جريدة عنب بلدي – العدد 55 – الأحد – 10-3-2013
محمد – داريا
هي ناتج لنظام يعرف في قرارة نفسه منذ بداية الثورة أنه لن تقوم له قائمة ولن تكون له عودة إلى حكم شعبٍ أبى رغم كل الضغوط أن يذعن أو يخضع، وبالتالي فقد تحول إلى فيل هائج في مصنع فخار، فقد أدرك ما عليه حاله وانطلق يدمر كل ما في طريقه بحقد أعمى يتغذى بحقد طائفي أحيانًا وبذرائع واهية أحيانًا أخرى.
ولكن في النهاية فهو يقوم بتدمير البنى التحتية للمجتمع بكافة أركانه وفئاته، وهذا حال الفقدان للأمل بالبقاء بشكل نهائي، ومن أهم ما يستهدفه «المدارس» التي تخرّج الأطفال مستقبل هذه الثورة وثمرتها وحَمَلة لوائها في تحرير الأرض والإنسان والسير به لطريق الحياة الحرة الكريمة .
فالمدرسة هي المجتمع الكبير الذي يدخله الطفل بعد مجتمعه الصغير وهو الأسرة ،حيث يتعرف ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﻌﺎﻟﻢ الجديد ﻋﻠﻰ قوانين وأﻧﻈﻤﺔ جديدة عليه اﻻﻟﺘﺰام بها.
إن اﻟﻤﺪرﺳﺔ ﻫﻲ اﻟﻤﺤﻚ اﻷول ﻟﻠﻄﻔﻞ وﻫﻲ ﺟﻮاز اﻟﻤﺮور ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻪ إﻟﻰ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻷﻛﺒﺮ ﻓﺈذا ﻧﺠﺢ فيها وﺗﺄﻗﻠﻢ ﻓﻲ ﺟﻮّﻫﺎ أﻣﻜﻨﻪ اﻟﻨﺠﺎح واﻟﺘﺄﻗﻠﻢ ﻓﻲ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ الكبير، وإذا ﺗﺠﺎﻧﺲ ﻣﻊ ﻣﺠﺘﻤﻌﻪ ﻓﻲ اﻟﻤﺪرﺳﺔ فقد اﺳﺘﻄﺎع أن يتجانس ﻣﻊ وﺳﻄﻪ الاجتماعي ويتماشى معه.
إن دور المدرسة لا يقتصر ﻋﻠﻰ تلقين اﻟﻤﺒﺎدئ التعليمية ﻓﻘﻂ وإﻧﻤﺎ يلعب دور اﻟﻤﺆﺛﺮ واﻟﻤﻨﺸﺊ واﻟﻤﻜﻮّن لشخصية الطفل
وإن اﺿﻄﺮاب ﻋﻼﻗﺔ اﻟﻄﻔﻞ ﺑﺎﻟﻤﺪرﺳﺔ ﺗﺆدي إﻟﻰ ﻧﺸﺄة ﻣﺸﻜﻼت اﻟﻄﻔﻮﻟﺔ لديه فقسوة المعلم و تحقيره ﻟﻠﻄﻔﻞ وإﻫﺎﻧﺘﻪ أو إﻫﻤﺎﻟﻪ وﻣﻘﺎرﻧﺘﻪ غير اﻟﻌﺎدﻟﺔ بين التلاميذ أو تفضيل تلميذ على آﺧﺮ يجعل اﻟﻄﻔﻞ يشعر ﺑﻌﺪم اﻟﺜﻘﺔ ﻓﻲ ﻧﻔﺴﻪ.
وﻓﻲ اﻟﻤﺪرﺳﺔ ويشعر ﺑﻌﺪم اﻟﺘﻘﺒّﻞ فيفشل ﻓﻲ إﺷﺒﺎع ﺣﺎﺟﺘﻪ ﻟﻸﻣﻦ واﻟﺤﺐ والتقدير والإﺳﺘﺤﺴﺎن واﻟﺘﻔﻮّق ويشعر ﺑﺎلاﺣﺒﺎط ﻛﻤﺎ يؤثّر اﻟﻤﺪرس ﻋﻠﻰ اﻟﻄﻔﻞ ﻓﻲ اﻟﻤﻮاﻗﻒ الاختبارية اﻟﺘﻲ ﺗﻌﺘﺒﺮ ﻣﻦ أﻫﻢ اﻟﻤﻮاﻗﻒ اﻟﺘﻲ يواجهها اﻟﻄﻔﻞ ﻓﻲ اﻟﻤﺪرﺳﺔ التي يحكم فيها المعلم ﻋﻠﻰ أداء التلميذ حسنًا أو سيئًا. وﻓﺸﻠﻪ ﻓﻲ اﻟﺤﺼﻮل ﻋﻠﻰ اﺳﺘﺤﺴﺎن معلمه ورﺿﺎﻩ ﻋﻦ أداﺋﻪ يشعره ﺑﻌﺪم اﻟﻜﻔﺎءة واﻟﻌﺠﺰ والدونية ويضعف ﻣﻜﺎﻧﺘﻪ الاجتماعية بين رفاقه ﺧﺎﺻﺔ إذا أﺻﺪر اﻟﻤﺪرس ﺣﻜﻤﻪ ﻋﻠﻰ التلميذ ﺑﺎﻟﺴﻮء وﻋﺪم اﻟﻔﻼح ﻓﻲ الدراسة، حيث يؤلم هذا الحكم القاسي من المدرس اﻟﻄﻔﻞ ويثير فيه ﻣﺸﺎﻋﺮ اﻟﻌﺪاوة ﻧﺤﻮ اﻟﻤﺪرس ﻟﻜﻨﻪ يكتب ﻫﺬﻩ اﻟﻤﺸﺎﻋﺮ ويظهر ﺑﺪﻻً ﻣﻨﻬﺎ اﻟﻘﻠﻖ الاتكالية واﻟﺸﻌﻮر بالزيف وﻫﻲ ﻣﺸﺎﻋﺮ ﻣﺆﻟﻤﺔ ﺗﺆدي إﻟﻰ ﺳﻮء ﺗﻮاﻓﻘﻪ ﻓﻲ المدرسة وﺗﻀﻌﻒ تحصيله اﻟﺪراﺳﻲ وتزيد كراهيته ﻟﻠﺪراﺳﺔ، وﻻ يرجع ﺿﻌﻒ اﻟﻄﻔﻞ ﻓﻲ التحصيل ﻓﻲ ﻫﺬﻩ اﻟﺤﺎﻟﺔ إﻟﻰ ﻧﻘﺺ ﻓﻲ ذﻛﺎﺋﻪ ﺑﻘﺪر ﻣﺎ يرجع إﻟﻰ ﺳﻮء ﻋﻼﻗﺘﻪ بمعلمه وﺷﻌﻮرﻩ ﺑﺎﻟﺨﻮف ﻣﻦ ﺗﻜﺮار ﻓﺸﻠﻪ واﻧﺸﻐﺎﻟﻪ ﺑﻬﺬا اﻟﺨﻮف ﻋﻦ اﻹﺟﺎﺑﺔ ﻋﻠﻰ أﺳﺌﻠﺔ اﻻﺧﺘﺒﺎرات.
إن أهم ما تنجزه المدرسة بناء شخصية التلميذ في أهم مرحلة من مراحل حياته وإنّ فقده لهذا العامل المهم في بناء شخصيته يبقى أثره ظاهرًا في اختلاف واضح بينه وبين من خضع لتلك المرحلة المهمة
وتبقى المدرسة الشعلة التي تنير درب أبنائنا ما يحتم علينا العمل بكل جدية لتوفيرها كمؤسسة مكملة لبناء أطفالنا بعد الأسرة بالرغم ما يقوم به أعداء الحياة من هدم وتحطيم لأساس حياة الشعوب وهي المدرسة.