الشهيد زيد سيد شرارة… عين داريا
جريدة عنب بلدي – العدد 55 – الأحد – 10-3-2013
«سأعمل مع كل من يعمل بإخلاص لله والوطن»
«سأعمل مع كل من يعمل بإخلاص لله والوطن»
بهذه الكلمات كان زيد يحدث أصدقائه قبل أن يستشهد بساعات.
زيد سيد الشاب المتوسط القامة حاد البصر رحب البصيرة، ذو العينين الحاذقتين اللتين أتعبهما البحث والدراسة دون أن يثنيه ذلك عن مواصلة مسيرة العلم والبحث عن الحقيقة.
لقد كان زيد من أوائل الشباب الذين شاركوا في المظاهرات السلمية في مدينة داريا، ولم ينقطع عنها حتى تم اعتقاله في تموز 2011 من قبل المخابرات الجوية بعد مداهمة مكان عمله في المدينة، قبع حينها في زنازين مطار المزة العسكري قرابة ثلاثة أشهر تعرض خلالها لأشد أنواع التعذيب كما ذكر أصدقاؤه.
بعد خروجه من المعتقل عاد زيد إلى النشاط الثوري بهمة كبيرة، محافظًا على روح العمل الجماعي، حيث سعى دومًا إلى نبذ التفرقة بين التيارات الفكرية المختلفة في المدينة.
عشق زيد ذو العشرين ربيعًا مدينته داريا وحلم بعزها وكرامتها فلم يحدث نفسه يومًا بالخروج منها حتى في أعتى الظروف، حيث بقي زيد وحيدًا في حارته أثناء مجزرة داريا الكبرى أواخر آب 2012 ليكون شاهدًا على ممارسات قوات الأسد، وقد ساعد بدفن شهداء المجزرة وتوثيق أسمائهم وأعدادهم، وكان أحد الناشطين الذين صوروا حجم الدمار الناجم عن العمليات العسكرية.
ساهم زيد في تأسيس المكتب الإعلامي في المجلس المحلي لمدينة داريا، ويحدثنا زملاؤه داخل المكتب الإعلامي:
«إن زيد من الذين يعملون بصمت، وهو من الثوار القلائل الذي يحملون على عاتقهم قضية دينهم ووطنهم، زيد الشهيد كما كنا ندعوه شخص هادئ ذو نظرة مستقبلية توكل إليه المهمات الصعبة، أذهلنا بجرأته على تصوير دبابات الأسد وهي تقتحم المدينة حيث يقوم برصدها وتصويرها على بعد أمتار قليلة.»
خلال الحملة العسكرية الأخيرة على المدينة في كانون الأول 2012 ظل زيد ثابتًا يصور ويوثق وينقل من خلال عدسته أوجاع المدينة ومآسيها…
يتقدم زيد بحذر شديد بين البيوت المتهدمة ليرصد تحرك الدبابات التي تتوغل داخل مدينة داريا في الحادي عشر من شباط 2013، متسلحًا بعدسته وإصراره على نقل حقيقة ما يجري في داريا، لكن إحدى تلك الدبابات ردت على عدسته بقذيفة أنهت مسيرة عين من عيون الحقيقة.
نشأ زيد الشاب «العصامي» يتيم الأب، حيث تربى في حضن والدته التي علمته الأخلاق الفاضلة والقيم النبيلة وزرعت فيه حب دينه. درس الاقتصاد في جامعة دمشق وحالت الثورة دون متابعة دراسته الجامعية .
يقول أحد أصدقاء زيد:
«من عرف زيد الشهيد تعلم منه معنى الرجولة والشهامة والحق والأمانة، فهو معروف بشجاعته وجرأته وطيبة قلبه والتزامه بدينه، حيث كان أحد رواد مسجد المصطفى منذ نعومة أظفاره يتلقى فيه التربية الإسلامية والعلوم الشرعية.»
استشهد زيد سيد الشهيد ودفن في مقبرة الشهداء دون أن يودعه أهله وأصدقاؤه الذين غادروا المدينة في ظل الحملة العسكرية الأخيرة عليها، لتفقد داريا واحدا من أبرز ناشطيها الإعلاميين.
زيد سيد الشهداء
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :