2 من تشرين الثاني الحالي، أخرجت المعبر عن الخدمة.
ما علاقة الحزب بالقصير؟
يمتد نفوذ “حزب الله” العسكري من القرى المحاذية للحدود اللبنانية- السورية بمنطقة البقاع، وإلى داخل القصير، التي سيطر عليها النظام بدعم رئيسي من الحزب اللبناني.
وكانت المدينة أول المناطق التي تشهد قتال عناصر أجانب بشكل علني إلى جانب قوات النظام، ضد مقاتلي المعارضة، إذ كانت موطئ القدم الأولى لـ”حزب الله” في سوريا.
وصارت منطلقًا لعمليات “حزب الله” داخل سوريا بعد حزيران 2013، وما زالت تحت نفوذ الحزب اللبناني، وتنتشر حواجزه الأمنية إلى جانب حواجز النظام.
وطالما تباهى الحزب بالإنجاز العسكري الذي حققه في القصير ضد فصائل المعارضة، وسبق أن اعتبر أمينه العام السابق، حسن نصر الله، أن ما جرى في المدينة التابعة لمحافظة حمص بمثابة “معركة للحزب”.
وفي مناسبة أخرى، وجّه نصر الله رسالة لعناصره في القصير وأثنى على قتالهم، مضيفًا أن “الكل” (ويشير إلى أنصار حزبه) يدرك “أهمية المعركة ومستعد للتضحية”.
وبعد سيطرة النظام والحزب على القصير، في حزيران 2013، تعرضت المدينة لتهجير معظم سكانها، وتوجه النازحون إلى الشمال السوري وعرسال اللبنانية ومركز مدينة حمص.
كما تعرضت المدينة حينها لدمار شبه كلي في أجزائها الشمالية والغربية التي كانت تسيطر فصائل المعارضة عليها، في حين تعرض القسم الشرقي من المدينة والذي بقي تحت سيطرة النظام لضرر أقل.
وبعد أربع سنوات من السيطرة عليها، أجرى “حزب الله” فيها استعراضًا عسكريًا في 13 من تشرين الثاني 2016، وظهر فيه دبابات وعربات مصفحة.
ولا تزال المدينة تعاني من دمار في البنية التحتية جراء الحملة العسكرية التي شنها النظام على المدينة قبيل إعادة سيطرته عليها.
وتجري ترميمات في البنية التحتية بوتيرة بطيئة، بينما يعاني سكان المدينة من صعوبة إعادة ترميم ممتلكاتهم الخاصة بسبب الدمار الذي لحق بالأبنية.
بموافقة أمنية
وبحسب إحصائيات سورية رسمية عام 2011، بلغ عدد سكان المدينة والقرى التابعة لها نحو 112 ألفًا.
ولا توجد إحصائيات حديثة عن أعداد القاطنين في المدينة حاليًا.
وروّج النظام لعمليات عودة النازحين إلى المدينة في عام 2019، لكن الأرقام التي أصدرها لم تعكس الواقع على الأرض، إذ لا يزال معظم أهلها مهجرين داخل سوريا وخارجها.
كما دعا الزعيم السابق لـ”حزب الله” نصر الله، أهالي القصير الموجودين في لبنان إلى العودة لمدينتهم في 20 من أيلول 2019، مشيرًا إلى تنسيق الأمن العام اللبناني مع النظام السوري، لعودة النازحين “ضمن الضوابط والآليات المعتمدة”.
وبدأ النظام بإصدار قوائم تضم “الراغبين” بالعودة إلى مدينتهم منذ 2019، وبلغت أعداد العائدين بحسب هذه القوائم نحو 5 ألاف شخص، حتى نهاية عام 2020.
وفي ذات السياسة التي اتبعها في المناطق التي عادت إلى سيطرته، فرض النظام السوري على الراغبين بالعودة إلى منازلهم في القصير، استخراج موافقة أمنية من مراكز الأمن، وقد تأتي بالرفض أحيانًا، بحسب شهادات أهالي من مدينة القصير لعنب بلدي.
مخطط تنظيمي
وأعلن النظام السوري عن مخطط تنظيمي لمدينة القصير في 10 من تشرين الأول لعام 2018، بموجب “القانون 10”.
وتزامن الإعلان مع غياب لعدد كبير من سكان المدينة الذين هجروا منها، وعدم قدرتهم للعودة إليها للإعتراض على القرار وإثبات ملكيتهم.
وفي نيسان من العام 2018، أصدر رئيس النظام السوري بشار الأسد، قانونًا يقضي بإحداث “منطقة تنظيمية أو أكثر ضمن المخطط التنظيمي العام للوحدات الإدارية”.
ويلزم القانون “رقم 10” إثبات ملكية العقارات من أصحاب العقار خلال مدة 30 يومًا، وإلا سيخسر أصحاب الملكية هذه العقارات، وتصادرها الدولة.
ووفقًا للقرار، يحق للدولة تمليك العقار “لمن تراه مناسبًا” الأمر الذي فتح الباب لمصادرة أملاك المهجّرين الذين لا يستطيعون العودة إلى منازلهم، بطرق تعتبر “قانونية”.
وبعد حملة احتجاجات واستنكار دولي، أصدر النظام جملة تعديلات منها تغيير مدة تقديم طلبية الاعتراض وتثبيت الملكية من شهر إلى سنة.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :