مبادرات لتدوير النفايات في إدلب
تنتشر مكبات النفايات بكثرة في إدلب شمال غربي سوريا، وباتت منذ سنوات تشكل خطرًا على صحة المدنيين، خاصة على الجهاز التنفسي، وسط حلول أولية وبدائية في معالجتها، تتخللها بعض المحاولات التي لا تزال قاصرة وصغيرة أمام حجم القمامة “الكبير”.
وتعد مكبات النفايات مساهمًا رئيسًا في انبعاثات غازات الاحتباس الحراري في العالم، لأن كمية هائلة من الميثان وثاني أكسيد الكربون تتولد من عملية تحلل النفايات المترسبة في هذه المكبات، كما يؤدي مكب النفايات إلى تلوث المياه السطحية والجوفية عن طريق الرشح من المكب.
تنشط في مدينة إدلب وريف حلب الغربي شركة “E-Clean” (البيئة النظيفة)، وتعمل على تنظيف بعض الطرق وجمع النفايات، حيث تغطي خدماتها معظم المناطق، باستثناء بعض المخيمات التي تُخدم بشكل طارئ.
وتحاول بعض المنظمات إيجاد حلول أكثر استدامة، منها مبادرة أطلقتها منظمة “هيئة الإغاثة الإنسانية” (IYD)، لإعادة تدوير القمامة في إدلب، وكانت خلال عام 2023، تعد الأولى من نوعها في شمال غربي سوريا، وتشمل عملية إنتاج للأسمدة العضوية وفرز المخلفات الصلبة.
17 مكبًا في إدلب وريفها
قال مدير مكتب العلاقات في شركة “E-Clean” فياض الحسن لعنب بلدي، إن الشركة بدأت عملها في 2 من آب 2022، في خمس مدن رئيسية، وتوسعت لاحقًا لتشمل جميع مدن وبلدات وقرى مناطق إدلب وريف حلب الغربي.
وذكر أن هناك 17 مكبًا رئيسيًا في إدلب وريفها، بعد أن كان العدد يصل إلى مئات المكبات العشوائية، لافتًا إلى أن الشركة تسعى لتقليل هذا العدد إلى أدنى حد ممكن، نظرًا لما تشكله هذه المكبات من مظهر غير صحي وغير حضاري.
ونفى الحسن أن تتسبب هذه المكبات بالأضرار للأراضي المجاورة لها، منوهًا إلى أن الشركة تسعى إلى تحويل المكبات المعتمدة إلى مطامر صحية، كما يتم تسوير المكبات غير المسوّرة، وتطبيق أساليب للتخلص الآمن من النفايات.
وحول وجود مشاريع للشركة في إعادة تدوير النفايات الصلبة أو لفرق أخرى في المنطقة سابقًا أو قيد الدراسة، ذكر الحسن أن لدى الشركة توجهات لتفعيل عدد من مشاريع إعادة التدوير.
وذكر أنها تشمل مشاريع تصنيع “بيليت” للتدفئة وتربية يرقات ذبابة “الجندي الأسود“، كما تتضمن هذه المشاريع الفرز الأولي للنفايات بهدف الاستفادة من المواد، وهناك دراسات لمشاريع يجري العمل على تذليل الصعوبات لتنفيذها.
مبادرة لتدوير القمامة
المبادرة التي أطلقتها منظمة “هيئة الإغاثة الإنسانية” عبارة عن منشأة تعمل للتخلص من القمامة بشكل مدروس، دون إلحاق الضرر بالبيئة، وتؤمن فرص عمل للأهالي، من خلال العمل المباشر ودعمهم بالأسمدة العضوية.
وفق توضيح من المكتب الإعلامي في “هيئة الإغاثة الإنسانية” لعنب بلدي، فإن المساحة التي تغطيها المنشأة تعتمد على كمية النفايات المتوقعة لإعادة التدوير، لكن بشكل تقريبي يمكن أن تعتبر مساحة 500 متر مربع كافية لإنشاء منشأة لإعادة تدوير 10 أمتار مكعبة يوميًا من النفايات الصلبة.
وأضاف أنه بعد جمع القمامة من المناطق المستهدفة، تُنقل إلى منطقة عمل المنشأة في كللي بريف إدلب الشمالي، وتفرز حسب النوع حيث يتم فرز المخلفات العضوية ليتم تخميرها وتحويلها الى سماد عضوي.
أما المخلفات الأخرى مثل الزجاج وعبوات البلاستيك والمعدن والكرتون يتم ترحيلها إلى مكب النفايات.
بعد ذلك، توزن النفايات التي يتم ترحيلها إلى المنشأة قبل البدء بعملية الفرز وإعادة التدوير، وذلك لمعرفة نسبة تخفيض كمية النفايات بعد إعادة التدوير، ثم تخضع النفايات إلى عملية الفرز والتخمير مرورًا بعدة مراحل للوصول إلى السماد العضوي.
وزوّدت المنشأة بعدة مصادر للطاقة هي مولدة، منظومة طاقة شمسية، وذلك لضمان استمرارية العمل في كل الظروف.
وذكر المكتب الإعلامي أن منطقة عمل المنشاة بعيدة عن التجمعات السكانية، لافتًا إلى أن المنشآت من هذا النوع يفضل أن تكون ضمن مكبات النفايات العامة، أو بالقرب منها لتسهيل العمل.
تنتج سمادًا عضويًا.. 55 عاملًا
ينتج عن إعادة تدوير النفايات العضوية سمادًا عضويًا، يوزع مجانًا على المزارعين القاطنين ضمن مخيمات النزوح، وتراعى الحالة المادية للمستفيدين من السماد، فأولوية التوزيع تكون للفئات المستضعفة، وفق التوضيح.
وأشار إلى عدم وجود سلبيات كبيرة تذكر، بل توجد إيجابيات مثل تخفيف حجم النفايات الصلبة، والحد من التلوث البيئي، وتوفير فرص عمل، ورفع وعي المجتمع بأهمية إدارة النفايات.
وأسهمت المنشأة في توظيف 55 عاملًا، حيث تم تقسيمهم للعمل على جمع النفايات من المواقع المستهدفة، وترحيلها إلى المنشأة ليتم فرزها وإعادة تدويرها.
واستغرق العمل بهذه المنشأة مدة ستة أشهر، تضمنت إنشاء المكان وتجهيز الأدوات واللوجستيات المطلوبة وفترة تشغيل تجريبية.
كما تم وضع آلية للخروج من المنشأة من خلال تسليمها للسلطات المحلية لاستمرار العمل ضمن المنشأة، وتوجد دراسات لتكبير القدرة التشغيلية للمنشأة.
وتنتشر أكوام النفايات والقمامة في المدن والأرياف، على الجغرافيا السورية، وبتعدد مناطق السيطرة، مشكّلة مواقع تكاثر للآفات والحشرات من بعوض وذباب والحيوانات من فئران وقطط وكلاب شاردة، وباتت منبعًا وبؤرة للأوبئة والأمراض والروائح الكريهة، وطالت أضرارها البشر والبيئة.
ويسكن في شمال غربي سوريا 5.1 مليون شخص، منهم 4.2 مليون بحاجة إلى مساعدة، و3.6 مليون منهم يعانون من انعدام الأمن الغذائي، و3.5 مليون نازح داخليًا، ومليونا شخص يعيشون في المخيمات، وفق الأمم المتحدة. في حين تشير إحصائيات محلية إلى أن عدد السكان يتراوح بين 5.5 إلى 6 ملايين شخص.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :