د. أكرم خولاني
تزداد شكايات الناس في مثل هذه الفترة من السنة من الأعراض التنفسية، ولعل أحد أكثر هذه الأعراض إزعاجًا للمريض هو السعال، وخاصة عندما يكون جافًا ومستمرًا.
والسعال هو رد فعل من الجسم لتخليص وتنظيف الطرق التنفسية من المهيجات، من خلال ضغط عضلات الصدر والبطن على الرئتين لإخراج الهواء مع المهيج أو البلغم، ويختلف السعال من شخص إلى آخر حسب مقاومة الجسم وجهاز المناعة، إذ يسعل بعض الناس لأسباب بسيطة، وقد لا يسعل بعضهم الآخر إلا في حالات العدوى والمرض.
ما المقصود بالسعال الجاف
السعال الجاف Dry Cough)) هو سعال لا يصاحبه خروج بلغم أو مخاط من المجاري التنفسية، ولذلك يسمى “السعال غير المنتج”، وغالبًا ما يحدث بسبب تهيج الحلق، وينقسم إلى ثلاثة أنواع، هي:
- السعال الجاف العادي: يقترن هذا النوع من السعال بوجود عدوى فيروسية في الأنف أو الحلق، ويشعر المريض عادة في هذه الحالة أن هناك شيئًا ما عالقًا في حلقه يدفعه للسعال.
- السعال النباحي: يقترن هذا النوع بالتهاب أو تورم الحنجرة، وفي هذه الحالة، يشعر المريض عند السعال بألم في الحلق وصعوبة في التنفس.
- السعال الديكي: هو نوع خاص من السعال يقترن بوجود نوع معين من الجراثيم تسمى “البورديتيلة الشاهوقية”، وفي هذه الحالة يسعل المريض بشكل متواصل ويكون ذلك متبوعًا بشهيق.
نادرًا ما يشير السعال الجاف العرضي إلى وجود مشكلة صحية خطيرة، ولكن قد يؤدي السعال الجاف المستمر إلى آثار جانبية مزعجة، مثل الصداع، والإرهاق العام، وآلام الصدر، وفقدان التحكم بالمثانة، والإقياء، والبحة.
ما أسباب السعال الجاف
قد يحدث السعال الجاف دون سبب واضح في بعض الحالات، ولكن أشيع أسبابه ما يلي:
- الربو
هو التهاب وتضيق في القصبات الهوائية، غالبًا ما يسبب سعالًا جافًا وضيق التنفس والوزيز، لكنه قد يسبب سعالًا منتجًا في بعض الحالات، وتشمل المسببات الشائعة لنوبة الربو ما يلي:
– مسببات الحساسية في الهواء، مثل عث الغبار وحبوب الطلع.
– ممارسه الرياضة.
– أطعمة معينة.
– فيروسات البرد.
- داء الارتجاع المعدي المريئي (GERD)
يعني ارتجاع حمض المعدة إلى المريء، ويحدث عندما تكون هناك مشكلة في العضلة العاصرة للمريء الموجودة في الجزء السفلي منه والتي تتحكم في تدفق الطعام والسوائل إلى المعدة، ويمكن أن يؤدي الارتجاع إلى:
– حرقة من المعدة.
– طعم حامض في الفم.
– سعال جاف.
التقطير الأنفي الخلفي: يتسبب نزول إفرازات سائلة أو مخاط من الجزء الخلفي من الأنف إلى الحلق في تهيج الحلق والإصابة بالسعال الجاف.
- العدوى الفيروسية
قد تؤدي العدوى الفيروسية إلى تهيج الطرق التنفسية مسببة سعالًا جافًا بعد انتهاء العدوى ربما يستمر فترة طويلة تصل إلى شهرين.
- مرض “كوفيد-19”
يعد السعال الجاف من أعراض “كورونا” المبكرة، إذ إن معظم الأشخاص يصابون بالسعال الجاف بسبب “كورونا”، وقد يستمر مدة تصل إلى 19 يومًا.
- الحساسية
يؤدي التعرض إلى مثيرات الحساسية مثل المهيجات البيئية (دخان، تراب، حب الطلع، وغيرها) إلى حدوث سعال جاف وكذلك ضيق في الصدر، كما يمكن أن يؤدي الهواء البارد جدًا والهواء الجاف أيضًا إلى السعال الجاف.
- أسباب غير شائعة
وتشمل أسباب السعال الجاف الأقل شيوعًا ما يلي:
بعض الأدوية: مثل مثبطات الإنزيم المحول للأنجيوتنسين (مثل دواء الكابتوبريل والإنالابريل (.
السعال الديكي: هو مرض جرثومي معدٍ يسبب نوبات سعال شديدة ومزعجة.
انخماص الرئة: هو حدوث انكماش مفاجئ للرئة نتيجة التعرض لإصابة أو أمراض الرئة أو حتى التغيرات الشديدة في ضغط الهواء، وأعراضه:
– سعال جاف.
– ضيق في التنفس.
– ألم مفاجئ في الصدر.
سرطان الرئة: يمكن أن يسبب سرطان الرئة في بعض الحالات الإصابة سعالًا جافًا طويل الأمد يتفاقم بمرور الوقت، وقد يترافق السعال مع البلغم الدموي، إضافة إلى ألم في الصدر يزداد سوءًا مع التنفس العميق والسعال.
فشل القلب: يحدث قصور القلب عندما يتعذر على القلب ضخ ما يكفي من الدم لتلبية احتياجات الجسم، ويمكن أن يتطور بعد نوبة قلبية أو أي شكل آخر من أمراض القلب، وتشمل أعراض قصور القلب ما يلي:
– السعال الجاف المستمر، وقد يكون مصحوبًا ببلغم أبيض رغوي أو وردي.
– ضيق في التنفس.
– تورم في الساقين والكاحلين.
– خفقان القلب.
– التعب الشديد.
متى تتطلب الحالة مراجعة الطبيب؟
قد يستمر السعال الجاف مدة أسبوع أو أسبوعين، وعادة ما تتحسن الأعراض بعد ذلك، ولكن إذا استمر السعال أكثر من 8 أسابيع لدى البالغين و4 أسابيع عند الأطفال فيعد مزمنًا يستدعي مراجعة الطبيب، أو في الحالات الآتية:
– إذا كان المصاب بالسعال الجاف عمره أقل من 5 سنوات.
– إذا كان السعال يحتوي على دم أو مخاط كريه الرائحة.
– إذا ترافق السعال مع ألم بالصدر أو ضيق نفس أو صوت وزيز أو صعوبة في البلع.
– إذا ترافق بحمى شديدة تصل إلى 38 درجة مئوية أو أعلى.
– إذا ازدادت وتيرة السعال الجاف بشكل خاص في الليل.
– في حال حصول فقدان كبير للوزن مع ألم في العضلات.
– إذا كان المصاب بالسعال الجاف لديه ارتفاع في ضغط الدم أو أنه يعاني أمراض القلب أو الربو أو مشكلات في المعدة.
– إذا كانت المرأة التي تعاني السعال حاملًا أو كانت في فترة الرضاعة الطبيعية.
كيف يشخص سبب السعال الجاف
بعد أخذ القصة المرضية وإجراء الفحص السريري قد يطلب الطبيب إجراء بعض الاختبارات التي تساعد في التشخيص، مثل:
اختبارات التصوير: مثل الأشعة السينية أو الأشعة المقطعية على الصدر.
اختبارات الدم: يتم إجراء تحاليل دموية لنفي وجود إصابة جرثومية.
قياس وظائف الرئة (قياس التنفس): يفيد هذا الاختبار في فحص وظائف الرئة، ويساعد في تشخيص بعض الحالات، مثل الربو.
التنظير الداخلي: يساعد إجراء تنظير الجهاز الهضمي العلوي على التحقق من وجود مشكلات في المريء أو المعدة، كما يفيد تنظير الحنجرة وتنظير القصبات في فحص الحنجرة والممرات التنفسية الأخرى.
كيف يمكن علاج السعال الجاف؟
يعتمد علاج السعال الجاف على معالجة السبب الكامن وراء الإصابة بالسعال، فمثلًا:
- العدوى الفيروسية: يسهم شرب السوائل الدافئة وتناول الأدوية العرضية في التعافي على نحو أسرع وتهدئة السعال.
- الحساسية الموسمية: تفيد مضادات الهيستامين كاللوراتيدين والسيتريزين والروبافين في التقليل من الأعراض وتخفيف السعال الجاف بسبب الحساسية.
- الربو: يوصى بالالتزام بأدوية الربو الموصوفة، مثل موسعات الشعب الهوائية طويلة المفعول والكورتيكوستيرويدات المستنشقة.
- ارتداد الحمض: يسهم تعديل نمط الحياة وتناول مثبطات مضخة البروتون، مثل الأوميبرازول في التخفيف من الأعراض والسعال.
- وإذا كان السعال الجاف عرضًا جانبيًا لدواء معيّن ينصح باستخدام دواء بديل تحت إشراف الطبيب.
لكن إضافة لمعالجة السبب يمكن استخدام بعض الأدوية والطرق الطبيعية لتخفيف السعال الجاف، مثل:
- السوائل الدافئة: يساعد شرب السوائل الدافئة، مثل الشاي أو مغلي النعناع أو الخبيزة أو الختمية أو الزعتر، في تهدئة السعال الجاف.
- العسل: تناول ثلاث ملاعق صغيرة في اليوم يخفف من السعال الجاف، ويمكن استخدام العسل بإذابته في كوب من الشاي الدافئ أو في كوب من الماء الدافئ مع الليمون، وتجدر الإشارة إلى أنه يجب عدم إعطاء العسل للأطفال قبل عمر السنة لأنه قد يسبب حالة خطيرة تسمى التسمم السجقي (Botulism)، وهو أحد أشكال التسمم الغذائي النادرة.
- الغرغرة بالماء والملح: رغم عدم ثبوت فعاليتها علميًا فإن الغرغرة بالماء والملح تفيد في تقليل السعال الجاف الناجم عن التهاب الحلق، ويتم ذلك بإضافة ملعقة صغيرة من الملح إلى كوب كبير من المياه ثم يُستخدم الخليط للغرغرة عدة مرات، ويجب الاستمرار في الغرغرة 15 ثانية في كل مرة.
- أقراص الاستحلاب: تعمل أقراص الاستحلاب على تسكين السعال الجاف لا سيما الناجم عن نزلات البرد والمصحوب بالتهاب الحلق.
- مثبطات السعال: يمكن أن يسهم استعمال الأدوية المثبطة للسعال، مثل دواء الديكستروميثروفان، في تهدئة السعال، ولكن لا ينصح باستخدام هذه الأدوية في علاج السعال الجاف عند الأطفال أقل من 4 سنوات.
- أجهزة ترطيب الجو: يسهم ترطيب الجو بتهدئة السعال الجاف في الليل.
- جلسات الإرذاذ: يساعد استنشاق المريض بخارًا ساخنًا على التقليل من حدة السعال.
كذلك هناك بعض النصائح الأخرى التي يمكن اتباعها لتخفيف السعال الجاف، ومنها:
- إسناد الظهر بوسادات وإبقاؤه مرفوعًا مع الرأس ما يقارب 15-20 سم في أثناء النوم، للتخفيف من أعراض التنقيط الأنفي الخلفي أو أعراض الارتجاع المعدي المريئي.
- تجنب التدخين والبقاء في أماكن المدخنين، حيث يؤدي استنشاق دخان السجائر إلى تهيج الرئتين وزيادة السعال.
- البقاء في غرفة ذات درجة حرارة معتدلة.
- الراحة التامة والابتعاد عن ممارسة الأنشطة البدنية المُجهدة حتى زوال السعال.